حض رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل القضاء على “مواصلة التحقيق في جريمة تفجير المرفأ حتى إنجازه نهائيا”، منتقدا سعي أفرقاء الى “خلق مناخ سياسي وطائفي بغية إجهاض التحقيق ومنع محاسبة المرتكبين”.
وأبدى باسيل في حديث الى “لوريان لو جور” اعتقاده بأن “ثمة نوعا من التعسف والاستنسابية في الادعاءات القضائية الأخيرة الصادرة عن القاضي فادي صوان”، لافتا الى أنه “أبدى في رسالته الى مجلس النواب نيته بملاحقة رؤساء حكومات ووزراء الاشغال والمال والعدل المتعاقبين، وهذا أمر لا يستقيم ولا يصح، إذ من غير المنطقي أن يتساوى جميع المدعى عليهم في المسؤولية، الى جانب أن القاضي صوان يتحدث في هذا السياق عن عدم الكفاءة والإهمال الإداري في ممارسة المسؤولية، غافلا عن الجرم المتمثل في المسؤولية عن حدوث التفجير. ولا أفهم في هذا الاطار كيف يحمَّل رئيس الحكومة ووزراء ومجموعة أشخاص المسؤولية عما حصل وهم لا مسؤولية مباشرة وتنفيذية لهم”.
وشدد على أنه “ضد المس بالمطلق بمقام رئاسة الحكومة، غير أن الدفاع عن المقام لا يكون بالتجييش المذهبي، ذلك أن تجييشا مماثلا أخشاه مقدمة لمنع السلطة القضائية من فتح ملفات الفساد”.
وقال: “إن الدفاع الحقيقي عن رئيس الحكومة ووزير المال يكون في تحديد المسؤوليات، علما أنني على يقين بأن لا مسؤولية على الرئيس حسان دياب، والأمر نفسه ينطبق على الوزراء المدعى عليهم وعلى الجمارك، مع الإشارة الى أن التدقيق في بعض النواحي يبين ان ثمة موظفين في الجمارك استثنيت أسماؤهم قضائيا بشكل يثير الاستغراب. كما ان ثمة أسئلة عن الملاحقات التي طالت الجهاز الامني الوحيد الذي حذر بالوثائق والتقارير من الكارثة المحتملة قبل حصولها”.
وتحدث عن “بطء يعتري التحقيق القضائي، وهو أمر سبق أن انتقدناه تكرارا”، لافتا الى أن “حجم الكارثة يحتم السرعة في التحقيق لا التسرع، وكذلك الوضوح واعلام الرأي العام بالتطورات من دون المس بسرية التحقيق”. وشدد على “أهمية تحديد المسؤوليات، بدءا من مسؤولية إدارة المرفأ والأجهزة المولجة أمنه وكذلك القضاة المعنيين”. ولفت الى أمر ايجابي في كل ما خبرناه هو أن “القاضي صوان لا يضع حدودا لتحقيقاته”.
وعن موقفه من إمكان أن يستمع المحقق العدلي الى شهادة رئيس الجمهورية، قال باسيل: “هناك إجراءات وأصول قانونية لذلك، لكنني بحسب معرفتي بالرئيس فإنه لو كان لديه ما يضيفه على بيانه الصادر لبادر الى الاتصال بالمحقق العدلي وطلب منه أن يستمع الى شهادته”.
ونفى أي علاقة تجمعه بالقاضي صوان “لا من قريب ولا من بعيد”، كذلك نفى أنه يكون شارك “في تسميته محققا عدليا أو أن يكون تدخل في عمله”. وقال: “على العكس، أبديت ملاحظات على طريقة معالجته الملف، لا سيما على مستوى البطء وعدم الوضوح، وكذلك بسبب غياب أي معلومة تتعلق بالتفجير بحد ذاته”.
كما نفى باسيل أي “علاقة له بالتقارير التلفزيونية عن ملفات الفساد”، وسخر من “الكلام عن استحداثه غرفة سوداء في اللقلوق وعن اجتماعات سرية”، كما سخر من “الكلام عن أنه استعان بشركة علاقات عامة أجنبية”، لافتا الى أن “حجم الضخ الاعلامي والسياسي والاشاعات في هذا السياق تخرج عن النطاق المحلي”، مبديا اعتقاده بـ “أن ثمة أجهزة استخبارات خارجية هي التي ترعى كل حفلة الكذب هذه، إذ إن الحملات الممنهجة التي نشهدها تتخطى قدرة أي فريق داخلي”. وأكد أن “الغرض من كل هذا الضخ خلق الفتنة بين اللبنانيين وتقويض استقرار البلد”، لافتا إلى أن “لبنان كله يتحرك اليوم على وقع حفلة الكذب”، محذرا من أن “المسبب الاول لأي حرب هو دفع الناس الى مواجهة بعضهم”.
وشدد على أهمية “إنجاز التدقيق الجنائي ومكافحة الفساد ومحاسبة المرتكبين”، لافتا الى أن “الأولوية راهنا هي لخلاص لبنان وتشكيل حكومة ومعالجة مشاكل اللبنانيين”.
ونفى الكلام عن طلبه الحصول على الثلث المعطل (7 وزراء)، مشيرا الى أن “التيار الوطني الحر لم يقرر، حتى اليوم، المشاركة في الحكومة من عدمها، او حتى تأييدها. وقال: “لم نطلب الثلث المعطل ولا أي وزارة. جل ما نريده تأليف حكومة على قواعد واضحة ومن لا يريد ذلك هو من لا يقبل بهذه القواعد ويصر على تخطي الاصول الدستورية والاخلال بالتوازنات السياسية وعلى تسمية جميع الوزراء، والتراجع خطوات الى الوراء كلما تقدمنا خطوة الى الأمام”.
وقال: “الحكومة عبارة عن بناء، حيث لا يجوز وضع السقف قبل الاساسات. كما لا يمكن رمي الاسماء قبل تحديد شكل الحكومة وتوزيع الحقائب. وحين نقول إننا لا نريد المشاركة نتهم بالعرقلة، فيما هم يطلبون محو الدستور وسحق اللبنانيين والكتل النيابية بذريعة تسهيل التأليف. يطالبون بحكومة اختصاصيين، فليكن. لكن وفقا لأي معايير تخصصية، يسمى وزير واحد لحقيبتي الخارجية والزراعة ووزير واحد للشؤون الاجتماعية والبيئة؟ كيف لرئيس الحكومة أن يسمي الوزراء؟ إن اتفاق الطائف واضح في موضوع الشراكة في تشكيل الحكومة بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة. وبالمثل ووفقا لهذا الاتفاق، يجري الرئيس المكلف مشاورات نيابية. وهي وإن كانت غير ملزمة إلا أن الهدف منها حصول حكومته على دعم الكتل النيابية”.
وأكد أن “من مصلحة لبنان ورئيس الجمهورية ومن مصلحتنا الاسراع في تأليف الحكومة، سائلا: “كيف يمكن للحظة الاعتقاد أننا لا نريد حكومة؟ لسنا نحن من نخشى العقوبات، بما انه سبق أن فرضت علينا”.
وأكد ان “المبادرة الفرنسية لم تنته بدليل زيارة الرئيس ايمانويل ماكرون، لكنني حزين لأن أراه أكثر قلقا على لبنان من اللبنانيين أنفسهم”.
وأوضح أن مواقفه السياسية لا علاقة لها بالعقوبات التي طالته، ومستقلة تماما عنها. أضاف: “ما يهمني في ما حصل هو الظلم الذي لحق بي نتيجة تهمة الفساد. وستبين الأيام أنها تهمة باطلة، وسأفعل كل ما يلزم لتبيان ذلك”.
وعن علاقته برئيس الجمهورية، قال باسيل: “لا أخفي قربي منه وأبوته السياسية نحوي. لكن الابن هو الذي يستمع الى والده وليس العكس”.
وأكد ان “التفاهم مع حزب الله حمى لبنان”، لافتا الى ان “تعويل اللبنانيين على هذا التفاهم لبناء الدولة كان عظيما لاعتقادهم أن تفاهما بين حزبين كبيرين مسيحي ومسلم سيؤدي الى بناء الدولة. لكننا لم نوفق في ذلك، واللبنانيون يسائلوننا عن هذا الامر، وهذا حقهم، علما ان بناء الدولة أولوية تساوي بالنسبة الينا اولوية المقاومة بالنسبة الى حزب الله”.
أضاف: “نعمل على إعادة النظر في عدد من جوانب التفاهم، لكني أفضل عدم التطرق اليها راهنا، لأن النتائج ستتكلم عن نفسها في حال نجاحنا. والاكيد اننا لا نستطيع الاكمال بالوضع الحالي، أي أن نعطي جمهور التيار والحزب، واللبنانيين عموما، أقل مما ينتظرون ويتوقعون”.
ونفى أن يكون موقفه من التفاهم مع الحزب “غامضا او لمداهنة الأميركيين”، وسأل: لو كان الأمر كذلك، لما كانوا فرضوا العقوبات علي وهم أيقنوا أنني لا استسلم للضغوط وأفضل أن أنتهي ألف مرة، على الاستسلام للضغط”.
وعن أن البعض يقول انه انتهى سياسيا، أجاب: أنتهي حين أدفن”.
وعن اتفاق معراب، قال: كان هدفنا من الاتفاق وضع أساس موحد لوضع المسيحيين في الحكم والدولة، بدءا من رئاسة الجمهورية، المعني الاول كان العماد عون. سمير جعجع وافق على التصويت للعماد عون، لكنه لم يرغب في إرساء أسس مشاركة المسيحيين في الحكم. فضل أن يحصل مقابل تصويته للعماد عون، على نصيب في السلطة. هذا حقه. لكن هذا ليس ما نفضله. ثم تراجع بعد ذلك، عندما وضع جانبا روحية التفاهم. أردنا أن نكون واحدا في الحكم وأن نتعاون معا، بينما هو أراد أن يكون معارضا وفي الوقت نفسه ان يحصل على حصته. هذا ما تسبب في فشل الاتفاق”.
وعن مأخذ أفرقاء مسلمين على الخطاب المسيحي الذي يعتمده، قال: “نحن في نظام طائفي، أأردنا أم لم نرد. نسعى الى الدولة العلمانية، لكن طالما ان النظام طائفي، وطالما ان الطوائف تحصل على حقوقها، لماذا لا يحق لنا نحن المسيحيين المطالبة بحقوقنا؟ كان بالامكان الاتفاق على ذلك مع القوات اللبنانية، لكن المشكلة مع جعجع هي أنه يميل إلى القضاء على الأحزاب المسيحية الأخرى”.
وعن اتهامه بشن حرب على الرئيس نبيه بري وحشر “حزب الله”، قال: “لا أخوض أي حرب ضد الرئيس بري. بل أطمح إلى علاقة مستقرة معه، بفعل موقعه وما يمثله على المستوى الشعبي. لكن هناك أشخاصا وظيفتهم الوحيدة إثارة الصراع وتحريضنا على بعضنا. للأسف، غالبا ما ينجحون في مهمتهم. لا يمكن لأي شخص عاقل أن يرغب في إثارة نزاع مع الرئيس بري”.
وعن علاقته مع الرئيس الحريري، قال: إنها علاقة حب وانتقام. الحب من جانبي والانتقام من جانبه”.
وعن الحملة الممنهجة التي تطاله، قال: “من الطبيعي أن يهاجمني كل من يشعر بأنني مصدر تهديد سياسي له. ولا أعتقد أن أي شخص يمكن أن يجادل بأنني هدف لحملة ترمي الى تدميري سياسيا. وفي أي حال توجت هذه الحملة بالعقوبات ضدي”.
وأكد أن “التيار الوطني الحر يتعرض لحملة تشهير مروعة، لكنني واثق بأنه سيبقى موحدا وقويا كما كان في الماضي. أعرف مدى معاناة التياريين، لكنني على يقين بأنهم سيتجاوزونها وسيتغلبون على المحن”، ولفت إلى أن “عدد المنتسبين الجدد بعد 17 تشرين فاق 10 مرات عدد الذين خرجوا من التيار، كل ذلك بفعل التضامن الحاصل”.
وعن إمكان تركه قيادة التيار، قال: “أترك في حال خسرت الغالبية في الانتخابات المقبلة”.