اكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ان “الحرب الاستباقية التي يقوم بها الجيش ضد الارهابيين، تتم دائما بناء على توجيهات السلطة السياسية برئاسة رئيس الجمهورية”، مشددا على ان “من واجبات الاعلام ان يسأل ويستقصي ويستحصل على الادلة، قبل ان يكتفي بنشر اتهامات بحق مسؤولين”.
وبعدما جدد الرئيس عون دعوته الى “الانتهاء من الاقتصاد الريعي والتركيز على اقتصاد الانتاج”، دعا الى “العمل لسد العجز الذي تعاني منه الخزينة وضمان تراجع نسبة الدين والتنبه الى مخاطر زيادة نفقات الدولة من دون توفير ايرادات لها”.
كلام الرئيس عون جاء في خلال استقباله ظهر اليوم في قصر بعبدا، وفدا من مجلس نقابة العاملين في الاعلام المرئي والمسموع برئاسة رندلى جبور، لمناسبة الانتخابات النقابية الاخيرة، حيث تم عرض خطة عمل النقابة في المرحلة المقبلة، لا سيما لجهة تأمين حضور اداري واعلامي وضمان المسار المعيشي والاجتماعي للعاملين في هذا القطاع، والحماية من الصرف التعسفي وخفض رسوم الاتصالات للاعلاميين، وايجاد مقر للنقابة وغيرها من المطالب النقابية.
ورد الرئيس عون مرحبا بالوفد، متمنيا “التوفيق للمجلس الجديد للنقابة”، لافتا الى “اهمية الاعلام في حياة الاوطان والشعوب”، مشددا على ان “سقف الحرية الاعلامية هو الحقيقة ومصلحة الوطن وابنائه وسلامة مؤسساته”.
واشار رئيس الجمهورية الى “اننا عشنا في اليومين الماضيين ازمة تمثلت بالقاء تهمة زور على الجيش الذي يقدم الشهداء لحماية لبنان من الارهاب”، وتساءل: “كيف بامكان الجيش ان يتساهل امام مثل هذه المسألة، خصوصا حين يتعامل مع من لا يتردد بتفجير نفسه لالحاق الأذى؟”.
واعتبر ان “التساهل في مثل هكذا واقع من شأنه ان يضاعف من امكانية وقوع جرائم الارهاب”، مؤكدا ان “الحرب الاستباقية التي يقوم بها الجيش ضد الارهابيين تتم دائما بناء على توجيهات السلطة السياسية برئاسة رئيس الجمهورية”.
وشدد الرئيس عون على ان “من واجبات الاعلام ان يسأل ويستقصي ويستحصل على الادلة، قبل ان يكتفي بنشر اتهامات بحق مسؤولين، لأن من شأن ذلك ان يساهم في ضرب الاستقرار السياسي في البلد، ذلك ان من يسوق لاتهامات غير صحيحة سواء كان وزيرا او نائبا، انما يتمتع بحصانة تحول دون امكانية مساءلته قانونا، فيكتفي الاعلام بتسويق الاتهام والتحريض من دون التدقيق او تقديم الادلة الثبوتية”.
ولاحظ رئيس الجمهورية ان “الاعلام يركز بصورة خاصة على الامور السلبية ويتجاهل الايجابيات”، مشددا على “ان وصولنا الى الحكم اعطى لبنان الاستقرار الامني والسياسي بعد مرحلة تفاقم فيها الخراب وازدادت خلالها معدلات الفساد، وهذا من الايجابيات التي لا بد من الاضاءة عليها”.
وكشف الرئيس عون ان “السياسة المالية التي اتبعت في الماضي لم تكن صحيحة”، داعيا الى “الانتهاء من الاقتصاد الريعي والتركيز على اقتصاد الانتاج وتفعيل قطاعاته كافة”.
واذ اشار الى ان “الليرة اللبنانية تدعم بالانتاج وليس بالدين”، دعا الى “العمل لسد العجز الذي تعاني منه الخزينة وضمان تراجع نسبة الدين، والتنبه الى مخاطر زيادة نفقات الدولة من دون توفير ايرادات لها”.
وردا على سؤال، اوضح رئيس الجمهورية، ان “ما تم اقراره في العام 1995، لجهة الاعفاء من الرقابة المسبقة والاكتفاء بالرقابة اللاحقة على عدد من المجالس والمؤسسات والصناديق ساهم في تشجيع الفساد”.
وتطرق الرئيس عون الى قضية النازحين السوريين، فاشار الى ان “لبنان تحمل الكثير من الاعباء نتيجة تزايد عددهم”، لافتا الى ان “تعاطي المجتمع الدولي مع هذا الملف، لم يصل بعد الى مرحلة تؤدي الى تسهيل عودتهم الى بلادهم”، مؤكدا في المقابل ان “لبنان يأمل في الوصول الى حل سياسي للازمة السورية لانهاء معاناة النازحين والحد من تداعياتها السلبية على لبنان”.
وكان الرئيس عون ركز خلال استقبالاته قبل ظهر اليوم، على مواضيع سياسية واقتصادية ومالية، اضافة الى اهتمامه بالشأن الاغترابي والتواصل بين لبنان المقيم ولبنان المنتشر.
واستقبل الرئيس عون، نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري، الذي اوضح انه “عرض مع رئيس الجمهورية الاوضاع العامة في البلاد والتطورات السياسية الاخيرة والتحضيرات الجارية لوضع قانون انتخاب مجلس النواب الجديد موضع التنفيذ”.
اضاف مكاري: “بحثت ايضا مع فخامة الرئيس في الوضع المالي في البلاد ومشروع الموازنة وسلسلة الرتب والرواتب وغيرها من المواضيع المتصلة، وكان الرأي متفقا مع فخامته على اهمية اعطاء الاولوية لاقرار الموازنة العامة لانها الاساس في الدولة، خصوصا انها ستكون اول موازنة تقر منذ العام 2005، فضلا عن انها تنظم المالية العامة للدولة لجهة الايرادات والانفاق. ولمست لدى فخامته حرصا كبيرا على المحافظة على سلامة المالية العامة في البلاد ورغبته في ان تبقى المسائل المالية لاسيما تلك المتصلة بمصالح الناس، بعيدة عن الاستغلال السياسي والمزايدات الانتخابية”.
وتابع: “بحثت ايضا مع الرئيس عون في شؤون تخص الطائفة الارثوذكسية في لبنان”.
والمواضيع المرتبطة بالشأنين المالي والاقتصادي ودور وزارة الاتصالات، عرضها الرئيس عون مع وزير الاتصالات جمال الجراح، الذي قال بعد اللقاء: “اطلعت رئيس الجمهورية على العمل الجاري في وزارة الاتصالات وبعض الخطط القصيرة المدى للوزارة التي هي في صدد القيام بها، اضافة الى مشروع دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة والناشئة في قطاع الاتصالات لاخذ بركته وموافقته على المشاريع المرتقبة التي سننفذها في وقت قريب ان شاء الله. كما بحثنا في موضوعي الموازنة وسلسلة الرتب والرواتب، واخذت رأيه في عدد من المواضيع التي تشكل نقاطا اساسية في هذين المشروعين، وتناولنا الجلسات المرتقبة لمجلسي النواب والوزراء”.
سئل: هل هناك اتجاه لاقرار سلسلة الرتب والرواتب في الجلسات المقبلة، ام ان الامر بات مرتبطا بالموازنة؟
اجاب: “ان اقرار الموازنة مسألة اساسية، وهناك نقاط بسيطة عالقة في مشروع السلسلة يتم البحث فيها وسيعقد اجتماع اليوم لانهاء هذه المواضيع”.
سئل: هل من جديد بالنسبة للتخفيضات في اسعار الاتصالات للمواطنين؟
اجاب: “بدأنا تطبيق التخفيضات وهي كبيرة جدا تساعد المواطن على تسديد الفاتورة اللازمة، بالإضافة الى السرعات الجديدة التي نعطيها. كما ان هناك من ضمن سلة الاسعار ما هو مخصص للمواطن العادي ويعطي 4 ميغابايت بسعر 90 الف ليرة شهريا لاستهلاك مفتوح. ويتم العمل على صيانة الشبكة كي نتمكن من ايصال هذه الخدمة بالسعر المخفض المذكور اضافة الى الاجراءات الاخرى التي تمت في مجال الاسعار”.
سئل: لقد اتخذتم اجراءات في مجال الانترنت وسرعته، هل من تقدم على هذا الصعيد لا سيما وان هناك انتقادات حول بطء الشبكة؟
اجاب: “ان ايصال انترنت سريع وبسعر معقول للمواطن يستلزم سنترالات جديدة وقد قمنا بتلزيمها، وتخفيض اسعار وقد انجزناه، كما قمنا بتخفيض اسعار الخطوط الدولية، بالاضافة الى صيانة الشبكات حيث ان ورش الاوجيرو تقوم بعملها ليلا نهارا في الطرق لاصلاح الشبكة وصيانتها، بحيث تتمكن شبكة النحاس الموجودة من ايصال سرعات معقولة، هي ليست طموحنا الا انها معقولة، ربما بحدود عشرة اضعاف السرعة التي كانت موجودة، وصولا الى مشروع الفايبر اوبتيكس الذي يضمن سرعات خمسين ميغابايت واعلى لكل المواطنين على كل الاراضي اللبنانية. وقد انجزنا دفتر الشروط الخاص بهذا المشروع وستطرح المناقصة في وقت قريب تمهيدا للوصول بداية الى المستهلكين الكبار في البلد والمؤسسات الحكومية الاساسية: القصر الجمهوري ورئاستي الحكومة ومجلس النواب، مستشفيات ومصارف وجامعات ومدارس، على ان تكون المرحلة الثانية لكل المواطنين على كل الاراضي اللبنانية. ان هذا المشروع هو المكمل والنهائي والطموح لموضوع حل قضية الانترنت في لبنان”.
واستقبل الرئيس عون في حضور وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية الدكتور بيار رفول والسفير الاوسترالي غلين مايلز، راعي الابرشية المارونية في اوستراليا المطران انطوان شربل طربيه مع وفد اوسترالي ضم في عداده رئيس المجلس التشريعي في ولاية نيوساوث ويلز اللبناني الاصل جان عجاقة وشخصيات اوسترالية تتحدر من اصل لبناني، بينها رئيس الرابطة المارونية باخوس جرجس ورئيس المجلس الماروني طوني خطار ورئيسا غرفتي التجارة والصناعة اللبنانية الاوسترالية في كل من سيدني وملبورن جو خطار وفادي الزوقي والرئيس الاقليمي في اوستراليا للجامعة اللبنانية الثقافية في العالم ميشال الدويهي وغيرهم من الشخصيات الاغترابية.
والقى المطران طربيه باسم الوفد كلمة، عبر فيها، عن “محبة اللبنانيين والاوستراليين المتحدرين من اصل لبناني للرئيس عون، وهو الذي يمثل كل الامل بقيام دولة القانون والمؤسسات في لبنان”، وتهنئتهم ب”انتخابه رئيسا للجمهورية”، واضعا امكاناتهم بتصرفه. وقال: “اللبنانيون الاوستراليون مستعدون يا فخامة الرئيس اكثر من اي يوم مضى، لمد يد العون للبنان والمساهمة خصوصا في نهضته الاقتصادية. يكفي ان نلمح بانه لو وظفت في لبنان نسبة 10% من قيمة استثمارات اللبنانيين في اوستراليا وحدها، لساهمنا بانتعاش اقتصادي كبير وبتأمين فرص عمل اضافية ستدفع بالعجلة الاقتصادية نحو الامام، وستحد حكما من هجرة الشباب والعائلات. ونحن ندرك معكم، الاسباب العديدة التي تحول دون عودة المهاجرين او قيامهم بالاستثمارات في وطنهم الام، مع العلم ان لديهم الشوق والاستعداد الكبيرين لذلك”.
وعدد المطران طربيه بعض هذه الاسباب ومنها، “ضرورة استعادة الثقة بالدولة ومؤسساتها وضبط السلاح غير الشرعي ومعالجة قضية النازحين السوريين والعمل جديا لاعادتهم الى بلادهم وتأمين مناطق آمنة لهم في الداخل السوري”.
ونوه ب”المصالحة التي تمت بين “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية”، داعيا الى “استكمالها لتشمل جميع اللبنانيين من مختلف الطوائف والاحزاب، على طريق تفعيل الحوار الوطني الجدي في هذا الاتجاه”، مشددا على “اهمية تمكين المغتربين من المشاركة في الحياة السياسية الوطنية والعمل على ازالة العراقيل الادارية التي تؤخر هذا الحق في المشاركة بالانتخابات النيابية”.
واذ شدد المطران طربيه على “دور الجيش والقوى الامنية في حفظ الاستقرار وارتياح المغتربين لذلك”، نوه ب”اداء الحكومة ورئيسها سعد الحريري لانجاز الملفات العالقة والمزمنة او المستجدة على الساحة اللبنانية”.
ثم القى السيناتور عجاقة كلمة، عبر فيها عن اعتزازه ب”ان امثل برلمان نيوساوث ويلز في اللقاء، بصفتي رئيسا له وكأول رئيس من اصل لبناني”، لافتا الى ان “اللبنانيين الاوستراليين المتحدرين من اصل لبناني لا يعملون فقط من اجل تحسين اوضاع الجالية اللبنانية في اوستراليا بل يقدمون مساهمة مماثلة في لبنان”.
وقال:” ان الرسالة التي احملها اليوم اننا في برلمان نيوساوث ويلز نود ان نستمر في العمل معكم يدا بيد ومع حكومة لبنان حرصا منا على ان تستمر العلاقات التجارية والروابط بين الشعبين في التقدم والازدهار”، لافتا الى وجود فرص كبيرة للاستثمار في مجالات البنى التحتية والتجارة والتصدير والاستيراد والسياحة بفضل هذه العلاقات والروابط.”
ثم تحدث السيد انور حرب فقال ان “الوفد يضع بين يدي رئيس الجمهورية القوة الاحتياطية التي يمثلها الانتشار بكل ما تملك في سبيل مهمته الانقاذية للبنان الوعد والحلم. جئنا لنهنئكم كرئيس الحلم والوعد للبنان الحلم والوعد .. ونهنىء الحكومة بان يكون فيها وبينها معالي الوزير بيار رفول ابن اوستراليا والنضال وابن المحبة والوفاق، ونشد على يدكم في تعميم المصالحة العونية- القواتية لتشمل جميع القوى المسيحية ولتكون مقدمة لمصالحة لبنانية عامة”. وطالب باسم الوفد ب”انصاف الاغتراب بعدد اكبر من المقاعد النيابية لكي يتمكن من خدمة الوطن”.
ورد الرئيس عون مرحبا بالوفد، داعيا اياه الى “البقاء على محبته لاوستراليا التي احتضنت اعضاءه وقدمت لهم هويتها، وللبنان الارض الام، لان ليس من تناقض بينهما لما يتشاركانه من افكار وقيم انسانية كبيرة”.
وقال: “اننا نعيش ازمات ثلاثة، الاولى، الازمة الاقتصادية العالمية ولبنان جزء منها، وازمة الثانية، الحروب التي تشهدها منطقة الشرق الاوسط ولبنان مطوق من المغرب العربي والمشرق واسرائيل. اما الازمة الثالثة، فتتمثل بالنزوح السوري هربا من الحرب في سوريا ما اثر علينا امنيا واقتصاديا”.
اضاف: “كان همنا الاول ترسيخ الامن والاستقرار في البلد وهو ما نجحنا فيه بمساعدة الجيش الذي امن الامن وان كانت المهمة صعبة لما يتم استخدامه في الحرب الانقلابية والتكفيرية من وسائل شديدة الصعوبة. والحلم الاكبر من الوصول الى الرئاسة بدأ بعدما تحقق الامر وهو بناء دولة لبنانية. ان ما راكمناه من اخطاء طيلة 26 سنة من الصعب انهاؤه في ايام او شهور، لا بل يستلزم اكثر من سنة او سنتين، لان الاخطاء شملت جميع قطاعات الدولة، من اقتصاد وامن وانتشار للفساد، وهو ما يصعب استئصاله بالطريقة السلمية او القضائية، بل ان الامر يتطلب الكشف وامتلاك القرائن وصولا الى المحاكمة، ذلك ان الحذف العبثي غير موجود في فكرنا، لان العدالة هي الاهم”.
واعرب الرئيس عون عن تطلعه “لتلبية رغبات المغتربين كي يعودوا الى وطنهم، فايقاف الهجرة هي في صلب اولوياتنا”، لافتا الى ان “لبنان بدأ ببلورة خطة اقتصادية لتشجيع الاقتصاد والانتاج، ما يوفر فرص عمل لا سيما للمتخرجين”، مثمنا “مبادرات اعضاء الوفد لمساعدة لبنان سياسيا واقتصاديا”.
وفي قصر بعبدا، وفد من “جمعية المشرقية المعاصرة” برئاسة النائب السابق كميل خوري الذي اوضح، ان “الوفد بحث مع رئيس الجمهورية في عدد من المواضيع المتصلة باوضاع المشرقيين”، كما قدم له نسخة عن محاضرة القيت في جامعة الروح القدس عن “المشرقية اصالة العيش المشترك”.
المصدر: الوكالة الوطنية للإعلام