كتبت “الأنباء” الكويتية تقول: “تشكيل الحكومة اللبنانية أولوية الفريق السياسي الذي سمى الرئيس سعد الحريري لهذه المهمة، مدعوما بمواكبة من المجتمعين العربي والدولي عبر المبادرة الفرنسية الساعية لإنقاذ كيان ساهمت بخلقه منذ مائة سنة، بينما يأتي التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان المركزي والمصارف الخاصة في أولوية الفريق الرئاسي، وحلفائه الظاهرين والمستترين، تصفية لحسابات سياسية داخلية.
«الأصعب قادم»، قالها حسام زكي الأمين العام المساعد للجامعة العربية، الذي أمضى يومه الثاني في بيروت أمس، مؤكدا على الدور العربي في هذا البلد، ومتفحصا حرارة «اتفاق الطائف» الذي انبثق عنه الدستور اللبناني.
وبعد لقائه رئيس حزب الكتائب سامي الجميل، قال زكي: سمعت من رئيس الكتائب تصوّر الحزب لحل الأزمة القائمة، أما الجميل فقد أعرب عن شعوره بالسعادة لعودة الجامعة العربية ومعها الدول العربية إلى الاهتمام بلبنان بعد انكفاء.
وكان زكي رسم إطارا لتحرك الجامعة العربية في دعم عناوين المبادرة الفرنسية، عارضا المساعدة في التقريب بين المتنازعين للإسراع بالتأليف قبل فوات الأوان، مع اعتباره مبادرة رئيس المجلس النيابي نبيه بري القائلة بحكومة من 24 وزيرا، من الاختصاصيين بلا ثلث معطل، أساسا يبنى عليه.
والتقى زكي أمس البطريرك الماروني بشارة الراعي وقائد الجيش العماد جوزف عون.
وقال زكي بعد لقاء الراعي: تحدثت معه في كل الأمور بصراحة، وأبلغته أن موقف حياد لبنان يتماهى مع قرارات جامعة الدول العربية.
في الأثناء، اعتبرت كتلة الوفاء للمقاومة، التي تضم نواب حزب الله، في بيان لها «انه لا يصح لأحد أن يتوهم في نفسه أو في جماعته القدرة على أخذ البلد وحده إلى حيث يشاء أو يريد»، وشددت على ضرورة التفاهم من أجل تشكيل الحكومة، محذرة من السقوط في فخوخ الإذعان للخارج.
بدوره، كتب رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط عبر تويتر قائلا: «نستمر في مواجهة التعطيل الشبيه بالكورونا من أجل وقف التدهور أو لجمه للوصول إلى الحد الأدنى من التعافي. لكن نعلم أن قوى الجهل والحقد الحديثة النعمة تشترك في التعطيل. سنستمر في هذه المواجهة على الرغم من الخلل في الموازين. إن الحياة انتصار للأقوياء في نفوسهم لا للضعفاء».
هذا على مستوى الداخل اللبناني، أما على المستوى الخارجي فالمصادر المتابعة أعربت لـ «الأنباء» عن ثقتها بأنه ستكون هناك حكومة جديدة بحدود أوائل مايو المقبل، وإلا فإن الأمور ستذهب في غير اتجاه مصلحة الرئيس ميشال عون وصهره النائب جبران باسيل.
المصادر ربطت تفاؤلها بحاجة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى إثبات مصداقيته تجاه الأميركيين والعرب، الذين أفسحوا له المجال لمعالجة هذه الأزمة، وتجاه المجتمع الفرنسي الذي يعنيه ما يجري في لبنان. وفضلا عن انه في العشرين من مايو المقبل تبدأ الشركة اليونانية التي التزمت المباشرة بالتنقيب عن الغاز والنفط في المنطقة الإسرائيلية من البحر المتنازع على بعضها مع لبنان لا تقبل المباشرة قبل وجود حكومة لبنانية تفاوض لمعالجة هذه المسألة.
وكان رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب ترأس اجتماعا وزاريا حضره وزراء الدفاع والخارجية والأشغال العامة والنقل، وجرى البحث في تعديل المرسوم الصادر عام 2011 والخاص بالحدود المائية للبنان جنوبا، وقرر الوزراء الحاضرون التوقيع على التعديل المطروح بعد نقاش دام ساعة ونصف الساعة، حول من يوقع أولا، وبعد التفاهم على أولويات التوقيع، وبأن يكون وزير الأشغال والنقل ميشال نجار أول الموقعين على تعديل المرسوم المبني أساسا على اقتراح مديرية النقل البري والبحري في وزارته طلب تأجيل التوقيع بضعة أيام كي يتسنى مراجعة إدارة النقل البحري في وزارته.
وماذا لو لم تجري الأمور في الاتجاه المرسوم؟ قال المصدر المتابع: ستكون هناك عقوبات «زاجرة» على بعض المستشارين المحيطين بالرئيس عون، حتما، وردا على قول باسيل ان العقوبات الفرنسية تعني انتهاء المبادرة الفرنسية، أجاب المصدر: هذا كلام خائف!
والعقوبات المطروحة تتناول حظر سفر معرقلي تشكيل الحكومة إلى الاتحاد الأوروبي، وهناك ورقة خيارات سيدرسها وزراء خارجية الاتحاد في اجتماعهم يوم 19 الجاري.
أما عن التدقيق الجنائي، الذي طرحه الرئيس عون كأولوية الأوليات، فجاء بمنزلة «الطلقة الأخيرة» في بندقيته، على جبهة المواجهة الحكومية مع الرئيس المكلف سعد الحريري، والتي تنوعت فيها أسلحة العرقلة، وتبدلت، من حكومة 20 وزيرا بدلا من 18، إلى حكومة التكنو-سياسية، إلى حق رئيس الجمهورية بالثلث المعطل، إلى حق الرئيس بالمشاركة في تشكيلة الحكومة والمشاركة بتسمية الوزراء، وقد ساهم البطريرك الراعي والمبادرة الفرنسية المدعومة عربيا في تبديد كل هذه المعوقات، الواحدة تلو الأخرى، حتى كانت الكلمة الشعبوية للرئيس عون، والتي دعا فيها إلى الشروع بـ «التدقيق الجنائي»، مهددا باتخاذ إجراءات ضد حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة، اثر تأجيل جلسة النقاش بين وزارة المال و«المركزي» إلى اليوم الجمعة لتسليم شركة «الفاريز» المعلومات كافة حول المصارف المتورطة بتهريب الودائع والفساد.
يذكر أنه يستحيل على رئيس الجمهورية إقالة الحاكم المركزي، بغياب مجلس الوزراء، وهذا ما يفسر الضغوط التي مارسها حزب الله وحلفائه من أجل إعادة تفعيل حكومة حسان دياب.
ورد الرئيس المكلف سعد الحريري على كلمة الرئيس عون مستغربا تجاهله موضوع تشكيل الحكومة، مشيرا إلى أن التدقيق الجنائي أقره مجلس النواب، لكن تطبيقه يحتاج إلى حكومة، بدوره النائب علي بزي رد على عون بالقول: ما تريدونه من التدقيق الجنائي 5 سنتيمترات، يريده الرئيس بري شاملا كل الوزارات.