كتبت صحيفة ” نداء الوطن ” تقول : من الاقتتال الدموي في صور على ربطة الخبز، إلى سقوط قتيل وجريحين أمس على خلفية توزيع حصص غذائية في طرابلس… تتنقل مشهدية الذل والانهيار بين المحافظات اللبنانية، من دون أن يستشعر أهل الحكم بأي وخزة ضمير أو مسؤولية تجاه ما أوصلوا الناس إليه من جوع وانهيار، بل هم مستمرون في تقاذف كرة التعطيل من مرمى إلى آخر ضمن إطار لعبة تسجيل نقاط عبثية، وآخرها ما جرى على ملعب ترسيم الحدود البحرية، حيث حجب رئيس الجمهورية ميشال عون توقيعه عن تعديل مرسوم الترسيم وأعاد الكرة إلى السراي الحكومي، عشية وصول الموفد الأميركي ديفيد هيل إلى بيروت، في محاولة من رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل لاستخدام الملف كـ”طعم” يأمل من خلاله أن يعلق الأميركيون في ”صنارته”، فيحاول بيعهم “سمكاً ببحر” المياه الإقليمية الحدودية مع إسرائيل مقابل فك أسره من شباك العقوبات.
وإذا كان هيل، بحسب مصادر ديبلوماسية، لا ينوي إثارة الملف البحري الحدودي من زاوية ”تقريرية” باعتباره يغادر منصبه قريباً، إنما هو يعتزم زيارة لبنان والتحدث مع مسؤوليه بصفته “صديقاً يسدي لهم النصح بوجود فرصة سانحة راهناً يجب اقتناصها والإسراع في تشكيل الحكومة”، فإنّ خطوة رد رئيس الجمهورية مرسوم تعديل الحدود البحرية من دون توقيعه أتت لتحقيق “هدف مزدوج”، فهي إن لم تنفع مع واشنطن، تكون قد نفعت في حشر رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب في زاوية “تفعيل حكومته”، إمعاناً في تهميش تكليف الرئيس سعد الحريري ووضع ملف التأليف “على الرف”، غير أنّ أوساط دياب أكدت لـ”نداء الوطن” أنه لا يزال يعتبر أنّ تفعيل الحكومة “يعقّد الأمور أكثر في البلد”، ولذلك هو ”مش بوارد” عقد جلسة لمجلس الوزراء لإقرار مرسوم توسيع الترسيم البحري “بالاستناد إلى رأي غير ملزم أساساً من هيئة التشريع والاستشارات”.
وفي المقابل، يبدأ رئيس الحكومة المكلف اليوم زيارة رسمية إلى موسكو تتناول مواضيع ”سياسية واقتصادية وصحية”، على أن يعكس استقبال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للحريري في هذا التوقيت دعماً معنوياً كبيراً له من جانب موسكو، وتؤكد مصادر مواكبة للزيارة لـ”نداء الوطن” أنّ الرئيس المكلف يعوّل كثيراً على دور روسيا باعتبارها “قادرة على أن تلعب دوراً محورياً في الدفع نحو مساعدة لبنان على بلورة الحلول لأزمته بفعل علاقاتها الجيدة مع الأطراف اللبنانية والإقليمية”، لافتةً في هذا السياق إلى أنّ لهذه الزيارة “أهمية كبيرة لا سيما وأنها تأتي غداة زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى طهران وبالتالي فإن الحريري سيسمع منه نتائج المداولات التي أجراها مع المسؤولين الإيرانيين حيال الملف اللبناني”.
وإذ تبدي موسكو اهتماماً كبيراً في حفظ الاستقرار في لبنان لأن اهتزازه سيؤثر سلباً على سوريا حيث تتمركز القوات الروسية، فإنّ استقبال الحريري على أرفع المستويات في روسيا يختزن بحد ذاته رسالة دعم له باعتباره “أحد رموز الاعتدال السني في المنطقة في مواجهة التطرف والإرهاب”، وفق ما تشير المصادر، فضلاً عن أنّ المتابعة الدقيقة من جانب المسؤولين الروس لتفاصيل الخلافات اللبنانية الداخلية “دفعتهم إلى تأييد الحريري لرئاسة الحكومة وإلى دعم وجهة نظره، بأن تكون حكومة من الاختصاصيين التكنوقراط غير الحزبيين ومن دون ثلث معطل، لأن الاتصالات الروسية مع الدول الأوروبية والعربية المعنية بأزمة لبنان انتهت إلى خلاصة حاسمة، تفيد بأنه ما من دولة ستقدم أياً من المساعدات العاجلة التي يحتاجها البلد في حال تألفت الحكومة من رموز الطبقة السياسية والأحزاب الحاكمة”.
وعليه، نوهت المصادر بأنّ موسكو ستترجم دعمها للحريري من خلال استقباله “كرئيس حكومة مكتملة المواصفات وليس كرئيس مكلف، وقد برزت في هذا السياق إشارة البيان الصادر عن مكتب رئيس الوزراء الروسي إلى أنه سيجري مباحثات “مع رئيس حكومة لبنان” سعد الحريري، وهي المرة الثانية التي يذكره بها المسؤولون الروس بهذه الصفة منذ تكليفه تشكيل الحكومة”.
وعن مواضيع البحث، أوضحت المصادر أنها ستشمل “مسألة عودة النازحين السوريين إلى بلدهم استناداً إلى المبادرة الروسية، كما سيطلب الحريري مساعدة موسكو في التفاوض على ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وسوريا، وبين لبنان وإسرائيل، ليتمكن من البدء في استكشاف كميات الغاز والبترول في البحر”، بالإضافة إلى أنّ الرئيس المكلف سيتطرق في محادثاته إلى ”ما يمكن لموسكو أن تساهم به في معالجة الأزمة الاقتصادية، سواء من ناحية الاستثمارات في الكهرباء والإنشاءات وغيرها أو من زاوية تقديم المساعدات”، كما توقعت المصادر أن يطالب الحريري موسكو بأن “تضع لبنان في لائحة الدول التي يفترض تسليمها لقاح ”سبوتنيك في” المضاد لكورونا، وتسهيل عملية شرائه من جانب الدولة أو من قبل القطاع الخاص، ولن يتردد في طلب منح لبنان كمية من اللقاحات على سبيل الهبة”.