تبخرت أجواء التفاؤل بولادة قريبة للحكومة، والمشكلة كما ستظهر الايام، ليست في تسمية الوزيرين المسيحيين الاضافيين، ولا في من يكون ولمن يكون، وزيرا الداخلية والعدل، والانتخابات التشريعية في البال الآن، فالعصف السياسي الخارق للتوقعات بين التيار الحر وتيار المستقبل، يؤكد على المؤكد، أن سلبيتين لا تصنعان حكومة، وبالتالي فإن المهلة التي طلبها كل فريق لاجراء مراجعاته، والتي يفترض ان تنتهي منتصف ليل اليوم الخميس، تبددت قبل ان تبدأ.
وما زالت الذريعة التعطيلية هي عينها فالرئيس ميشال عون وظله النائب جبران باسيل، يرفضان أن يسمي الرئيس المكلف سعد الحريري الوزيرين المسيحيين الفائضين عن حصتهما في الحكومة، والرئيس المكلف يرفض أن يكون رئيسا على وزراء السنة وحدهم.
جبران باسيل وجد الحل باقتراح اختيار الوزيرين من الحراك المدني، ولكن من سيعرض ومن سينتقي او يرفض غير الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة؟
ورأى باسيل أنه في حال تخطت الأمور المهلة التي أعطيت للتأليف منتصف ليل اليوم الخميس فإنه سيجدد مطالبة رئيس الجمهورية بعقد طاولة حوار في قصر بعبدا، وفي حال التمنع عن المشاركة، ستكون هناك مبادرات أكثر ضغطا.
بيد ان حديث باسيل عن طاولة حوار لتشكيل الحكومة أثار حفيظة الرئيس الحريري، ومن مراجعة المفردات الواردة في بيان تيار المستقبل الصادر بعد اجتماع ترأسه شخصيا، يمكن القول بأنه لا حكومة في لبنان الآن وحتى نهاية العهد، ربما.
البيان تناول من وصفه برئيس الظل المتكلم باسم رئيس الجمهورية، معتبرا أن كلامه يعكس إرادة التعطيل لدى الرجلين التي تتقدم على كل الإرادات الوطنية الساعية لتأليف حكومة مهمة طال انتظارها.
وردا على البيان، اتهم مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية في رد عنيف «المستقبل» بتصعيد حملاته على رئاسة الجمهورية حينا وشخص الرئيس عون احيانا، واعتبر بيان تيار المستقبل «خير دليل على الدرك غير المسبوق في الحياة السياسية الذي انحدر اليه هؤلاء».
واتهمت الرئاسة الحريري باستمرار «الهروب من تحمل مسؤولياته في تأليف حكومة متوازنة وميثاقية تراعي الاختصاص والكفاءة وتحقق المشاركة، يشكل امعانا في انتهاك الدستور ووثيقة الوفاق الوطني» وقالت ان ذلك، ينم عن رغبة واضحة ومتعمدة في تعطيل عملية تشكيل الحكومة.
وقال البيان ان رئاسة الجمهورية لن تنحدر الى المستوى المتدني في اللغة السوقية المتبعة او في الأكاذيب والاضاليل والوقاحة المعتمدة»، «لكنها ابقت الباب مفتوحا كي تفسح في المجال، مرة اخرى، امام المساعي الجارية لايجاد معالجات ايجابية للازمة الحكومية التي افتعلها الرئيس المكلف ولايزال».
وردا على الرد صدر عن «تيار المستقبل» بيان قال فيه «لقد ثبت بالوجه الشرعي والسياسي والدستوري أن رئاسة الجمهورية تقع اسيرة الطموحات الشخصية لجبران باسيل، وان فخامة الرئيس العماد ميشال عون مجرد واجهة لمشروع يرمي الى اعادة انتاج باسيل في المعادلات الداخلية، وانقاذه من حال التخبط الذي يعانيه».
واعتبر أن بيان القصر الجمهوري يؤكد هذا الانطباع ويكشف حقيقة الدور الذي يتولاه جبران وفريق عمله، بإهانة موقع الرئاسة الاولى وما يمثله في الحياة الوطنية، واسف «أن يصبح موقع الرئاسة ممسوكا من قبل حفنة مستشارين، يتناوبون على كسر هيبة الرئاسة وتلغيمها بأفكار واقتراحات وبيانات لا تستوي مع الدور الوطني المولج بها».
واضاف «الأشد أسفا ان يقبل رئيس البلاد التوقيع على بيان، أعده جبران باسيل شخصيا في حضور نادي مستشاري السوء».
وخاطب البيان الرئيس قائلا «أوقف استيلاء من حولك على صلاحياتك، وأوقف محاولاتهم للاستيلاء على صلاحيات الآخرين، وعد إلى الدستور ووثيقة الوفاق الوطني، وجنب اللبنانيين كأس جهنم الذي بشرتهم به».
ويبدو ان حرب البيانات تلك أفشلت زيارة البطريرك الماروني بشارة الراعي، الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في قصر بعبدا أمس، لمحاولة التقريب.
وبعد اللقاء، قال الراعي: «الحكومة فوق اي اعتبار ولبنان بلد الحوار ويجب ان يكون هناك حوار فالاهانات غير مقبولة وليست من ثقافتنا ونحن مجروحون من لغة الاهانات وانا استهجن الامر».
وسأل الراعي لماذا لا تشكلون حكومة اقطاب؟ نريد حكومة انقاذية تنتشل لبنان من الجحيم». وسأل «اين دور المسؤولين؟ اين الخيرون؟ البلد يحتاج انقاذا لا اطلاق نار معنوي».
واستطرد: تمنيت وأتمنى يوميا جمع عون والحريري، وأين المشكلة بحكومة أقطاب «وإن كانت من السياسيين» مماثلة لحكومة عهد الرئيس فؤاد شهاب؟