كتبت الأنباء الكويتية تقول: “الخطوط الحكومية مقطوعة، والانشغال بفضائح «الرمان المخدر» والانصراف الى معالجة ارتداداته السلبية على العلاقات اللبنانية مع المملكة العربية السعودية، زاد مسافة التباعد بين الأطراف والأفكار، علما ان تصحيح العلاقة يتطلب أكثر من تصريح من رئيس الجمهورية ميشال عون بالتأكيد على العلاقات مع السعودية كدولة شقيقة، أو من اتصال وزير الداخلية محمد فهمي، بوزير الخارجية السعودي صاحب السمو الأمير فيصل بن فرحان، وفي التقدير ان هذه الأزمة تتطلب وجود حكومة فاعلة، لا حكومة تصريف أعمال ذروة اهتمام رئيسها توزيع سيرته الذاتية على الدول، بحثا عن وظيفة بعد مغادرة السرايا، لكن حزب الله، ومن خلال قناة «المنار»، يرى بحسب المعطيات، انه لم يعد هناك جمود على طريق التأليف، بل بات هناك حريق يلتهم ما تبقى من أوراق الحل في طول الملفات وعرضها.
ومن هنا، الشعور العام بأن الملف الحكومي، بات منسيا، ومثله ملف دعم المواد المعيشية، مع نفاد العملات الصعبة، وتقلص حجم الدعم الحكومي للسلع الضرورية.
غير ان سفر رئيس التيار الحر جبران باسيل الى موسكو أمس، وعودة الرئيس المكلف سعد الحريري من الإمارات العربية المتحدة، أخرج ملف تشكيل الحكومة من الدرج، ومن دون توقعات سارة، قياسا على حالة الارتباك العام التي يعيشها لبنان، بفعل التداخل العنكبوتي لأزمته، مع الأزمات والصراعات الخارجية.
ومن مظاهر هذا التداخل، زيارة جبران باسيل الى موسكو الآن، هذه الزيارة، في نظر مراجع لبنانية معنية، شكلها متصل بأزمة تشكيل الحكومة أما مضمونها، وهو الأساس، فمجرد «تنميرة» روسية على الأميركيين وعلى العقوبات التي انزلوها بصهر رئيس الجمهورية.
في المقابل، زار السفير الروسي في بيروت الكسندر روداكوف، الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة في بيت الوسط، للوقوف على مستجداته، قبل اجراء المسؤولين في وزارة الخارجية الروسية مباحثاتهم مع باسيل، في حين تواصل الحريري مع البطريرك بشارة الراعي، للوقوف على أجواء لقائه الأخير مع الرئيس عون.
وقبل سفره الى موسكو، اتخذ باسيل قرارا بفصل القيادي في التيار ميشال دوشاديريفيان مسؤول العلاقات الديبلوماسية في التيار، بسبب دعوته الى توضيح وجهات نظر التيار امام المحافل الدولية.
ويبدو ان باسيل خسر فرصة توضيح وجهات نظر حزب الله من الأمور أمام الروس، بعدما ظهرت مؤشرات على استياء الحزب من طرحه في مؤتمره الصحافي الأخير استثمار الآبار النفطية والغازية المشتركة مع إسرائيل، في رجوع صارخ عن مرتكزات المفاوض اللبناني، وفي سياسة استلطاف للأميركيين لتحريره من العقوبات، وقد رفض حزب الله، اعتباره الخط 29 الذي وضعه الجيش اللبناني، خط تفاوض لا خط حرب كما قال باسيل!
وسجلت القوات اللبنانية على باسيل انه أوحى في مؤتمره الصحافي بالانضمام الى المطالبين بالانتخابات النيابية المبكرة، وعندما رحبت نائبة القوات ستريدا جعجع بالفكرة، ودعت الى الاستقالة مع نواب التيار من مجلس النواب، كون الاستقالة هي الطريق الوحيد لتخلصه من «تكليف الحريري» وبالتالي الى الانتخابات المبكرة، عاد التيار يتساءل عن مصير الإصلاحات في هذه الحالة.
وسط كل هذا التخبط تروج «المنظومة الحاكمة» القول ان الهدف من كشف عملية «الرمان المخدر» الى السعودية تطويق حزب الله وهو ما يقوله الحزب نفسه، وبالتالي إذا القصد من كشف هذه العملية الإجرامية تطويق حزب الله، فلن يكون أمام اللبانيين سوى الاتجاه شرقا من ضمن خط الممانعة، على حد قول رئيس التيار الحر جبران باسيل أمام وزير خارجية هنغاريا، الذي وضعت بلاده «الفيتو» على اتجاه وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الى فرض عقوبات على معرقلي التسوية الحكومية في لبنان.
هذا التوجه، تقول المصادر المتابعة، كان وراء الرسالة التحذيرية التي وجهها البابا فرنسيس الى الرئيس ميشال عون، من انه لا يمكن ان يفقد لبنان هويته ولا تجربة العيش الأخوي فيه، حاثا على تشكيل الحكومة مهما كانت العقبات.
ولذا سارع الرئيس عون الى تطمين المعنيين بأنه لا يقبل بان يكون لبنان، معبرا لما يمكن ان يسيء الى الدول العربية الشقيقة.
وأضاف أمام زواره امس الى ان المملكة العربية السعودية دولة شقيقة ويهمنا استمرار التعاون الاقتصادي معها. ونحن نبذل اليوم جهدا كبيرا لكشف ملابسات ما حدث وإعادة الأمور الى مسارها الصحيح”.