في مهمة صعبة بعد عام فشلت فيه محاولتان لتأليف مجلس للوزراء يتولى مهمة إخراج لبنان من دوامة الانهيار الاقتصادي المتسارع، كلف الرئيس ميشال عون الرئيس نجيب ميقاتي بتشكيل حكومة جديدة، بعد حصول الأخير على 73 صوتاً من أصل 118 صوتاً في الاستشارات النيابية الملزمة للرئيس، فيما امتنع 42 نائباً عن التسمية ونال السفير نواف سلام صوتاً واحداً.
وبعد تكليفه أكّد ميقاتي أنّ لديه الضمانات الخارجية المطلوبة للخروج من الأزمة، قائلاً: «لو لم يكن هناك لدي ضمانات وتطمينات خارجية محددة لما اقدمت على خطوتي وانا مطمئن».
وتابع: «ليس لدي عصا سحرية ولا أستطيع فعل العجائب»، مشيراً إلى أنّ «المهمة صعبة لكننا سننجح اذا تضافرت كل جهودنا من دون مناكفات ومهاترات واتهامات متبادلة».
وأضاف: «أخذت قراري بأن أقدم على هذه المهمة تجنباً لامتداد النار الذي نعيشه، وبالتعاون مع الرئيس عون، سنشكل الحكومة المطلوبة التي ستنفذ المبادرة الفرنسية لمصلحة لبنان والاقتصاد اللبناني، كي ننتشل البلد من الانهيار».
لكن ما بعد التكليف هناك مساران لا ثالث لهما ينتظران لبنان الذي يفقد تدريجيا كل مقومات الحياة: تشكيل حكومة تضع سكة الحل وتباشر مفاوضات مع صندوق النقد او تعثر عملية التشكيل واستكمال مسار الانهيار الدراماتيكي.
واعتبر مراقبون ان عملية التكليف أُنجزت قبل أسبوع، وتكفلت «مسرحية» الاستشارات بوضع اللمسة الأخيرة عليها، فيما يبقى السؤال الأساسي هل تتم عملية التشكيل بالسرعة نفسها، وينجح ميقاتي حيث أخفق سعد الحريري ومصطفى اديب من قبله؟
فمع انطلاق الاستشارات النيابية غير الملزمة لميقاتي في مجلس النواب اليوم (الثلاثاء)، بدأت رحلة تأليف حكومة يتطلع اللبنانيون أن تبصر النور قريبا، فيما قد لا تصل هذه الرحلة إلى خواتيمها السعيدة اذا لم تُذلل العُقد التي وضعت سابقاً امام الحريري الذي سمّى ميقاتي لتشكيل حكومة جديدة، مشدداً بعد لقاء عون على أنّ «البلد في حاجة ماسة إلى حكومة إنقاذية».
الثنائي الشيعي
ولا معطيات حتى الآن تجزم بولادة حكومة، رغم ما يشيعه المتفائلون عن توافق فرنسي- أميركي، معطوفا على كلمة سر إقليمية انتجت توافقا بين مختلف القوى السياسية على تكليف ميقاتي. علما ان أصحاب هذا الرأي يتحدثون عن حكومة تتجاوز مهام الحكومة الانتقالية، نظرا الى حيثية ميقاتي وعلاقاته الدولية، لاسيما أنها المرة الثالثة التي يسمى فيها لرئاسة الحكومة.
مصادر إعلامية كشفت لـ القبس ان الرئيس المكلف تعهد انجاز التشكيلة الحكومية في غضون شهر، والا فالاعتذار. لافتة الى ان عملية التأليف مرتبطة بمفاعيل الاتفاق الأميركي- الإيراني، فإذا كان هذا الاتفاق يلحظ تمرير حكومة كما حصل مع حكومة تمام سلام في 2014 بعد 11 شهرا على تسميته ستولد الحكومة سريعا، وفي حال العكس سيكون على لبنان انتظار نتائج المحادثات النووية التي تسير بالتوازي مع مشاورات اقليمية تتناول ملفات المنطقة من لبنان الى سوريا فاليمن.
ولم تستبعد المصادر استخدام مسألة الميثاقية في اي لحظة من قبل رئيس الجمهورية بعد امتناع أكبر كتلتين مسيحيتين عن تسمية ميقاتي.
وكان رئيس البرلمان نبيه بري، مدعوما من حزب الله، رسم خريطة المسار الحكومي عقب اعتذار الحريري، مؤكدا السير بأي شخصية تنال تأييد المرجعيات السنية. وقد عزز تأييد رؤساء الحكومات السابقين لميقاتي فرصة ولادة حكومة، غير ان هذا الدعم بقي مشروطاً بالتزام ميقاتي «المسار الدستوري الذي اتفق عليه في بيت الوسط». أما موقف حزب الله الذي سمى ميقاتي بعد امتناعه في السابق عن تسمية الحريري، فكان اشارة إيجابية في مسار التأليف. واعتبر رئيس كتلة حزب الله النائب محمد رعد أن «تشكيل الحكومة هو المعبر الالزامي والمدخل الضروري لتسيير أمور المواطنين» مؤكدا ان تسمية ميقاتي «تعكس جدية التزام الحزب بأولوية تشكيل الحكومة».
المصدر: القبس الكويتية