كتبت صحيفة “الأنباء” الالكترونية تقول: يبدو واضحاً في المشهد الذي رسمه نزول اللبنانيين في بغض من المناطق الى الشارع رغم قرار الاقفال التام، أنهم باتوا يفضّلون المرض على الموت جوعاً، في دولة تتخبّط فيها سُلطة الحكم في كل قرار تتخذه، وفوق ذلك يتعنجه الفريق الحاكم ويزعم بأنه دائماً على صواب. إلا أن الناس بدأت نزعت عن هذا الفريق آخر اثواب الثقة، فهو التي اتخذت قرار الاقفال دون ان يؤمن للمواطن الحد الأدنى للصمود، لا بل جاء بقرار توزيع مساعدات انسانية متأخرة ومتناسياً أن ليس لديه أي لوائح جاهزة باستنثاء برنامج الأسر الأكثر فقرا في وزارة الشؤون الاجتماعية، وقد تقاعس عن تحديثه طوال العام الماضي.
أما الأهم فهو لو باشر الفريق الحاكم بوضع خطة لترشيد الدعم ولدعم العائلات الفقيرة، أو حتى قَبِل سماع الاقتراح الذي تقدم به الحزب التقدمي الاشتراكي الذي بُحّ صوته وهو ينادي بترشيد دعم المواد، وتوفير صمود الأسر المحتاجة عبر تحديث داتا برنامج الأسر الأكثر فقرا، لكانت هذه السلطة وفّرت على الناس كل المآسي، كما على المؤسسات والدولة كل هذا الضغط.
لكن واقع اليوم هو أن الفقرُ يقتنص كل يوم أسرةً لبنانيةً جديدةً، فبات أكثر من 55% من المواطنين في لبنان فقراء. وعلى ما يبدو فإن الهدف غير المُعلن للفريق الحاكم عبر تعطيله ولادة الحكومة الجديدة وبتمييعه إقرار آلية صرف القرض من البنك الدولي، يتلخص في تجويع كل اللبنانيين وتدمير مل ما تبقى من هيكل الدولة.
بالتأكيد، لم يكن يفضّل اللبنانيون أياماً مشابهة لتلك التي يختبرونها، فبات الخبر “البُشرى” يكمن في موافقة البنك الدولي على منح لبنان قرضاً لدعم العائلات الأكثر فقراً وضمان صمودهم في وجه الأزمة الإقتصادية الخانقة. لكن، دون أي إجراء حكومي طيلة فترة الإنهيار، وفي ظل إرتفاع أسعار المُنتجات والسلع، والنشاط غير المسبوق لخطوط التهريب، لم يكن أحداً يتوقع سيناريو مُغايرا، فإستسلموا لقدرهم، ومكثوا ينتظرون.
وافق البنك الدولي قبل أيام على منح لبنان قرضاً بقيمة 246 مليون دولار، لكن البيروقراطية اللبنانية والمماطلة المُعتادة ظروفٌ ستؤدي إلى تأخير صرف القرض للبنانيين. كما أن وزارة الشؤون الإجتماعية لم تقم طيلة فترة العام الماضي بتحديث بيانات الأسر الأكثر فقراً، التي سيتم صرف مبالغ المساعدات وفقاً لها، ما سيؤدي إلى تأخير إضافي الى حين قيامها الآن بتحديث معلومات البرنامج.
مصادر في وزارة الشؤون الإجتماعية أشارت عبر جريدة “الأنباء” الإلكترونية إلى أن “البيانات سيتم جمعها عبر فرقٍ متجوّلة تابعة للوزارة، ستقوم بزيارة المواطنين في منازلهم وتطرح عليهم 55 سؤالاً لتحديد ظروف معيشتهم وإستيفائهم لمعايير الإستفادة، بعد أن يتقدموا بطلبات عبر منصّة وزارة الشؤون”. وللمفارقة المنصة تتوقف تكراراً تحت ضغط التسجيل.
وأوضحت مصادر “الشؤون” أنه “سيتم صرف مبلغ الـ246 مليون دولار بالليرة اللبنانية وفق سعر صرف 6240 ليرة، أما الأسر التي ستستفيد من القرض، فهي ستحصل على مبلغٍ قدره 200 ألف ليرة، بالإضافة إلى 100 ألف ليرة لكل فرد في العائلة، إلى حد الستة أفراد، ما يعني أن المبلغ الأقصى سيكون 800 لكل أسرة، وسيستمر توزيع المبلغ شهرياً طيلة سنة كاملة”. وحول الآلية التي ستُعتمد في التوزيع، فهي ستتم عبر الوزارة مباشرةً، حسب المصادر.
المصادر لفتت إلى أن “150,000 أُسرة سوف تستفيد من القرض، وهذه المساعدات غير مرتبطة بمساعدة الـ400 ألف التي يتلقاها المواطنون، ما يسمح بالجمع ما بين المساعدتين في حال توفّرت المعايير لدى الأسر”. أما بالنسبة للموعد الذي سيبدأ فيه صرف المبالغ، فالموضوع يتعلق “بالإنتهاء من الإجراءات الروتينية المطلوبة على صعيد مجلسي الوزراء والنواب، والمعاملات الإدارية في ديوان المحاسبة، من أجل الرقابة المُسبقة”، وفق المصادر ذاتها.
وفي سياق الخطوات المطلوبة على هذا الصعيد، أشار عضو لجنة الصحة والشؤون الإجتماعية النيابية فادي سعد إلى أن “مجلس النواب لم يتلقَ أي مشروع قانون من قبل الحكومة لإقرار قانونٍ لتشريع إستقدام القرض، علماً أن الهبات والمساعدات تحتاج إلى قوانين، والبرلمان لا يمكنه أن يتحرك حيال هذا الأمر إلّا بعد مجلس الوزراء”.
وفي إتصال مع “الأنباء” الالكترونية، نبّه سعد “للتغيّر الكبير الذي حدث على صعيد الظروف الإقتصادية والإجتماعية في ظل الإنهيار الإقتصادي وتراجع قيمة العملة الوطنية توازيا وقيمة الأجور، بالإضافة إلى موجات صرف الموظفين، فيجب الأخذ بهذه الظروف أثناء توسيع قاعدة بيانات وزارة الشؤون الإجتماعية لتشمل مختلف ما يُمكن تسميتهم بالفقراء الجُدد، بعد إنحسار الطبقة الوسطى”، مطالبا بـ”وضع معايير واضحة ومحددة لتفادي أي إستنسابية أو زبائنية”.
وحول صرف القرض بالليرة اللبنانية بدل الدولار، أدرج سعد هذا الإجراء ضمن “الخطوات المالية العشوائية” التي يقوم بها فريق الحكم، وإعتبر أن “هذه المبالغ سيعود صرفها على سياسة الدعم التي تستهدف التجار والمهربين”. وختم حديثه مشددا على “وجوب أن تتحمل السلطة الحاكمة المُتمثّلة بالأكثرية النيابية لمسؤولياتها، في ظل الإنهيار إزاء رفضها للقيام بواجباتها تجاه المواطنين”.