أخبار عاجلة

الشعار في خطبة العيد: الدولة والكيان لا يقومان إلا بالقانون والدستور والوحدة

ألقى مفتي طرابلس والشمال الدكتور الشيخ مالك الشعار خطبة عيد الفطر السعيد في الجامع المنصوري الكبير في طرابلس حيث اصطحبه صباحا محافظ الشمال القاضي رمزي نهرا الذي زار ايضا رئيس بلدية طرابلس المهندس احمد قمرالدين، وتوجهوا إلى الجامع الذي غص بالمؤمنين والقيادات السياسية يتقدمهم الرئيس نجيب ميقاتي، الوزير محمد كبارة، النائب سمير الجسر، أحمد الصفدي ممثلا النائب محمد الصفدي، الوزير السابق عمر مسقاوي، قائد منطقة الشمال الإقليمية لقوى الأمن الداخلي العقيد علي سكينة، امين الفتوى الشيخ محمد إمام وعدد من الفاعليات والهيئات وابناء طرابلس والمناطق.

استهل الشعار خطبة العيد بذكر مكارم شهر رمضان وقال: “صحيح ان العبادات تقصد لذاتها من حيث كونها عبادة، أمر الله تعالى بها ولكن الله سبحانه جعل فيها من المضمون والحكم ما هو كفيل بجعل العلاقات البشرية والحياة المجتمعية تتسم بالهدوء والأمان، والثقة والمحبة امام مغريات الحياة والإنتظام في جماعات التراويح وإنكسار النفس امام الفقر والجوع، ثم تلكم الأحاسيس التي تتولد عند القادرين على مساعدة الآخرين كل هذا من انعكاسات عبادة الصوم على حياة البشر وكل هذا فقط إرضاء لله تعالى وطمعا بمغفرته سبحانه”.

أضاف: “هذا الجو العام من العبق الإيماني يريد منا الإسلام ان نعيشه سلوكا في كل مراحل حياتنا وإن كان هناك بعض التفاوت في دقة الإلتزام فضلا عن دقة الفهم لحقيقة التدين، فالصيام واحدة من العبادات التي تثقل النفس وتقوم الإعوجاج وتهذب الجوارح ويستقيم اللسان بها نطقا وخبرا، ثم ترتقي به في مدارج القيم ومنازل السالكين، فيشعر الإنسان إبتداء بأمنه الرسمي كما يستشعر ان انوار العبادة ونفحاتها تحيط به بل تتملكه وتقود حركته وتحدد مواقفه وتلجم غرائزه فتجعله منبسط الوجه لين العريكة والطبع بعيدا عن الخشونة والقسوة او الفظاظة حتى في نهيه عن المنكر، وإلا فإن العبادات تفقد كثيرا من مضامينها ومعناها وآثارها وتبقى في إطار الطقوس خلوا من الروح او تحقيق الثمار المرجوة منها”.

وتابع: “العبادات لها أبعاد ثلاثة: الأول هو الأداء والإمتثال لأمر الله تعالى من حيث كونها فرائض وأركان، والثاني المضامين والمعاني، والثالث الغايات والحكم والثمار، والحقيقة الثابتة لفريضة الصيام هي التقوى وهي كلها لها علاقة بالسلوك مع الآخرين ولها علاقة في المنهج الفكري، وكذلك الحال في فريضة الزكاة والحج كلها تصقل الإنسان وتقوم السلوك وتميز المسلم العابد عن سواه، والعبادات بهذا المضمون وبهذه الحقائق والغايات هي الحل الوحيد لكل مشكلة مسلكية او فكرية، وإلا اختلت القيم واعوج السلوك وانحرف الفكر ثقافة ومنهجا، وبدأت المشكلة تتأزم وتتفجر، وأول علامات وإمارات المشكلة هو القلق والإضطراب النفسي”.

وقال: “بداية الحل لمطلق مشكلة في مجتمعاتنا هي الفهم الصحيح للتدين، ثم الإلتزام الموزون ومعرفة ما يجب عليك وما يحرم، وإن مهمة الأنبياء لم تخرج عن إطار التبليغ والتعليم دون حمل الناس حتى على الإيمان، وإن فهم الآية القرآنية التي خاطب الله بها نبيه محمد وجاء فيها: “أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين”، والآيات الأخرى وغيرها كثير تعلمنا ان مهمتنا هي البيان والدعوة والتبليغ وليس الإكراه ولا الإحراج ولا إقامة الحجة عليه قهرا ونكاية، هذه الخشونة في الدعوة ليست تدينا إنها لون من ألوان الإرهاب الفكري الذي يتحول إلى كراهية مع الآخرين أيا كانوا”.

أضاف: “يا عباد الله ليس التدين هو الإكثار من الصلاة والصيام وإنما هو ترك المحرمات وكل ما نهى الله عنه، فحذار الف مرة من الكراهية والبغضاء ومن الغيبة والنميمة، وحذار الف الف مرة من المخالفة للدين وهي الإفساد بين الناس، وإعلموا ان حقوق العباد تقوم على المساءلة بينما حقوق الله تقوم على المسامحة، صوموا عن الغيبة والنميمة وجرح الآخرين فلا يدري أحدنا متى يلقى ربه، ولا أدري كيف يحمل الصائم والمصلي كراهية لأحد من اخوانه”.

وختم: “يمر وطننا بأزمات متتاليات متواصلات لا يكاد الوطن يخرج من ازمة إلا ويقع في أزمة أخرى أخطر تلكم الأزمات هو الخطاب الطائفي الغرائزي المذهبي الذي يعيد ابناء الوطن إلى ايام سوداء إلى ايام لا تسر، قوانين الإنتخاب لا تصاغ أبدا بذاك الخطاب الغرائزي او الطائفي او المذهبي، الدولة لا تقوم والكيان لا يقام إلا بالقانون والدستور، وبالمحبة والقيم والوحدة والوطنية، إلا بأن يحافظ اللبنانيون جميعا على حقوقهم وحقوق بعضهم، والدليل الأول لحفظ حق الآخرين هو الدستور وليس غيره، اما تلكم الخطب والمؤتمرات، اما ذاك الإسلوب الذي يتفجر كل يوم في مستنقعات الخطاب الطائفي والغرائزي والمذهبي لا يبشر لبنان لا بحاضر ولا بمستقبل آمن، ينبغي ان يمتنع الجميع وان يعودوا إلى ثقافتهم وإلى تربيتهم الدينية والبيتية وأن الإنسان اخو الإنسان وان الإعتراف بالآخر ينبغي ان يقترن مع حفظ حقوقه وحرماته ولا يجوز على الإطلاق ايا كان السبب ان يتجمد العقل وتتحرك الغرائز والأحاسيس”.

ثم تقبل الشعار ومحافظ الشمال والقيادات السياسية ورئيس بلدية طرابلس التهاني بالعيد في بهو الجامع المنصوري الكبير.

المصدر: الوكالة الوطنية للإعلام

عن Editor1

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *