كتبت “نداء الوطن” تقول: تخطى الفريق الحاكم عقدة نقصه وتصالح مع صورة “العاجز” عن إنقاذ اللبنانيين، ولم يعد يجد حرجاً في القتال بلحمهم الحي على أرض معاركه الداخلية والخارجية، ناسفاً كل مبادرة إنقاذية تلوح في الأفق لا تراعي شروطه السلطوية ومعاييره التحاصصية، حتى باتت كل دروب البلد تقود إلى “جهنم”، لا سيما بعد أن احترقت “حكومة المهمة” بنارها أمس، في ضوء إجهاض لقاء بعبدا مفاعيل لقاء الإليزيه.
وفي ظل ما بدا واضحاً من أنّ رئيس الجمهورية ميشال عون لن يفرج عن مراسيم ولادة أي تشكيلة اختصاصية مستقلة قادرة على الإصلاح والتقاط “الفرصة الذهبية” بفتح باب المساعدات الدولية أمام لبنان، وبما أنه حسم قراره بعدم التوقيع على مراسيم تأليف حكومة لا يكون له ولتياره فيها حصة “الثلث المعطل” بمعزل عن كل مسرحيات الشراكة ولعب دور البطولة على خشبة الصلاحيات الدستورية، بات ملحاً الخروج من نظرية ان تأليف الحكومة يمكن ان يشكل مدخلاً الى الانقاذ ويتوجب على كل الفريق الحاكم عدم اطالة عذابات اللبنانيين فيبادر الرئيس المكلف الى الاعتذار، ويستخلص رئيس الجمهورية ان عهده انتهى الى خراب وآن أوان الرحيل، ويدرك كل أركان المنظومة ان الخدمة الحقيقية التي يقدمونها الى اللبنانيين هي الاستقالة وفتح الباب أمام التغيير.
يبقى السؤال: هل سيبقى رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري على رهانه بأن ثمة فرصة للإنقاذ مع هذا العهد؟ أما أنه سينأى بنفسه عن المصير الجهنمي المحتوم الذي ينتظر اللبنانيين تحت إدارة الفريق الحاكم، فيستعيد مقولة الرئيس الشهيد رفيق الحريري بأن “يستودع الله هذا البلد الحبيب” ويحدث “الصدمة” المطلوبة في 14 شباط بإعلان اعتذاره وترك هذا الفريق يتخبط في دوامة الفشل والتعطيل؟
حتى الساعة لا تزال المؤشرات تشي بأنّ الحريري ليس في وارد التراجع عن مهمة التكليف والتأليف، وزيارته قصر بعبدا أمس أتت في إطار ترسيم حدود المعركة الحكومية تحت شعار “فليتحمّل كل طرف مسؤوليته” أمام البلد والناس. فبعد لقاء دام لنحو عشرين دقيقة، ظهَّر الرئيس المكلف مكمن العطل في ولادة حكومة المهمة، مع التأكيد في المقابل على ثبات موقفه لناحية عدم التراجع عن تشكيل حكومة من 18 وزيراً اختصاصياً ليس فيها تمثيل حزبي ولا ثلث معطل. وكشفت مصادر رفيعة مقربة من رئيس الجمهورية لـ”نداء الوطن” أنّ الحريري عاد وقدّم لعون أمس “الطرح السابق نفسه” فألقى الأخير “نظرة سريعة” عليه ثم أعاده إليه قائلاً: “هيك ما بيمشي الحال”.
وإذ رأت أنّ “الحريري لا يريد حكومة وكل ما في الأمر أنه يعد خطاباً نارياً ليوم الأحد وبالتالي يريد رمي تهمة التعطيل على رئيس الجمهورية”، شددت المصادر على أنّ موافقة عون السابقة على تشكيلة الـ 18 لم تعد سارية بعد اليوم و”رئيس الجمهورية بات يريدها من 20 وزيراً على الأقل”، هذا عدا عن أنّه “ما زال يطالب لغاية الساعة باعتماد المداورة الشاملة في كل الحقائب بما فيها المالية”.
وأمام هذا الموقف العوني المتصلب، ترى مصادر سياسية أنه بات من الأجدى بالرئيس المكلف “أن يكون على ثقة تامة بأنه لن ينجح في تغيير ذهنية التعطيل المستحكمة بأداء العهد ومن يقف خلفه، وعليه أن يدرك يقيناً أنّ من أسقط المبادرة الفرنسية بحلتها الأولى سيسقط كل مبادرة لا تتناسب مع دوره ونفوذه ومصالحه”، معربةً عن قناعتها بأنّ “الزيارات الخارجية لن تجعله في موقع قوة مع فريق يتكئ على قوة الأمر الواقع”.
ومن هذا المنطلق، لفتت المصادر إلى أنّ الأزمة الحكومية لن تنتهي خارج إطار معادلة “6 و6 مكرر” بالنسبة للفريق الحاكم، بينما الأزمة المعيشية والمالية والاقتصادية والاجتماعية ستنتهي إلى انفجار حتمي من مصلحة الحريري ألا يكون شريكاً فيه وأن يسارع إلى القفز من مركب المسؤولية عما ستؤول إليه الأمور، ليتحمّل بالتالي العهد العوني وحليفه “حزب الله” مسؤولية الفراغ وتجويع اللبنانيين وحدهما، فتتم تعريتهما أمام الداخل والخارج من دون أن يكون لهما أي ستار يتلطيان خلفه تهرباً من هذه المسؤولية ومن مواجهة حقيقة أنّ سياساتهما هي التي أوصلت لبنان إلى درك الانهيار الشامل.