كتب عمر حبنجر في صحيفة “الأنباء الكويتية”: لا أحد يتوقع مفاجآت حاسمة من اللقاء المرتقب بين الرئيس ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري في بعبدا اليوم الاثنين، إنما كثر يجدون فيه فاتحة تسليم الأطراف المعنية، بأن الاسترسال في لعبة عض الأصابع لا ينتج غير الألم.
وثمة عامل إضافي يدخل في سياق المؤشرات المعززة للحد الأدنى من الآمال المعلقة على هذا اللقاء، يتمثل بالتسوية، التي جعلها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط عنوانا لمبادرته باتجاه بعبدا، مع انه لا يعتبرها مبادرة بالمعنى المتعارف عليه، إنما مجرد بصيص ضوء في مسار دامس الظلام.
ومن الملامح المشجعة هنا ان الزيارة المفاجئة من جنبلاط إلى بعبدا، والتي قوبلت بالاستهجان، حتى في خطه السياسي، إنما سبقتها دعوة رئاسية من بعبدا، نقلها إليه نائب الشوف فريد البستاني، عضو تكتل «لبنان القوي» مطلع الأسبوع الفائت، مع شيء من الإلحاح.
وثمة من رأى في خطوة جنبلاط باتجاه عون، الذي طالما دعا القيادات المسيحية إلى تبني مسيرة إخراجه من بعبدا، بمنزلة الجرعة الثانية من اللقاح ضد الجائحة الحكومية المستشرية، بعد الجرعة الأولى التي وفرها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في خطاب يوم الخميس الماضي، في حين ترى الأوساط القريبة من الحزب التقدمي الاشتراكي انه وافق على التحرك في هذا الاتجاه بعدما أدرك خطورة ما نحن مقبلون عليه، في ضوء التأكيد الروسي على ضرورة قيام حكومة قبل نهاية مارس، والتحذير الفرنسي من مخاطر فوضى أمنية مرتقبة، وقد اقتنع جنبلاط بضرورة «التسوية» التي مهد لها طوال الأسبوع الماضي، لأن التمترس خلف حدود المواقف نهايته وخيمة، خصوصا أن الفرنسيين لاحظوا صعوبة الموقف الذي وصل إليه رئيس الجمهورية، ومن هنا كان حديثهم عن دور جبران باسيل التعطيلي.
على أي حال، رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري تلقى سلسلة اتصالات توضيحية لما سيكون عليه موقف الرئيس عون في بعبدا، وفي معلومات لـ«الأنباء» ان من بين من التقاهم أمس وليد جنبلاط، وفي إطار هذه المعلومات يبدو ان «التسوية الجنبلاطية»، إذا صح التعبير، تبدأ بلقاء بين الحريري وباسيل، فدون ذلك لا يمكن حل عقد عدد الوزراء، 18 أو 20 أو 22 ولا مثلها عقدة الثلث المعطل، ويبدو ان مثل هذا اللقاء سيعقد في القصر الجمهوري، وليس شرطا تظهيره على الإعلام.
من جهته، قال النائب محمد الحجار لـ«الجديد»: النقاش بين الحريري وجنبلاط مفتوح ومستمر ويومي ويدخل في التفاصيل، والحريري يتفهم خلفيات موقف وهواجس جنبلاط وقلقه.
من جهته، أمل البطريرك بشارة الراعي خيرا بلقاء اليوم، وقال في عظة قداس أمس الأحد من بكركي: لو ينظر المسؤولون السياسيون عندنا، إلى أي حال من البؤس أوصلوا شعبنا بفسادهم ومصالحهم الشخصية وتقاسمهم المال العام، وارتباطاتهم الخارجية، وتابع «حرصا منا على ولوج الحل الحقيقي، نشجع جميع المبادرات والمساعي الجارية على خط تأليف الحكومة، ونأمل أن يسفر اللقاء بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف عن نتيجة إيجابية، فيؤلفان حكومة إنقاذ تضم اختصاصيين مستقلين ووطنيين، حكومة مواجهة الوضع المالي والنقدي والمعيشي، إننا ننتظرها حكومة مبادئ وطنية لا مساومات سياسية وترضيات».
بدوره، قال المفتي الجعفري الممتاز أحمد قبلان في تصريح له أمس: إن سفينة البلد تغرق والاثنين الحاسم بين تسوية أو حرق المراكب، والمطلوب تسوية وطنية تراعي التوازن واللهيب الداخلي بشدة دون غموض.