استقبل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في الصرح البطريركي في بكركي عددا من طلاب العلوم السياسية في جامعة القديس يوسف USJ، يرافقهم الدكتور باسكال مونان والصحافية سكارليت حداد.
في بداية اللقاء ألقى مونان كلمة قال فيها: “إنطلاقا من الحياد الناشط جئنا اليوم لزيارة البطريرك الناشط الذي يعمل في الفترة الأخيرة دون كلل، لمصلحة لبنان وكل أبنائه، إنطلاقا من الدور التاريخي لهذا الصرح. فنحن ننظر لهذا المقام الوطني الذي كان له دور أساسي في قيام دولة لبنان الكبير منذ مئة عام وما لعبه البطريرك الراحل يوسف الحويك والبطريرك الراحل نصرالله بطرس صفير بإرساء الاستقلال الثاني، واليوم كلنا أمل أن تكون الجهود التي يقوم بها غبطته هي مقدمة لترسيخ سيادة لبنان وقيام الدولة التي يتطلع اليها كل اللبنانيين، وطرحكم الأخير حول موضوع الحياد الناشط هو حجر الأساس لمشروع الدولة، فبكركي لم تكن يوما مقاما طائفيا، بل مقاماَ وطنيا جامعا ومحطة أمل بالنسبة للشعب اللبناني”.
وختم مونان: “الشباب يسمعون غبطتكم اليوم تتحدثون عن زوال الكيان اللبناني، وقد أتوا ليتشاركوا مع غبطتكم هواجسهم، من الهجرة الى مصير الوطن والأزمات المتلاحقة، والسبيل الى وقف هذا الانحدار والنزيف والى إنقاذ لبنان، مع الشكر لرحابة صدركم واستقبالكم لنا”.
بدوره رحب الراعي بالوفد الحاضر وشكر الدكتور مونان على كلمته وقال: ” كل النقاط التي طرحتها في كلمتك حملتها بدوري الى قداسة الحبر الأعظم البابا فرنسيس، للتأكيد على ضرورة دعم الكرسي الرسولي للبنان وحياد لبنان الناشط الذي هو بداية حل لجميع الأزمات، وكي لا يكون لبنان ورقة مساومة في أي حل اقليمي أو دولي. كما حملنا لقداسته الهم الاقتصادي الذي أوصل الكثير من المواطنين الى الفقر والبطالة، وقد كان قداسته متفاعلاَ جدا مع هذه الهموم والمشاكل”.
وشدد على “وجوب الاسراع في تشكيل الحكومة دون وضع أي شروط”، وأضاف: “عندما طرحت موضوع الحياد الناشط لم أقم باختراعه، بل هو في الحقيقة صورة لبنان وهويته الحقيقية والتي عشناها لمدة سبعين عاماَ، فقد عشت شبابي وطفولتي في بحبوحة ومال وانفتاح لبنان على جميع البلدان واستقطاب لبنان للملوك والرؤساء، وكل هذه الأمور حصلت لأن لبنان كان حيادياَ وجامعا ومكاناَ للحوار والتلاقي بين الشرق والغرب، ودولة ذات سيادة داخلية مستقلة تفرض القانون والعدالة ولا تعتدي على أي دولة مجاورة ولا تقبل بأي اعتداء، هذا هو مبدأ الحياد الناشط الذي عاشه لبنان حتى بداية الانحدار مع اتفاق القاهرة في العام 1969، وبالتالي يجب علينا أن نجدد إيماننا بالدستور وباتفاق الطائف والقوانين التي تنص على أن الحكومة هي من تقرر خوض الحرب بثلثي الأصوات، فمشكلتنا في لبنان هي أننا نضع الدستور والميثاق جانبا ويقرر البعض بالنيابة عن الدولة قرار الحرب والسلم، وهذا ليس من طبيعة لبنان، فاللبناني بطبعه مسالم وحيادي ويكره الحرب، وسبب الهجرة اليوم هو تغير هذه الثقافة في لبنان، فالقديس البابا يوحنا بولس الثاني، وحين اجتمعنا معه بشأن السينودس من أجل لبنان قال لنا إن بلدكم صغير جدا ولكن دوره كبير وثقافة العيش المشترك هي التي انقذتكم من الحروب ويجب أن تحافظوا عليها، هذا هو لبنان وهؤلاء هم اللبنانيون”.
وختم: “لقد راسلنا بعض رؤساء الدول لتوضيح فكرة الحياد الناشط، آملين أن يصل هذا الموضوع الى الامم المتحدة حيث يصار الى البت فيه”.
ثم طرح الطلاب عددا من الأسئلة، أجاب عليها الراعي، فسئل عن سبل إنقاذ لبنان مع ازدياد أعداد المهاجرين، اجاب: “يجب علينا أن نصمد في هذه المرحلة، فنحن بالهجرة نرتكب جريمة بحق هذا الوطن، فأجدادنا صمدوا وواجهوا ظروف أصعب من التي عشناها، فكل دول العالم عرفت فترات مشابهة، والمطلوب هو الصمود والاستمرار بالمطالبة بالتغيير كما فعل شباب الثورة، وكما أتمنى أن يستمروا في هذا النهج”.
وعن دور البطريركية الاجتماعي قال:” أنشأت البطريركية شبكة في كل لبنان لمحاربة الجوع ومساعدة الناس وتأمين المساعدات الغذائية والأدوية وبعض المساعدات المادية، ولكن الحاجة كبيرة جدا ولا يمكننا أن نحل مكان الدولة”.
واعتبر، ردا على سؤال، ان “الفدرالية وتقسيم لبنان هو حل غير وارد”، داعيا الى “تطبيق اللامركزية الادارية الموسعة”.
وعن الدعوات لاستقالة رئيس الجمهورية قال: “نحن نرفض هذا الموضوع، فرئيس الجمهورية لا يُعامل بهذه الطريقة بل وفق الأصول الدستورية”.