اللواء إبراهيم في جردة العام 2020: مؤمن بنهوض لبنان في خلال سنة واحدة بعد استعادة الثقة

قال المدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم في الحديث السنوي الى مجلة “الامن العام” “مع دخولنا العام 2021، يكون لبنان عبر عاما كان الاصعب في مئويته الاولى. لم يشهد مثيلا للازمات التي عاشها في ظل حصار متعدد الوجه. من تلك، المالية والنقدية والاقتصادية والاجتماعية رافقت جائحة الكورونا. كان ذلك قبل ان تتوجها نكبة المرفأ في 4 آب بتردداتها الخطيرة. عليه لا بد من قراءة المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم العام 2020 وتداعياته الحاضرة والمستقبلية والإستحقاقات التي تنتظرنا

 

ورأى ان تشكيل حكومة جديدة “يضع المدماك الاول للنهوض والتعافي، والا ستبقى ازماتنا تتفاعل”، مؤمنا بأن لبنان يستطيع النهوض في خلال سنة واحدة بعد استعادة الثقة. ونبه من مخاطر ما بلغته نسبة اللبنانيين الذين يعيشون تحت خط الفقر “مخافة ان ينعكس على الوضع الامني”. بعدما رفض القول بفشل حكومة “مواجهة التحديات”، اعتبر ان انفجار المرفأ يطيح اي حكومة. ولفت الى ان جذور الازمة “سياسية تكمن في فقدان الثقة بين السياسيين”. وقال ان تشكيل الحكومة “سيادي ليس لأي احد التدخل فيه”، ورأى ان اقصى ما يمكن ان نصل اليه حكومة من الاختصاصيين المتحررين من التأثيرات السياسية، وبالطبع ذوي الميول السياسية، وهذه حال جميع اللبنانيين”.

 

واكد اللواء ابراهيم “ان القانون الدولي حدد حقوقنا في ترسيم الحدود”، كاشفا “اننا سنشهد اقبالا على برامج العودة الطوعية للنازحين السوريين لاسباب امنية واقتصادية”. وجزم بأن احدا لم يناقشه في اثناء زيارته واشنطن في موضوع “حزب الله” كما حصل في زيارات سابقة. وقال: “ان صح ان الرئيس المنتخب جو بايدن سيعود الى مقولة حل الدولتين، فان لبنان سيكون من اول المستفيدين”.

 

نص الحوار

 

 

* كيف تقرأ احداث العام 2020، وكيف نستعد لـ2021 في ظل الازمات الداخلية والخارجية المقبلة؟

– من دون شك فان الازمة المالية كانت في الاساس، وهي التي انعكست على كل ما يجري في البلد ولاسيما في القطاع المصرفي بعد تراجع سعر صرف الليرة وتقلص فرص العمل، فارتفعت نسبة البطالة في صفوف اللبنانيين. عندما نقول بوجود ازمة مالية واقتصادية، من المؤكد انها تنتج ازمات امنية. رغم ضخامة هذه الازمات فان اسبابها سياسية، شهدنا عليها فقدانا للاستقرار السياسي الناجم عن فقدان الثقة بين السياسيين في البلد. بكل صراحة ورغم ما تحمله هذه المؤشرات السلبية، فانني مؤمن بان لبنان يستطيع النهوض في خلال سنة واحدة، خلافا لكل ما يقال. المقارنة التي يجريها البعض بين ما جرى عندنا وما شهدته دول اوروبية احتاجت الى خمس او ست سنوات للنهوض ليست في محلها. نستطيع تجاوز هذه المرحلة في سنة واحدة بعد استعادة الثقة، والسبب بسيط يحتسب على قياس حجم اقتصادنا. نحن لا نحتاج الى مبالغ كبيرة ليقوم البلد من جديد. لكن ويا للاسف اذا لم تشكل الحكومة التي ستضع المدماك الاول للنهوض والتعافي، ستبقى ازماتنا في تفاعل دائم. 50 % من الشعب اللبناني بات فقيرا ويعيش تحت خط الفقر، وهو امر نتوقع ان ينعكس وضعا اجتماعيا صعبا، وربما انعكس على الوضع الامني. لذلك ما زلنا نعتبر ان الازمة السياسية تبقى في رأس المعاصي. اما كيف نواجه هذا الوضع؟ خريطة الطريق واضحة، وهي تقول بتشكيل حكومة متجانسة من الاختصاصيين تقوم بالبلد وتنهض به. ان قيل لنا من اين نأتي بالاختصاصيين في لبنان حيث لا وجود لغير المسيسين واصحاب الميول السياسية، ندعوهم الى ما جاء في الورقة الفرنسية او المبادرة الفرنسية. هي التي ترشدنا الى الحكومة المقبلة وليس فيها شيئا جديدا. تحدثنا عن مثل هذه الحكومة وما هو مطلوب منها لفترات طويلة. ان لجأنا الى هذه الخطوة سنخرج من الازمة، ومن بعدها يمكن العودة الى ما يسمونه حكومات سياسية صافية. عندها لن تعود هناك مشكلة. لذلك فان اقصى ما يمكن ان نصل اليه في وضعنا الراهن حكومة من “السياسيين الاختصاصيين” المتحررين من التأثيرات السياسية.

 

* لدينا تجربة عشناها مع حكومة حسان دياب وقيل ان فكرة حكومة الاختصاصيين قد فشلت؟

– الفشل الذي يتحدث عنه البعض قد يكون نسبيا، وعلى مستوى الحديث عن حكومة اختصاصيين. لكن الاحداث المتتالية طمست كل ما قامت به هذه الحكومة. فما ان شكلت كان الحراك في بدايته، وما ان تراجعت حدته نسبيا جاء انفجار المرفأ الذي هو حدث يطيح اي حكومة. رغم استقالتها واصلت عملها بجهد، وهي تعمل كحكومة تصريف اعمال، ولنعترف انها ورثت ازمة غير قابلة للعلاج، وبدأت مقاربتها لتعالجها ووضعت الامور على السكة. لذلك لا يمكننا القول انها فشلت.

 

* التحديات الاستثنائية القت عليكم مهمات متعددة دفعتكم الى زيارت خارجية لاهداف متعددة. اخرها الى الجزائر والعراق فهل يمكن الاضاءة عليها؟

– كانت زيارة الجزائر لمعالجة ما نتج عن الدعوى المرفوعة على شركة “سوناطراك” لمعالجة نتائجها غير القانونية، ويمكن اعتبارها لوجستية وتقنية ومن اجل استمرار تزويد لبنان النفط لاستكمال الحصول على حصتنا التي لم تنفذ بعد. وهو ما دفعنا الى معالجة هذا الوضع مع السلطات الجزائرية المعنية. وهذا اثمر استئنافا للعمل في ما بيننا من دون عقد جديد كما ابلغني وزير الطاقة ريمون غجر. فهو كشف بأن التواصل حصل في انتظار توفير المصادر البديلة من العراق او غيره. مع العلم ان زيارة العراق اثمرت ايضا توفير المازوت كما الفيول الذي نحتاجه للكهرباء لسنة من صنفي “GRADE A” و”GRADE B”. ما استطيع قوله ان زيارة العراق اسست ايضا لحجم من التبادل الصناعي والتجاري وسنزود العراق بعض الخبرات اللبنانية للمساعدة في قطاعات اقتصادية عراقية عدة ولتزويد العراق المنتجات الزراعية والصناعات الغذائية اللبنانية وفق برنامج طويل الامد.

 

* كأن الازمة الاقتصادية والنقدية لم تكن كافية، فجاءت نكبة المرفأ، فما هي المعطيات بحسب اخر التحقيقات؟

– طالما هناك محقق عدلي يتابع القضية، لن اتحدث عن مسار هذه القضية ولن استنتج الى ان يقول كلمته. ما يمكن مقاربته يتصل بنتائج الانفجار ولم الجراح وتضميدها. ايا يكن سبب الانفجار، فما اوصل اليه هو الاهمال. وان كنت اصرح يمكن القول ان العلة تكمن في عدم تحديد الصلاحيات في المرفأ. هناك صلاحيات ضائعة فيه، وهو ما بدأنا معالجته في آخر اجتماعين للمجلس الاعلى للدفاع. خلال ايام سيعقد اجتماع برئاسة وزير الاشغال لانشاء ما يمكن تسميته “جهاز أمن المرفأ” على غرار “جهاز أمن المطار” سيكون متاحا اعادة النظر في تحديد صلاحيات كل جهاز وتوحيد المرجعية، فلا تبقى الحال على ما هي عليه يعود فيه كل جهاز مباشرة الى قيادته.

 

* ألم يكن هناك تنسيق بين مجموعة الاجهزة الامنية في المرفأ؟

– لو كان هناك مثل هذا التنسيق لربما ما كان قد حصل ما حصل. كل جهاز يعود الى قيادته ولا يتلقى الاوامر الا منها. قياسا على ما هو محدد في الصلاحيات، بقي الجميع يعمل منفردا برؤوس متعددة من دون وجود رأس واحدة. القانون حدد لنا صلاحيات الامن العام. الجميع يعرف انه مكلف مراقبة حركة الدخول والخروج من والى المرفأ ومتابعة الاشخاص في داخله حصرا. للجمارك دور معروف ايضا في مراقبة البضائع. لكل جهاز آخر دور. ان بقيت الادوار متفرقة من دون تنسيق سيؤدي ذلك الى ضياع المسؤولية وهو امر ينعكس على التحقيق.

 

*هل كانت المديرية على علم بما يحتويه العنبر رقم 12 ومخاطره؟ وما الذي قامت به؟ وما هو مصير ضباط الامن العام الموقوفين؟

– انا كرئيس جهاز اعرف صلاحياتي ومسؤولياتي. اما بالنسبة الى ضباطنا الموقوفين، ما كان مطلوبا منهم قاموا به على المستويين الاداري والامني. قاموا بفروضهم ولم يقصروا من ضمن صلاحياتهم. هناك نظرية لا يمكن تجاهلها تقول ان المسؤولية على قدر الصلاحية. هذا مبدأ عام طبقناه في المرفأ والمراسلات الى السلطات المعنية تثبت ذلك.

 

* لماذا لا يزالون موقوفين؟ هل يمكن ان يكون ذلك لضمان سلامتهم؟

– السؤال يوجه الى القضاء، فلديه اسبابه. وان كان ذلك لسلامتهم لا يوجد من يهددهم. فلسفة توقيفهم تعود الى القاضي المعني ونحن لا نريد التدخل في عمله.

 

* ادعى المحقق العدلي في جريمة المرفأ على رئيس حكومة تصريف الاعمال و3 وزراء سابقين وطلب الاستماع اليهم. الى ما يمكن ان يؤدي هذا الإجراء في ظل ردود الفعل السياسية والطائفية؟

– لا اعتقد ان احدا يحمي احدا. ما حصل كان خلافا دستوريا بين المجلس النيابي وقاضي التحقيق العدلي حول المرجعية الصالحة للمحاكمة، وهو ما يحل في الاطر الدستورية والقانونية. التحقيق ماشي، وليس هناك ما يعطله في انتظار تحديد المرجعية الصالحة لملاحقة المتهمين او المدعى عليهم. هل سيكون امام قاضي التحقيق ام امام المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء. لست دستوريا ولا قانونيا. مجلس النواب يقول انه لا يمكن ملاحقة اعضائه خلال الدورة العادية، ويعتبر ان الادعاء مخالف للدستور. من هنا انطلقت مبادرة المجلس لوضع يده على الملف.

 

* ما الذي حال دون تشكيل “حكومة المهمة” في ظل المبادرة الفرنسية؟ هل العقوبات الأميركية سبب؟ هل بحثت فيها في زيارتك الاخيرة الى واشنطن؟

– لم نتناول ملف العقوبات في زيارتي الى واشنطن لا من قريب ولا من بعيد، ولست مطلعا على هذا الملف. ما اعتقده ان ملف تشكيل الحكومة يجب ان يبقى بعيدا من كل المسببات الخارجية لانه شأن داخلي. عندما سئلت هناك عن ملف تشكيل الحكومة في بعض وسائل الاعلام، قلت انه سيادي يجب ان لا يتدخل فيه احد. لذلك اعتقد ان كل ربط بين العقوبات وعملية التأليف لا يعدو كونه من المناورات والضغوط التي يمارسها اطراف داخليون، ويمكن ان لا يكون لها اي اساس علينا انتظاره. هل هناك من ابلغ الرئيس المكلف بأن توزير فلان او فلان سيتسبب بعقوبات؟ اعتقد انها عملية لعرقلة تشكيل الحكومة او لفرض هذا او ذاك فيها.

 

* هل ستستانف مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل بعد توقفها وما الذي تتوقعه منها؟

– ستستأنف المفاوضات، وليس هناك ما يعيقها، مع اعتقادي بأن الترسيم يحتاج الى مفاوضات لاقرار حقنا. هناك قانون دولي حدد حقنا في المياه والحدود البحرية، وهو قانون واضح وضوح الشمس. على اسرائيل ان تسلم بهذا الحق، وبعدها ينتهي الموضوع. ان وجد بيننا والعدو الاسرائيلي وسيط يجب ان يقول انه وبموجب هذا القانون هذا حقكم والموضوع لا يخضع لتسوية. حقنا مكرس في شرعة الامم المتحدة كما في قانون البحار، ولدينا دراسات اجنبية تؤكد على حقنا. انه حق سيادي وليس حقا نفطيا. عملية ترسيم الحدود البحرية اللبنانية مع فلسطين المحتلة تنطلق من نقطة برية من رأس الناقورة اسمها B1 وتكاد تكون النقطة الوحيدة التي لا خلاف حولها منذ ترسيم الحدود عام 1923 حتى اليوم. هي نقطة تأكدنا من استمرار وجودها كعلامة حمراء بالمعاينة المباشرة، رغم المحاولة الاسرائيلية للعبث بها وتحريكها بحجة انها مطلة على ساحل فلسطين المحتلة، وان لها تأثيرا على امن اسرائيل. وهو امر لم يعد له اهمية جغرافية في ظل ما يسمى “الامن السيبراني” بعدما بات الامن متأثرا بالصواريخ العابرة للقارات.

 

* هل تعتقد ان الولايات المتحدة ستكون وسيطا نزيها، وهل يمكن ان نراها الى جانب لبنان عند التمسك بحقوقه؟

– لم يتدخل الاميركيون حتى اللحظة وما زالوا وسطاء، وما اعتقده انهم سيتدخلون بعد وقف المفاوضات من اجل اعادة الفريقين الى طاولة المفاوضات من دون التثبت من النتائج حتى الآن. نحن من جهتنا متمسكون بحقوقنا وثوابتنا استنادا الى ما تكرسه القوانين الدولية وقانون البحار وسنبقى تحت هذا السقف ضمانا لحقوقنا. اما بالنسبة الى الموقف الاميركي، فمن الواضح انه منذ اقتراح “خط هوف”، كان يسعى الى تسوية اعطانا بموجبها ثلثي حقنا من المنطقة المتنازع عليها، وترك ثلثها الى العدو الاسرائيلي. وهو ما رفضناه وما زلنا. موقف يحظى باجماع لبناني من مختلف الطوائف والاتجاهات السياسية وبات من الثوابت الوطنية. اللبنايون يدركون ان هوف نفسه اقر بأن خطه كان مجرد اقتراح لم يقبل به لبنان.

 

* منذ انتفاضة 17 تشرين، تحملتم مسؤوليات في قضايا مالية ونفطية. فالى اي مدى هذه المهمة قائمة؟

– صدق المثل الذي يقول ان “القلة تولد النقار”. عندما شحت العملات الصعبة فرض علينا الواجب القيام باتصالات مع جمعية المصارف والصيارفة، وهاجسنا ان ننجح في منع تفاقم الوضع ومنع انفجاره. الجميع يدرك ان موضوع ضبط سعر الصرف مهمة مستحيلة، لان ما يحسمه هو حجم العرض والطلب في السوق. لا انا من يحدده، ولا حاكم البنك المركزي، ولا احد آخر. الامر له علاقة بالثقة وبالعامل النفسي عند المواطن قبل ان يتصل بشح الدولار من الكميات الكافية. لا نعتقد انه يمكننا ان نعيده الى 1500 ليرة او تثبيته على السقف الذي حدده الحاكم بـ3900 ليرة لبنانية. هناك دول سنت قوانين لضبط سعر العملة الاجنبية ولم تنجح بالحد من ارتفاعه. لذلك كله فان مهمة من هذا النوع ليست مهمة امنية.

 

* اتهمتكم جهات بتجاوزكم القانون والصلاحيات؟

– ليست المرة الاولى نسمع بمثل هذه الاتهامات، وفي كل مرة كنت ادعو مطلقيها الى قراءة القانون الذي ينظيم الامن العام، وما يقول به عن دوره وصلاحياته ومهمات مديره العام. حتى اليوم لم اخرج في عملي عن ممارسة القانون، ومن يشعر بالمفاجأة او يستغرب ذلك فهو لم يطلع عليه. الى ذلك، ان كلفني فخامة رئيس الجمهورية او دولة رئيس مجلس الوزراء اي مهمة، اسعى الى انجازها. لم اتردد يوما في القيام بواجباتي كمدير عام للامن العام اولا وكعسكري، وثانيا ولم اتجاوز صلاحياتي المنصوص عليها في القانون. عليه فان استهداف المديرية لا معنى له، وعلى من يصر على ذلك ان يكون مطلعا على القانون، مع ترحيبي الدائم بأي انتقاد موضوعي وقانوني.

 

* ما الذي يعيق عودة النازحين السوريين الى بلادهم، وهل من خطة لتزخيم يرامج العودة الطوعية؟

– نجحنا من خلال برامج العودة الطوعية التي نظمتها المديرية باعادة مئات الآلاف من السوريين طوعا الى سوريا. لكن جائحة الكورونا جمدت بعضها. اخيرا اعدنا التواصل مع السلطات السورية المعنية من اجل احيائها. لذلك بدأنا تسجيل اسماء الراغبين في مراكزنا. نحن نعتقد ان المرحلة المقبلة ستشهد اقبالا ملحوظا بسبب الوضع الاقتصادي والمالي في لبنان. لم يعد افضل من الوضع في بلادهم. من يرغب في البقاء في لبنان لاسباب اقتصادية او مالية، بات من الافضل له العودة الى بيته. ان نجحنا في اقناع مؤسسات الامم المتحدة بان توفر مساعداتها لهم على الاراضي السورية، سيكون افضل. قيمتها مضاعفة هناك.

 

*هل وجدتم التجاوب المطلوب من السلطات السورية للعودة؟

– لم نقرر لوحدنا عندما بدأنا برامج العودة الطوعية، بل بالتفاهم مع السلطات السورية. هذا التفاهم قائم ومقبول منهم، وهو يضمن تسهيل عودة الراغبين الى بلادهم.

 

* يستعد الرئيس الاميركي المنتخب جو بايدن لدخول البيت الابيض ايذانا بانتهاء الفترة الانتقالية بين عهدين. فهل تعتقد ان شيئآ ما سيتغير في لبنان والمنطقة؟

– ما زلنا نتلمس سياسة الرئيس بايدن، فلم نر منه شيئا بعد على ارض الواقع. قرأنا وسمعنا بأن هناك توجها لتخفيف الضغط بشكل عام عن المنطقة، وفتح اقنية حوار مع الدول الاساسية في المنطقة. عليه، فان اي تقارب في المرحلة المقبلة مع أي دولة وخصوصا ايران، لا بد من ان ينعكس ايجابا على المنطقة، ونحن جزء منها. لذلك نأمل في ترجمة ما قرأنا وما سمعنا به، فنراه امرا واقعا. سياسة الضغوط التي مورست لم تؤد الى اي نتيجة. اربع سنوات من العقوبات على لبنان وسوريا وايران والعراق لم تؤد الغاية منها. لا بل فاقمت من حجم الازمات، وهو ما يستدعي العودة الى لغة الحوار، وهو ما اتمناه.

 

* هل تلمست في زيارتك الاميركية الاخيرة بأن العقوبات على بعض اللبنانيين ارتبطت بتحالفاتهم مع “حزب الله” تحديدا؟

– كي اكون صريحا لم يناقشني احد في لقاءآتي الرسمية في واشنطن في موضوع “حزب الله” كما حصل في زيارات سابقة. كانت مخصصة للبحث في مصير المفقودين الاميركيين في العالم وتحريرهم، وان عددا منهم في سوريا ودول اخرى. على هامش هذه اللقاءآت كانت هناك لقاءات سياسية اقتصرت على رغبة من التقيتهم في الاطلاع على رؤيني ونظرتي الى ما يمكن ان يقوموا به في لبنان، وفي حل مشاكل المنطقة. ما يجري فيها ينعكس علينا. نحن لسنا نقطة انطلاق، بل نقطة تلقي. في النهاية نحن كدولة صغيرة يمكن ان تستفيد من اي توجه ايجابي في المنطقة والعكس صحيح.

 

* نعيش منذ فترة موجة من التطبيع بين اسرائيل ودول عربية. فما هي انعكاساتها على مصالح لبنان والقضية الفلسطينية تحديدا؟

– نتمنى ان لا يؤثر ما يجري على مستوى التطبيع مع اسرائيل على لبنان. كل دولة حرة في سياستها الداخلية والخارجية. ما اتمناه ان تعيد الجامعة العربية – ان بقي هناك جامعة ـ جمع العرب وتوحيد قدراتهم حيال الهموم المشتركة. في رأيي ان حصل التطبيع او العكس، المهم ان يبقى هناك اجماع عربي على مقاربة الهموم العربية المشتركة وخصوصا القضية الفلسطينية. ليس حبا بفلسطين، ولكن حبا ببلادنا ايضا. تداعيات القضية الفلسطينية علينا اكبر من قدرتنا على الاحتمال. فان وجد الحل لهذه القضية سنكون من اول الدول المستفيدة. وان صح ان الرئيس المنتحب جو بايدن سيعود الى مقولة “حل الدولتين”، فان لبنان سيستفيد لمجرد اننا مع هذا التوجه. لا ننسى ان مبادرة الملك السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز في هذا الخصوص ولدت في قمة بيروت عام 2002. لذلك، كنا وما زلنا ندعو الى العمل العربي المشترك تحت سقف هذه المبادرة. فهي المتنفس الوحيد لنا والا سيبقى هناك شيء ناقص. بعيدا من اي فرز بين من يؤيد التطبيع ومن يرفضه، نحن مع الحل العادل للقضية الفلسطينية، ومن بعدها لتقم كل دولة بما يناسبها.

 

* هل اكتملت الخطة التي رسمت لتغطي المراكز الاقليمية للامن العام الاراضي اللبنانية؟

– وياللاسف لم تكتمل هذه الخطة، لا بل فقد اضطررنا الى البحث عن تقليصها الى الحد الذي لا يؤثر على خدماتنا للمواطنين نتيجة الازمة الاقتصادية. انتم تدركون اننا نمر في ظروف اقتصادية مالية صعبة. المديرية هي من مؤسسات الدولة التي تعيش ظروفا مادية صعبة جدا، وهو ما يحول دون تأمين الحاجات اللوجستية. اضف الى ذلك لدينا مشكلة العديد، فنحن لم نطوع احدا منذ ثلاث سنوات، وعمليات التسريح عند بلوغ عناصرنا السن القانونية مستمرة من دون بديل. ثمة عوامل كثيرة توجب علينا اعادة النظر في انتشارنا الذي عملنا من اجله ثماني سنوات وقد نصل الى اقفال بعض مراكزنا.

 

* اعلنتم قبل فترة عن اكتشاف عملية فساد في قلب المديرية. ما الذي انتهت اليه التحقيقات؟

– الملف بات في عهدة القضاء. نحن انجزنا التحقيقات المطلوبة بعد اكتشاف ما حصل. واحلنا الملف الى القضاء، وهو الآن موضوع متابعة بين المديرية والمحكمة العسكرية. وهو موضوع من شقين: الاول تتابعه المحكمة العسكرية والثاني المتصل بالشق المالي نحن من يتولى معالجته بالتنسيق مع ديوان المحاسبة. وهو ما يفرضه القانون. وفي انتظار اكتمال هذه المسارات الى خواتيمها، سنعمل ما يجب القيام به من اجراءات قانونية في حق هؤلاء المرتكبين. ما تحقق يدفعني الى توجيه التحية الى الضباط وعناصر مكتب المعلومات الذين كشفوا القضية. بكل جرأة وبفخر اظهرناها الى الاعلام. علما انه ليس الملف الاول وقد لا يكون الاخير. حتى اليوم احيلت قضايا عدة الى المحكمة العسكرية، واوقف ضباط وعناصر وطرد آخرون. لكن ملف اليوم قد يعد الاكبر رغم اننا لم نحتسب حجم الاموال المختلسة حتى اللحظة. وهو ما دفع الى ان يأخد هذا البعد في الاعلام، علما ان هناك ملفات لا تقل اهمية عنه عبرت مسارها القضائي في المحكمة العسكرية كما يجب.

 

 

عن Editor1

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *