أكد وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، في عشاء تكريمي أقامته بلدية الحدت بعد جولة في منطقة بعبدا، ان “على لبنان السيادي ان يحيد عن الطاولة الاوراق التي تلعب ضده في موضوع النزوح واللجوء ليحصن وضعه واقتصاده وليواجه كل هذه الحالات التي تهدد كيانه ووجوده”، مشددا على التمسك بالشراكة الوطنية وعدم التخلي عنها تحت اي تأثير او اي تهديد”.
وقال باسيل: “جميل ان يكون الانسان في قضاء بعبدا، وجميل ان ينهي نهاره في الحدت”، مشيرا الى “ما تركته بعبدا والحدت في قلبنا وفي فكرنا وفي ذاكرتنا من إرث نضالي كبير، تاريخها معروف، فعندما كان اللبناني يخاف ان يعمل أي أمر كان يأتي الى الحدت ليقوم به، لان الحدت لا تخاف. هذا هو تاريخ بلدة الحدت وهذا ما علمتنا اياه، وهذا الذي عشناه على مر السنين وحفظناه فيها، كانت الملجأ لنا حيث كنا نأتي لنطرد الخوف ونعيش الحرية ولنعبر بكل الطرق ونتذكر ان هناك اناسا استشهدوا هنا وقاوموا وصمدوا لكي نبقى نحن، وعندما نكون في الحدت نحس دائما بالرهبة خصوصا عندما تكون مع اصدقاء تتذكر معهم “الرفقة الحلوة” وتفكر انك في منطقة مقاومة، واليوم في بلدية مقاومة”.
اضاف: “يوجد أمامي مشاريع انمائية في الحدت ولن اتحدث عنها، لاننا عندما نتحدث عن المقاومة في الحدت، نعرف جيدا ان الانماء هو وسيلة من وسائل المقاومة، كالحصول على المياه وتحسين الصرف الصحي في القضاء. وقد زرنا اليوم سد القيسماني وسررنا عندما رأينا سدا طالتنا منه السهام، وأقل الامور ان ننجز في بعبدا سدا صغيرا، وكم نتعرض للاساءة لاننا ننفذ امورا جيدة للبلد، كما تعرضنا في السابق لاننا كنا نقاوم ونتحدث عن الحرية والسيادة والاستقلال”.
وتابع: “ان كل دولة لديها إمكانياتها يمكن ان تنفذ هذه الامور، ولكن ليس كل بلدية وكل شعب يعرف معنى الكرامة ويعيشها. وعندما نحتاج الى الكرامة والحرية نأتي الى بعبدا والحدت، حيث تستحضرهما وتعيشهما وتعبر عن حالك. لهذا هناك فرق بيننا وبين باقي الدول في التفكير في مسألة الحرية والكرامة، ولهذا ترانا نختلف عنها، أكان في موضوع الجنسية او في موضوع الأرض ولا سيما ان الأرض ليست مساحة أمتار مربعة للبيع، بل هي إرث نحمله، وللامانة علينا ان نسلمها لاولادنا، اما الجنسية فهو أمر يعبر عن هويتك، ولهذا، نختلف في تراثنا عنهم في التجنيس او النزوح”.
وأعلن ان “بلدية الحدت سباقة في موضوع النزوح وتعطي المثل لغيرها، وهذا ليس لانها لا تحب الشعب الآخر او انها تميز بين الناس، خصوصا وان كل دولة ملزمة ان تميز شعبها عن الشعوب الاخرى، فهل هذه عنصرية؟ وما نجده في قوانين العمل، مثلا في القانون الفرنسي، هل يسمح للاجنبي ان يعمل في فرنسا او لا يعمل؟ ولماذا في قانون العمل اللبناني لا نسمح لكثير من الجنسيات ومنها السوري الا العمل في ميادين معينة مثل الزراعة والبناء، فهل هذه عنصرية؟. او لان الدولة في طبيعة الحال وفي العمل او في الضريبة او في الإستثمار او في الجنسية تميز شعبها عن غيره، وعندما تأتي لتطبق القانون ولتحمي اليد العاملة اللبنانية تمارس عملا سياديا لتطبيق القانون على ارضك، وهذا كل ما هو مطلوب منا ان نفعله. عندما صرخنا منذ سنتين انه لا يوجد الا البلديات في نطاقها البلدي لان تمارس صلاحياتها، واذا كانت كل بلدية تنفذ هذا الامر سنحل قسما كبيرا من مشكلة النزوح؛ فاللبنانيون يحق لهم ان يفتحوا المحلات، لانهم يدفعون الضريبة والكهرباء والايجار والمياه، وكل من يخالف يعاقب، وكذلك فإن العامل الذي ينافس العمالة اللبنانية مخالف، وعليها ان تعاقبه وتجازيه، وهذا ما رأيناه في الحدث لانهم يعرفون قيمة أرضهم والهوية وحماية كل ما هو لبناني ووطني ويحافظون عليه”.
وأشار الى ما قاله الرئيس الاميركي دونالد ترامب بأن “النازح يكلف المجتمع الدولي عشر مرات أقل مما يكلفه في اوروبا”، ولم يعترضه احد. ولكن اذا قلنا هكذا امر فيكون غير مقبول لا سيما واننا لا نعرف ان نمارس هذا الحق السيادي على أرضنا. وعلى سبيل المثال، يحق لتركيا ان تفعل ما فعلته مع اوروبا تحت تهديد فتح الحدود، ويحق لهم ان يفعلوا ما يفعلوه ومقابل كل قرش مساعدة لنازح سوري يريدون مساعدة لهم، ولكن نحن لا يحق لنا بذلك، لاننا نرتضي على انفسنا امورا لا يرتضيها الغير على نفسه. وعندما تكون ابن هذا التاريخ فانك لا تقبل بهذا الامر خصوصا وانك رفضت امورا ثانية، ومن غير المعقول ان تقبل بان تطبق هذه المفاهيم”.
وأعلن ان “التيار الوطني الحر” سينظم في 15 الحالي مؤتمرا للبلديات، “حتى نتمكن في عملنا البلدي والشعبي من تغطية عجز الدولة في هذا المجال، والتي عجزت الى اليوم عن قصد ان تحل مشكلة النزوح، وعلى الاقل في الجزء الذي لا يتناقض مع القوانين الدولية ولا مع كرامة وامان النازح السوري بان يعود الى أرضه، وان نحمي لبنان واللبنانيين من الأمور غير الشرعية ومن الحالات التي من غير المسموح ان تستمر هنا، ومن الاماكن التي حدثت فيها أضرار. ونذكر انه حتى في اوروبا يتم استعمال السلاح باتجاه السفن التي تنقل النازحين، وكذلك، الدول العريقة بالديموقراطية وحقوق الانسان لا تستقبل النازحين بل تتركهم في البحر او تطردهم اذا وصلوا الى ارضها. ونحن لا نريد ان نفعل اي من أمر من هذه الامور، ولا نريد ضرب أحد، بل نود ان ننفذ قوانينا”.
وقال: “الذي لم يعد نازحا اقتصاديا، عليه ان يعود الى بلده بشروط الامان والكرامة، وهكذا نحمي اقتصادنا ونحمي اليد العاملة، واذا تضامنت البلديات كافة في هذا العمل نكون قد عالجنا قسما كبيرا من المشكلة، وكما نقوم بالموازنة وبالسياسة الاقتصادية، نقوم عن طريق النزوح بتخليص اقتصادنا من عبء وحمل كبيرين، وهذا الكلام سنظل نتكلم به، ولكن الاهم ان نترجمه نحن واياكم لاسيما ان الموازنة انتهى البحث بها”.
وتساءل: “كم من الوقت سيؤجلون موضوع النزوح، وكم سنؤجل طرح ورقة سياسة. علينا ان نؤمن المتطلبات اللازمة للقانون الدولي، خصوصا وان لبنان لم يخرج في اي مرة عن القانون الدولي، ولا عن احترام حقوق الانسان ولا عن محبته للشعب السوري وحرصه عليه. ولاننا نريد كرامة الشعب السوري نود ان يعود آمنا وكريما الى بلده، وهكذا حافظ على كرامته وهكذا نحافظ على دولة جارة لنا بتنوعها. ولا يمكنك ان تنزع منها شعبا اصيلا وتستبدله بارهابيين وتحميهم وتمولهم”.
اضاف: “يقال ان داعش انتهت، كلا لم تنته بل لها كل يوم اسم، ولها اليوم مربع امني كبير جدا في سوريا محمي بالدول الكبيرة، ليبقى الارهاب يتهددنا وليبقى موضوع النزوح ورقة سياسية تستعمل، وقد حان الوقت لاستعمالها. والآن يجب على لبنان السيادي ان يرفع عن الطاولة الاوراق التي تلعب ضده في موضوع النزوح واللجوء، ليحصن وضعه واقتصاده ويواجه كل هذه الحالات التي تهدد كيانه ووجوده، وهذه الامور لا يتفهمها الا الذين يعيشون حقيقة هذا الوضع ويعرفون انهم دفعوا الثمن غاليا جدا لاستقلالهم وسيادتهم، ولهذا فانهم يبعدون الامور السيئة عنهم لا سيما وان إبعادها افضل من معالجتها بعد وقوع الواقعة”.
وتابع: “نتأمل من هنا، من الحدت، ان نكون على مستوى التضحيات التي وضعت، وعلينا ان نفعل سياسة وطنية بالحد الادنى مع كل ما نتعرض له ومع كل ما نواجهه بالاقتصاد والمال والفساد والتجني وعلينا ان نتمسك بموضوع الشراكة الوطنية وان لا نتخلى عنها تحت اي تأثير او اي تهديد، لاننا نعرف جيدا كيف نلعب لعبة التوازنات الوطنية وكيف نبقى جسر عبور بين كل الناس وكيف نحافظ على حالنا وعلى غيرنا وكيف نحمي حقوقنا وحقوق غيرنا وكيف نعيش توازننا الوطني وتوازننا الداخلي في قلب مجتمعنا، ولكن في الوقت نفسه علينا ان نتمسك باليد الثانية جيدا وبوطننا وسيادته وحريته لان علينا ان ننتبه من المشروع الجديد، ومن المؤكد انه يمكننا ان نواجهه كلبنانيين وحدنا من هذه الارض وننتصر عليه لانه ليس اقوى منا وليس اقدر منا”.
وقال: “علينا ان ننتبه، لاننا نعرف اننا نحافظ على الامانة وعلى الارض الغالية وعلى سيادة واستقلال وحرية الوطن، وفي هذا السياق يوجد معنا اليوم جو رحال الذي نفتخر بوجوده وهو من اصحاب الارادات الصلبة الذين يصنعون من الضعف قوة ويمكنهم استنباط كل الوسائل المتاحة للبقاء في ارضهم، وهذا هو الحلم الذي عشنا من اجله ونحن مؤتمنون للحفاظ عليه”.
وختم:” انا سعيد اننا نلتقي مرة ثانية في هذا المكان ونأمل بزيارات ثانية ولاحقة. اليوم كنا في الشياح وسنكون في اماكن أخرى لنتأكد نحن واياكم رغم كل ما يحدث اننا بالف خير، لان ارادتنا وايماننا لم يتزحزحا، وطالما هما بخير لا شيء يجب ان نخاف عليه، وضعنا مازال بالف خير وقدرتنا على المواجهة “كتير منيحة” وتفاهماتنا التي اسسناها على كل المستويات “كتير منيحة”، ونحن جميعا بحاجة الى بعضنا البعض في الوطن، ولا تخافوا لا يمكن لاحد ان يستغني عن الضمانات التي نقدمها للبنانيين لان الجميع يعلم اننا لا نخطئ ولا نتخلى بل نحن نحفظ لبنان، أرضا وشعبا، حتى الذين ينقلبون علينا ويطعنوننا خصوصا”.
وختم: “هذا البلد بحاجة للجميع، وليطمئن الجميع ممن يخالون ان الهجمة كبرت، ونقول بانها ما زالت خفيفة جدا، والحمل ما زال خفيفا وقدرتنا على المواجهة لا يعرفها الا اهل الحدت، ففي تلك الايام حيث لم يكن هناك احد كانت توجد وقتها “المرجلة”، ووقفنا وحدنا وواجهنا وانتصرنا، واليوم سنواجه مرة ثانية وننتصر وتنتصروا معنا. عشتم. عاشت الحدت. عاش لبنان”.
وقد حضر العشاء، وزيرا الدفاع الوطني الياس بو صعب والزراعة حسن اللقيس، سفيرة الفليبين برنارديتا ليونيدو كاتالا، النائب ابراهيم كنعان، النواب حكمت ديب، الان عون، سيزار ابي خليل، ماريو عون، النائب السابق ناجي غاريوس، مدير المراسم في رئاسة الجمهورية الدكتور نبيل شديد، رئيس المجلس الدستوري عصام سليمان، مدير مياه بيروت وحبل لبنان جبران جبران، قائد الدرك مروان سليلاتي، رؤساء الاتحادات البلدية ورؤساء اكثر من ثلاثين بلدية في القضاء، مخاتير الحدت، رئيس دير مار انطونيوس الكبير الأب جورج صدقة، رئيس الجامعة الانطونية ميشال جلخ، النقباء عصام خوري، شكيب قرطباوي وانطونيو الهاشم، رئيس المؤسسة المارونية للانتشار شارل الحاج، الروابط العائلية في الحدت، مناصرو “التيار الوطني الحر”، وشخصيات سياسية واجتماعية وعسكرية.
استهل الحفل بكلمة رئيس البلدية جورج عون اكد فيها ان “الإستقرار السياسي مدخله احترام الميثاق الوطني والدستور والشراكة الوطنية..شراكة تم تصحيحها بإعادة إنتاج السلطة الدستورية التي عادت الى الى توازنها في موقع رئاسة الجمهورية وفي الحكومة، وأخيرا في مجلس النواب بفعل قانون الإنتخاب الذي حقق نسبة عالية من صحة التمثيل”.
اضاف: “أما الإستقرار بمعناه الأمني فغايته وأولى أولوياته هو منع إنتقال نيران المنطقة المشتعلة الى لبنان، وهذا ما نجح العهد في تحقيقه، بما اعتمده من خيارات عالية الحكمة والمسؤولية.. فجرى التعامل مع الإرهاب إستباقيا وردعيا ومواجهة. وفي هذا الإطار وبفضل إستبسال وتضحيات جيشنا ومقاومتنا تحقق لنا تحرير الجرود ووقف التفجيرات وملاحقة الخلايا النائمة”.
وتابع: “وفي سياق متصل كان للعهد موقف واضح وحازم من مسألة النازحين السوريين، وكانت ذروته من على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث أعلن فخامة الرئيس بالحرف “أن لبنان هو سيد قراره وهو يقرر عن نفسه في قضية النازحين وفي سواها “.قرار حر ومسؤول نترجمه في بلديتنا إجراءات ووقائع باتت نموذجا لما يمكن للبلديات أن تقوم به إزاء أخطر وأصعب تحد ديموغرافي وأمني وإجتماعي وإقتصادي يمكن أن يواجهه لبنان”.
وأردف: “الإستقرار بمعناه السياسي والأمني، وإن تقدم على ما عداه في أجندة العهد، فإنه لم يحجب إنصرافه الى معالجة الشق الإقتصادي والإجتماعي والإصلاحي، وليس إقرار مشروع الموازنة العامة وإطلاق حملة واسعة وغير مسبوقة لمكافحة الفساد وتفعيل دور القضاء والأجهزة الرقابية سوى نماذج ومؤشرات على انكباب جدي وحقيقي في مقاربة المسألة الإقتصادية وتلازمها مع عملية بناء الدولة وإستعادة ثقة المواطن بها. وفي صلب وعين هذا كله كان الوزير الإستثنائي المهندس جبران باسيل.. بصماته في كل موقع وملف وإنجاز.