كتبت إيفا ابي حيدر في “الجمهورية”: “بدأ التداول في الأيام القليلة الماضية بصيغة تقضي برفع الحد الادنى للأجور الى 3 ملايين ليرة وإعطاء 200 دولار «كاش» شهرياً لنحو 3 ملايين لبناني بكلفة 3 مليارات دولار في السنة يستفيد منها الفقراء. فما تداعيات هكذا خطوة، خصوصاً اذا اتخذت في ظل غياب أي خطة إصلاحية شاملة وكاملة؟
لطالما اعتمد مؤشر إدارة الإحصاء المركزي كركيزة أساسية في تحديد الحد الأدنى للأجور، وما تسجيل مؤشر اسعار الاستهلاك ارتفاعات متواصلة سوى دليل على مدى تراجع القدرة الشرائية لدى المواطنين. وقد أظهرت إحصاءات شهر أيار ارتفاعاً في مؤشر اسعار الاستهلاك 6,06% بالنسبة لشهر نيسان 2021، وبنسبة 119,83% لشهر أيار 2020 أي خلال عام، بينما بلغ تضخّم اسعار الاستهلاك خلال الاشهر الاولى من السنة 33,2%. فهل يجوز اعتماد هذا المؤشر لفتح ملف تصحيح الاجور؟
يقول الاكاديمي والخبير الاقتصادي د. بيار الخوري لـ»الجمهورية» ان مستوى الأجور في لبنان يجب ان يرتفع من ضمن ارتفاع مستوى الدخل، مع الإشارة الى انّ مستوى الدخل يختلف تماماً عن مفهوم الحد الأدنى للأجور، شارحاً انّ رفع الحد الأدنى للأجور أي الزيادة بالأجر الاسمي، في ظل تراجع الإنتاج والإنتاجية، يعني تضخماً وليس زيادة في قيمة الأجر. وبمجرد الإعلان عن انّ الأجور سترتفع، في الوقت الفاصل ما بين إقرار المرسوم والمباشرة بالدفع، ستتبخّر قيمة الراتب وأكثر، لأنّ هذه الخطوة متوقعة والتضخّم في هذه الحالة يسبق حجم النقد المطبوع.
تابع: انّ الحد الأدنى للأجور يحدّد في بلد منتج وليس في بلد ينهار، والّا فإنّ توقعات السوق ستكون سلبية كذلك نسب التضخم ستكون أعلى بكثير من تأثير الأجور. على سبيل المثال من كان يقبض 40 دولاراً الحد الأدنى للأجور حالياً تصبح قيمة أجره بعد الزيادة 30 او 20 دولاراً. لذلك، ان زيادة الأجور الاسمية ليست حلاً، إنما ستؤسّس الى مزيد من التورّط في الأزمة.
وقال: أمران فقط متى تحققا يسمحان بزيادة الأجور، هما: زيادة في الدخل الوطني وزيادة في إنتاجية الاقتصاد. وإذا لم يتأمنا او على الأقل واحدة منهما (الزيادة في الدخل الوطني) تنعكس زيادة الأجور سلباً على صاحب الأجر.
تابع: منطقياً، لا يجوز الخلط بين الحق والامكانية، فمن حيث الحق الوضع مُذرٍ جداً بالنسبة الى اليد العاملة كلها، لا سيما من كانت تعتبر طبقة وسطى، لكن الحل لا يكون مطلقاً بزيادة إسمية للأجور لأنّ هذه الخطوة ستؤدي الى زيادة التضخم.