فاجأ ترشح الرئيس السابق محمود احمدي نجاد المراقبين والرأي العام في الجمهورية الاسلامية لا سيما بعد النصيحة الارشادية التي وجهها قائد الثورة الاسلامية السيد علي الخامنئي لاحمدي نجاد بعدم الترشح بغية اجراء انتخابات هادئة دون توترات .
احمدي نجاد اعتبر نصيحة السيد الخامنئي ارشادية وليست مولوية اي انها ليست امرا ولائيا وهي نصيحة في السياسة ، لكن لماذا ترشح احمدي نجاد وما هو السيناريو الذي يخطط له ؟
ثمة شعور قوي لدى احمدي نجاد وانصاره بان مرشح التيار المحافظ الشيخ ابراهيم رئيسي (رئيس العتبة الرضوية) لن يكون قادرا على منافسة المرشح القوي الذي يجتمع حوله كافة الاصلاحيين بمختلف اطيافهم اي الرئيس الحالي الشيخ حسن روحاني .
لهذا اعتمد الرئيس احمدي نجاد تكتيكا يهدف الى تشتيت اصوات الناخبين بين اربعة مرشحين رئيسيين هم : روحاني، احمدي نجاد ، ابراهيم رئيسي وحميد بقائي ( المعاون السابق للرئيس احمدي نجاد ) . هذا التشتيت اذا ما نشطت الماكينة الانتخابية لاحمدي نجاد بقوة وفعالية سيؤدي بالضرورة الى دورة انتخابية ثانية حينها سينسحب احد المرشحين المحافظين لصالح الاخر مع ارجحية انسحاب احمدي نجاد لصالح بقائي لا سيما انه اعلن في مؤتمره الصحفي ان هدفه الرئيس من الترشح هو دعم المرشح بقائي .
فماذا سيحقق احمدي نجاد من هذه الخطوة التكتيكية ؟
اولا سيحرم منافسه الاصلاحي الشيخ حسن روحاني من تحقيق فوز ساحق وسيكون خجولا ، والثاني قد تحصل مفاجأت كما في انتخابات عام 2008 عند فوز احمدي نجاد على منافسه مير حسين موسوي ، الا ان المتتبع الدقيق للشأن الايراني والدورات الانتخابية الرئاسية منذ انطلاقة الثورة اسلامية عام 79 يرى بما لا يرقى الى الشك اي رئيس ينتخب يفوز بالضرورة في الولاية الثانية ما يعني ان حظوظ الرئيس روحاني لا تزال قوية ومرجحة رغم الانتقادات اللاذعة التي وجهها التيار المبدئي المحافظ لسياسات حكومته لا سيما الاقتصادية منها وعدم قدرته على تقديم مقاربة ناجحة للوضع الاقتصادي والمعيشي بالاضافة الى عدم تحقيق الاتفاق النووي الاهداف الاقتصادية المرجوة بسبب استنكاف اميركا وبعض الدول الغربية عن الالتزام ببنود الاتفاق ورفع العقوبات الاقتصادية المفروضة ضد ايران حتى هذه اللحظة .
واللافت في هذه الانتخابات الرئاسية المقررة في 19 ايار/مايو القادم عدد المرشحين حيث تجاوز عددهم 287 بينهم شباب بعمر 18 عاما و ومشاركة 13 امراة .ومن المرشح ان يرتفع هذا العدد في فترة تسجيل المرشحين التي بدأت الثلاثاء الماضي وتنتهي السبت القادم ، على ان يبدأ مجلس صيانة الدستور البت بصلاحية المرشحين .
ويبدو ان المشهد الانتخابي الايراني هذه العام سيكون حاميا وتنافسيا بامتياز وبمشاركة مليونية واسعة لا تقتصر على الناخبين الاصلاحيين و المحافظين بل سينسحب على الشريحة الثالثة الصامتة .
ويجري في ايران منذ انتصار الثورة الاسلامية انتخابات رئاسية كل اربع سنوات حيث كان اول رئيس للجمهورية الفتية الشهيد رجائي وتعاقب على الرئاسة حسب الترتيب كل من محمد علي رجائي ، السيد علي الخامنئي ، الشيخ علي اكبر هاشمي رفسنجاني، السيد محمد خاتمي ،محمود احمدي نجاد و الشيخ حسن روحاني .
وتشهد الانتخابات الرئاسية عادة منافسة شديدة لاهمية موقع الرئاسة في النظام السياسي الايراني، فهو الموقع الثاني بعد قائد الثورة الولي الفقيه ، وقد تصل فيها نسبة المشاركة الى حوالي الثمانين بالمئة، وكانت اخر مشاركة قبل اربعة سنوات بفوز الرئيس حسن روحاني بنسبة وصلت الى 72.7 بالمئة .
اشارة الى ان ايران بعد الثورة الاسلامية تخضع لانتخابات بمعدل مرة كل عام وهي تشمل الانتخابات الرئاسية، مجلس خبراء القيادة ، مجلس الشورى ، المجالس المحلية والمجالس البلدية في مشهد قل نظيره في دول المنطقة ما يشي بحجم الحراك السياسي والتجدد والديموقراطية والتعددية في المجتمع الايراني .
وتحضر المرأة بقوة في الانتخابات لا سيما الرئاسية منها حيث تسجلت حتى اللحظة 13 امراة لمنافسة الرجال على موقع الرئاسة هذا العام . فيما تشهد الانتخابات مشاركة واسعة من شريحة الشباب ، وقد منح الدستور الحق لمن بلغ 15 عاما الادلاء بصوته والتعبير عن رأيه في صناديق الاقتراع .
ويشرف مجلس صيانة الدستور أعلى سلطة رقابية في ايران برئاسة اية الله الشيخ احمد جنتي على الانتخابات من بداية البت بصلاحية المرشحين واهليتهم وصولا الى البت بصحة الانتخابات وبطلانها او الطعون المقدمة فيها .
شبكة أخبار لبنان
بقلم د. محمد شمص