دعا البنك الدولي في تقرير جديد أصدره اليوم الإثنين، إلى ضرورة أن “يشرَع لبنان على وجه السرعة في تنفيذ أجندة للإصلاح الشامل تعيد تمحور قطاع التعليم حول الطلّاب، وتعطي الأولوية للارتقاء بجودة التعليم للجميع”.
وأشار التقرير إلى أن “انخفاض مستويات التعلّم وعدم التوافق بين المهارات واحتياجات سوق العمل يعرّض مستقبل الأجيال الصاعدة في لبنان للخطر، وهو ما يكشف عن الحاجة الملحّة إلى زيادة الاستثمارات في القطاع وتحسين توجيهها”.
وأضاف: “يُقدِّم التقرير الجديد الصادر بعنوان “التأسيس لمستقبل أفضل: مسار لإصلاح التعليم في لبنان”، عرضاً عاماً للتحديات الرئيسة التي يواجهها قطاع التعليم، حيث يَعرض حلولاً مستمدّة من الأدلة تستند إلى دراسة تشخيصية للعوامل التي تسهم في أزمة التعلّم، ويقترح توصيات لإصلاح السياسات التربوية على الأمد القصير والمتوسط حتى الأمد الطويل”.
وتَتّسق خطة الإصلاح المقترحة مع أهداف مسودة الخطة الخمسية لوزارة التربية والتعليم العالي، التي تهدف إلى تعزيز الإنصاف وتحسين النتائج التعليمية والحوكمة في قطاع التعليم. ويعتمد التقرير أيضاً على أحدث البحوث المتوفرة في القطاع التربوي، ومنها دراسات أُجريت في إطار برنامج البحث من أجل النتائج الذي أُطلق في عام 2016.
وأكّد التقرير على أن “الأزمات المتفاقمة التي تعصف بلبنان منذ بضعة أعوام ممثلة في تدفّق اللاجئين السوريين، والأزمة الاقتصادية والمالية، وجائحة فيروس كورونا المستجد، وانفجار مرفأ بيروت سبّبت ضغوطاً حادة على نظام تربوي متعثّر أصلاً”.
وكانت مستويات التعلّم منخفضة نسبياً قبل جائحة كورونا، إذ يبلغ العدد المتوقع لسنوات الدراسة المعدَّلة بحسب مقدار التعلُّم 6.3 سنوات دراسية فقط, وقد أدَّت الجائحة العالمية إلى إغلاق المدارس لفترات طويلة ابتداء من آذار 2020، ما سيؤدي على الأرجح إلى مزيد من التراجع في مستوى التعلّم، حيث يواجه الطلاب في لبنان فعلياً “سنة دراسية ضائعة”.
وتابع: “على الرغم من الجهود التي تُبذَل لإعادة فتح المدارس، إلا أنه يَلزم اتّباع مقاربة أكثر منهجية للتخطيط على مستوى الأقضية وبالتعاون الوثيق مع مديري المناطق التربوية، حيث أن الاستجابة للأزمة تقتضي حلولاً محلية”.
وتعقيباً على ذلك، قال “ساروج كومار جاه” المدير الإقليمي لدائرة المشرق في البنك الدولي: “من الضرورة أن يعمل لبنان على وجه السرعة لإصلاح قطاع التعليم والتأسيس لمستقبل أفضل, ويجب على لبنان الآن، أكثر من أي وقت مضى، زيادة الاستثمار كمّاً وكيفاً في تحسين النتائج التعليمية للأطفال، والحرص على تزويد الشباب اللبناني بالمهارات التي تتطلبها سوق العمل لتمكينهم من الإسهام في تحقيق التعافي الاقتصادي للبلد”.
وأضاف ساروج” “لقد أثَّرت الأزمات المتعددة وما نتج عنها من زيادة معدلات الفقر تأثيراً مباشراً على الطلب على خدمات التعليم ومعدلات التسرب المدرسي، حيث بات أكثر من نصف السكان على الأرجح دون خط الفقر الوطني. فمع الانكماش الاقتصادي، وتدنِّي القوى الشرائية، والتدهور الحاد في ظروف المعيشة، من المتوقع أن يتّجه المزيد من الآباء والأمهات إلى نقل أطفالهم من المدارس الخاصة إلى المدارس الحكومية في السنوات القادمة، وأن تزداد كذلك نسب تسرّب الأطفال من المدارس، لاسيما ضمن الأسر المُهمَّشة”.
وأردف قائلاً: “يعرض التقرير الجوانب الرئيسة لإعادة هيكلة تمويل القطاع التربوي دعماً لنظام أكثر كفاءةً وإنصافاً وللحيلولة دون فقدان المزيد من التحصيل الدراسي”.
ويطرح التقرير للمناقشة توصيات للإصلاح على مستوى القطاع في الأمد المتوسط ضمن سبعة محاور إستراتيجية رئيسة: “إعادة هيكلة تمويل القطاع؛ دراسة تشخيصية لدعم جهود التغلّب على أزمة التعلّم؛ تحسين آليات الاستفادة من المعلمين وجودة التدريس؛ البيئة المدرسية وتدابير المساءلة التربوية؛ إستراتيجية التعليم وإصلاح المناهج الدراسية؛ التعليم في الطفولة المبكرة؛ الانتقال من المدرسة إلى سوق العمل”.
وتًعالج توصيات العمل هذه التحديات الرئيسة داخل القطاع، وتدعو لاتباع الأساليب الممكنة من أجل معالجة أزمة التعلّم المتفاقمة، وتلبية الطلب المتزايد على التعليم الحكومي في البلاد، وفي الوقت نفسه استعادة الإنصاف والكفاءة.