الجمعة , 27 ديسمبر 2024

الراعي في قداس سجدة الصليب: ليطو كل منا صفحته العتيقة ويبدأ فجرا جديدا مع فجر القيامة

ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي رتبة السجدة ودفن المصلوب في كنيسة القيامة في بكركي، في حضور الكاردينال نصر الله بطرس صفير ولفيف من المطارنة والكهنة.

وشارك في الرتبة ممثل رئيس حزب “القوات اللبنانية” نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة غسان حاصباني، النائب سامر سعادة، الوزير السابق سجعان القزي، مدير مستشفى البوار الحكومي الدكتور شربل مازار، الرئيس السابق لبلدية جبيل جينو كلاب، رئيس مؤسسة البطريرك صفير الدكتور الياس صفير، رئيس تجمع صناعيي قضاء جبيل جورج خير الله وحشد من المؤمنين.

وألقى الراعي عظة بعنوان: “نسجد لك أيها المسيح ونباركك، لأنك بصليبك المقدس خلصت العالم”، قال فيها: “نحتفل برتبة السجدة لصليب يسوع الذي أتم به سر فداء الجنس البشري، بقبول الآلام والموت طوعا من اجل خطايا كل إنسان. فهو يغسلها بدمه المراق على الصليب، ونحن نتوب عنها منفتحين للغفران من فيض رحمة الله”.

أضاف: “استمعنا بخشوع للأناجيل الأربعة، ورافقنا ربنا يسوع في آلامه وموته. فتأملنا بحب الله اللامتناهي لكل إنسان ليقيمه من ضعفه. فيستطيع القول مع بولس الرسول: “أتى يسوع المسيح إلى العالم ليخلص الخطأة الذين أولهم أنا” (1 تيم 1: 15).

وتابع: “لقد اتضح لنا سر صليب المسيح الذي نسجد له: فهو رمز الحب الإلهي بوجه ظلم البشر. هو علامة تحويل لأكبر فعل ظلم إلى أكبر فعل حب غسل خطايا البشر. هو أيقونة أعظم ذبيحة ذات قدمها بحب بوجه الحقد الأعظم والأعمى. هو طريق القيامة بوجه أداة الموت.
هو علامة الطاعة بوجه الخيانة والتمرد. هو راية النصر، بوجه منصة الإعدام وقوى الإضطهاد”.

وقال: “ثلاثة وجوه ترافق يسوع وتدعونا لنكمل الطريق.
الوجه الأول، مريم أم يسوع. لقد مشت معه طريق الجلجلة بألم الأم العميق، مشاركة إياه بآلامه وموته، وبقوة كلمة “نعم” التي قالتها يوم “البشارة”، وباستذكار كلمة سمعان الشيخ لها، ويسوع طفل ابن ثمانية أيام: “أم أنت فسيجوز قلبك سيف” (لو 2: 35). وهي تسير مع كل أبنائها وبناتها في العالم الذين تسلمت أمومتهم من فم ابنها على الصليب بشخص يوحنا الحبيب : “يا امرأة هذا ابنك” (يو 19: 26).

في “نعم” البشارة أصبحت مريم أم يسوع التاريخي، وفي “نعم” الجلجلة أصبحت أم المسيح السري أي الكنيسة.

إنها مثال كل أم في موقفها تجاه كل متألم في بيتها. ومثال كل امرأة تتكرس لخدمة المتألمين. بل هي مثال كل إنسان يشارك الآخر في وجعه وحالته المرة. إلى مريم يتجه نظر كل امرأة في محنتها لتستمد منها العزاء والقوة. وكذلك نظر كل انسان.

الوجه الثاني سمعان القيرواني الذي سخروه ليساعد يسوع في حمل صليبه. سخروه، لكنه قبل التسخير بحب، وشعر بقوة من نعمة خشبة صليب الفداء. يسوع من قبله وأساسا، قبل حكم إعدامه صلبا وحوله فعل حب عظيم لفداء البشرية جمعاء. هذه لنا مدرسة تعلمنا كيف نحول الشر خيرا، والحرب سلاما، والنزاع تفاهما، والاساءة غفرانا، والخطيئة مصالحة.

عندما يدق الألم باب ذاتنا او بيتنا او محيطنا، ندرك اننا مدعوون، من خلال هذا الالم لنشارك في آلام المسيح لفداء العالم. فنقول مع بولس الرسول: “أتم في جسد ما نقص من آلام المسيح”. هذه هي القديسة رفقا، هذه هي القديسة تريز الطفل يسوع. لا احد يستطيع ان يختار صليبه، بل الصليب يوضع على كتفه، ينبغي ان يكون في جهوزية لحمله. فالمسيح هذه المرة هو الذي يساعده على حمل هذا الصليب، مثلما فعل سمعان القيريني.

الوجه الثالث يوحنا التلميذ الحبيب والاحب على قلبه يسوع. ظل وفيا امينا مخلصا ليسوع حتى اقدام الصليب، من دون خوف، متحديا حقد الصالبين وتهديداتهم. فعل ذلك بقوة الحب الذي في قلبه ليسوع. الحب قوة لا تقهر، وشجاعة لا تخاف، وصمود لا يتزعزع.
لقد مثل يوحنا كل انسان مفتدى بدم المسيح، واصبح بالتالي متحدا بكل انسان، جاعلا اياه اخا له وابنا لمريم، التي اخذها يوحنا خاصته “يا يوحنا هذه أمك” (يو 19: 27).

وختم الراعي: “الى هذه الأم السماوية يلجأ كل انسان في كل حالة من حالات حياته، ولا سيما في كل محنة وصعوبة.

مع موت يسوع طويت صفحة كاملة من تاريخ البشر، وينبغي ان يطوي كل واحد وواحدة منا صفحته العتيقة، لنبدأ فجرا جديدا مع فجر القيامة. فالمسيح مات من اجل خطايانا، وقام من اجل تبريرنا. ونحن نسجد لك ايها المسيح ونباركك، لانك بصليبك المقدس خلصت العالم . آمين”.

والتقى الراعي مدير المخابرات الجديد في الجيش العميد الركن طوني منصور، وكانت مناسبة تمنى غبطته له التوفيق في مهامه الجديدة، منوها بجهود الجيش “قيادة وضباطا وعناصر في توفير الأمن والاستقرار”.

عن Editor1

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *