ترأس راعي أبرشية بيروت وجبيل وتوابعهما للروم الملكيين الكاثوليك المطران كيرلس بسترس، قداس الفصح المجيد في كاتدرائية القديس يوحنا الذهبي الفم- مطرانية بيروت- طريق الشام، وعاونه المونسنيور اندره فرح والأرشمندريت سليمان سمور، في حضور شخصيات رسمية وقضائية وعسكرية وفاعليات. وخدمت القداس جوقة المطرانية بقيادة الشماس إيلي أسعد.
وبعد الانجيل المقدس، ألقى بسترس عظة بعنوان “قيامة المسيح وقيامتنا”، قال فيها: “كان عيد الفصح عند اليهود ذكرى خروجهم من مصر على يد موسى النبي، وعبورهم من أرض العبودية الى أرض الميعاد، الى أرض يستطيعون أن يعبدوا فيها الله بحرية، فلفظة “الفصح” بالعبرانية تعني العبور، وهو عندنا اليوم ذكرى عبور المسيح من الموت الى الحياة، وعبورنا نحن مع المسيح من عبودية الخطيئة الى حرية أبناء الله، الى ارض الميعاد الجديدة أرض الملكوت السماوي”.
وأضاف: “في هذا العيد، نفرح ونتهلل لأن يسوع المسيح بعد أن قاسى آلام الصلب والموت قام من القبر، ودخل في حياة جديدة لا نهاية لها، كما يقول في سفر الريا: “أنا الأول والآخر، والحي لقد كنت ميتا، وها أن حي الى دهر الدهور، وبيدي مفاتيح الموت والجحيم” (1:17-18)، لقد قام يسوع وأقامنا معه الى حياة جديدة، كما نرتل “لقد قام يسوع من القبر كما سبق، فقال، ومنحنا الحياة الأبدية وعظيم الرحمة” نفرح على الرغم من الآلام التي لا نزال نعاني منها في هذه الحياة، وعلى الرغم من المآسي التي لا تزال تملأ عالمنا وتنشر فيه الرعب والقلق والموت، نفرح لأن المسيح وطىء الموت، وفتح لنا أبواب الفردوس، لذلك نردد بدون كلل نشيد العيد: “المسيح قام من بين الأموات، ووطئ الموت بالموت، ووهب الحياة للذين في القبور”.
وتابع: “المسيح قام من بين الأموات، قيامة المسيح تؤكد لنا أن الموت بالنسبة الى الإنسان المخلوق على صورة الله ليس نهاية كل شيء، الصليب في المسيحية هو طريق القيامة، آلامنا وعذاباتنا وخطايانا هي علامة ضعف طبيعتنا البشرية، وهذا الضعف هو مايظهر للخارج، لكن هذا الضعف لا يشكل جوهر الإنسان، جوهر الإنسان لا يرى بأعين الجسد، بل يرى بأعين الإيمان، جوهر الإنسان هو المسيح القائم من بين الأموات، والمنتصر على الخطيئة وعلى الموت، المسيح القائم من الموت هو مصير كل إنسان، قال يوحنا الذهبي الفم: “إذا أردت أن تعرف هوية الانسان وكرامته، فلا تذهب الى قصور الملوك، بل أصعد الى عرش الله، حيث يقيم المسيح جالسا عن يمين الله الأب في المجد”، الجلوس عن يمين الله هو تعبير رمزي للدلالة على القدرة الإلهية التي حصل عليها المسيح بقيامته، وبتلك القدرة وطىء الموت بالموت، ووهب الحياة للذين في القبور”، هذا ما يذكرنا به بولس الرسول بقوله: “لقد قمتم مع المسيح، فاطلبوا إذن ما هو فوق، حيث يقيم المسيح جالسا عن يمين الله، إهتموا لما هو فوق، لا لما هو على الأرض لأنكم قد متم للعالم، وحياتكم مستترة مع المسيح في الله، ومتى ظهر المسيح الذي هو حياتنا، فحينئذ تظهرون أنتم أيضا معه في المجد” (كولستي 3:1-4)”.
وأردف: “كثيرا ما نعيش في قبور أوهامنا، في قبور أنانيتنا وشهوتنا، في قبور غرورنا وكبريائنا، في قبور انقساماتنا وخلافاتنا ونزاعاتنا، الى هذه القبور نزل يسوع ليقمنا منها، ليوضح لنا هويتنا الحقيقية، ليقول لنا إن حياتنا ليست في تلك القبور، ليقول لنا: “أنتم لم تخلقوا للموت بل للحياة، أنتم لم تخلقوا للبغض بل للمحبة، أنتم ابناء الله، أنتم أبناء القيامة، أنتم أبناء الحياة”، نزل المسيح الى عمق عبوديتنا للخطيئة ليحررنا من خطايانا ويجعلنا أبناء الله، كما قال: “من يرتكب الخطيئة هو عبد للخطيئة، والعبد لا يقيم في البيت على الدوام، فإذا حرركم الإبن صرتم في الحقيقة أحرارا” (يوحنا 8:34-36)”.
وقال: “المسيح القائم من الموت يريد أن يدخل الى أعماق قلبنا ليملأه من نوره الذي لا يغيب، إن فضاء قلوبنا السري، عندما يسكنه يسوع القائم من الموت لا تعود له حدود، بل يتسع كما يقول بولس الرسول، على مدى “محبة المسيح التي تفوق كل إدراك، فيمتلىء هكذا من كل ملء الله” (أفسس 3:19)”.
وأضاف: “عيد قيامة المسيح هو عيد رجاء قيامتنا وقيامة كنائسنا، الكنائس المسيحية في البلدان العربية تمر في أوقات صعبة، لكن المسيح لا يزال معنا، هو الذي قال: “أنا معكم كل الأيام الى إنقضاء الدهر” (متى 28:20). نحن لا نخاف على كنيسة تضطهد، بل نخاف على كنيسة فقدت الرجاء، وهذا الرجاء هو الذي يقوينا ويجعلنا نعيش في فرح دائم على الرغم من الصعوبات التي ترافقنا، كنائسنا هي كنائس الفرح لأنها كنائس القيامة وكنائس الرجاء”.
وبعد القداس، بارك بسترس بيض العيد، ثم تقبل التهاني في صالون الكنيسة.
ويترأس بسترس قداس اثنين الباعوث، عند الساعة الحادية عشرة من قبل ظهر غد، في كنيسة المخلص في السوديكو. وبعد القداس تتم قراءة الأناجيل بلغات مختلفة.