التدقيق في جدول أعمال الجلسة الحكومية المقبلة، يؤكد بما لا يدع مجالا للشّك أنّ أمورا خطيرة تتحضّر للبنان، ففي ظاهر النية تيسير أمور المواطنين عبر إصدار عملة جديدة قد تكون من فئة الـ 500 ألف ليرة، و/أو المليون ليرة، أمّا في المضمون فيبدو أنّ هناك محاولة حثيثة لوضع قرار طباعة الأموال بيد الحكومة، ما يعني عمليا سحب بساط الاستقلالية من المصرف المركزي ووضع في المقابل قرار اصدار النقد بيد “الساسة”.
فما هي خطورة مشروع القانون المعجّل المكرر الذي يرمي الى تعديل المادتين /5/ و/47/ من قانون النقد والتسليف وإنشاء المصرف المركزي وتعديلاته المدرج على جدول أعمال الجلسة الحكومية المقبلة، وهل من إيجابيات له؟!
يُقارب استاذ الاقتصاد في الجامعة اللبنانية جاسم عجاقة الخطوة بكثير من الحذر ويصفها بالخطرة مع بروز مؤشرات عدة تعكس هذا الرأي، اذ يوضح أنّ المادة 5 في قانون النقد والتسليف تُحدد الفئات التي يمكن أن تُطبع وسقفها اليوم الـ 100 ألف ليرة وأغلب الظن سيتم البحث بفئات الـ 500 ألف ليرة، و/أو المليون ليرة، أمّا المادة 47 التي تنصّ على إعطاء حصرية إصدار النقد لمصرف لبنان، وتعديلها يعني منح جهة ثانية صلاحية الإصدار مع ترجيح منح هذه الصلاحية الى وزارة المال أو الحكومة مجتمعة.
يتحدث عجاقة لـ “المركزية” عن دافعين رئيسيين تبرر من خلالهما الحكومة خطوتها هذه. الدافع الاول وهو زيادة رواتب القطاع العام وهذا الامر لا يمكن أن يكون الا من خلال طبع المزيد من العملة الوطنية. اما الدافع الثاني فهو عدم الاتفاق على اسم جديد لحاكم مصرف لبنان بعد نهاية ولاية الحاكم الحالي رياض سلامة في حزيران المقبل، وهذا الامر أيضا يُعد اشارة حكومية الى أن الخلاف لازال قائما حول اسم الحاكم وعليه تبرز مخاوف الشغور في الموقع وما لهذا الامر من تداعيات دفعت بالحكومة الى المسارعة لتطويق ذيوله، فارتأت أخذ هذه الصلاحية من المصرف المركزي خشية من المرحلة المقبلة والتي من المتوقع أن تكون صعبة.
اما المؤشرات على تعديل المادتين 5 و47 من قانون النقد والتسليف فهي خطيرة بالنسبة لعجاقة، اذ تؤكد الاعتراف الرسمي بأن المرحلة المقبلة هي تضخمية لان طباعة الاوراق الكبيرة يعني أن ثقة المستثمرين والمواطنين بالعملة الوطنية انخفضت، ما يُشكل ضربة كبيرة لهذه العملة، اما المؤشر الثاني الذي يتحدث عنه عجاقة فهو عدم وجود حلول اقتصادية مطروحة اليوم ولا افق لحل الازمة التي قد تطول.
وما بين المؤشرين تداعيات كثيرة أبرزها تآكل القدرة الشرائية للمواطنين والدخول في حلقة التضخم المفرط.
اما المبررات الحكومية خلف هذه الخطوة كتوفير طبع العملة او تخفيف الحمل على المواطن فهي أمور غير مقنعة بالنسبة لعجاقة الذي يُذكر المعنيين أنه بامكانهم مساعدة المواطن والتخفيف عليه من عبء حمل الاوراق النقدية عبر اعادة تفعيل البطاقات المصرفية واجبار التجار بذلك لان هذه الخطوة قادرة ايضا على تخفيف المضاربة على العملة الوطنية.
يُعول عجاقة على المجلس النيابي القادر على وقف اي اجراء أو تعديل على بنود النقد والتسليف لانه خطير جدا.
المصدر: وكالة الأنباء المركزية
الكاتب: سمر الخوري