ما تشهده المدن اللبنانية، اثر اقتراب سعر الدولار الأميركي من تخوم الـ 20 الف ليرة، بدا بمثابة مقدمة تمهيدية للانفجار المجتمعي الكبير، الذي يرى فيه البعض بداية النهاية.
من طرابلس الى صيدا مرورا ببيروت فالبقاع الأوسط، ثم الشرقي جنوبا الى صور، فجّر عصف الدولار غضب الناس فهرعوا الى الشوارع يغلقونها بحاويات النفايات المشتعلة، بإطارات السيارات القديمة، مركزين على المؤسسات الرسمية، وتحديدا البنك المركزي، الذي تعرض مقره الرئيسي في بيروت، وفروعه في طرابلس وصيدا للاقتحام او الرشق بالحجارة والزجاجات الفارغة، وتطور الغضب الشعبي في طرابلس، الى حد مهاجمة بيوت السياسيين، وتحديدا النواب فيصل كرامي والرئيس نجيب ميقاتي والنائب محمد كبارة، الذي أطلق حراسه وحراس كرامي النار على المتظاهرين الغاضبين.
وسقط بعض الجرحى، ولكن أخطر ما حصل في طرابلس تمثل بإلقاء قنبلة يدوية من أحد المندسين باتجاه سيارة عسكرية أدى انفجارها الى وقوع اصابات، لكن قيادة الجيش تعاملت مع الحادث بحكمة، خصوصا ان المتظاهر الغاضب بسبب غلاء الاسعار لا يملك ثمن قنبلة يدوية وبالتالي فإن من يوفر القنبلة لمن القاها يريد تفجير الوضع.
ولم يكن الدولار صاعق التفجير الوحيد، فشرارة الغضب تتزامن ايضا مع الاستيلاء الناعم والمقونن على أموال المودعين في المصارف، عبر الاحتياطي الإلزامي في مصرف لبنان، وتحت شعار الدعم للمحروقات والكهرباء والبطاقة التمويلية.
وما حصل في اليومين الماضيين على الأرض ترجم في انتخابات نقابة المهندسين، حيث أظهرت نتائج فرز الأصوات فوز 49 مهندسا من اصل 60 لصالح «النقابة تنتفض» في مجلس المندوبين الفرع الأول في النقابة.
وأعلنت لائحة النقابة تنتفض عبر حسابها على «تويتر» قائلة: «انتصرت قوى 17 تشرين المتمثلة بالنقابة تنتفض في المرحلة الأولى من انتخابات نقابة المهندسين في بيروت بالفروع وهيئة المندوبين.
وتبقى المعركة الأكبر والأهم في انتخابات النقيب و10 من أعضاء مجلس النقابة في 18 يوليو.
وتحالف «النقابة تنتفض» يمثل جبهة المعارضة التي تضم حزب الكتائب وحركة الاستقلال، خط أحمر، حزب تقدم، لقاء تشرين، عامية 17 تشرين، نبض الجنوب، رابلز، تجمع مواكبة الثورة، مجموعة ثوار عكار واتحاد ثوار الشمال.
ونالت القائمة 3840 صوتا من أصل 7340 مهندسا منتخبا، وسجل فوز كاسح للوائح «الثورة» ضد لائحة كل أحزاب السلطة مجتمعة بفوارق كبيرة بلغت 3 و4 أضعاف عن أول الخاسرين بـ 6 فروع مقابل فرع واحد لتحالف مختلف أحزاب السلطة.
وأعلنت هيئة شؤون الإعلام في تيار المستقبل فوز مرشح التيار محمد علي الحجار لرئاسة الفرع السادس وقد حل أولا، وهذا الفرع هو فرع الموظفين والمتعاقدين بالدولة ويعتبر أصغر فرع لجهة المندوبين.
وعليه تقدمت «النقابة تنتفض» في الفرع الرابع وحصدت جميع مقاعد المنتسبين إليها، كما ان «النقابة» تقدمت بفوارق كبيرة في معظم الفروع ومجلس المندوبين.
ويبقى السؤال، ماذا عن الحكومة؟ الرئيس المكلف سعد الحريري في تركيا، ورئيس التيار الحر جبران باسيل القابض على الدفة الرئاسية، منشغل بتهدئة التوتر مع رئيس المجلس نبيه بري بمساعدة السيد حسن نصرالله، وذلك بعد جولة التراشق العنيفة، بين نواب أمل ونواب التيار الحر وتخللها تبادل الاتهامات بالفساد.
البطريرك الماروني بشارة الراعي توجه إلى المسؤولين عبر عظة قداس «يوم السلام للشرق»، من مقره الصيفي في الديمان (شمال لبنان) امس بالقول: «ألفوا حكومة ودعوا اموال الناس للناس، محذرا من ان التظاهرات المحدودة اليوم قد تتحول الى فوضى عارمة غدا.
وأضاف «ها هي الجماعة السياسية تمد يدها لتسرق أموال المودعين من خلال سحب الاحتياطي الالزامي وكأنها تريد تمويل حملاتها الانتخابية من أموال المودعين وهذه جريمة موصوفة».
وتابع قائلا: «لا نذهب إلى الفاتيكان حاملين همّ المسيحيين وحدهم بل هم جميع اللبنانيين ونذهب لنؤكد حرص اللبنانيين على العيش معا رغم الخيبات».
وقال: «ان الأحداث أكدت أن إضعاف الدور المسيحي سيؤدي إلى ترنح وحدة لبنان ونمطه الديمقراطي».
المصدر: الأنباء الكويتية