على خط بعبدا- عين التينة تتحرك سفيرة الولايات المتحدة الاميركية دوروثي شيا، وقبلهما كثفت زياراتها في اتجاه وزارة الخارجية حيث التقت تكرارا، الوزير المتنحي شربل وهبه. ليست المواضيع والملفات التي تهم واشنطن لبنانياً قليلة، فاهتماماتها تتشعب في اكثر من اتجاه، غير ان ثمة ما يقلقها اكثر من غيره لاسيما ما يتصل بالملف اللبناني- السوري والتعاطي اللبناني مع هذا النظام، ويدفعها الى رصد وتتبع كل خطوة يقدم عليها اي من الطرفين في مختلف المجالات، حتى انها تستقصي المعلومات من مصادرها في شأن كل ملف يعرض بين الطرفين حتى لو كان سياحيا او زراعيا، فكيف بالحري إن اتصل بمسار العلاقات او بمحاولة لبنان مساعدة النظام؟
تكشف اوساط سياسية مطلعة لـ”المركزية” ان الولايات المتحدة ترصد وتتعقب في شكل خاص مسار تهريب البضائع من لبنان الى سوريا وتوزع رسائلها على من يعنيهم الامر، محذرة من ان استمراره سيرتّب على لبنان تداعيات وخيمة قد تصل الى فرض عقوبات انطلاقا من خرق قانون قيصر ومحاولة التلاعب عليه، وتشير الى ان في اطار سياستها الهادفة الى خنق حزب الله عسكريا تعمد واشنطن الى شد الخناق اقتصاديا، اذ باقفال الحدود باحكام مع سوريا تحكم الخناق عليه، وهي على يقين ان كل عمليات التهريب خصوصا للمواد اللبنانية المدعومة ولا سيما المحروقات يغطيها حزب الله ومن يماشي ويناصر سياسته في الدولة اللبنانية، ولو على حساب الشعب اللبناني الذي يعاني الفقر والعوز وتهدر اموال مصرفه المركزي في سبيل دعم النظام السوري عبر التهريب الحدودي.
في هذا المجال، تكشف الاوساط ان الادارة الاميركية تحث عبر سفارتها في بيروت المسؤولين عن الامن الحدودي وتهريب البضائع اللبنانية الى سوريا على اللجوء الى نص القرار 1701 الذي يجيز للبنان الاستعانة بقوات الطوارئ الدولية من اجل ضبط الحدود الشرقية وذلك ردا على قول وزير الداخلية محمد فهمي اننا غير قادرين على ضبط الحدود بالكامل، موضحة ان المسؤولين السياسيين ان ارادوا فعلا ضبط الحدود ومنع التهريب لعمدوا الى هذا الخيار منذ زمن، غير ان قرارا من هذا النوع لا يناسب اطلاقا محور المقاومة والممانعة الذي يخدم التهريب مصالحه وليس في وارد وضع الحدود تحت العين الدولية.
اما بعد، تضيف الاوساط، فإن واشنطن تابعت بالتفاصيل الدقيقة ملف ترسيم الحدود البحرية مع سوريا منذ لحظة تسلّيم الوزير وهبة سفير سوريا لدى لبنان علي عبد الكريم علي مذكرة، تتضمن تأكيد الموقف اللبناني من ترسيم مياهه الإقليمية ودعوة السلطات السورية للتفاوض حول الترسيم على اساس قانون البحار الدولي. وقد نقل السفير السوري عن الوزير وهبه ان “سوريا ولبنان تعوّدا على التنسيق بين بعضهما البعض وانه اكد لوهبه ان سوريا ترى في لبنان بلدا عزيزا شقيقا وما يؤذيه يؤذيها. وعبء اللاجئين السوريين اكبر من طاقة لبنان وسوريا ترغب بعودة كل ابنائها وهي قدمت كل التسهيلات والتطمينات الممكنة لعودتهم. وهذا يتطلب تنسيقا وتكاملا بين القيادات المعنية في البلدين وعدم السماح لمن يريد الاستثمار في أزمة السوريين ومشاكلهم وما يُرسم لتعطيل اعادة اعمار سوريا، معلنا انه سينقل رغبة الوزير وهبه والقيادة في لبنان بما يخص التفاوض في كل الملفات ومن ضمنها الحدود البحرية”. واعتبر وهبه ان “كل هذا يقتضي الآن الخروج من هذه الممرات المعتمة الى التنسيق والتكامل. وعدم السماح للقوى التي تحاول شيطنة صورة سوريا، كذلك الاستمرار في العقوبات الاحادية الظالمة التي تخنق الشعب السوري ومعه الشعب اللبناني لان ما تُعاقب به سوريا كون البلدين لهما هذه الجغرافيا المتداخلة وهذا الفضاء الاقتصادي الذي يفرض على البلدين التكامل”.
هذه المواقف لم تنزل بردا وسلاما على واشنطن، فتحركت سفيرتها فور تلمسها اتجاه وهبة لزيارة دمشق وتشكيل لجنة مشتركة لبحث ملفي ترسيم الحدود وعودة النازحين السوريين، الامر الذي كاشف وهبة رئيس الجمهورية ميشال عون به فقال له، على ما تكشف الاوساط، “ان اردت فاذهب على مسؤوليتك”. حطت شيا في الخارجية وسألت وهبة عن الزيارة التي تقررت آنذاك بعد اسبوعين وطبيعة الوفد وملفات البحث وذكرته بوجوب عدم خرق قانون قيصر.
الزيارة لم تتم لأكثر من سبب، لكن الانزعاج الاميركي لم يتبدد لا سيما بعد الاتصال الهاتفي الذي اجراه رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل بالرئيس السوري بشار الاسد مهنئا بالفطر..وللبحث الاميركي في محاولات الانفتاح اللبناني على النظام السوري صلة.
المصدر: المركزية