رأى الوزير السابق اللواء أشرف ريفي، أن “ما تشهده المملكة العربية السعودية يشكل تحولا كبيرا في المعادلة الإقليمية والعربية”، وأن “إعلان الرياض المزمع إصداره من أرض الحرمين الشريفين، لمواجهة الإرهاب والتطرف، يشكل خطوة تاريخية، وهو يمثلنا جميعا”.
كلام ريفي جاء خلال كلمة ألقاها في حفل تخريج طلاب “الجامعة الأميركية للتكنولوجيا” في منتجع الميرامار- القلمون، واستهلها بالقول للخريجين: “نلتقي معكم في يومكم، يوم تتويج ما أنجزه كل منكم، كي تكونوا رواد هذا الوطن، وصانعي الأمل والغد، فهنيئا لنا بكم، وهنيئا لأهلكم وعائلاتكم وجامعتكم ومحبيكم، ولتبدأ رحلتكم في الحياة، أنتم الجيل الشاب الذي على أكتافه سيتحقق حلم التغيير والبناء، الحلم كبير، وأنتم على قدر التحدي.
قلتها دائما وأكررها اليوم في حفل تخرجكم. لكم سنِّسلم الأمانة، كي تكملوا الطريق، يا جيل الشباب الواعد، يا جيل العلم والأمل، يا جيلا، نثق بقدراته وإبداعه، فكونوا على استعداد”.
أضاف: “أبنائي الأحباء أنظروا إلى العالم من حولنا يتغير. ها هو جيل الشباب يتسلم المسؤوليات الكبرى. في فرنسا وكندا والكثير من البلدان، ولبنان إن شاء الله سيشهد ثورة الشباب، وأنا متأكد أن شاباتنا وشباننا سيكونون في المقدمة، كي يعطوا صورة عن النموذج النظيف والمبدع الذي يليق بوطنهم. لكل شاب وشابة منكم أقول: أنا الى جانبكم دائما، وأتشرف أن أكون بمثابة الأب أو الأخ والصديق، فلا تترددوا كلما وجدتم أنكم تحتاجون لرأي أو مشورة أو دعم”.
وتابع: “في الزمن الرديء، زمن تحول السياسة الى سمسرة، والسيادة الى إرتهان، زمن الإنقلاب على القيم والثوابت، والتضحية بدماء الشهداء، وقفنا في وجه العاصفة وقلنا أن الإستقامة في الحياة الوطنية، ليست وجهة نظر. في زمن البيع والشراء، رفضنا أن يطرح الوطن في المزاد العلني، كي نجني مكاسب ونراكم الثروات، ونتمسك بأن نكون في سلطة جوفاء، لا كرامة فيها لمن يجلس على الكرسي، فيما قراره مصادر، وحضوره مغيَّب، وإرادته ملغية.
فالسلطة ليست حرفة الساعين الى مجد باطل، ولا هي وسيلة للكسب غير المشروع، ولا هي مقايضة ثوابت وطنية بمصالح شخصية. السلطة هي مسؤولية وطنية نابعة من ثقة الناس. هي مهمة مقدسة وأمانة، تفترض بمن يتبوأها أن يكون مؤتمنا على الأمانة، لا أن يفرِّط بها، على كل مفترق طرق”.
واستطرد: “لقد قلنا عند بداية هذا العهد، أن الذهاب الى إنتخاب رئيس للجمهورية حليف للدويلة هو إستسلام. أما اليوم وبعد أشهر من عمر هذا العهد، نقول أنه لم يكن مجرد إستسلام، بل كان إفلاسا على كل الصعد. ها هو لبنان يعيش أسوأ عزلة عربية ودولية في تاريخه الحديث، حيث يتعامل المجتمع الدولي والعربي مع سلطته، بوصفها خاضعة لسلطة الدويلة. وها هي أطراف هذه السلطة، تتنازع على قانون الإنتخاب، ويطلق بعضها أسوأ إشارات التحريض والطائفية، وينتظر معظمها صفارة الولي الفقيه، كي تحسم نهاية اللعبة، وتوزع الحصص الإنتخابية على اللاعبين، عبر قانون التعيين المفصَّل وفق القياسات الجاهزة.
وها هو الفساد العابر للتحالفات في هذا العهد يجاهر بأصحابه، على شكل سرقات ضخمة ووقحة للمال العام، “وعلى عينك يا تاجر”، فيما الخزينة تنوء تحت أثقال العجز، وكل ذلك يتم تحت أنظار اللبنانيين الذين يزدادون فقرا، فيما يكدس المسؤولون الثروات، كي يجددوا لأنفسهم بشراء الذمم”.
وقال: “للعهد الذي لم يف عهد الإصلاح والتغيير، ولشركائه بالتكافل والتضامن والتواطؤ، نقول: فعلا الإبراء بات مستحيلا، ولن تهنأوا بهذا المال المنهوب، والمحاسبة آتية ولو بعد حين. فلا تناموا على حرير أن اللبنانيين شعب لا يحاسب، بل استعدوا للحساب. لن تستطيعوا الإختباء طويلا وراء متاريس أسميتموها زورا حقوق الطوائف، كي تسجنوا اللبنانيين في سجن الفساد والإرتهان، فيما أنتم ماضون باستغلال السلطة، وبيع الكرامات وتقديم الخدمات لدويلة السلاح. لقد رفضنا إستسلامكم واليوم سنمنع إفلاسكم من أن يتحول الى نكبة على الدولة والوطن”.
أضاف: “ما نراه اليوم إنقسام من نوع آخر: سلطة تسعى للتجديد لنفسها، مستقيلة من مسؤوليتها الوطنية، ومتفرغة للفساد، وشعب مسروق يظنون أنه قد تخدر. نقول لهم لا بالصوت العالي: التغيير آت. لا أيها السادة: لم يفقد اللبنانيون روح المقاومة، ووضوح الرؤية، وتخطئون إذا اعتقدتم أن هذا الشعب نائم أو غافل.
نحن سنكون الى جانب أهلنا، وسنثبت مع كل قوى التغيير، أن زمن إستضعاف إرادة الناس وإستغبائهم قد ولى، والآتي قريب”.
وتابع: “لقد ناضلنا ونستمر من أجل بناء الدولة القوية العادلة، وما نراه اليوم هو النقيض، لكن نقول: هذا وضع إستثنائي لن يدوم، فاللبنانيون الأحرار لن يقبلوا إستمرار هذه السلطة الفاسدة والمنبطحة، وموعد التغيير قادم لا محالة. من طرابلس أوجه الدعوة لكل قوى التغيير ولقوى المجتمع المدني أن تجتمع ضمن إطار واحد يطرح برنامج إنقاذ وإصلاح، فالإنقاذ يتطلب توحد الجهود سعيا للنهوض بلبنان”.
وأردف: “فيما المنطقة تغلي على إيقاع التطورات السريعة، تحكم لبنان سلطة مستقيلة من ذاتها، أربابها يكتفون بالجلوس على الكراسي، فيما البلد يقاد من الدويلة. المنطقة تتغير والمسؤولون يتقاسمون الصفقات، ويتحاصصون قوانين الإنتخاب، أما القرار فهو سيبقى في مكان آخر أيا كانت حصصهم في البرلمان المقبل، وأيا كان شكل الحكومات التي سيشكلونها، فمن يتلهى بالحصص وجمع الثروات، يفقد الدور والمكانة والثقة”.
واستطرد: “المنطقة تتغير. فما تشهده المملكة العربية السعودية يشكل تحولا كبيرا في المعادلة الإقليمية والعربية. وفي هذا الإطار لا بد أن نؤكد أن إعلان الرياض المزمع إصداره، وبالذات من أرض الحرمين الشريفين، لمواجهة الإرهاب والتطرف، يشكل خطوة تاريخية وهو يمثلنا جميعا. فالإرهاب هو العدو الأول للاسلام، وهو الذي يستعمل كبندقية بالإيجار، خدمة لمشاريع تستهدف المنطقة وأهلها، وآن الأوان لوقفة إسلامية اولا، تقطع الطريق على الأشرار ومن يحركونهم، وتسقط مشاريعهم المشبوهة.
وبالقدر نفسه من الأهمية ننظر الى ما تقوم به المملكة العربية السعودية، لجمع شمل العرب والمسلمين، وتوحيد الجهد في مكافحة الإرهاب، وفي مواجهة إرهاب إيران وأدواتها في المنطقة، الذي يعتاش على إرهاب داعش وأخواتها”.
وختم: “التحية من لبنان وطن الرسالة والعيش المشترك الإسلامي المسيحي والإعتدال الراسخ والقوي، الى المملكة العربية السعودية، الى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز والقيادة السعودية، على كل ما يقومون به، لعودة الإستقرار الى العالم العربي، وحمايته من الإرهاب والأطماع الإيرانية”.