الأربعاء , 15 يناير 2025

عون يرفض المحاصصة الحكومية.. وسلام: يداي ممدودتان لجميع الأفرقاء

انطلق قطار حكومة العهد الأولى الثلاثاء، باستقبال رئيس الجمهورية العماد جوزف عون للرئيس المكلف تشكيل الحكومة رئيس محكمة العدل الدولية القاضي نواف سلام في قصر بعبدا، في حضور رئيس مجلس النواب نبيه بري.

 

وأكد رئيس الجمهورية العماد جوزف عون أنه «لدينا اليوم فرص كبيرة جدا علينا استغلالها معا، ولا وقت لتضييعه»، مشددا على وجوب «عدم وضع أي عراقيل في وجه تشكيل الحكومة، لأنه يجب استغلال هذه الفرص وإرسال رسائل إيجابية إلى الخارج، بأن لبنان قادر على أن يحكم نفسه وعلى تنفيذ إعادة الإعمار بشفافية، وعلى بناء دولة ننادي بها جميعا».

 

كلام الرئيس عون جاء خلال استقباله أمس في القصر الجمهوري ببعبدا، نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب على رأس وفد.

 

واعتبر الرئيس عون انه لا يمكن لمكون ان ينكسر وغيره ألا ينكسر، فإذا انكسر مكون، ينكسر لبنان بأسره. وأضاف: «ما حصل هو عملية ديموقراطية أوصلت إلى نتيجة معينة، وهناك مراحل أخرى. ربما نضطر مرات إلى التراجع خطوة إلى الوراء، ولكن هناك مصلحة عامة هي الأهم».

 

ولفت إلى أن أي اعتداء على أي بقعة في لبنان هو اعتداء على كل لبنان «ونحن نضغط باتجاه الانسحاب الإسرائيلي وانتشار الجيش في الجنوب».

 

ورأى رئيس الجمهورية أنه «لو كان هناك دولة وجيش في الماضي لما انبرى أحد إلى المقاومة. اليوم تختلف المرحلة، الدولة مسؤولة وليس فئة واحدة فقط. الدولة بمجملها، والشعب اللبناني بمجمله هما المسؤولان». وشدد على أنه ليس مسموحا ان تحمل فئة واحدة عبء الصراع مع إسرائيل، بل يتشارك جميع اللبنانيين في تحمل عبء هذا الصراع.

 

من جهته قال رئيس الحكومة المكلف القاضي نواف سلام، بعد انتهاء الاجتماع مع الرئيسين جوزف عون ونبيه بري في القصر الرئاسي في بعبدا: «أشكر المواطنين على الثقة التي منحوني إياها لتولي المهمة الصعبة خدمة للبنان، وما حدث دعوة للعمل من أجل تحقيق أحلام اللبنانيين». وأكد انه «حان الوقت لبدء فصل جديد متجذر بالعدالة والأمن والتقدم والفرص، ليكون لبنان بلد الأحرار المتساوين بالحقوق والواجبات». وقال: «جزء كبير من شعبنا لاتزال منازله مدمرة كما مؤسساته، وعلينا إعادة بناء القرى في البقاع والجنوب وبيروت وإعادة الإعمار ليست مجرد وعد إنما التزام».

 

ودعا سلام إلى «العمل على بسط سلطة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها، وعلى الحكومة وضع برنامج متكامل لبناء اقتصاد منتج وعلى تأمين فرص عمل للأجيال».

 

وأكد أهمية «تطبيق اللامركزية الإدارية الموسعة». وقال: «آن الأوان لـ «نفض» الإدارة التي قامت على الزبائنية وعلينا تحقيق العدالة لضحايا انفجار المرفأ وإنصاف المودعين الذين خسروا أموالهم».

 

وقال: «لست من أهل الإقصاء بل من أهل الوحدة، ولا من أهل الاستبعاد، بل من أهل الشراكة الوطنية، ويداي ممدودتان للجميع من أجل البدء بالإصلاح كي لا يشعر أي مواطن بالتهميش».

 

وتركت تسمية سلام ارتياحا واسعا في الشارع اللبناني، التواق إلى إحداث تغيير في المسار السياسي الخاص بالبلاد، ونقل الحركة السياسية فيها إلى مرحلة متقدمة، تغيب فيها المحاصصة والتسلط من قوى معينة على شرائح واسعة.

 

ونقل عن رئيس الجمهورية عدم رغبته والرئيس المكلف نيل حصة في الحكومة، وترك التمثيل فيها للقوى السياسية، على أن يتوليا المراقبة وتصويب الأداء نحو خدمة المواطن، وتأكيد حضور الدولة وبسط هيبتها عبر تنفيذ القوانين المرعية الإجراء.

 

ولوحظ أن رئيس الجمهورية يعتمد المرونة في التعاطي مع القوى السياسية كافة، لكنه يغلف مرونته بحزم وتشدد في تطبيق القوانين، وتقديم المصلحة الوطنية العامة على ما عداها. وبدا انه وضع خطة مرنة للنهوض، لا تقوم على عصا سحرية، بل على الاستفادة من الدعم العربي والدولي والتكاتف الداخلي، وتعزيز صورة الدولة القادرة على حماية شعبها وتأمين مصالحه وتحصين سيادته في وجه العدو الإسرائيلي. وهو بذل جهودا لتأمين الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية التي توغل فيها في الحرب الأخيرة. وبحث هذا الأمر مع قائد القيادة الوسطى في الجيش الأميركي الجنرال مايكل كوريلا، في يوم الاستشارات النيابية الطويل في القصر الجمهوري.

 

وبين استراحة جلسة انتخاب رئيس الجمهورية يوم الخميس الماضي، واستراحة الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس الحكومة المكلف يوم الاثنين «قطبة مخفية» قلبت الموازين وأحدثت إرباكا لم يكن متوقعا.

 

وإذا كان رئيس الجمهورية العماد جوزف عون فوجئ بما حصل وتعاطى بمرونة مع خيارات القوى السياسية، فإن «الثنائي الشيعي» عاش حالة من الصدمة أو ما سماها «الخديعة»، ما جعل كتلة نواب «حزب الله» تطلب تأجيل موعدها في الاستشارات، لكنها بعد الخروج من الصدمة ولو مؤقتا عادت وشاركت في الاستشارات.

 

وقال مصدر مقرب من «الثنائي الشيعي» لـ «الأنباء»: «أمر ما حصل خلال الاستراحة بين فترتي الاستشارات، جعل الكثير من الكتل والنواب تغير موقفها بشكل مفاجئ، في وقت كان توزع الأصوات يسير في الفترة الصباحية كما هو متوقع، قبل أن تنقلب الأمور في الفترة الثانية بعد الظهر، وتغيب تسمية الرئيس نجيب ميقاتي في شكل نهائي».

 

وأضاف المصدر: «لو كان صحيحا ان الاتصالات جرت ليلا وصباحا بين الكتل، لكانت وصلت إلى «الثنائي» أو على الأقل حاول البعض التشاور معه أو وضعه في الأجواء، ولما كان تعرض لهذه الصدمة».

 

وفي معلومات خاصة بـ «الأنباء»، أن رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل تلقى اتصالا ليليا في وقت متأخر مساء الأحد من سفير إحدى الدول. وأعرب باسيل عن إصراره على عدم تسمية الرئيس نجيب ميقاتي، معددا ما اعتبره اعتداء من الأخير على صلاحيات رئيس الجمهورية أثناء فترة الشغور الرئاسي. وأشارت المعلومات إلى اتفاق على «مشاركة الجميع في مجلس الوزراء، وعدم ترك القرار في عهدة الثنائي الشيعي، كما كانت الأمور منذ عقدين». وذكرت أن نفوذ «حركة أمل وحزب الله» سيتقلص في الحكومة إلى الحصة الخاصة بهما، وهي حصة الطائفة الشيعية، على ان تمارس بقية المكونات السياسية دورها.

 

وعلمت «الأنباء» أن الرئيس المكلف سيباشر وضع تشكيلته الحكومية لعرضها على رئيس الجمهورية قبل نهاية الأسبوع، بعد إجراء مشاورات غير ملزمة في مجلس النواب مع الكتل النيابية والأحزاب السياسية وشرائح اقتصادية اجتماعية.

 

على أي حال، إذا كان موضوع التسمية أصبح خلف الجميع والرئيس المكلف جاء بعدد كبير من الأصوات، فإن الجميع يترقب موقف «الثنائي الشيعي»، وتقول المصادر المقربة انه يدرس الوضع بدقة ولا مكان للتسرع لاتخاذ الخيار المناسب من دون حصول أي تداعيات تؤثر على انطلاقة العهد لإعادة قيام مؤسسات الدولة ومنها إعادة الإعمار، الذي يضغط على «الثنائي» ويقيد حركته ويدخل في حسابات أي موقف يتخذه. وهذا الأمر سيتبلور في الساعات المقبلة، وفي الاستشارات التي سيجريها الرئيس المكلف لتشكيل الحكومة على أبعد تقدير.

 

وتقول المصادر إن الصدمة يمكن استيعابها ولن توقف مسيرة عودة المؤسسات وسط الاهتمام العربي والدولي الاستثنائي بلبنان. وإذا كانت مفاجأة الاستثارات قد حجبت الأضواء نسبيا عن زيارة الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبوالغيط الذي أجرى سلسلة اتصالات وهنأ رئيس الجمهورية، فإن زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الجمعة ستكون محطة أساسية، وهو سارع إلى تهنئة الرئيس المكلف نواف سلام. وستشكل زيارته مع وصول الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في اليوم التالي، مناسبة ليس للتأكيد على دعم انطلاقة العهد فحسب، بل أيضا لاتفاق وقف إطلاق النار في جنوب لبنان، نظرا إلى الدور الذي تلعبه فرنسا والأمم المتحدة في الإشراف على تنفيذ الاتفاق.

 

في هذا الوقت يبقى الاهتمام جنوبا تحت المجهر في ظل تقدم انتشار الجيش اللبناني وقيامه بما هو مطلوب منه، على رغم المماطلة الإسرائيلية لعرقلة انتشاره نحو الحدود الدولية. وأكدت المداولات في مجلس الأمن الدولي حول الجنوب اللبناني، على التقدم الملحوظ لتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في مهلة الـ 60 يوما التي دخلت تقريبا في أيامها الـ 10 الأخيرة. وسجل توغل للقوات الإسرائيلية في البلدات المحاذية للمناطق الحدودية وتدمير منازل في بلدتي عيتا الشعب وميس الجبل، كما أغارت مسيرة على دراجة نارية في بلدة عيترون.

 

وسجل فجر الثلاثاء توغل قوة مدرعة إسرائيلية مؤلفة من دبابات ميركافا عدة وآليات هامر وجرافة إلى بلدة عيترون، حيث عمدت الجرافة إلى قطع عدد من الطرق داخل البلدة ورفع السواتر الترابية فيها.

 

المصدر: الأنباء الكويتية

عن Editor1

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *