رأى رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع أن “في لبنان نظاما تعدديا لا نسميه طائفيا”، وقال إن “أي لعب بهذا النظام يشكل خطرا على لبنان”. واستبعد “أي لقاء بين القوات وحزب الله، لأن مشروع الحزب هو مشروع أمة ونحن في وطن وهو في وطن آخر”.
ووصف جعجع صفقة القرن بأنها “صفقة وحيد القرن” لافتا الى أنها “لا يمكن أن تنجح، لأنه لا يمكن أن يكون هناك مشروع سلام في المنطقة ويتم التمهيد له بنقل السفارة الأميركية الى القدس والموافقة على ضم الجولان للكيان الإسرائيلي”.
ولاحظ “أن المواجهة بين الولايات المتحدة وإيران هي مواجهة جدية وليست مجرد عرض عضلات، وأن تحولها الى مواجهة عسكرية يعتمد على موقف إيران، التي تدرس خطواتها عادة بعناية فائقة”.
كان جعجع يتحدث لدى لقائه في معراب، مجلس نقابة محرري الصحافة اللبنانية برئاسة النقيب جوزف القصيفي، في حضور رئيس جهاز الإعلام في القوات اللبنانية شارل جبور ومديرة مكتبه أنطوانيت جعجع ورئيس دائرة الإعلام الداخلي مارون مارون.
استهل النقيب القصيفي اللقاء شاكرا حسن الإستقبال، وقال: “إن زيارتنا هي في إطار جولاتنا على القيادات السياسية للبحث في المواضيع الوطنية والمهنية، فالوقت دقيق وحساس وقد آن الأوان لترشيد الخطاب السياسي بروح من الإنفتاح والمحبة، ومن واجب القيادات الوطنية وفي طليعتها القوات اللبنانية أن تكون دائما على تواصل للتوافق على خطوات لإنقاذ لبنان”.
أضاف: “نحن نعاني من مشكلات عديدة. فالصحافة الورقية مهددة، وكذلك قطاع الإعلام عامة، وقد تقدمنا بمقترحات نرجو دعمكم لإقرارها وإيجاد الوسائل اللازمة لمنع البطالة في هذا القطاع، وعودة من هجروا الى المهنة. كما نطلب من القيادات السياسية التي رفعت دعاوى بحق الصحافيين، سحب هذه الدعاوى، وذلك لخلق جو جديد بين السياسة والصحافة، ونشكر سلفا كل من يتجاوب مع هذا المطلب”.
بعد ذلك، رد جعجع فرحب بالنقيب والمجلس وقال: “إننا نتعاطى بمسؤولية مع كل جسم نقابي. أما موضوع الدعاوى فنحن لا نجاري النقيب في هذا الطلب، إذ لا يمكن إحترام أحد أكثر مما يحترم هو نفسه. فنحن لم نرفع دعوى ضد أحد من أجل رأيه، لأن ذلك حق طبيعي له، بل رفعنا دعاوى في وجه صحافيين كتبوا وقائع غير صحيحة أساءت لنا. وأقترح عليكم كنقابة أن تكونوا أول من يراقب ويحاسب هذه الأقلام الخارجة عن آداب المهنة. إن صحافة الشتائم والبذاءة غير مقبولة. ومن هذا المنطلق لن نتراجع عن دعاوى أقمناها على صحافيين إنطلاقا من هذا المبدأ”.
أضاف: “أما بخصوص مطالب النقابة فإننا في مرحلة نقلص فيها في كل بند غير أساسي”.
هنا أوضح القصيفي أن “المبلغ الذي تقدمه الدولة للنقابة سنويا هو 400 مليون ليرة وهو يذهب إعانات للصحافيين فضلا عن مصاريف النقابة، وهو ليس بالمبلغ الذي يستحق التقليص، بينما تذهب المليارات الى جمعيات تعرفونها. لذلك نتمنى أن تسهم كتلة القوات في الحفاظ على هذا المبلغ”.
فقال جعجع: “في آخر جلسة للموازنة تقدم وزير المهجرين بطلب 40 مليار ليرة لإنهاء قضية المهجرين. نحن رفضنا هذا الطلب لأنه لم يتضمن أي خطة مفصلة. يجب تقديم خطة لذلك يصار الى درسها وبعد ذلك نرى في ضوئها إمكان صرف هذا المبلغ أم لا…”.
وهنا قدم الزميل علي يوسف مداخلة حول مفهوم الموازنة ووصفها بأنها “موازنة جباية وضرائب وليست موازنة رؤية إقتصادية”، معيدا الخلل الى “النظام السياسي الطائفي الذي لا يمكن أن تستقيم الأمور في ظله”.
ورد جعجع بأنه لا يجاريه في مسألة النظام قائلا: “أنت تنظر الى لبنان كمن ينظر الى فرنسا أو روسيا أو أي دولة وحدوية يصح فيها نظام معين. لبنان بلد نظامه تعددي ولا نسميه طائفيا، ولا يمكن أن يستقر الا بمثل هذا النظام. ولو أجرينا مقارنة مع النظام السوري العلماني لوجدنا أن الدولة في النظام اللبناني أفضل. لذلك أنا أعتقد، أن أي لعب بهذا النظام سوف يشكل خطرا على لبنان”.
ثم سئل عن صفقة القرن ومخاطر توطين الفلسطينيين في لبنان، فقال: “إنها صفقة وحيد القرن، وهي لن يكتب لها النجاح. فلا يمكن الحديث عن مشروع سلام في المنطقة ويتم التمهيد له بنقل السفارة الأميركية الى القدس وبالتالي الموافقة على ضم الجولان. إنهم يعدون الفلسطينيين بالمساعدات. هم ليسوا بحاجة لمساعدات. المشكلة الفلسطينية هي مشكلة وطنية وليست مشكلة مساعدات. أما موضوع التوطين، فلا أحد يستطيع توطين الفلسطينيين في لبنان، إلا اللبنانيون أنفسهم. اذا حصل حل شامل للقضية الفلسطينية لن يبقى فلسطينيون في لبنان. سنقول للعالم والمجتمع الدولي بصراحة أن في لبنان بين 250 و270 ألف فلسطيني وعليكم استيعابهم خارج لبنان. عدد الفلسطينيين الذي سيبقى في لبنان هو صفر”.
وسئل جعجع عن المواجهة الأميركية الإيرانية ومدى جديتها واحتمال انعكاسها على لبنان، فأجاب: “اعتقد أن المواجهة جدية وليست مجرد عرض عضلات. لقد بدأت المواجهة منذ سنة بطرح الشروط الأميركية ال 12، وهي جدية ومستمرة. أما أن تصل الى حدود المواجهة العسكرية فهذا يعتمد على موقف الإيرانيين الذين يتصرفون عادة بعناية فائقة. الحصار النفطي على ايران مؤلم ومؤذ جدا، ونتيجة هذا الضغط سوف تحدد مسار الأمور خلال الأشهر المقبلة. والحل هو إما باستئناف المفاوضات على أساس البنود ال12 التي حددها الأميركيون، أو أن المواجهة ستذهب نحو الأسوأ”.
أضاف: “بخصوص لبنان وإمكان امتداد المواجهة اليه، فأعتقد أنه اذا لم يمتد لبنان الى هذه المواجهة فهي لن تمتد اليه. وهنا أقول إنها جريمة بحق لبنان أن نزجه في آتون النار”.
قيل له: “نسمع دائما عن محاولات للقاء بين القوات و”حزب الله”، خاصة أن هناك تقاطعات داخلية في موضوع الفساد وغيره، ما هي صحة هذه المحاولات؟”.
أجاب: “صراحة لا لقاء مع “حزب الله” إلا في ما يتعلق بمؤسسات الدولة. ولكي نصل الى لقاء مع حزب الله، لا بد من أرضية مشتركة. والحقيقة أننا نحن في وطن، وحزب الله في وطن آخر. أهداف حزب الله هو الأمة. هم جماعة ايديولوجيون ونحن مختلفون معهم تماما لأن الأولوية لمعركتهم الكبيرة. أما بشأن التقاطعات الداخلية فحزب الله ليس مستعدا للتفريط بحلفائه من أجل محاربة الفساد. عندما يصطدم هذا الموضوع بالحلفاء نرى حزب الله يتوقف عن محاربة الفساد.. وفهمكم كفاية”.
سئل جعجع أخيرا رأيه بالمشروع الانتخابي لرئيس مجلس النواب نبيه بري وكتلة التحرير والتنمية النيابية فاكتفى بالقول: “حقيقة لم نطلع عليه حتى الآن”.