كتبت صحيفة النهار تقول: إذا كانت قضية كف يد المحقق العدلي السابق في قضية انفجار مرفأ بيروت القاضي فادي صوان وتعيين محقق عدلي جديد مكانه هو القاضي طارق بيطار شغلت بدلالاتها وظروفها وملابساتها المشهد الداخلي في الأيام الثلاثة الأخيرة، فإن ترقب انطلاقة مهمة البيطار لن يحجب عودة الملف الحكومي إلى الواجهة في الساعات المقبلة. ذلك أن تراكمات الانسداد السياسي بل الاحتقان السياسي بالأصح لن تلبث أن تعود في ظل ما برز من وعيد وتهديد على السنة نواب وناشطين في “التيار الوطني الحر” حيال الكلمة أو الخطاب الذي أعدّه رئيس التيار النائب جبران باسيل لإلقائه ظهر اليوم متضمناً رداً مفصلاً على خطاب رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري الأحد الماضي في الذكرى الـ16 لاغتيال الرئيس رفيق الحريري.
وإذا صحت التوقعات التي أشاعها العونيون استباقاً لكلمة باسيل اليوم فانها ستتضمن ردوداً حادة تفصيلية على موقف الحريري بما يعني ضمناً أن باسيل سيتولى الرد بالأصالة عن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وعن التيّار في آن واحد بلا أي لبس.
وفي اعتقاد الكثير من الأوساط المعنية فهو أمر سيؤكد المؤكد لجهة أن باسيل يتولى إدارة معركة تعطيل تشكيل الحكومة الجديدة بما سيضعف أكثر فاكثر كل كلام يصدر عن بعبدا بنفي تورط أو انخراط باسيل في هذه المواجهة السياسية المفتوحة. وتعتقد هذه الأوساط أن الجولة الأخيرة للرئيس الحريري على قطر وأبوظبي بعد زيارتيه لمصر وفرنسا تساهم في رفع وتيرة التصعيد من جانب الفريق العوني سواء الرسمي المباشر في بعبدا أو الحزبي في ميرنا شالوحي خصوصاً بعد المواقف الداعمة بوضوح لمهمة الحريري التي لم تخرج عنها أي عاصمة زارها.
كما أن الدعم الروسي القوي للحريري الذي جرى التعبير عنه بكل وضوح قبل أيام شكل بدوره عاملاً ضاغطاً بارزاً ورسالة ذات دلالات مهمة يفترض أن يكون الفريق العوني قد التقطها بدقة. ولكن الأوساط نفسها تعتقد أن الفريق الرئاسي -العوني بشقيه الرسمي والحزبي لن يظهر الآن إلا مزيداً من التعنت والمعاندة ولن يتخذ أي موقفاً مرناً لأن من شأن ظهوره متراجعاً عن تصلبه أن يكلفه ما لم يعد يحتمله من خسائر وتراجعات سياسية ومعنوية. ولذا ترى الأوساط المعنية نفسها أن أوان حلحلة المسار الحكومي لم يحن بعد وان الواقع السياسي بين بعبدا وبيت الوسط لا يزال مشدوداً إلى مناخات تصعيدية وسط تزايد الخشية من ربط الاستحقاق الحكومي بالمجريات الإقليمية المتعلقة تحديداً بمعالم تحريك المفاوضات الأميركية الإيرانية ولو انبرى “حزب الله” كل يوم إلى نفي هذا الربط.
في غضون ذلك سيكتسب الأسبوع الطالع طابعاً لافتاً لجهة تنامي الاستعدادات لإعلان سلسلة مواقف واتخاذ خطوات تظهر الدعم القوي للبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في المواقف والاتجاهات الوطنية البارزة التي يعلنها تباعاً والتي كان آخرها دعواته المتواصلة إلى عقد مؤتمر دولي من أجل لبنان. وإذ تجري استعدادات لعقد مؤتمر سياسي موسع ينظمه لقاء سيدة الجبل ويخصص لإصدار بيان بدعم توجهات وموقف البطريرك من المؤتمر الدولي وحياد لبنان فان تحركات أخرى بارزة يجري التحضير لها منها زيارة وفد كبير من كتلة الجمهورية القوية والقوات اللبنانية لبكركي منتصف الأسبوع لإعلان الدعم المطلق لبكركي وموقف البطريرك كما ترددت معلومات عن استعدادات لتنظيم مسيرة شعبية إلى بكركي دعماً لمواقف البطريرك.
أما في ما يتصل بملف التحقيق في انفجار مرفأ بيروت وفيما بدأ المحقق العدلي الجديد بيطار أمس الإعداد لانطلاق مهمته بدا المشهد غداة إقصاء محقق وتعيين بديل منه على كثير من الغموض والشك خصوصاً أن بيطار سبق له ان تحفظ عن هذه المهمة حين استمزج لتعيينه قبل تعيين صوان وعاد الآن ليقبل بها بما آثار تساؤلات عما إذا كان بيطار سيقوم بما لم يقم به سلفه لجهة مطاردة المسؤولين السياسيين المعنيين بكارثة تفجير المرفأ وعدم الاكتفاء بالمسؤوليات الإدارية والأمنية في معزل عن المسؤوليات الأمنية. ولذا بدا مستبعداً ان يحجب تعيين البيطار الدعوات أو المواقف والمبادرات المتصلة بطلب تحقيق دولي أو الاستعانة بخبرات دولية مجدداً للتحقيق في انفجار المرفأ التي لن تتراجع.
وفي هذا السياق، أكدت وزيرة العدل في حكومة تصريف الأعمال ماري كلود نجم في حديث تلفزيوني أن على القاضي أن يدرك أنه سيتعرض للضغوط وملف انفجار المرفأ شائك والقاضي طارق بيطار على قدر من المسؤولية وعلينا أن نحضّر له الجو الملائم وهو أكد أنه سيذهب حتى النهاية في هذا الملف”.
وطلبت نجم من بيطار “أن يكشف عن أي ضغط قد يتعرض له وأنا أفتخر لأنه قبل هذا التحدي”.
وكشفت نجم أن “هناك شق في التحقيق يحتاج الى التعاون مع الخارج وهناك تقارير منتظرة ودور المحقق العدلي أن يطبّق القانون ويوصلنا إلى الحقيقة”.