الجمعة , 27 ديسمبر 2024

الشرق الأوسط : ماكرون يحدد اليوم مصير مبادرته… والحريري يربط ‏تحركه بالموقف الفرنسي

كتبت صحيفة ” الشرق الأوسط ” تقول : يتقرر اليوم (الاثنين) مصير المبادرة الفرنسية المتعلقة بالوضع اللبناني في ‏الاجتماع الطارئ الذي يُعقد في قصر الإليزيه برئاسة الرئيس الفرنسي في ضوء ‏التقرير الذي رفعه إليه مبعوثه إلى بيروت باتريك دوريل للوقوف على الأسباب ‏الكامنة وراء العراقيل التي اصطدم بها الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة ‏سعد الحريري، والتي كانت السبب الأول في تأخير ولادتها بعد أن وصلت ‏المشاورات التي أجراها مع رئيس الجمهورية ميشال عون إلى طريق مسدود ‏أعاد المبادرة إلى نقطة الصفر‎.

 

 

وتقول مصادر سياسية مواكبة للقاءات التي أجراها دوريل في بيروت وشملت ‏المكوّنات الرئيسية المعنية بتشكيل الحكومة وعلى رأسها، إضافة إلى الرئيس ‏عون والحريري، رئيس المجلس النيابي نبيه بري: “إنها لم تحقق التقدم ‏المطلوب الذي من شأنه أن يدفع باتجاه إحداث خرق استثنائي يعيد الاعتبار ‏للمبادرة الفرنسية التي لا بديل عنها لإنقاذ لبنان ووقف انهياره المالي ‏والاقتصادي في ظل استمرار الفراغ الدولي المتمثل بالمجتمعين الدولي ‏والعربي الذي يكاد يغيب كليا عن الساحة اللبنانية‎”.

وتؤكد المصادر السياسية لـ”الشرق الأوسط” أن التقرير الذي رفعه دوريل إلى ‏ماكرون يُفترض أن يشكّل الإطار العام للبحث في طبيعة الخطوة التي ستقوم بها ‏باريس والتي ستأخذها الأطراف اللبنانية في الاعتبار، خصوصا أن ماكرون كان ‏يتابع عن كثب تفاصيل اللقاءات التي عقدها مبعوثه الخاص إلى بيروت في ‏محاولة قد تكون الأخيرة للتقريب في وجهات النظر بين هذه الأطراف‎.

 

 

وتلفت إلى أن دوريل وإن كان أحجم في لقاءاته عن جر الأطراف التي التقاها ‏للدخول في سجالات يراد منها لجوء هذا أو ذاك إلى رمي مسؤولية تعطيل ‏المبادرة الفرنسية على الآخر، وبالتالي تأخير تشكيل الحكومة، فإنه في المقابل ‏حرص على عدم طرح بعض الأسماء المرشّحة لدخول الوزارة أو الطلب من ‏الذين التقاهم بتزويده بما لديهم من أسماء‎.

 

 

وتعزو السبب إلى أنه تجنّب الدخول في كل هذه التفاصيل، سواء بالنسبة إلى ‏توزيع الحقائب على الطوائف اللبنانية أو خصوصا في عدد الوزراء، حرصا ‏منه على إعطاء الأولوية للأسباب التي حالت دون الالتزام بالمبادرة الفرنسية، ‏رغم أن جميع من التقاهم ماكرون في قصر الصنوبر، إضافة إلى عون وبري، ‏أكدوا تمسكهم بها ولم يفصحوا ما إذا كان لدى هؤلاء من تحفّظات‎.‎

 

 

‎رفع العتب

 

 

وترى هذه المصادر أن دوريل حصر اهتمامه بمعرفة أين تكمن الأعطال التي ‏أضرّت بتشكيل الحكومة، وصولا إلى تفلّت البعض من المبادرة الفرنسية ‏والالتفاف عليها مع أنهم أكدوا له تمسّكهم بها. وتقول إنه سعى للتهدئة في ‏محاولة لخفض منسوب التوتر السياسي، وهذا ما يفسّر طلبه من رئيس “التيار ‏الوطني الحر” النائب جبران باسيل الاتصال بالحريري، مع أنه بقي في حدود ‏رفع العتب ولم يترتب عليه من نتائج ستكون حاضرة في حال تقرّر تمديد ‏المشاورات بين عون والحريري في ضوء التوجّه العام المرتقب لماكرون في ‏ختام اجتماعه اليوم المخصص لتقويم مصير المبادرة الفرنسية‎.‎

وتؤكد أن دوريل، وإن كان امتنع عن فتح بازار سياسي يتعلق بالتوزير وبتوزيع ‏الحقائب، شدد على الإطار السياسي العام للحكومة العتيدة التي يجب أن تكون ‏بتركيبتها الوزارية منزوعة من الحضور الحزبي، لعلها تفتح كوّة في جدار أزمة ‏الثقة بين الحكم والحكومة من جهة وبين اللبنانيين على وجه العموم، يمكن أن ‏تؤسس عليها لاستعادة هذه الثقة لأنها الممر الإلزامي للحكومة للتصالح مع ‏الخارج وتقديم أوراق اعتمادها للمجتمع الدولي‎.

وتجزم بأن دوريل لم يتطرق إلى احتمال فرض عقوبات فرنسية على من يعيق ‏تشكيل الحكومة، وتقول بأنه حذّر المعنيين من أن يكونوا وراء معاقبة بلدهم في ‏حال أن الحكومة لم تلتزم بالمواصفات السياسية والإصلاحية التي طرحها ‏ماكرون باسمه وبالنيابة عن المجتمع الدولي والتي تتمثل بحرمانه من ‏المساعدات المالية والاقتصادية وبحصر جدول أعمال المؤتمر الدولي بتقديم ‏مساعدات إنسانية للبنانيين، مع أن الحريري ليس في وارد التسليم بحكومة ‏محكومة سلفا بحصار دولي وعربي‎.‎

 

 

حشر الجميع

 

 

لذلك يتريّث الحريري في تحديد الخطوط العريضة لخريطة الطريق التي سيتبعها ‏قبل أن يكون على إلمام لا يعتريه أدنى شك بالتوجّه العام الذي سيصدر عن ‏ماكرون التزاما منه بالمبادرة الفرنسية وعدم الالتفاف عليها، وهذا ما تحرص ‏عليه جميع الأطراف وإن كانت غالبيتها على توافق مع الرئيس المكلف في ‏خصوص رؤيته للتركيبة الوزارية‎.

فالحريري – بحسب المصادر – ليس في وارد الإقدام على خطوة شعبوية تؤدي ‏إلى مزيد من الانهيار وتتعارض مع روحية المبادرة الفرنسية العالقة على ما ‏سيقرره ماكرون الذي يُفترض أن يضع النقاط على الحروف بتحديد الجهات ‏المسؤولة عن تعطيل مبادرته في حال ارتأى التمسك بها وعدم ترك لبنان يواجه ‏مصيره بغياب من يمد له يد العون‎.

وبالنسبة إلى “حزب الله” تؤكد المصادر بأن رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” ‏النائب محمد رعد جدد أمام دوريل استعداد الحزب لتقديم المساعدة لتسهيل تشكيل ‏الحكومة وإنما قدر المستطاع، وتقول إن هذا الاستعداد يبقى منقوصا ويقتصر ‏على بيع باريس مواقف لا تُصرف في إزالة العوائق التي تؤخر ولادتها ما لم ‏تترجم إلى خطوات ملموسة بالضغط على عون وباسيل لأن الحزب هو الأقدر ‏للعب مثل هذا الدور الضاغط‎.

وعليه، فإن الموقف المرتقب لماكرون سيؤدي إلى حشر الجميع لاختبار مدى ‏التزامهم العملي وفي اللحظة الأخيرة بالمبادرة الفرنسية، وصولا إلى تكريس ‏فرز سياسي بين مؤيد ومعارض لها إذا ما أصر الأخير على شروطه من دون ‏أن يتّعظ بما أصاب مؤتمر عودة النازحين السوريين من نكسات لانعقاده في ‏دمشق بغياب الدول المانحة واقتصاره على حضور “أهل البيت” باعتبار أن ما ‏حصل هو بمثابة رسالة لمن يريد الدخول في مواجهة مع المجتمع الدولي‎.‎

عن Editor1

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *