تنشغل الساحة السياسية بحركة واسعة النطاق، من لقاءات وتسريبات حول احتمال تشكيل الحكومة. توجهت الأنظار منذ أيام نحو حركة يقوم بها وليد جنبلاط. فطرحت أسئلة كثيرة عما إذا كان هناك خطوات قد تؤدي إلى إنجاز التشكيلة الحكومية. افتتح هذه الأسئلة موقف أطلقه جنبلاط قال فيه: “ليس الهم شكل الحكومة، البلد ينهار، وليتفقوا على حكومة من 18 أو عشرين أو أي حكومة. المهم الخروج من الانهيار”. موقف دفع الكثير إلى اعتبار أن جنبلاط أخذ خطوة تراجعية بعدم التمسك بحكومة 18. وما دفع إلى توسيع مروحة الكلام أكثر، هو اللقاء الذي جمع جنبلاط وطلال إرسلان قبل أيام.
يقول وليد جنبلاط لـ”المدن”: “الطرح الوحيد الموجود حالياً هو طرح الرئيس سعد الحريري. وهو لا يزال متمسكاً بحكومة من 18 وزير، ولا يمكن الحديث عن صيغة أخرى. جميعنا متفقون على هذا المبدأ. ولذلك لا يمكن الحديث عن توسيع حجم الحكومة”. ويؤكد جنبلاط أن الهم الأساسي لدى كل القوى السياسية هو عدم حصول أي طرف على الثلث المعطل. وهو الذي لا يزال يعرقل التشكيلة الحكومية. ويؤكد جنبلاط، أن موقفه ثابت، كما موقف الحريري والرئيس نبيه برّي، وأيضاً موقف أمين عام حزب الله، السيد حسن نصر الله، الذي قال سابقاً إن لا حاجة إلى الثلث المعطل، وبحال كان هناك حاجة كبرى له فإن حزب الله يضمنه.
لا يرى جنبلاط وجود أي بوادر للتقدم، بما أن الشروط لا تزال على حالها. ويشير إلى أن لقاءه بالرئيس سعد الحريري كان للتفاهم على جملة أمور، واستمرار التنسيق، والاطمئنان على استمرار التواصل والعلاقة الجيدة بين الحريري والرئيس نبيه برّي. ويشير جنبلاط إلى استمرار التواصل بين الحريري وبرّي في المرحلة المقبلة. ويضيف جنبلاط: “من خلال هذه المشاورات، نحاول الوصول إلى صيغة ترضي جميع القوى، من دون الشروط التعجيزية التي تصدر فترة بعد أخرى. ونحن نسمع مجدداً بالثلث المعطل، علماً أن أحداً لا يوافق على هذا الثلث.
الأمن الاجتماعي و”الدعم”
أما اللقاء مع إرسلان فقد كان تنسيقياً لكل ما جرى الاتفاق عليه سابقاً، حول حادثة الشويفات وحادثة البساتين، والاستمرار في معالجة الأمر. ويؤكد جنبلاط أنه لم يتم الحديث في الموضوع الحكومي.
ويبدي جنبلاط تخوفه على الواقع اللبناني برمّته، وخصوصاً الخوف على الأمن الاجتماعي. ويؤكد أن المخاطر الأساسية ناجمة عن عدم وجود سياسة اقتصادية ومالية واضحة. مشدداً على ضرورة البحث في ترشيد الدعم ووقف بعض أنواع الدعم، لأن لبنان يستنزف مالياً بشكل كبير من خلال عمليات تهريب الأدوية وبيعها في العراق، وتهريب المحروقات إلى سوريا، وبعض المأكولات المدعومة يتم تهريبها إلى أفريقيا.
يشدد جنبلاط على ضرورة وقوف الجميع وقفة واحدة لترشيد الدعم، ومنع استمرار هذا الاستنزاف الذي سيهدد الأمن الاجتماعي: “ولا بأس من العمل على إصدار بطاقات تموينية، كما هو الحال بالنسبة إلى الأمم المتحدة مع اللاجئين السوريين والفلسطينيين. فليتم إصدار بطاقات تموين للعائلات اللبنانية الأكثر فقراً، للاستفادة من الدعم، وليس على قاعدة احتساب سعر الدولار 6 آلاف ليرة، بل وفق سعر الصرف في السوق”. مستغرباً إصرار المصرف المركزي على دفع أموال البنك الدولي بالليرة اللبنانية ومطالباً بدفعها بالدولار. ويؤكد جنبلاط أن رؤيته تلتقي مع رؤية المجلس الاقتصادي والاجتماعي.
تجميد الانهيار
يؤكد جنبلاط أن الهم الأساسي يجب أن يتركز على الداخل، وتجميد الانهيار، معلناً أنه لم يسمع بأي مساعدات أو دعم دولي أو مبادرات سياسية جديدة. ولدى سؤاله عن احتمال حصول مشاهد لبنانية مشابهة لمشاهد الشعب السوري الذي يقف بالطوابير على محطات المحروقات والأفران، يؤكد جنبلاط أن النظام دمر سوريا وأوصلها إلى هذا المكان، أما في لبنان فلا يزال لدينا فرصة لإنقاذ البلاد من هذا الانهيار بحدّ أدنى من العقلانية.