أعرب نائب رئيس مجلس الوزراء السابق غسان حاصباني عن “عدم اعتقاده أن هناك مصلحة للسلطة الحالية بتطبيق التدقيق المالي الجنائي”، مضيفا “ما ينطلق مسيسا ينتهي مسيسا، وهذا ما حصل اذ بدأ بعضهم بالمطالبة بالتدقيق لاستهداف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لكن تبين لهم أن ذلك سيكشف فساد كل السلطة والكثير من المستور ويطالهم لذلك تم “تهشيل Alvarez& Marsal”.
وأشار الى أن “عراقيل كثيرة وضعت في طريق التدقيق الجنائي بهدف نسفه لأنه الخطوة الاصلاحية الاولى لمعرفة كيف كان يتم صرف أموال الدولة وأين تم الهدر”، مضيفا “التدقيق هو جزء من المنظومة التي تساعد على كشف الاموال المنهوبة وهو من ضمن ما نصت عليه المبادرة الفرنسية. لذا من يدعي تأييد المبادرة ويملك السلطة فلينفذ التدقيق الجنائي. هذا الاخير في أساس عمل الدولة الذي يتطلب تمويلا ودعما خارجيا لن يحصل من دون أرقام مالية واضحة”.
واعتبر حاصباني أن “الإشكالية حصلت بالحسابات التابعة للوزارات ومن هنا يجب رفع السرية المصرفية عن حسابات محددة كما نص اقتراح القانون المعجل المكرر الذي تقدم به تكتل “الجمهورية القوية” والطريقة الأسهل هي أن تطالب وزارة المال بكشف حساب من مصرف لبنان وتسلمه إلى شركة التدقيق”، مذكرا أنه “حينما وقعوا على عقد التدقيق كانوا يعلمون أن هناك سرية مصرفية وأن بإمكانهم التوصل الى مخرج متى توفرت النية، لذا إن كانوا جديين فعليهم إتمام هذه الخطوة.
من جهة أخرى، لفت حاصباني الى أن “لبنان أسير منظومة الفساد التي تحكمت بالحكم بأساليب متعددة وفي أحيان كثيرة بدعم خارجي كحقبة الوصاية، حيث هناك مجموعات تغطي على بعضها أكان عبر الزبائنية في التوظيفات أو خلق مؤسسات رديفة لمؤسسات الدولة أو الالتفاف على القوانين كقانون المحاسبة العمومية الحالي الذي لا يطبق أو تشريع قوانين فيها نواقص تفتح الباب أمام الفساد”.
كما حذر من أن “تشكيل أي حكومة من غير الاختصاصيين المستقلين سيضعنا في مأزق أكبر بكثير من الحالي”، لافتا الى أن “ليس هناك أي نية للاصلاح وهو ليس مشروع حرب كما يهول بعضهم بل مشروع بناء دولة”.
وفي ما يتعلق بسياسة الدعم المعتمدة، لفت حاصباني إلى أنها “عملية شراء وقت من قبل السلطة عبر مصرف لبنان من خلال استخدام أموال الناس المحجوزة في المصارف لتخديرهم لاطول وقت والحيلولة دون تحركهم ضد السلطة”، مضيفا: “الدعم من دون إصلاحات كمن يملأ سلة مثقوبة وسيتوقف خلال اسابيع وفي أفضل الاحوال أشهرا. إذا تزامن ترشيد الدعم مع إصلاحات تأتي بالأموال إلى الخزينة، ما يخفف من الهدر والتهريب أيضا، قد يسهل ذلك دعم الامن الاجتماعي”.
وفي ملف جائحة كورونا، رأى حاصباني أنه “بغض النظر عن النوايا فالنتيجة واحدة وهي أن لبنان أصبح من أكثر الدول التي تعاني من كورونا نتيجة سوء إدارة الملف والنهج السيىء الذي اعتمد وإعلان الانتصار على الجائحة بوقت مبكر، مما أدى إلى استسهالها من قبل الناس”، مشددا على أن “الإجراءات التي يتم اتخاذها اليوم ليست كافية وأصبحت غير قادرة على مواجهة الحالة التي وصلنا إليها”.
اضاف: “تحويل تمويل البنك الدولي المخصص لتعزيز القطاع الصحي – تحديدا مراكز الرعاية الصحية الاولية والمستشفيات الحكومية – لمعالجة كورونا خطأ، اذ كان بالامكان الاستفادة من هبات المنظمات العالمية ومن ضمنها البنك الدولي المخصصة للتصدي للجائحة. من شهر نيسان، تحدثنا عن الاستعدادات لمواجهة كورونا وتبين اليوم أن لا جهوزية في القطاع الصحي لذلك، بل ثمة أدلة تؤكد أن قسما كبيرا من أجهزة التنفس التي اقتطعت أسعارها من تمويل البنك الدولي لم يستخدم حتى اليوم وما زال في مخازن الموردين”.
وختم حاصباني: “لبنان إنهار وكل الحلول التي كنا نطرحها منذ 20 عاما لم تعد صالحة أكان في قطاع الاتصالات أو الكهرباء أو في المرفأ. إفلاس لبنان حصل بمجرد عدم القدرة على تأمين الأموال وتسديد القروض، وحتى لو لم تعلن عنه الدولة. طالما تركيبة الفساد نفسها كيف يمكن التأسيس لبلد جديد؟ على الشعب اللبناني أن يثابر في نضاله وألا يرضخ لعملية التخويف ويجب السير بالاصلاحات ووقف الهدر والتهريب والاصلاح الهيكلي المالي الى جانب استعمال أصول الدولة ما سيعيد الثقة بالمنظومة المالية والاقتصادية لإعادة النهوض وعودة الاستثمار إلى البلد”.