ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، قداس الأحد الأول في الصرح البطريركي الصيفي في الديمان، عاونه فيه المطرانان حنا علوان وجوزيف نفاع والقيم البطريركي في الديمان الخوري طوني الآغا وأمين سر الديوان الخوري خليل عرب وأمين سر البطريرك الخوري شربل عبيد وكاهن رعية الديمان حبيب صعب والاب سابا مهنا، في حضور عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب جوزيف اسحق ومختار الديمان ريمون البزعوني ورئيس نادي الديمان انطوان فرنسيس ومنسق القوات في البلدة المحامي ماريو صعب وحشد كبير من ابناء الديمان مقيمين ومغتربين ومؤمنين من كل قرى الجبة وبلداتها.
بعد الانجيل المقدس، ألقى الراعي عظة بعنوان “دعاهم واعطاهم سلطانا وأرسلهم”، استهلها بالترحيب باسحق والمختار ورئيس النادي والوفد الآتي من ولاية بنسلفانيا في الولايات المتحدة الأميركية برفقة الاب مهنا وباهالي الديمان المقيمين المغتربين الذين توافدوا الى البلدة من كندا وأوستراليا وكل دول الانتشار، للمشاركة في تدشين الكنيسة الجديدة في 18 الجاري، ونوه ب”الايادي الخيرة التي ساهمت في بناء هذه الكنيسة”. وقال: “يسعدني ان امضي معكم هذا الصيف في هذه النيابة البطريركية العزيزة وفي ربوع الوادي المقدس وبلدة القديس شربل المفعمة بالايمان والمعطرة بأريج القديسين ونحن وانتم نحافظ عليها ونتمسك بها ونتأصل”.
أضاف: “كما في كل عام نقيم القداس الاول في هذا الصرح مع اهالي الديمان، احييكم جميعا واحيي الوفد المرافق للاب مهنا واتمنى لهم طيب الاقامة في لبنان ونقدم هذه الذبيحة على نية كل الحاضرين وبنوع خاص على نية ابناء الديمان العزيزة، نصلي من اجل الاحياء منهم والمرضى والأجيال الجديدة ومن أجل المنتشرين ومن أجل الذين سبقونا الى بيت الاب”.
وتابع: “دعاهم وأعطاهم سلطانا وأرسلهم”. الرب يسوع اختار الاثني عشر تلميذا ودعاهم وأعطاهم سلطانا ويواصل دعوته الى الاساقفة والكهنة ومعاونيهم ليكونوا امناء على الدعوة الالهية المجانية. أعطاهم سلطانا للشفاء من كل مرض وعلة بقوة السلطان الالهي لا بقوتهم. أما المرض الاساسي والعلة الاساسية فهما مرض الخطيئة والحزن واليأس والاحباط وفقدان الفرح وسعادة الحياة. أمراض جسدية وروحية ومعنوية ونفسية، تواجهها الكنيسة بواسطة رعاتها وتدعو المسؤولين السياسيين للمساهمة في شفائها من ضمن نطاق مسؤولياتهم. و”ارسلهم”، انهم دائما في حال ارسال من يسوع المسيح ليواصلوا رسالته اي اعلان ملكوت الله. هكذا اشركهم في رسالته المثلثة، النبوية، بالانجيل والتعليم والارشاد وممارسة الاسرار ونقل نعمها لتقديس النفوس بقوة الروح القدس على اساس الحقيقة والمحبة والوحدة. وهنا للمسؤولين السياسيين الدور الاساسي في بناء وحدة اللبنانيين وشد أواصرها، وأعلنا أمس الخبر المفرح وهو اعلان قداسة البابا البطريرك الياس الحويك الذي عاش الفضائل المسيحية والالهية والانسانية، مكرما وينتظر اجتراح اعجوبة لاعلانه طوباويا، واننا نصلي لكي ننال نعما بشفاعته وان يظهر الله قداسته فترفعه الكنيسة طوباويا على مذابحها”.
وقال: “على المستوى الوطني، البطريرك ترأس الوفد اللبناني الى مؤتمر السلام في فرساي – باريس سنة 1919 وناضل في سبيل اعلان دولة لبنان الكبير في اول ايلول 1920، مستعيدا الاراضي والسهول التي سلختها عنها السلطة العثمانية وتسبب مع الحصار البحري والبري بمقتل ثلث الشعب اللبناني جوعا سنة 1914 و1915 فأمر البطريرك الحويك بفتح الكرسي البطريركي والمطرانيات والاديار والمؤسسات لمساعدة المنكوبين وسد جوعهم. ما زلنا نعيش اليوم وللاسف التوتر السياسي بسبب حادثة قبرشمون وقد عطلت اجتماع مجلس الوزراء فيما الاوضاع الاجتماعية والاقتصادية والمالية تتفاقم والديون تتراكم والعجز يكبر وفقر الشعب يتعمق والمدارس تعاني والمتاجر تقفل وكان البلاد سفينة ضائعة في وسط البحر تتلاطمها الامواج والرياح من كل جانب ومتروكة للقدر”.
أضاف: “نود التأكيد أن مصالحة الجبل هي الكنز الذي نتمسك به وهي فوق كل اعتبار، ذلك أن سلامة الوطن هي من سلامة الجبل ونعمل وندعو الى العمل معا في سبيل توطيد أركان المصالحة سياسيا وواقعيا وخلق فرص عمل للجميع لكي يعود العيش معا الى سابق عهده وثانيا اعتماد خطاب سياسي يجمع ولا يفرق، يسير الى الامام ولا يعود الى الوراء، يبني ولا يهدم، يتعاون ولا يقصي، يأتي بمشاريع اقتصادية وإنمائية ولا يردد كلمات وشعارات من دون مضمون سوى التأجيج. سئم الشعب مناكفات السياسيين على حسابه وعلى حساب تعطيل عمل المؤسسات وعلى حساب قيام دولة العدالة والقانون والرقي. ونقول كفى هذا الهدم المتواصل للدولة ومؤسساتها وهذا القهر للشعب المحب والمسالم وإقحامه على هدم ما تبقى عنده من ثقة بالمسؤولين السياسيين”.
وختم الراعي: “بشفاعة امنا مريم العذراء سيدة قنوبين وتشفع المكرم البطريرك الحويك، نلتمس نعمة الخروج من حالات التأزم فنرفع نشيد المجد والتسبيح للثالوث القدوس الاب والابن والروح القدس الإله الواحد آمين”.
استقبالات
بعد القداس، استقبل الراعي في صالون الصرح اسحق والمشاركين في القداس، والقى مختار الديمان كلمة باسم اهالي البلدة، رحب فيها بغبطته في الديمان، متمنيا له “صيفا مثمرا”، مؤكدا ان “بين الديمان والكرسي البطريركي عهد ووعد دائمين”، واستذكر المثلث الرحمة الكاردينال مار نصرالله صفير “الذي لا يزال صوته ومواقفه وحكايته مع الديمان واهلها راسخا ومتجذرا في النفوس والاذهان”.
وشكر للراعي “مساهمته الحثيثة التي ترجمت صرحا كنسيا يستقبل ضيوف الديمان واهلها”، منوها بمتابعته “استكمال مشروع تمليك المنازل والاراضي وسعيه الدائم لتذليل كل العقبات التي تعترض طريقه”، شاكرا له “جهوده الدؤوبة للوصول الى تحقيقه”.
ورد البطريرك بكلمة اكد فيها “مواصلة العمل من اجل تأمين ما يحتاجه اهالي البلدة ليبقوا متجذرين في ارضهم”، وكرر شكره لابناء البلدة المغتربين “الذين لا يوفرون أي فرصة تسهم في خدمة بلدتهم وانمائها”.
بدوره، قال اسحق بعد لقاء الراعي: “رحبت بصاحب الغبطة في جبة بشري باسم رئيس حزب “القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع وباسم النائبة ستريدا جعجع وباسمي، وخصوصا اننا نعتبر وجوده في المنطقة نعمة، ونحن نقف بجانبه دائما في مواقفه الحكيمة التي يتخذها، وهذا ليس بغريب عنا فنحن دائما بجانب البطريركية المارونية ونؤيد ايضا ما ورد في عظته خلال القداس لجهة الابتعاد عن المواقف الاستفزازية ونعمل من اجل الالتقاء واطلاق المواقف الجامعة وخصوصا في هذه المرحلة الصعبة التي يمر بها لبنان اقتصاديا وماليا”.