اعلن رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري انه “بعد اكتمال النصاب في مجلس الوزراء، قرر تأجيل الجلسة الى وقت يعلن لاحقا، ريثما يتم تنفيس الاحتقان السائد حاليا في الشارع ويأخذ القضاء مجراه”، معبرا عن اسفه واسف الحكومة “لسقوط الضحايا”، متمنيا “الشفاء العاجل للجرحى”.
وابدى الرئيس الحريري ارتياحه “للتجاوب الكبير بين جميع الافرقاء لحل المشكلة التي حصلت”، مؤكدا ان “الاولوية بالنسبة للمواطنين، ليس الخطابات السياسية التصعيدية وانما تحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي”، مشددا على ان “الامن بالنسبة لي خط احمر”.
وبعد رفع الجلسة، تحدث الرئيس الحريري للصحافيين فقال: “بداية اود ان اعلن باسمي وباسم الحكومة عن اسفنا العميق للضحايا والجرحى الذين سقطوا خلال اليومين الماضيين، فدماء كل شاب لبناني غالية علينا جميعا ولأي حزب انتمى. أوجه تعازينا الحارة لاهل الضحايا، متمنيا الشفاء العاجل والسلامة للجرحى وان يتجاوز الجبل وكل لبنان هذا القطوع”.
اضاف: “هناك اخبار كثيرة صدرت في وسائل الاعلام حول تفجير جلسة مجلس الوزراء، الا ان ما حصل اليوم هو ان النصاب كان مكتملا وأتى الوزراء، ولكن كما تعلمون هناك مشكلة في البلد وبسببها قررنا ان نعطي انفسنا بعض الوقت، وانا وافقت ان أرأس حكومة وفاق وطني، لا حكومة خلاف وطني”.
وتابع: “نحن بحاجة الى 48 ساعة لتنفيس الاحتقان، لذا قررت تأجيل الجلسة، ولكي يأخذ القضاء مجراه. وقد تم اليوم تسليم بعض المطلوبين، كما القى الجيش اللبناني القبض على مطلوبين اخرين والقضاء سيأخذ كل الخطوات لمعاقبة من ارتكبوا هذه الجريمة”.
ثم دار حوار اجاب في خلاله الرئيس الحريري على اسئلة الصحافيين، فسئل: هل ستحال الحادثة على المجلس العدلي؟
أجاب: “ما يهمنا هو النتيجة، وأن يحال من ارتكب هذه الجريمة إلى القضاء الذي سيكون حاسما في هذا الشأن، ولا أحد سيمانع في ذلك، وهناك تعاون كبير من قبل كل الأفرقاء. للأسف هذا الأمر حصل ولكن ماذا نفعل؟ هل نفجر الوضع أم نحاول ضبط الخلاف واعطاء القضاء الفرصة للعمل وأن تقوم الأجهزة الأمنية والعسكرية بواجبها؟ الخلاف اليوم ليس على المجلس العدلي أو غيره، ما يهمنا هو نتيجة ما سيحصل وتسليم من ارتكب هذه الجريمة. وأنا أرى أن هناك تجاوبا كبيرا جدا من قبل كل الأطراف، وهذا ما يهمني، ما هي القضايا التي حلت في المجلس العدلي وما هي نتائجها؟ وبعد ذلك نتحدث بالمجلس العدلي. هذا ليس انتقادا للمجلس ولا للقضاء، لكني أرى أن الطريقة التي تحصل اليوم هي أفضل وأسرع وفي النهاية القضاء سيقوم بعمله”.
سئل: ما هو موقفك مما حصل من إغلاق للطرقات في وجه رئيس أكبر تكتل مسيحي؟
أجاب: “لكل شخص الحق بأن يتحدث بما يريد في هذا البلد. هذا الأمر ينص عليه الدستور. كل ما نقوم به هو معالجة ذيول الحادثة التي وقعت يوم الاحد وسالت بنتيجتها الدماء. لكل تحليلاته السياسية. أما بالنسبة إلي، بإمكان اي شخص أن يتحدث في أي مكان يختاره، اما ردة فعل أهالي المنطقة حياله فهو مسؤول عنها. فإذا قررت يوما ما أن أذهب إلى مكان أعرف مسبقا أنه سيتسبب برد فعل سلبي لدى الاهالي، فعلي أن أتحمل نتيجته. لكن الأمن خط أحمر بالنسبة إلي”.
سئل: هل تعمل على تخفيف حدة الخطاب السياسي والاحتقان في البلد؟
أجاب: “أنتم تعرفون أنه بالنسبة إلي الخطاب السياسي لا “يطعم خبزا”. ما “يطعم خبزا” هو أن ننفذ خطة الكهرباء وخطة “سيدر”، وأن نرفع إيرادات الدولة وأن يتخرج أولادنا من المدارس ويعود الأستاذة إلى الجامعة اللبنانية. أما الخطاب السياسي فهو يعبر عن وجهة نظر حيال الأمور، لكنه لا “يطعم خبزا”. العمل الحقيقي الذي يهم الناس هو انجاز الموازنة والاجتماعات التي نقوم بها مع مؤسسات كصندوق النقد الدولي وغيره، وأننا بصدد وضع ورقة النازحين على طاولة مجلس الوزراء”.
اضاف: “أريدكم أن تعرفوا أمرا واحدا، نحن في بلد من المؤكد أنه ستحصل فيه خلافات، ولكني أتمنى على الإعلام بشكل خاص، ألا يضخم الأمور التي يتم فعليا حلها، وهناك خيرون كثر. فالرئيس نبيه بري يعمل، رئيس الجمهورية العماد ميشال عون كذلك، ووليد بيك جنبلاط منفتح، وكذلك الامير طلال أرسلان و”حزب الله” وحركة “أمل” وتيار “المستقبل”، جميعنا منفتحون من أجل إيجاد الحلول، ولا أحد يريد أن يفتعل مشكلا في البلد. اليوم حصل ما حصل وأمامنا خياران، إما أن نضخم الأمور أو نعمل على سحب الفتيل من المشكل. أنتم كاعلاميين تمثلون صورة لبنان، وأنا اليوم أتمنى عليكم ان تقدموا صورة جميلة عنه”.
سئل: كيف ترى تأخر وصول وزراء “تكتل لبنان القوي” الى السراي؟ وهل هو استهداف لمجلس الوزراء؟
أجاب: “كلا أبدا، انهم جميعا موجودون هنا، وأنا أؤكد لكم أن “تكتل لبنان القوي” لم يشأ تعطيل الجلسة، إنما أنا ارتأيت تأجيلها”.
سئل: لماذا إذا تأخر انعقادها؟
أجاب: “لأننا كنا نتشاور وارتأيت تأجيلها. لكن دعوني أقول لكم: إذا أراد أحدهم أن يلعب هذه اللعبة معي فإني أنا من سيتخذ موقفا”.
سئل: هل صحيح أنك شخصيا ضد إحالة الجريمة على المجلس العدلي؟
أجاب: “ما يهمني هو الوصول الى نتائج، فاذا تم تسليم المرتكبين، لماذا الذهاب إلى المجلس العدلي؟ لنكن منطقيين وعمليين ونعمل على خفض حدة الخطاب السياسي. فما الذي قدمته هذه المواجهات في الخطابات السياسية سوى الاحتقان وغيره مما يحصل في البلد. صحيح أن هناك أخطاء حصلت، لكني أنظر إلى المواطن اللبناني والى ما يحتاجه، فهو يريد تنفيذ مؤتمر “سيدر” والانتهاء من الموازنة وتأمين الكهرباء، وهذا يدل على ان اهتمامات المواطنين في مكان آخر، وعلينا ان نعمل على تحقيق هذه المطالب. حصلت نقاشات مطولة في مجلس النواب حول الموازنة وغيرها وهذا امر مهم جدا”.
سئل: لكن “التيار الوطني الحر” قال أنه لن يحضر الجلسة ما لم تحال الجريمة على المجلس العدلي؟
أجاب: “نحن والتيار الوطني الحر وكل الأفرقاء في الحكومة، نعرف أن هناك مشكلة يجب ايجاد حل لها، ولا يظنن أحد أنه في مكان ما، بإمكانه أن يضع فيتو علي. من يضع علي فيتو أضع عليه فيتويين. هذا الكلام أوجهه لكم في الإعلام، لكي لا تقرأوا في تأجيلي للجلسة أمرا سلبيا، بل على العكس هو أمر إيجابي، لكي نحل المشكلة. ونأمل انه خلال 48 أو 72 ساعة نكون قد تمكنا من ذلك مع سعاة الخير”.
سئل: نحن قرأنا في تأخر وصول وزراء “تكتل لبنان القوي” ساعة ونصف الساعة وكأنهم يقولون الأمر لي؟
أجاب: “هذا ما تودون أنتم تفسيره. في النهاية وزراء التكتل حضروا، وأنا اجتمعت مع كل الوزراء، وزراء الحزب التقدمي الاشتراكي والوزير علي حسن خليل والوزير صالح الغريب، وبعدما رأيت أن الجو محتقن، مارست دوري كرئيس حكومة في تنفيس الاحتقان ولا زلت اعمل على سحب هذا الفتيل بهدوء”.
سئل: لماذا يلعب اللواء عباس إبراهيم دور الإطفائي وليس أنت؟
أجاب: “جميعنا نحاول إطفاء الحريق وليس فقط اللواء عباس إبراهيم. كما أني حر كرئيس حكومة أن أستعين باللواء عباس إبراهيم أو بغيره. في النهاية، أود أن أطمئنكم أن الحكومة بألف خير والوفاق بألف خير وإن شاء الله اليوم مساء أو غدا صباحا تعرفون متى ستكون الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء، وإن شاء الله تحل كل الأمور”.