قداس القيامة منتصف الليل في أبرشية طرابلس المارونية

احتفل رئيس أساقفة أبرشية طرابلس المارونية المطران يوسف سويف بقداس منتصف الليل، في كاتدرائية الملاك ميخائيل في منطقة الزاهرية في طرابلس، لمناسبة عيد القيامة، عاونه فيه الابوان جوزيف غبش وسيمون ديب، بحضور حشد من المؤمنين.

 

بعد الإنجيل المقدس ألقى سويف عظة قال فيها: “الى أحبائنا الكهنة والمكرسين والعلمانيين، من فصح الى فصح، ومن عيد الى عيد، ومن قيامة الى قيامة، أين نحن في الكنيسة المدعوة لعيش الفرح والإنفتاح وشهادة الرجاء؟ الفصح هو الحدث المؤسس لكون جديد وبشرية متجددة دخلت في الحياة الأبدية”.

 

أضاف:” القيامة، حدث تاريخي يكتمل عندما نقبله في تاريخنا الشخصي والجماعي الكنسي، وفي تاريخ المجتمع الإنساني الذي طالته هذه القيامة كيانيا ودعاه الله الى أن ينعم بثمارها وهي الحياة والسلام. فالقيامة هي الإنتصار على الموت بشكل دائم، يجمع بين قوة الله المنتصرة وإرادة الإنسان الذي يقول نعم للرب ونعم للحياة. القيامة هي حدث يتحقق بشخص يسوع المسيح، إبن الإنسان وابن الله، كلمته المتجسد، الذي يتضامن مع إنسانيتنا ويبعث فيها الحياة ويجددها بالرجاء. فالإيمان بالقيامة هو العبور من الحدث الى الشخص في دينامية اللقاء الشخصي بيسوع الحي، يقيم معنا ويحضر في وسطنا ويكسر الخبز معنا ذكرا لموته وقيامته. مع المسيح القائم ولدت الكنيسة، كنيسة الفرح، كنيسة الإنفتاح وكنيسة الرجاء”.

 

وتابع: “الكنيسة وهي شعب قيامي، مدعوة في صلب رسالتها لعيش فرح الإنجيل، البشرى السارة لجميع الناس. فرح تسببه حالة الإنسان الذي لا يموت أي الذي يحيا دوما في المسيح الذي خلصه. يقودنا الفرح المسيحاني الذي نعيشه الى لقاء الناس بحب واندفاع وبروح انفتاح على الجميع. من هنا نطرح السؤال، في هذا اليوم الذي صنعه الرب، حيث دعانا كي نفرح فيه (مز 118: 24)، هل نحن قياميون فرحون؟ أم أننا نقضي العمر في اليأس والإحباط والبكاء على ذواتنا وعلى بيئتنا؟ إبن القيامة هو من يفرح بالرب وينشر الفرح الذي يخرج من قلبه ويظهر على محياه وينشره في محيطه. أين نحن من إعلان بشرى القيامة أي من مشروع البشارة التي انطلقت مع مريم المجدل ية والتلاميذ والتلميذات ومع والرسل جماعة العنصرة الأولى وفي وسطهم العذراء مريم ومع الجماعات المسيحية التي انطلقت من هذا الشرق الى العالم؟ أما زالت البشارة تعنينا؟ وهل نحن مدركون أنها الثمرة الأولى للقيامة والنداء الأساسي لكل معمد و معمدة أن “إذهبوا وبشروا ك ل الأمم” (متى 28: 19).

 

 

 

وأردف: “الكنيسة – شعب قيامي هي بطبيعتها منفتحة على جميع الناس! فما أجمل أن تنفتح الكنيسة على الآخرين وننفتح على بعضنا البعض، من دون أن يذوب الواحد في الآخر، بل أن يلاقي الواحد الآخر. ما أجمل أن يتم هذا اللقاء المحب والمجاني والحر ويبدأ الحوار حول مسائل الحياة اليومية التي تهم الناس ويعنى بها المواطن بشكل مباشر. إنها القضايا الإجتماعية المبنية على العدالة والمساواة وعلى صون كرامة الإنسان، وعلى أولوية الخير العام على المصالح الضيقة والشخصية والفردية والفئوية. كنيسة تنفتح على كافة الثقافات والأديان والشعوب دون تمييز ولا انغلاق، تغتني من التعددية الثقافية والدينية التي تجعل من الجميع واحدا في الإخوة الإنسانية. كنيسة الإنفتاح تجعلنا نحسن التمييز ونقرأ بعمق علامات الأزمنة ونختار ما رسمه يسوع لنا في الإنجيل ونهجه أمامنا في الموقف والكلمة والمبادرة. فلا نجربن بتجربة الفئوية والإنعزال المعاكسة لبشرى القيامة”.

 

وقال: “الكنيسة – شعب قيامي يشهد للرجاء! فمشروع القيامة تترجم بإعلان الشهادة للرجاء: أنت هو المسيح ابن الله الحي (متى 16: 16). هذه الشهادة هي نطق وإعلان للكلمة التي تخرج من فمنا، وهي إيمان يعكس ما في قلبنا وهي محبة نحو الله والإنسان، وهي رحمة وخدمة ومبادرة واهتمام بالإنسان الذي نلتقيه يوميا في طريق الحياة، ومعه نسير في البشارة والشهادة، في سينودسية تعبر عن عيش المعية للوصول الى القداسة. أمام عمق البشارة والشهادة، علينا أن نعيد النظر في العيد وفي كيفية أن نحتفل بعيد الأعياد. هل نعيد بالفرح والحب والغفران؟ أم باليأس والبغض وإغلاق القلب أمام أخينا الإنسان الذي ينتظر المصافحة والمصالحة؟ حان لوطننا الحبيب لبنان أن يختبر بعمق فرح الغفران في مسيرة تنقية الذاكرة من جراح الحروب والإنقسامات، كي يولد لبنان جديد ثابت في الإيمان بالله، وإذا لم يحصل هذا المسار، فنحن معرضون دوما وبسرعة لتجارب الانقسامات والحروب العبثية”.

 

وختم: “في هذا العيد، ومع العذراء مريم، ككنيسة قيامية، فرحة منفتحة وملؤها الرجاء، نصلي لأجل عالم متجدد ينبذ الحرب وينشر السلام فينعم بأفراح القيامة”.

 

بعد القداس تقبل سويف والكهنة التهاني بالعيد.

 

 

عن Editor1

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *