كتبت صحيفة “نداء الوطن” تقول: الناس باتت تتناتش “كيس الحليب” في السوبرماركت وأهل السلطة لا يزالون يتناتشون الحصص والحقائب… هذا باختصار ما بدا عليه المشهد جلياً أمس ليعكس بالملموس الوجه “الجهنمي” للطبقة الحاكمة في مرآة مآسي اللبنانيين. وإذا كان استئناف التساجل الحكومي لم يخرج بالأمس عن سياقه “العبثي” نفسه، شكلاً ومضموناً، غير أنّ العنصر المستجد على هذا السياق تمثل بدخول “حزب الله” إلى الحلبة الحكومية متصدراً واجهة الأحداث تعطيلاً وتشكيلاً، ولم يكن رد رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل على بيان الرئيس المكلف سعد الحريري ليضيف بالأمس سوى مزيد من “الأكسسوار” على جوهر مسرحية التعطيل، حيث تتزايد المؤشرات إلى كون “الأصيل” قرر استلام زمام المبادرة بعدما استنزف “الوكيل” دوره على خشبة التأليف.
فمن طرح الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله معادلة “لا 18 ولا ثلث معطل”، مروراً بإعادة تأكيد نائبه الشيخ نعيم قاسم أمس الأول عن كون هذه المعادلة هي “المخرج الوحيد” لولادة الحكومة، وصولاً إلى تظهير الحريري أمس بشكل مباشر دور “حزب الله” المعرقل لولادة الحكومة وضلوعه في عملية “رمي كرة المسؤولية” على الرئيس المكلف، بينما “الحزب يناور لإطالة مدة الفراغ الحكومي بانتظار أن تبدأ ايران تفاوضها مع الادارة الاميركية الجديدة”… كلها مؤشرات تدل على أنّ “الرايات الصفر” بدأت ترتفع على أرض المعركة الحكومية، واضعةً الرئيس المكلف “تحت وطأة ضغط متزايد” لدفعه إلى مغادرة مربع المعايير التي وضعها في تشكيلته الوزارية.
وترى أوساط مواكبة للملف الحكومي، أنّ “حزب الله”، بعدما نجح في قضم جهود التأليف وإفراغ حكومة المهمّة من جوهرها التخصّصي، من “تهشيل” الرئيس المكلف الأسبق مصطفى أديب، إلى فرط عقد “المداورة الشاملة” وتكريس “التوقيع الثالث” للثنائي الشيعي، أخذ اليوم على عاتقه الضغط باتجاه “تطيير” صيغة الحكومة المصغّرة لصالح تشكيل حكومة موسّعة تكنوسياسية تتمثل فيها كل مكونات الأكثرية الحاكمة، مقابل إعادة تحجيم دور باسيل وتجريده من القدرة التعطيلية لوحده في مجلس الوزراء ما لم يكن ذلك تحت عباءة تحالف 8 آذار الوزاري. وعليه، فإنّ الأوساط تعتبر أنّ الفترة المقبلة ستشهد مزيداً من الضغوط على الحريري سواء “في الشارع أو في السياسة”، للوصول إلى صيغة تسووية قابلة للحياة وقادرة على “تنفيس الاحتقان” المتزايد في البلد ضد سلاح “حزب الله”، وعلى تحييد العناوين السيادية التي بدأت تشق طريقها نحو الأمم المتحدة وأروقة المجتمع الدولي لتكريس حياد لبنان عن الصراعات الإقليمية.
وخلصت الأوساط إلى الإعراب عن قناعتها بأنّ موقف رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط الداعي إلى إبرام “تسوية” داخلية، تتيح توسيع الحكومة كما طالب “حزب الله” لتمثيل النائب طلال أرسلان فيها، من شأنه كذلك أن يزيد الضغط على الحريري بعد أن سحب الموقف الجنبلاطي المستجد من يده إحدى “أوراق القوة” التفاوضية مع فريق الأكثرية، باعتبار “العقدة الدرزية” حُلّت و”صيغة الـ18 أضحت من الماضي”.
في الغضون، فجّرت وكالة “بلومبرغ” أمس قنبلة من العيار الثقيل على الساحة الداخلية مع ما كشفته عن تنسيق أميركي – أوروبي حيال مسألة فرض عقوبات مشتركة على حاكم المصرف المركزي رياض سلامة. ونقلت في هذا الإطار معلومات تفيد بأنّ مسؤولين في إدارة الرئيس جو بايدن ناقشوا إمكانية اتخاذ إجراءات منسقة مع نظرائهم الأوروبيين، تستهدف سلامة على خلفية قضية التحقيق الجارية في “اختلاسه مالاً عاماً”، مع التركيز في هذا المجال على إمكانية تجميد أصوله في الخارج وسنّ إجراءات تنفيذية تحدّ من قدرته على ممارسة الأعمال التجارية.
وتعليقاً على احتمال فرض عقوبات على حاكم مصرف لبنان، إكتفت الخارجية الأميركية بالتأكيد على أن “الولايات المتحدة ملتزمة مكافحة الفساد”، وأضاف المتحدث باسمها قائلاً: “نراقب الوضع في لبنان ولن نتطرق الى أي اجراءات مستقبلية” من دون تقديم أي نفي صريح لما أوردته “بلومبرغ”.