كتبت “الأنباء” تقول:مع الوقع الدموي الثقيل الذي رسمه اغتيال لقمان سليم بما يؤشر إليه من خطورة بالغة ليس فقط على المستويات السياسية والاقتصادية والمالية والصحية، بل والأمنية أيضاً، فإن المعبر الأساس للخروج من هذا الواقع الكارثي لن يرتسم قبل حصول تحول جذري في المشهد المحلي العالق في دوامة صراعات الداخل المشفوعة بتوجهات خارجية تبقي لبنان ساحة مفتوحة على كل الاحتمالات، ويدفع ثمنها اللبنانيون في كل لحظة.
وفي هذا الخضم المُخيف الذي تُبدع فيه السلطة بالفشل المتتالي، راكمت مُجدداً فشلاً في إتخاذ القرار السليم بخصوص الواقع الصحي. إذ رغم المؤشرات المقلقة التي تحدث عنها وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن بعد اجتماع لجنة كورونا الوزارية، وبلوغ عدد الوفيات بكورونا عتبة المئة، فإن التوجه إلى الفتح التدريجي على 4 مراحل، سيعود ليضع البلد من جديد أمام خطر انتشار فيروس كورونا، خاصة وأن اللقاح لم يصل بعد وعملية التلقيح لن تبدأ قبل نهاية شباط الجاري.
الا ان مصادر حكومية اعتبرت لجريدة “الانباء” الالكترونية ان ما توصلت إليه خلية الأزمة الحكومية “هو أفضل الممكن إذ لا يعقل الاستمرار بالاقفال أسبوعاً آخر، كما لا يجوز فتح البلد وعودة الفوضى، لذلك جاء القرار منصفًا للجميع شرط الالتزام التام بشروط الوقاية وهي معروفة ولا مجال للفوضى بعد اليوم”.
طبيب الامراض الجرثومية في مستشفى رفيق الحريري الجامعي البروفسور بيار ابي حنا رأى في اتصال مع جريدة “الانباء” الالكترونية ربط بين ضرورة تطبيق كل التدابير بشكل صارم وبين قرار الفتح التدريجي، فبذلك فقط يكون القرار “خطوة جيدة اذا كانت بشكل مدروس خاصة لجهة فتح المصارف والسوبر ماركت بما يريح الوضع الاقتصادي”.
في السياق عينه، أكدت مصادر أمنية لجريدة “الأنباء” الإلكترونية “استمرار تطبيق إجراءات خطة الطوارئ كما كانت في وقت الإقفال العام، باستثناء المؤسسات التي شملها قرار الفتح المتمثلة بالمصارف والسوبرماركت وسائر المؤسسات التي قد تلحق بها، وما عداها فالتدابير الأمنية مستمرة عليها كما كانت، وسوف تطبق على جميع اللبنانيين دون استثناء”.
وفي قضية اغتيال الناشط السياسي لقمان سليم، أشار النائب السابق فارس سعيد في حديث الى جريدة “الانباء” الالكترونية الى ان الاغتيال “حمل رسائل متعددة ومتشعبة’ لكن اللافت تنفيذ الجريمة جنوب الليطاني في منطقة عمليات الـ1701، فلا يمكن وضعها إلا كرسالة موجّهة لجهات دولية لها وظيفة داخلية، في مسار طويل بدأ مع انفجار المرفأ ثم كان اغتيال العقيد ابو رجيلي والمصور ايلي بجاني ولقمان سليم”، مشير الى انه “بعد الانهيار الاقتصادي والمالي والمعيشي والصحي، بدأ لبنان يشهد انهياراً امنياً ينذر بأن البلد ذاهب باتجاه نسف القائم والبناء على نظام جديد قد يتناسب مع قسم من اللبنانيين”.
وعن رأيه برفض عائلة سليم تحقيق القضاء اللبناني بالجريمة، رأى سعيد أن القضاء الدولي يحفظ حقهم حتى ولو طال التحقيق. وقال: “رأينا بعد حادثة المرفأ كيف ان الثقة مفقودة في القضاء”، مضيفا “بالامس حاول القاضي العدلي فادي صوان ان يستمع الى افادة رئيس الحكومة فقامت القيامة، ولهذا السبب اختارت عائلة سليم التوجه للقضاء الدولي، حتى أنها رفضت افادة الطبيب الشرعي واستدعت طبيباً آخر لتحديد ملابسات الجريمة”.
وفي هذا الشق القانوني ومطالبة العائلة بتحقيق دولي، رأى رئيس مؤسسة “جوستيسيا” الخبير القانوني المحامي بول مرقص أن “من حق عائلة المجني عليه المناشدة والتمني لإجراء تحقيق دول، لكن لا يمكن لها ان تفرض التحقيق الدولي لأنه يجب ان يرد الى الأمم المتحدة طلبًا من الدولة أو أن يفرض مجلس الأمن الدولي تحقيقًا دوليًا تحت الفصل السابع إذا اعتبر أن جرائم الاغتيالات في لبنان تمسّ الأمن والسلم العالميين وفق المادة 39 من ميثاق الأمم المتحدة لعام 1945، وذلك أمر صعب سواء في السياسة أم في الواقع، لأنه يتطلب أكثرية 9 أعضاء من أصل 15 يؤلفون مجلس الأمن وضمان عدم استعمال أي من الدول الخمس دائمة العضوية حق النقض الفيتو”.
وقال مرقص: “الى هذا الحين لا يمكن منع السلطات اللبنانية من إجراء موجب التحقيق الداخلي وهذا يرتبط بالحق العام، بصرف النظر ما إذا كانت التحقيقات الداخلية في جرائم من هذا الطابع تسفر ام لا عن نتائج، لكن ثمة موجب قانوني على السلطات اللبنانية بأن تكون باشرت بالتحقيق”.