أشار المكتب التربوي المركزي لحركة “أمل” في بيان، الى أنه “رغم المعاناة المعيشية الصعبة التي يعانيها المواطن اللبناني بجميع شرائحه، وتدني القدرة الشرائية مع تراجع قيمة العملة الوطنية أضعافا مضاعفة، جاء مشروع موازنة 2021 كالصاعقة على القطاع العام بما يضم من عمال وموظفون وأجراء. حيث أن المواطن بشكل عام والموظف في القطاع العام بشكل خاص أصبح يفتقد إلى أدنى مقومات الصمود الإقتصادي والإجتماعي، وفي ظل وضع صحي كارثي مع التفشي الواسع لفيروس كورونا”.
ولفت الى أن “الأمل كان معقودا على أن تنظر الدولة بعين الرأفة الى المواطن العامل وأن تبادر فورا إلى تصحيح أجوره حتى يستعيد أمنه الاجتماعي. ولكن للأسف، وبدلا من السعي الإيجابي تجاه القطاع العام، أتى مشروع الموازنة وكأنه عقاب إضافي للقطاع العام الذي يعمل موظفوه في أحلك الظروف عن طريق السعي لتجريده من حقوقه الوظيفية التي ناضل لأجلها طيلة عقود من الزمن لتوفير سبل العيش الكريم له ولأفراد أسرته”.
ورأى أن “الدولة بمشروع الموازنة الراهن أثبتت أنها تفتقد إلى حسن القيادة الحكيمة حيث من المفترض بها أن تضع خطة متكاملة إجتماعية اقتصادية مالية نقدية لحماية المواطن ورعاية مصالحه وتحقيق تطلعاته المستقبلية. والحقيقة أن الدولة اللبنانية تتجاهل هذه الحقائق لتضع خطة تكرس مفهوم الدولة التاجر غير القادر على تأمين موارده إلا على حساب الفقراء وذوي الدخل المحدود وموظفي القطاع العام الذين قضوا سنوات عمرهم في خدمة الصالح العام وتسيير شؤون الحياة العامة. لقد قال سماحة الإمام المغيب الإمام موسى الصدر “لا حياة بلا كرامة ولا كرامة إلا بالتضحية”.
ووعد المكتب التربوي “في مواجهة مشروع موازنة عام 2021 الراهن، أنه لن يستكين ولن يمل من المطالبة بالحقوق المكتسبة للقطاع العام وبشكل أخص القطاع التربوي العام وبشتى الوسائل”، معتبرا أن “الدولة طرحت ضمن مشروع موازنتها لعام 2021 مواد “قاتلة” للوظيفة العامة بشكل يتناغم مع الوصفات المميتة لصندوق النقد الدولي”.
وعرض “بعض المواد المقترحة في موازنة العام 2021، والتي تطال حقوق ورواتب وأجور والتقديمات الإجتماعية للموظفين العموميين بكافة مسمياتهم وأساتذة الجامعة اللبنانية على الشكل التالي:
المادة 93: التي تضع سقفا لمنح التعليم وفقا للسقوف المحددة من قبل تعاونية موظفي الدولة.
هذه المادة تطال المنح التعليمية التي يتقاضاها أساتذة الجامعة اللبنانية وستؤدي الى تخفيض قيمتها بما يوازي السقوف المحددة في تعاونية موظفي الدولة. لذا، فالدولة أخلت بوعودها السابقة بعدم المس بحقوق الأستاذ الجامعي الإجتماعية كمنح التعليم وعدم المس بوجود بصندوق التعاضد الخاص بهم. مع الذكر أن هناك الكثير من الحقوق المكتسبة للاساتذة سبق للدولة أن نسفتها.
المادة 99: المتعلقة بإلغاء المادة 78 من القانون رقم 144 تاريخ 31/7/2019 والتي تنص على تجميد الإحالة الى التقاعد لمدة ثلاث سنوات.
هذه المادة تجمد طلب الاحالة على التقاعد للموظفين والأساتذة منهم إلا لبلوغهم السن القانونية أو بسبب الوضع الصحي المتصل بالمادة 39 من قانون الموظفين وذلك لمدة ثلاث سنوات. والمقصود من ذلك تجميد طلب الاحالة على التقاعد ثلاث سنوات اضافية عن الثلاث سنوات المحددة سابقا في قانون موازنة 2019.
المادة 100: اعطاء مهلة ثلاثة اشهر لوزارة التربية والتعليم العالي لاجراء مسح شامل لكافة المؤسسات التعليمية الرسمية (مدارس – ثانويات – معاهد). تتضمن هذه المادة اعادة هيكلة المؤسسات التعليمية وتنظيمها بحيث تطال كل مكونات هذه المؤسسات من تلاميذ واساتذة، ومن المحتمل ان يؤدي هذا الاجراء الى دمج البعض منها او اقفالها وبالتالي التخلي عن عقود الكثير من المعلمين والاساتذة.
المادة 102: مهلة سنة لوضع آلية لتوحيد العطاءات.
لم توضح هذه المادة كيفية توحيد العطاءات لكن الواضح أن الغاية منها تقليص هذه العطاءات الى السقوف الدنيا بما ينسف مستقبلا وجود صندوق التعاضد الخاص بأساتذة الجامعة اللبنانية.
المادة 105: حول استفادة اساتذة التعليم الثانوي وموظفي الفئة الثالثة من الاستشفاء على أساس الدرجة الثانية.
هذه المادة ستؤدي الى تخفيض التصنيف الصحي للأساتذة الثانويين من الدرجة الاولى الى الدرجة الثانية، وهو ما يؤدي -وبعد أن قضمت سلسلة الرتب والرواتب ال 60% من حقوقهم لقاء زيادة ساعات العمل- الى تراجع تصنيفهم الوظيفي ومعاملتهم كموظفي فئة رابعة. وبذلك فإن هذه المادة تقضي تماما على ما تبقى من موقع وظيفي لأساتذة التعليم الثانوي.
المادة 106: المتعلقة بحصر استفادة الموظفين الذين يباشرون عملهم بعد نفاذ قانون موازنة عام 2021 -عند إنهاء خدماتهم- بتعويضات الصرف من الخدمة.
تعني هذه المادة حرمان الموظفين الذين يعينون لاحقا بعد اقرار مشروع الموازنة عام 2021 من المعاشات التقاعدية. بحيث تصبح الوظيفة العامة مجرد علاقة تعاقدية على غرار مهن القطاع الخاص، ويصبح بإمكان الدولة صرف الموظف متى تشاء لقاء تعويضات صرف. تؤسس هذه المادة فعلا الى تشريع التعاقد الوظيفي، فيتحول الموظف إلى أجير او عامل لمدة محددة ويصرف من عمله عند إنهاء خدماته. وهكذا تكون الدولة قد ألغت نظام الوظيفة العامة واستبدلته بعقود عمل جماعية بشكل مشابه لعقود العمل التي يجريها أصحاب المصالح الخاصة مع مستخدميهم.
المادة 107: والتي أضافت المادة 26 مكرر الى المرسوم الاشتراعي رقم 47 تاريخ 29/6/1983 (نظام التقاعد والصرف من الخدمة).
أبقت هذه المادة على الاستفادة من كامل المعاش التقاعدي وفقا للشروط المحددة بهذا القانون وبالمرسوم الاشتراعي رقم 47 بالنسبة للزوج أو الزوجة وكذلك الأولاد الذكور الذين لم يتموا الثامنة عشرة أو الذين يتابعون دراستهم ولم يتموا الخامسة والعشرين وكذلك البنات العازبات اللواتي لم يتجاوزن سن الخامسة والعشرين والاب والام. أما بالنسبة للبنات العازبات اللواتي تجاوزن سن الخامسة والعشرين والمطلقات والأرامل، فيستفدن من 40% من المعاش التقاعدي على أن لا يقل عن الحد الادنى للاجور”.
ورأى المكتب التربوي أن “المواد جميعا أعلاه تشكل أخطر ما يمكن ان تتعرض له الوظيفة العامة والموظفون والأساتذة وأساتذة الجامعة اللبنانية عبر سلب حقوقهم وانتزاع مكتسباتهم التي حصلوا عليها بعد نضال طويل، أدى خاصة إلى اقرار نظام التقاعد الوظيفي الذي يؤمن استقرارا مريحا لهم كحق أصيل يستحقونه بعد سنوات من المواظبة على تأدية عملهم في سبيل خدمة المجتمع والوطن وتأمين استدامة المصلحة العامة”، مشددا على أن “مبادىء العدالة الإجتماعية في كافة القوانين توجب تعزيز المكتسبات الإجتماعية وليس تقليصها أو نسفها لأنها من مستلزمات حماية الموظفين والأساتذة الجامعيين وأسرهم من العوز والحرمان من خلال نظام دائم مدى الحياة، يحقق لهم الأمان الإجتماعي ويعينهم وأسرهم على توفير مستلزمات الحياة الكريمة”.
واعتبر أن “المواد أعلاه تأتي لتشكل أرضية قانونية للتعاقد الوظيفي على ما تنطوي عليه من أسس جديدة ستؤسس للصرف التعسفي، ولانعدام الترقية والتدرج وغيرها، وبالتالي حرمان شرائح اجتماعية واسعة من أصحاب الكفاءات من أن ينعموا بنظام من الاستقرار والاطمئنان الوظيفي الذي يشكل ركيزة في الحفاظ على السياسة الإجتماعية في الدولة”.
وأكد وقوفه “الدائم إلى جانب الشرائح الإجتماعية كافة، وإلى جانب الأساتذة والموظفين بكافة مسمياتهم، وإلى جانب كافة أساتذة الجامعة اللبنانية حفاظا على حقوقهم بوجه تأخر السلطة وترددها وعجزها وتعسفها ونسفها لوعودها، ولن نتأخر في الوقوف إلى جانب هؤلاء في مواجهة مشروع موازنة عام 2021 وأي مشروع آخر نرى فيه ظلما للقطاع العام في لبنان”.