كتبت صحيفة النهار تقول:
عيد الفصح المتزامن هذه السنة لدى الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الغربي كما التي تتبع التقويم الشرقي والمصادف اليوم أضفى ملامح حيوية على مجمل الواقع الداخلي بدفع من التفاؤل السائد حيال خطوات إعادة ترميم الواقع السياسي والأمني والمؤسساتي عموما . ولكن العيد وحده لم يبد كافيا لتبديد مساحات القلق المتبقية في جوانب عدة لا تزال تتسم بنسبة عالية من الخطورة لا سيما منها ما يتصل بملف السلاح الذي يحتل الأولوية في هذه الحقبة . ولذا وعلى رغم مناخات العطلة ترددت بقوة المفاعيل والترددات السلبية لموقف “حزب الله” الأخير الذي عبر عنه أمينه العام الشيخ نعيم قاسم برفض تسليم “سلاح المقاومة” وتثبيت حملة شروط للبدء في البحث او الحوار في موضوع الاستراتيجية الدفاعية بما رسم معالم احراج واضح للسلطة الرسمية وتحديدا لرئيسي الجمهورية والحكومة اللذين ما ينفكّان يوميا عن اطلاق تعهدات حازمة حول التزامات الدولة بتحقيق حصرية السلاح للدولة وحدها . حتى ان رئيس الحكومة نواف سلام عايد اللبنانيين امس بالفصح قائلا “فصح مجيد للبنانيين عموماً والمسيحيين خصوصاً. عساه أن يعود بالخير والأمان والاستقرار على بلدنا الحبيب. وكلنا عزم وأمل ان ننجح معاً عبر الإصلاح وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها بإخراج لبنان من أزماته إلى القيامة الفعلية للوطن الذي يستحقه أبناءه جميعاً.”.
ولكن التفاعلات الناجمة او المرتبطة بملف السلاح لم تبق ضمن الدائرة الداخلية فقط بل تخطتها إلى الجانب الأميركي بحيث سجل دخول نائبة المبعوث الأميركي الى الشرق الأوسط المكلفة بملف لبنان وإسرائيل مورغان اورتاغوس على خط السجالات الإعلامية ، وعلى طريقتها النارية التي لم توفر فيها هذه المرة ، الزعيم الدرزي وليد جنبلاط فأشعلت سجالا حادا وغير مسبوق معه.
وقد رد جنبلاط بعد ظهر امس على أورتاغوس فوصفها ب”الأميركية البشعة” بعدما وجّهت المبعوثة الأميركية اليه إهانة تعليقاً على كلامه بشأن شروطها لحل الأزمات في لبنان وخاصة سلاح “حزب الله”، فتوجّهت إليه قائلة: “المخدّرات مضرّة يا وليد”.
ونشر جنبلاط لاحقاً صورة محاربين واحد منهما بهيئة هيكل عظمي عبر “إكس” وأرفقها بتعليق: “The ugly American”
وكانت أورتاغوس قد علّقت أيضاً على تهديد الأمين العام لـ”حزب الله” نعيم قاسم برفضه تسليم سلاح الحزب، إعلانه مواجهة من سيعمل على نزعه فكتبت تعليقا من كلمة واحدة هي ” تثاؤب” بما اطلق العنان للتفسيرات حول ما قصدته بذلك .
وفي التفاعلات الداخلية لكلام الشيخ نعيم قاسم ومواقف الحزب أشار رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع إلى أنّ “البعض يصرّ في الأيام الأخيرة على العودة إلى منطق التهديد والوعيد والأيادي التي ستُقطع. هذا ليس منطق الدولة، ولا منطق الديمقراطية، ويجافي تمامًا منطق السلم الأهلي. على أصحاب هذا المنطق أن يكفوا عن استعماله ويكتفوا بما ألحقوه بالبلاد والعباد من مآسٍ وأضرار، ويتركوا الحكم الجديد ينتشل البلاد من المأساة التي أوصله إليها أصحاب هذا المنطق . فليتركوا المجال للرئيس الجديد والحكومة الجديدة من أجل مسح الخسائر التي خلّفوها، والبدء بإعادة بناء دولة فعلية تعيد الكرامة والعزّة والعيش الكريم الى اللبنانيين، وتبادر إلى إعادة الأعمار”.
ولعل ما زاد هذا المناخ تفاقما تدخل السفير الإيراني في لبنان مجتبى اماني معتبرا أن “مشروع نزع السلاح مؤامرة واضحة ضد الدول”، محذراً من الوقوع في فخ الأعداء. وأفادت وكالة تسنيم الدولية للأنباء أن أماني كتب في تدوينة على منصة “إكس” نزع سلاح حزب الله: “مشروع نزع السلاح مؤامرة واضحة ضد الدول. فبينما تواصل الولايات المتحدة تزويد الكيان الصهيوني بأحدث الأسلحة والصواريخ، تمنع الدول من تسليح وتعزيز جيوشها، وتضغط على دول أخرى بحجج مختلفة لتقليص أو تدمير ترساناتها”. وأضاف: “عندما تستسلم هذه الدول لمطالب نزع السلاح، تصبح عرضة للهجوم والاحتلال، كما حدث في العراق وليبيا وسوريا”.وأشار إلى أن “الجمهورية الإسلامية الايرانية تدرك خطورة هذه المؤامرة وتهديدها لأمن شعوب المنطقة”، مؤكداً: “نحن نحذر الآخرين من الوقوع في فخ الأعداء. الحفاظ على الردع هو خط الدفاع الأول للسيادة والاستقلال ولا ينبغي تعريضه للخطر”