تكثر الاقتراحات الصادرة والواردة من المقرات المولجة عملية التوفيق لتشكيل الحكومة، من دون ان يتحقق اي تقدّم يذكر، اذ تطول اللقاءات التي يتكرر فيها الكلام نفسه والحجج والذرائع نفسها، الامر الذي يؤشر الى ان “عض الاصابع” ليس من اجل تقديم تنازلات انما من اجل من يعلن عن فشل المبادرة الاخيرة قبل الضياع الكامل.
مصدر متابع لملف التأليف اوضح لـ “نداء الوطن” حقيقة ما يجري وفق السياق العبثي التالي:
اولا: كلما اشعر الرئيس المكلف سعد الحريري فريق الوساطة من الثنائي الشيعي المكون من الخليلين زائداً وفيق صفا انه بوارد تقديم تسهيلات معينة يتفاجأ الوفد بأنه عمد الى التشدد لحد التعقيد في جانب آخر، بمعنى انه يوحي بالتساهل في عملية توزيع الحقائب لا سيما الطاقة لكنه يتشدد في حصرية تسمية الوزيرين المسيحيين عنواني العقدة حاليا.
ثانيا: لم يحمل اللقاء الثاني بين وفد الوساطة الشيعي ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل اي جديد، انما كان بمثابة استجرار للكلام الذي قيل في الجلسة الاولى، كون الوفد لم يحمل جديداً من الحريري الى باسيل، انما حاول ان يلقّح باسيل بأفكار قابلة للتخصيب لديه لعل جنيناً حكومياً يتكون حتى ولو ولد طرحاً. لذلك؛ خلص اجتماع الثلاث ساعات في البياضة الى نتيجة صفر ونسبة الايجابيات التي جرى الحديث عنها تنحصر في ان باب الكلام ما زال مفتوحاً على مزيد من “العلك” الحكومي.
ثالثا: نعى الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله في اطلالته الاخيرة مبادرة الرئيس نبيه بري، بمجرد رفضه تحديد سقف زمني لهذه المبادرة وترك التوقيت مفتوحاً الى ما لا نهاية، وهذا الامر فيه خطورة كبيرة لانه يحمل في طياته تعمداً بوصول الوضع المعيشي والانهيار الاقتصادي والمالي الى قعر القعر، وبالتالي لا تتحمل اي حكومة او جهات سياسية مسؤولية فلتان الاسعار نتيجة عدم قدرة مصرف لبنان على تأمين السيولة بالدولار الاميركي، كما ان المهلة المفتوحة تعني ان لا افق للحل وان الازمة مفتوحة ايضاً”.
وحذر المصدر “ومن باب النصيحة الى الرئيس الحريري، من ان يتحول تمسك الثنائي الشيعي وتحديداً حزب الله بتكليفه بلا افق لولادة الحكومة الى ورقة تلعب في المواجهة المفتوحة بين المحور الذي ينتمي اليه حزب الله والمملكة العربية السعودية، بحيث يكون الحريري “يلعب صولد” مع المملكة ويحرق كل مراكبه من حيث يعلم او لا يعلم، مع تعاظم الخشية من ان تكون الحكومةإحدى اوراق التفاوض في ليالي بغداد السعودية الايرانية وهذا بحد ذاته مغامرة تصل الى حد المقامرة بمصير مؤسسة دستورية لبنانية هي الاساس في التصدي للأزمات التي تواجه لبنان”.
واشار المصدر الى ان “السياق الذي أتى فيه حديث نصرالله عن الحكومة والمهلة المفتوحة للمبادرة، يدلل على حقيقة الاستثمار الأبعد من الحدود، اذ سبقه هجوم جديد على المملكة واتبعه بتحدٍ صارخ للدولة اللبنانية بأنه سيأتي ببواخر البنزين والمازوت الايرانية الى ميناء بيروت ولتكن لدى السلطات اللبنانية الجرأة على منعها، اي اعلن سيادته على القرار الوطني الداخلي والخارجي في موقف يناقض كليا الزعم بالسعي الى تأليف حكومة”.
ودعا المصدر “الرئيس المكلف الى وقف هذا البازار الذي يجري بكل تفاصيله على حسابه ويستهلك ما تبقى من رصيده، وان يعمد الى اعداد مشروع تشكيلة حكومية ينسق بشأنها مع بري قبل ان يصعد الى بعبدا ويعرضها على رئيس الجمهورية للتباحث بشأنها، فإما الاتفاق وإما ترمى ورقة الاعتذار بوجه الجميع وحينها سيذهب معظم القوى ليطالبه بتسمية البديل تماما كما حصل في المرات السابقة”.
ورأى المصدر “ان الحريري باستطاعته ان يحول المكيدة التي تنصب له الى فرصة، بحيث يعتذر ويجعل من تسمية البديل باباً واسعاً لإزالة الغيمة السوداء في علاقاته مع السعودية ودول القرار، وهو يعرف كما تعرف كل القوى الاساسية الداخلية ان هناك اسماء مرموقة اذا تم اختيارها فانها فوراً ستقطع اكثر من نصف المسافة لمعالجة الازمات التي يعاني منها لبنان وفي طليعة هذه الاسماء السفير نواف سلام، وبالتالي المطلوب اختصار مسلسل آلام اللبنانيين والذهاب الى الخيار الصح محلياً وخارجياً”.
المصدر: نداء الوطن