بدأت العديد من الدول وشعوبها تتحضر للاحتفال بالسيطرة على تفشي كورونا مع تلقيحها لنسب كبيرة من مواطنيها، والتحضير لبدء تدريجي لاستعادة دورة الحياة فيها. أما في لبنان، حيث كميات اللقاح قليلة جدًّا، فإن المشكلة لا تزال على صعوبتها، خصوصاً وأن كثيرين لا زالوا غير مسجّلين على منصة التطعيم، والبعض الآخر ينتظر دوره، وقلّة قليلة فقط تلقحت بحسب الفئة التي تنتمي إليها.
ومع إعلان دخول القطاع الخاص على خطّ استيراد اللقاحات، خصوصاً اللقاح الروسي Sputnik V، استبشر كثيرون خيراً، إلا أنّهم سرعان ما خُذلوا بسبب التأخير والعرقلة التي رافقت العملية.
تشير مصادر مطلعة لـ”الأنباء” الإلكترونية إلى أنّ احدى الشركات التي التزمت استقدام اللقاحات للقطاع الخاص، لم تسلّم الشركات الكميات المطلوبة، ولذلك بدأت صرخات بعض الشركات تعلو للمطالبة باسترداد أموالها.
من جهته، يؤكّد عضو لجنة كورونا المركزية الدكتور نزيه بو شاهين في حديث لـ”الأنباء” أنّ “وزارة الصحة أعطت الإذن لعشرات الشركات الراغبة بمحاولة استيراد اللقاحات، لكن حتى اليوم لم تنجح الكثير منها في استيرادها”.
ويلفت بو شاهين إلى أنّ أسباباً عديدة تقف وراء هذا التأخير، أبرزها برأيه أنّ “هناك تهافتاً وسباقاً على اللقاحات بين الدول خصوصاً الغنية منها والتي تدفع أموالاً طائلة لتأمين اللقاحات لمواطنيها أوّلاً، وتستحوذ على نسبة كبيرة من الانتاج. يضاف إلى ذلك أنّ الهند مثلاً، وهي إحدى أكبر الدول المصنعة للقاحات، جمّدت موقّتاً الشحنة إلى لبنان والبالغة 50 ألف جرعة. وقد ألغت عقوداً كثيرة مع الخارج وأعطت توجيهات باستعمال الإنتاج للسوق المحلي خصوصاً بعد التفشي السريع لكورونا لديها. أمّا أوروبا، فتطالب شركة استرازينيكا بالوفاء بتأمين 300 مليون جرعة للاتحاد الأوروبي كأولوية وعدم تصديرها إلى الخارج، بالرغم من الأخبار عن بعض المضاعفات النادرة للقاح”.
بدورها، لا تستبعد المصادر أن يكون للتدخلات السياسية دور في تأخّر وعرقلة وصول اللقاحات عبر القطاع الخاص. فكيف سينعكس ذلك على عملية التلقيح في لبنان؟
يجيب بو شاهين: “المعروف أنّ الشركات العالميّة مثل فايزر وغيرها لا تبيع اللقاحات الى القطاع الخاص، بل تتعاطى عبر المؤسسات الرسمية أي وزارة الصحة، والوزارة عبر اتصالات مع الشركة استطاعت حجز 750 ألف جرعة لصالح القطاع الخاص، قسم منها سيذهب الى الجامعات الخاصة والجامعة اللبنانية التي ستدفع ثمن اللقاحات عبر وزارة الصحة. ومن المتوقع الحصول على هذه الكمية في شهري تموز وا?ب. يُضاف إليها كميات كبيرة من لقاحي فايزر واسترازينيكا ستصل الى لبنان في فصل الصيف تبلغ حوالى مليوني جرعة. ومن المتوقّع أيضاً تسريع عملية التلقيح مع وصول هذه الدفعات. إلا أنّ عدد المسجلين على المنصة في لبنان لا يزال قليلاً”.
باختصار، فإن العرقلة تطال حتى صحة الإنسان في لبنان، ويبقى جسر الخلاص الوحيد مفقوداً في ظلّ دولة عاجزة عن تأمين اللقاحات بأعداد وافية، وفي ظلّ استهتار من كثيرين بصحتهم وصحة محيطهم ينعكس قلّة في أعداد المسجلين على المنصة.
المصدر: الأنباء