أخبار عاجلة

شيخ العقل يؤم صلاة الفطر في عبيه ويستنكر أحداث طرابلس: لإخراج البلاد من آتون الأزمات والصراعات

أم شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن المصلين، صبيحة عيد الفطر المبارك، في مقام الأمير عبدالله التنوخي في عبيه، بمشاركة جمع من قضاة المذهب الدرزي ورؤساء لجان وأعضاء والمديرية العامة في المجلس المذهبي ومشيخة العقل ومشايخ.

بعد الصلاة، ألقى شيخ العقل خطبة العيد جاء فيها: “يقر المؤمن حالا وقد أقبل الفطر بعد قرار روحه في السكينة التي حملها الشهر المبارك إلى قلبه واستشعار نعمة الهدى والاستئناس بمكنونات الكتاب بما فيه من “بينات من الهدى والفرقان”. إن ثمرة الطاعة والإخلاص فيها، والإيمان الثابت بسموها على كل العلائق الدنيوية هي ثمرة مباركة لأنها موصولة برضى الله تعالى، ولأنها غير مقصورة على الفرد وحسب، بل شاءها الخالق عز وجل أن تكون نواة إصلاح على درب إصلاح الأمة. فالصيام مقرون بالتقوى كما قال تعالى في كتابه الكريم “يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون” (البقرة 183)، والتقوى في غاية القصد هي التزام روحي صادق بنهج الأخلاق القرآنية أي الدعوة الربانية وفق طاقة المؤمن ومستطاعه عقلا وفعلا واستشعارا في نفسه وفي الآن عينه مع أهله وعشيرته ومجتمعه ووطنه وأمته وإنسانيته التي لا بد من أن تصله بالآفاق الواسعة لخلق الله “وكذلك جعلناكم أمـة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا” (البقرة 143)”.

أضاف: “إن من أعظم النعم التي وهبها الله تعالى لعباده الهدى الذي هو الرشاد والدلالة على النقيض تماما من الضلال والغواية والجهل والجنوح. ومن معانيه السداد والاستقامة والاستبصار النير، وهذه أمور على غاية من اللطافة والشفافية اللتين يرتقي بهما المؤمن الموحد نحو ما شاء له الحكيم من شأن ينفذ به من اللعب واللهو، وفقا لما جاء في الآية الشريفة “وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو” (الأنعام 32)، إلى الطمأنينة في رحاب نور الله ومنه في دنيانا اليوم لطائف معاني الكتاب ومقاصدها الشريفة والبينات والعلم المكنون “بالكتاب المنير” (فاطر 25). والمعاني هي المضامين والمفاهيم والفحاوى في خدمة الإنسان، أي ليعقلها وليفتكرها وليمتثلها وليعمل بها تحقيقا للنفس “المطمئنة” التي ترجع إلى ربها “راضية مرضية” (الفجر 28)، إذ هي النفس التي كانت في الدار الدنيا شاهدة على الناس بالحق والصدق والعدل ومكارم الأخلاق، وأيضا بالخير والمواساة والمروءة والبذل والسماحة بين الخلق الأقربين منهم والأبعدين. هكذا، يكون الفطر احتفاء بثمرات النعمة نعمة الهدى واستبشارا بها لما فيها من سبب إلى رضى رب العالمين “يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين” (آل عمران 171)”.

وتابع: “القيم الإنسانية المستقاة من معين الرسالة هي إلى ذلك تغذي المشتركات الإنسانية السامية في كل مكان. ولا شك لدينا على الإطلاق بأن تلك المشتركات هي عامل أساسي، بل ضروري، من عوامل الاستقرار والإنتظام والمعقولية في المجال العام، المحلي والدولي، في واقع تعدد الأمم، وفي واقع إقرارها الظاهر بحقوق الإنسان وبمبادىء العدل والسلام”.

وقال: “نحن في لبنان، نأسف بشدة لما تشهده البلاد من تخبط على مستوى الادارات وعلى مستوى التراشق الاعلامي الحاصل بين اهله. ونحن في لبنان لطالما تغنينا بأنه بلد الرسالة والحرف والحداثة، ولم يكن ذلك مفتقدا إلى أساس يدعمه، بل هو أيضا بلد “العيش معا” والميثاقية والفسحة الإنسانية التي لطالما التقى في أرجائها طالبو الحرية والكرامة والملاذ الرحب الذي هو اساس وجود لبنان، فإلى أين تذهب الأمور به في أيامنا هذه؟ نريدها أن تذهب إلى الدولة المستقرة العادلة الآمنة، دولة القانون والمؤسسات والإدارة النظيفة، دولة الآليات الديموقراطية المنتجة يطبق فيها مبدأ فصل السلطات بمنهجية إيجابية لأن في هذا المبدأ ضمانا لفاعليات الرقابة والمساءلة والانضباط الوطني البناء. دولة القضاء وإعلاء حكم القانون الذي يثبت نزاهته بعدالة أحكامه وصوابيتها وصلاحيتها كمرجعية يسترشد بها الناس في تدبيرهم المدني من حيث هم مواطنون في دولة سوية. ونريدها هذه الدولة، الآن قبل غد، ببرنامجها الإصلاحي، وبرؤيتها المستقبلية، وبديناميتها التي تجابه بها التحديات بحكمة وأداء عال، لإخراج البلاد من أتون الازمة المالية اولا ، وابعاد كافة الصراعات الدولية والاقليمية ثانيا، وتحصيل حقوق لبنان في ثرواته ثالثا”.

أضاف: “تنبهوا واستفيقوا إلى الحالات الشعبية التي باتت مشحونة من جراء تفاقم الكلام عن الفساد والتبعيات العقيمة والارتهانات الفئوية، تنبهوا واستفيقوا وكل الأدوات التي من شأنها النهوض بلبنان وإمكاناته الكبيرة هي الآن رهن أيديكم ومسؤولياتكم. نريد أن يحسن التمييز بين وسائل التنافس السياسي المشروع من جهة، وبين الأولوية المطلقة في الشأن السياسي للمصلحة الوطنية العليا لأن بها نعبر جميعا إلى ما نصبو إليه من مناعة لبنان وتمتين مقومات صموده وازدهاره. المطلوب هو الارتقاء بالأداء السياسي وفعاليته إلى مستوى خطورة الأوضاع الراهنة المعروفة لدى الجميع”.

وتابع: “كل الرهانات المختلفة عن الرهان الوحيد المقبول وهو المصالح الوطنية العليا التي يجب أن تلتف حولها كل القوى، هي رهانات معوقة وضارة. والحكومة شكلت تحت شعارات مشابهة لما ندعو إليه، لذلك يجب أن تقرن الأقوال بالأفعال بعيدا من كل ما يوهن الساحة الداخلية في الوقت الذي يجب أن تكون فيه قوية منيعة متماسكة درءا لكل الأخطار. ندين التعرض للمؤسسات الامنية وما حصل بالامس في طرابلس. ونتقدم من قيادة الجيش وقوى الامن الداخلي بالتعزية بشهداء الوطن”.

وختم حسن: “نسأل الله تعالى في مناسبة الفطر المبارك أن يلهمنا إلى كل خير، وأن يسدد تدبيرنا إلى ما فيه الصلاح والفلاح لشعبنا وبلدنا، راجين أن يعيده على كل اللبنانيين وهم في طمأنينة ونهوض ووئام وسلام. وسائلينه أن يعيده على شعوب أمتنا العربية والإسلامية بالاستقرار والأمان، وأن يرفع بلطفه ومنته الشدة عن الشعوب التي ترزح في هذه المرحلة تحت مقاساة الصعوبات وجائحات الأيام، وأن ينصر شعبنا في فلسطين المتمسك بأرضه ومقدساته ووطنه وهويته وحقوقه بعونه ومدده ونصره إنه هو القوي القدير”.

عن Editor1

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *