الأمور الحكومية معقدة للغاية، كما تقول المصادر المتابعة لحركة الاتصالات، الخارجية قبل الداخلية.
والشاهد على ذلك الاجتماعان اللذان عقدا الأسبوع الفائت بين رئيس التيار الحر جبران باسيل ومسؤول الارتباط في حزب الله وفيق صفا.
وقد حاول صفا خلالهما بحسب المعلومات المسربة والتي لم يحصل نفي لها، إقناع باسيل بالسير في حكومة الـ24 وزيرا، على أساس ثلاث ثمانيات لكل طرف، من دون ثلث معطل لأحد، لكن باسيل تمسك بعدم مشاركته كتيار في الحكومة، وبالتالي عدم منحها الثقة في مجلس النواب، والسبب كما أظهرت النقاشات، وزارة الداخلية، ولمن ستكون من الأفرقاء الثلاثة، واذا كانت من حصة المسيحيين، من يسمي وزيرها؟
وثمة إشكالية ثانية أثارها باسيل، وهي تسمية الوزيرين المسيحيين من اصل 12 وزيرا، والخارجية من حصة الفريق الرئاسي، إذا لم يكن الفريق الرئاسي، فهل يكون رئيس الحكومة المكلف؟ وإذا حصل، فسيكون من حق رئيس الجمهورية تسمية وزيرين سنيين!!
من خلال هذه الجدلية، يتبين جليا، ان لعبة تبادل الأدوار في تعطيل تشكيل الحكومة مستمرة، الى ان تفضي «المفاوضات» الأميركية – الإيرانية حول النووي الإيراني، أمرا كان مفعولا.
وهنا تذكر المصادر المتابعة، بأن الوتيرة نفسها شهدها لبنان في تشكيل حكومة تمام سلام عام 2014، والتي استغرقت 9 أشهر لتعلن فجأة في يوم أحد، اثر إعلان وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف، التفاهم على ملف إيران النووي، مع الولايات المتحدة والدول الكبرى.
وأمام هذا الصدود المستمر، شهد المسرح النيابي حركة اتصالات عربية المنحى والتشجيع، لتأمين الالتفاف النيابي «السني» حول الرئيس المكلف سعد الحريري، وتوصلت الاتصالات الى غرضها تقريبا، وفق معلومات «الأنباء» بحيث زال عمليا ما كان يعرف بـ«اللقاء التشاوري السني»، المؤلف من 5 نواب سنة، والذي يرعاه حزب الله وحلفاؤها، وبقي هناك نائبان من أصل 28، لم يقرع باب اي منهما، بسبب ارتباطاتهما الحزبية.
وقد نجم كل ذلك، عن رفض فريق الحكم تشكيل الحكومة، لاعتبارات أنانية وارتباطات، وهذا ما لاحظه الموفد الأميركي ديفيد هيل ومن سبقه من ممثلي الدول العاملة على إخراج لبنان من هذه الحفرة.
من هنا يبدو ان الأزمة المتعددة الجوانب التي يعيشها لبنان، ستطول، بدليل الإجراءات الاحترازية التي يطبقها حزب الله في مناطق نفوذه، تحسبا للانهيار الاقتصادي والسياسي التام، وذلك عبر إصداره 8 آلاف بطاقة «حصص غذائية» واستيراده أدوية إيرانية وسورية، فضلا عن تجهيز صهاريج للمجيء بالمحروقات من إيران مباشرة.
ونقلت «رويترز» عن مسؤول كبير في حزب الله، ان الأخير يسعى لإيجاد أماكن لتخزين الوقود في سورية، وعندما نصل إلى مرحلة العتمة والجوع، سيقوم الحزب مقام الدولة، ويمنع الفراغ، او الاضطراب في قواعده أولا ثم المناطق الأخرى التي تعاني من ارتفاع أسعار السلع 4 أضعاف على الأقل.
وتعتمد خطة الحزب، على التعامل بالليرة اللبنانية، وبأسعار اقل 40% من سعر السوق، بفضل تمرير مستورداته من سورية وإيران من دون دفع رسوم جمركية، وعبر شركات حليفة للحزب.
في هذه الأثناء، يستعد الرئيس الحريري العائد من موسكو توا، لزيارة الفاتيكان ولقاء البابا فرنسيس يوم 22 الجاري، بما يشكل صفعة لمن يحاول تحويل معركة تشكيل الحكومة من إطارها السياسي الى إطار مذهبي تحت عنوان الدفاع عن حقوق المسيحيين، في حين فشل باسيل في الحصول على الإذن حتى بالمشاركة في استقبال البابا فرنسيس يوم زيارته العراق.
في هذا الوقت، الدولار الأميركي، مازال فوق سقف الـ 12 ألف ليرة لبنانية، ومعه الرفوف الفارغة في المتاجر والصيدليات وخراطيم محطات توزيع المحروقات مرفوعة الى فوق، فيما قوافل تهريب السلع المدعومة من الدولة، من مواد غذائية ونفطية، في حركة لا تهدأ، باتجاه الأراضي السورية.
وفيما يغادر رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب الى الدوحة اليوم، في اول زيارة خارجية له منذ تشكيل حكومته، أوضحت مصادر مقربة ان غاية الزيارة، المعلن عنها، هي تأمين مواد نفطية للبنان، بديلة لما كان يتوقع الحصول عليه من نفط عراقي مقابل خدمات طبية، والذي صرف العراق النظر عنه.
وتعتقد أوساط رؤساء الحكومة السابقين، ان من شجع دياب على هذه الرحلة، أراد إصابة عصفورين بحجر واحد، النفط وإعادة تفعيل الحكومة المستقيلة، والتي لا شأن لها، بالمعاهدات الخارجية كمصرفة للأعمال الحكومية.
المصدر: الأنباء الكويتية