نظم جهاز المعتقلين والمصابين والأسرى في حزب “القوات اللبنانية”، مؤتمرا عن قضية المعتقلين والمخفيين قسرا في السجون السورية تحت عنوان “حقهم يرجعوا”، في المقر العام للحزب في معراب، في حضور: الرئيس ميشال سليمان ممثلا بالوزيرة السابقة أليس شبطيني، النواب: جورج عقيص، سيزار المعلوف، شوقي الدكاش، زياد حواط، عماد واكيم، وهبي قاطيشا وفادي سعد، رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل ممثلا بعضو المكتب السياسي لينا الجلخ، القنصل سلطان السبيعي ممثلا السفير السعودي وليد البخاري، سفيرة التشيلي مارتا شلهوب، الوزراء السابقين: منى عفيش، أشرف ريفي، ابراهيم نجار، النواب السابقين: إيلي كيروز، جوزف المعلوف، أنطوان زهرا، مصطفى علوش وفادي كرم، الأمين العام لـ”تيار المستقبل” أحمد الحريري ممثلا بعبد السلام موسى، رئيس “حركة التغيير” إيلي محفوض، رئيس حركة “المستقلون” رازي وديع الحاج، رئيس “الحركة اليسارية اللبنانية” منير بركات، رئيس الرابطة المارونية نعمة الله أبي نصر ممثلا بجوزف نعمة، المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان ممثلا بالعميد فؤاد خوري، المدير العام للدفاع المدني ريمون خطار ممثلا مدير العمليات جورج بو موسى، مدير المخابرات في الجيش العميد أنطوان منصور ممثلا بالرائد شربل فخري، نقيب المحامين في طرابلس محمد مراد، نقيب المحامين في بيروت أندريه الشدياق ممثلا بجميل أمبريس، السيدة رباب الخطيب ممثلة اللجنة الدولية للصليب الأحمر، فاطمة عيتاني وغروين مايك عن الصليب الأحمر الدولي، عدد من ممثلي الهيئات الديبلوماسية في لبنان، عدد من ممثلي الجمعيات الحقوقية الدولية في لبنان، وشخصيات.
واستهل رئيس حزب “القوات” سمير جعجع كلمته بالقول: “ابتسمت في مكان وحيد خلال ندوتنا وهو عندما ذكر الوزير نجار وزير العدل السوري، ولدي توصية للجنة المتابعة وهو اننا نواجه نظاما مجرما وكذابا لذلك كل القانون والمقربات السياسية لا تنفع معه لأنهم ليسوا بشرا كما أنهم ليسوا مثلهم مثل بقية العالم لذلك علينا تجميع وسائل للضغط على النظام من اجل إستعادة المفقودين كما فعلت تركيا وتمكنت من استعادة عبدالله أوجلان”.
وأضاف: “إن ننس ايها السادة، لا ننس الذين استشهدوا، وايضا الذين اعتقلوا كي نبقى نحن. أن ننساهم، إنها الخطيئة المميتة. إن ننسى، لا ننسى بطرس خوند، لا ننسى الأبوين شرفان وابي خليل، لا ننسى معتقلي 13 تشرين، لا ننسى مئات ومئات اللبنانيين المعتقلين والمخفيين قسرا في سجون نظام السجون والقبور، او ما تبقى منه بعد في سوريا. منهم من اقتيد عن سريره الناعم وسط توسلات زوجته واولاده ودموعهم حتى يفترش الدولاب او البلانكو او حتى يكون سريره هو مثواه الأخير، ومنهم من اقتيد من جامعته او في الطريق إليها فداست أرجل المارة على كتبه ودراساته وشقاء لياليه البيضاء وضاع معها عمره ومستقبله في المجهول الأسود، ومنهم من اقتيد من عمله او في الطريق إليه فأنهى مستقبله المهني او الوظيفي قبل السن القانونية، وذهب ليقاسي ما تبقى من عمره كل الظروف الخارجة عن الشرعات الإنسانية والضوابط والقانون، وعاشت بذلك أسرته في الفاقة والعوز والقلق المزدوج على مستقبل ابنها وعلى مستقبلها هي، منهم من اعتقل على سرير المرض في المستشفى فبقيت أدويته وأكياس الدماء والمصل حيث هي، وسيق بجرحه النازف الى حيث مصاصو الدماء العطشى ينتظرون شرابهم المفضل بظمأ كبير، ومنهم من أخذ أسيرا عن جبهات القتال ولكن من دون أن يتمتع بحد أدنى من حقوق الأسرى، وإنما بحد أقصى من واجبات الظلم والاستعباد وموجبات العصور الحجرية، ومنهم من اخذ من الدير ، وهو يقدم القربان المقدس، من دون أدنى احترام لثوبه الكهنوتي الأسود الذي حولته جراحات العذابات الى أحمر قان، وتحول هو نفسه الى ذبيحة الحمل المقدس على وليمة الذئاب المفترسة. منهم من كان رب أسرة، ومنهم من كان شابا مراهقا، منهم الفتى ومنهم الكهل والعجوز”.
وشدد جعجع على أنه “إذا كان الشهيد قد استشهد مرة واحدة، فإن المعتقل والمخفي قسرا يستشهد عند كل صياح ديك، ونحن بدورنا لم ولا ولن ننكر معتقلينا ثلاث مرات قبل صياح الديك، بل نجدد الالتزام بقضيتهم عند كل إشراقة شمس”، مشيرا إلى أننا “نحن قوم لا نفرط بألم وتضحيات المعتقلين تحت أي عرض اسعار سياسي وغير سياسي، هناك من يقول إن كان لدينا مشكلة مع النظام السوري عندما كان يحتل لبنان فما هو فاعل اليوم؟ أين المسجونين والمفقودين وماذا عن مسجدي التقوى والسلام وميشال سماحة؟، لأن السياسة عندنا لا تنفصل عن الأخلاق، ولا سياسة إذا لم تقترن بالإيمان بالقضايا المبدئية المحقة والالتزام بها مهما كان ذلك مكلفا”.
وتوجه إلى كل معتقل في السجون السورية، بالقول: “رفيقي المعتقل، ستبقى حرا عزيزا شريفا في أي حالة كنت، وسيبقى النظام الذي اعتقلك مجرما ووحشيا ويعاني عقدة نقص تجاه الديموقراطية والحرية والإنسان. رفيقي المعتقل، لم يقتدك النظام السوري إلى سجنك الصغير وحدك، بل كان شعبك برمته موضوعا في سجن كبير. واليوم وبعدما خرج الشعب اللبناني من سجنه الكبير أصبحت انت الشاهد الملك المتبقي على مآسي وارتكابات هذا النظام، لذلك هو يحاول إخفاء أي أثر لك، ويمعن في طمس وإخفاء ما تبقى من معالم جريمته الكبرى بحقك وبحق اللبنانيين جميعا. رفيقي المعتقل والمخفي قسرا، لم يعتقلك نظام السجون والقبور في الأساس إلا لأنك كنت حرا، فلو لم تكن حرا، لكان وضعك في أعلى المناصب وقدمك الصفوف، بدل حياة القهر التي جعلك فيها. ولكن مهلا، جنتهم في الذل لا نرضى بها، وسجوننا بالعز افخر منزل”.
وتابع: “اختفى؟ لا ما اختفى، بل أخفي قسرا وظلما وعدوانا، وظهر، نعم، ظهر، فوق تمثال حاكم مستبد يشبعه الثوار الأحرار تحطيما بالمطرقة، وظهر، وفي ساحات الحرية وسط هتافات شابات وشبان تصدح بالحق والحرية والكرامة الإنسانية. ظهر، نعم، وفي كل استحقاق دستوري وديمقراطي فعلي خبره الشرق أخيرا، ظهر. وسيعود ويظهر حتى انقضاء الدهور، في أي شكل أو اسم او هوية، كلما استغاثت الحرية به من جور العبودية، وكلما انتهكت كرامة إنسانية من قبل دكتاتورية سلطوية مافيوية، وكلما عبرت رفوف السنونو وأسراب الفراشات لتبشر بربيع أخضر وأجواء صافية سماوية. لا ما اختفى، بل تحول كل واحد منهم إلى قضية إنسانية بحد ذاتها، فضحت مستور نظام الأسد ووجوده في القرن الواحد والعشرين، وكشفت كل ما حاول إخفاءه من ظلم واستبداد ووحشية عن أعين البشرية جمعاء”.
ولفت جعجع إلى “أننا نلتقي اليوم هنا لا لنستذكر إخوتنا المعتقلين والمخفيين قسرا في سجون النظام السوري فحسب، بل لنجدد العهد والوعد لهم بأن قضيتهم ستبقى راسخة في وجداننا، ومعرفة مصيرهم وإعادة الأحياء منهم ورفات الشهداء منهم الى أهلهم ووطنهم، سيبقى من أولوياتنا. صحيح أن تحرير لبنان أنجز مع خروج جيش الأسد منه، لكن السيادة تبقى منتقصة بوجود معتقلين لبنانيين لديه. صحيح أن شمس الحرية أشرقت على لبنان وأثلجت قلوب اللبنانيين، لكن عواصف الشتاء ما زالت تلفح لبنانيين آخرين من المعتقلين في سجون الاحتلال وأهاليهم، وتكويهم بجمر الحرقة والعذاب والانتظار. لن نرتاح، لن نستكين، قبل أن يتنعم كل اللبنانيين بشمس الحرية ودفئها. لا بد لليل أن ينجلي خصوصا بعد أن انكسر القيد”.
وأوضح أنه “لم يسبق في تاريخ العلاقات بين الدول أن كانت دولتان مجاورتان مرتبطتان قانونا بعلاقات دبلوماسية، وتتبادلان السفراء، وفي الوقت نفسه كان لدى واحدة منهما عند الثانية أسرى ومعتقلون ومخفيون قسرا، من دون أن تبادر تلك الدولة إلى الإفراج عنهم، أو الكشف عن مصيرهم، أو تقديم أي معلومات ومعطيات جدية عنهم، لا بل ظلت تمعن في التضليل والابتزاز وإخفاء الحقيقة ومواصلة أسرهم وإخفائهم. هذا يثبت، ولطالما كان هذا رأينا، بأن نظام الأسد ليس دولة في الحقيقة والجوهر، ولا يمت إلى منظومة الأمم المتحدة والقوانين والأعراف والاتفاقات الدولية بأي صلة، وهذا ما يستوجب إعادة النظر حتى بالعلاقة القائمة بالحد الأدنى في الوقت الحاضر مع هذا النظام، إذا لم يقم بالكشف عن مصير الأسرى والمخفيين قسرا في سجونه”.
وشدد على أن “إمعان النظام السوري في الاستخفاف والاستهتار بمصير مواطنين لبنانيين يعتقلهم قسرا في سجونه، هو بمثابة اعتداء صارخ ومتواصل على لبنان، وهذا لا يؤثر على صورة النظام السوري المشوهة أصلا، ولا على مصداقيته المفقودة وسمعته السيئة أساسا، وإنما يؤثر على صورة لبنان ويضرب هيبة الدولة والعهد معا، ويظهر الدولة بمظهر العاجزة عن الدفاع عن أبنائها، أو اتخاذ اي موقف يحافظ على الحد الأدنى من كرامتها الوطنية بمواجهة هذه الجريمة المتمادية. ونجد بعد أناسا بعد في لبنان يتباهون بصداقتهم مع هذا النظام”.
وقال: “إن ما قام ويقوم به نظام السجون والقبور بحق المعتقلين اللبنانيين لديه يتناقض مع كل الشرعات والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، ومع الضمير الإنساني الجامع، ومع قيم ومبادىء الأديان السماوية وغير السماوية كلها. ولكن لماذا الاستغراب، ما دام الشعب السوري بذاته لم يسلم من بطش ووحشية وإرهاب هذا النظام. إن تسويف النظام السوري ومماطلته وتلاعبه بهذه القضية الإنسانية المزمنة يحتم على الحكومة اللبنانية الشروع في اتخاذ خطوات قضائية وسياسية تجاه هذه القضية، وصولا إلى إحالة هذا الملف لدى محكمة العدل الدولية والمراجع العربية والدولية المختصة”.
وأشار جعجع إلى أن “البطولة والشجاعة ليستا في أن يستقوي هذا النظام على معتقلين لبنانيين عزل لديه، وأن يتلذذ بتعذيبهم وقهرهم وتركيعهم، بل البطولة كانت في أن يقف بكل ترسانته الضخمة وعديده الكبير، بوجه رجال المقاومة اللبنانية القلائل في أواخر السبعينات وطيلة الثمانينات في الأشرفية، وزحلة وعين الرمانة وصنين وقنات، وأن ينجح، لا سمح الله، بتركيعهم. ولكن كيف له أن ينجح بتركيعهم، وعندهم، بعتادهم القليل، إيمان بقضيتهم أكبر من كل ترسانته وعتاده وعديده وجبروته. جنود الأسد أسود في سجونهم على الأبرياء، وفي ساحاتنا ثعالب أمام المقاومين. ما في الظلم مثل تحكم الضعفاء، وما في النبل والبطولة والشجاعة والإنسانية مثل قوة المقاومين في نفوسهم”.
وشدد على أن “القوات اللبنانية” هي اكثر من يتحسس ألم ومعاناة وعذابات المعتقلين والمخفيين قسرا، لأنها كانت هي نفسها عرضة للاعتقال على مستوى قيادتها وقاعدتها، من رئيس “القوات” إلى آلاف وآلاف الرفاق والمناصرين والمتعاطفين. صحيح أن النظام الأمني اللبناني السوري اعتقل القواتيين وحاول مصادرة حرية حركتهم، ولكن من كانت الحرية في تكوينه وجوهره ونفسه، يبقى دائما أبدا حرا ولو في زنزانة. بعض السجناء أحرار في سجنهم، وبعض الناس في حريتهم سجناء”.
وتابع: “من المستغرب جدا أن يسلم نظام السجون والقبور إلى إسرائيل رفات جندي اسرائيلي آخر قتل في البقاع ألعام 1982 ضمن صفقة سرية غامضة ومشبوهة، فيما هو يعتقل مئات اللبنانيين بالتهمة الجاهزة والمعهودة لديه وهي التعامل مع إسرائيل، وفيما هناك لجنة لبنانية-سورية تألفت منذ العام 2005 لتقصي الحقائق في موضوع المعتقلين، وأعاق النظام السوري عملها بالمماطلة والتسويف والتعتيم، بحيث أنها لم تتمكن من التوصل إلى أي نتيجة جدية، لجهة الكشف عن مصير المعتقلين، سواء من لا يزال حيا منهم، أو من كان ميتا. إن الكثير من العائلات اللبنانية كانت تزور أبناءها في السجون السورية طيلة سنوات قبل أن تمنع عنها الزيارات فجأة ويفقد كل أثر لأبنائها المعتقلين. إن النظام السوري لا يمكنه، أقله بالنسبة لهؤلاء المعتقلين، نكران وجودهم أو الادعاء بعدم مسؤوليته عن اعتقالهم بالأساس”. وأشار إلى أن “النظام السوري أطلق من سجونه قيادات تنظيم “القاعدة” وتنظيم الزرقاوي وشجعهم على إنشاء “داعش” لتهديد أمن كل الشعوب، ولم يفرج عن معتقلين لبنانيين أبرياء مظلومين لا ولم يشكلوا مجرد خطر صغير على أحد. فهنيئا لمحور الصمود والتصدي والمقاومة بإنجازات النظام السوري العظيمة إن بتسليم رفات الجندي الإسرائيلي أو بإطلاق سراح “داعش” و”القاعدة” من السجون، وهنيئا لهم أيضا وحدة المسار والمصير التي تجمعهم”.
واعتبر جعجع أنه “كلما اقتيد معتقل إلى داخل السجن ظلما، كانت براعم الثورة خارجه تتفتح. وكلما انزوى أسير في زنزانته وحيدا مقهورا كلما كانت خلايا مقاومة الاستبداد تتجمع، وكلما صدأت قضبان الحديد تحت يديه، كلما كانت بيارق الحرية ترفرف خارجا، وكلما لقي المصير التقليدي لمن سبقه ممن اعدم من المعتقلين، كلما كانت رياح التغيير تتحضر، والغضب الشعبي المقدس يكبر ويكبر ويكبر. إن كل معتقل يحمل بذاته بذور ثورة شعب وإنسانية، إن كل استعباد ومظلومية تبشر ببزوغ فجر الحرية”.
وقال: “لسنا أسرى الماضي تجاه أي كان، ولا أسرى الأحكام المعلبة التي تصلح لكل زمان ومكان وظرف، ولا أسرى علاقتنا التصادمية مع النظام السوري منذ أن احتل لبنان، ولكن مواقفنا الثابتة تجاه هذا النظام تنبع أولا وأخيرا من ثباته هو في سلوكه وارتكاباته ومواقفه السلبية تجاه لبنان، ورفضه أن يعدل هذا السلوك إيجابا ولو قيد أنملة، رغم مرور عشرات السنوات”.
واستطرد: “إن إمعانه في اعتقال لبنانيين لديه وإخفاء مصيرهم حتى اللحظة، بالإضافة إلى مجموعة أخرى لا تعد ولا تحصى من الممارسات والأفعال الجرمية ليس أقلها تفجير مسجدي التقوى والسلام في طرابلس في العام 2013 وسقوط ما لا يقل عن49 قتيلا وأكثر من 800 جريح، وتسليم متفجرات لميشال سماحة لاستعمالها في الداخل اللبناني. إن كل هذا يؤكد لنا من جديد بأن هذا النظام لم يتغير، ولهذا السبب نتمسك بموقفنا منه. إن فك أسر المعتقلين اللبنانيين والمخفيين قسرا في سجون النظام مرورا بترسيم الحدود اللبنانية- السورية خصوصا عند مزارع شبعا وصولا إلى القبول بعودة النازحين السوريين وإحترام سيادة وكرامة لبنان واللبنانيين، هي المقدمات البديهية الأولية لإعادة النظر بموقفنا من هذا النظام”.
وأوضح جعجع أن “التعتيم الإعلامي الذي رافق وتلا اعتقال اللبنانيين وإخفاءهم من النظام السوري لم يعط هؤلاء المعتقلين والمخفيين قسرا حقهم على صعيد الرأي العام الدولي، إلا أن التغطية الإعلامية والتسريبات المصورة والشهادات الحية التي رافقت الثورة السورية أخيرا، قد كشفت للرأي العام العربي والدولي الكثير من خبايا الجرائم التي يرتكبها النظام في سجونه، ومنها جرائمه بحق المعتقلين والمخفيين قسرا ككل ومنهم اللبنانيون، وأضاءت من جديد على قضية كل المعتقلين والمخفيين قسرا في سجونه، وأعطتنا أملا جديدا بأن تتحول قضية معتقلينا الأبطال إلى قضية رأي عام عالمي، مقرونة دائما بجهودنا وجهود المنظمات الحقوقية بهذا الخصوص، بما يشكل عاملا مساعدا في الكشف عن مصيرهم أخيرا”.
وختم: “لا أبوح لكم بسر إذا قلت لكم إنني على المستوى الشخصي أشعر بتضامن عميق مع كل معتقل أو سجين مظلوم، وبتعاطف يضاهيه مع عائلته وأهله. لذلك إسمحوا لي أن أغتنم هذه المناسبة بصفتي معتقلا سياسيا بامتياز ومعنيا مباشرة بهذا الاحتفال أن أوجه التحية والشكر إلى زوجتي ستريدا وإلى روح والدي فريد وماري الذين أذاقهم النظام الأمني عذابات نفسية ومعنوية وشخصية، فلم يستسلموا ولم يرضخوا ولم يملوا أو يكلوا ولم يلقوا حمل القضية الثقيل الذي وقع على أكتافهم حتى صح الصحيح في 26 تموز 2005. فشكرا لك يا ألله، على أمل أن يصح الصحيح في النهاية أيضا مع كل إخوتنا المعتقلين والمخفيين قسرا. أعاد الله معتقلينا والمخفيين قسرا في سجون النظام السوري إلينا وإلى أهلهم ووطنهم سالمين”.
من جهته، ألقى ريفي كلمة قال فيها: “خرج النظام السوري من لبنان وترك وراءه جرائم حرب لا تعد ولا تحصى، في طليعتها جريمة المخفيين اللبنانيين قسرا في السجون السورية. على الرغم من كل المساعي التي بذلت يرفض النظام الاعتراف بوجود مخطوفين لبنانيين في سجونه، هذا على الرغم من وجود شهود وادلة ابرزها من أهالي مفقودين تمكنوا بعد عذاب ومعاناة وذل من رؤية ابنائهم، الا ان كل ذلك قد تبخر ، ولا يوجد أي مسعى لبناني جدي للكشف عن مصير هؤلاء اللبنانيين الذين يفترض بدولتهم ان تكشف مصيرهم مهما كان ، وان تعطي لذويهم بلسما يخفف جرحهم النازف منذ زمن”.
وأضاف: “لقد قمت اثناء تولي قيادة قوى الامن الداخلي ، بالمساعدة في هذه القضية من خلال إجراء فحص النووي (DNA) لأهالي المخفيين ، بما يؤمن المعلومات الكافية للتثبت من مصير هؤلاء حين تدعو الحاجة، واذكر هنا المرحوم غازي عاد ، الذي تعاون معنا في إطلاق هذا المشروع ، مع اعفاء الاهالي من كلفة اجراء الفحوصات، وكان هذا الجهد في الاطار الصحيح، لكنه بالتأكيد ليس اكثر من جهوزية عملانية تساعد في كشف مصير المخفيين قسرا ، في حين يبقى الجهد الرسمي الغائب العلامة المريبة السوداء في هذه المحنة المؤلمة. وأثناء تولي وزارة العدل، أعدت إحياء عمل اللجنة التي كانت مكلفة من الحكومة ، برئاسة القاضي جوزيف معماري بالقيام بمهمتها، لكنها كانت مهمة شبه مستحيلة، لانها اصطدمت بالتعتيم الذي مارسه النظام السوري ، وبالانكار الدائم لوجود مخفيين لبنانيين قسرا في سجونه”.
وشدد على أن “الكشف عن مصير اللبنانيين في السجون السورية هو مسؤولية لبنانية رسمية اولا ، ولا يمكن القبول بهذا الصمت الرسمي أو الصوت الخافت، في وقت يلح فيه البعض على التطبيع مع النظام السوري من دون التوقف عند هذه المسألة الوطنية والانسانية”.
واستطرد: “إن وفاة حسن حديفة، المعتقل السياسي السوري من أم لبنانية وخطف من لبنان وتسليم جثته لذويه، يجب أن يكون إخبارا للدولة اللبنانية للتحرك والسؤال عن مواطنيها الذين تؤكد المعلومات وجود المئات منهم في السجون السورية ، وكذلك خروج أحد المعتقلين عام 2011 ويدعى جورج شمعون ، الذي كان قد اعتقل أيضا خلال الحرب وبعدما أفرج عنه رفض الكلام أو إعطاء أي معلومات أو الحديث عن فترة سجنه، نتيجة الضغوط عليه، قبل أن يهاجر لبنان نهائيا إلى السويد”.
وتابع: “ان هذا الصمت المريب تجاه قضية المخفيين هو صمت مخجل، وان من هم في سدة المسؤولية اليوم، معنيون اخلاقيا بوضع هذا الملف في رأس الاولويات، الا اذا كانوا متعمدين تجاهل هذه القضية لعدم ازعاج النظام السوري، ولضمان حسن سير العلاقة معه ، على حساب المحفيين واهاليهم. كأنهم بذلك يقولون لاهالي المخفيين: إن أبناءهم ليسوا لبنانيين ،وان لا حق لهم على دولتهم. إن أقل ما يمكن فعله اذا ما تعذر كشف مصير المخفيين قسرا في السجون السورية ، هو طلب مقاضاة النظام السوري في المحكمة الجنائية الدولية، فما ارتكبه في هذا الملف هو جريمة حرب موصوفة وجريمة ضد الإنسانية”.
وأوضح أننا “نلتقي اليوم بدعوة من القوات اللبنانية مشكورة، لنؤكد ان قضية المخفيين اللبنانيين في سجون الأسد، لن تموت ما دام وراءها أصوات حرة تنادي بكشف الحقيقة، ومعرفة مصيرهم، ايا كان .حق المخفيين وأهلهم علينا ، أن نتابع هذه القضية الى النهاية بكل ما اوتينا ، من عزم وارادة .حق اهالي المخفيين على رئيس الجمهورية وئيس الحكومة وئيس المجلس النيابي ، ان يحملوا هذه القضية حتى كشف الملابسات كاملة ، وان يطرقوا كل الابواب العربية والدولية، للضغط على النظام السوري حتى جلاء مصير اللبنانيين المخفيين في سجون الأسد”.
وشدد على أن “قضية هؤلاء هي جزء من كل. إن مأساتهم هي نموذج عن مأساة الشعب السوري، الذي عذب حتى الموت في سجون النظام، ومنها سجن صيدنايا الذي تحدثت التقارير الدولية عن عمليات قتل واعدامات تتم فيه، يقوم بعدها النظام بحرق جثث الضحايا، أو دفنهم في أماكن سرية. هنا أوجه التحية الى كل ناج من جحيم سجون الاسد، الذين كتبت لهم الحياة بعد خروجهم من الجحيم، والى جميع المخفيين قسرا .صدق الدكتور سمير جعجع، عندما قال أن ما ارتكبه النظام من جرائم في طرابلس والاشرفية وزحلة وكل لبنان، هو تماما ما ارتكبه في حماه وحمص ودرعا وكل سوريا. نعم، ما تعرض له الشعب اللبناني على يد هذا النظام، تعرض له الشعب السوري بأضعاف مضاعفة، قتلا وحشيا وانتقاما لم يشهد له التاريخ المعاصر مثيلا”.
ودعا في هذه المناسبة “الامم المتحدة وجميع المنظمات الدولية من هذا المنبر لتولي، الاهتمام للوضع الاستشفائي في محافظة ادلب، حيث تفيد المعلومات ان جميع المستشفيات تعرضت لأضرار ، بحيث لم تعد قادرة على استقبال الجرحى والمصابين”.
وختم ريفي: “نقول لأهالي المفقودين نحن الى جانبكم دائما، حتى جلاء هذه القضية، ولن نتوقف الى ان يكشف مصير ابنائكم أما النظام السوري فهو سيحاسب عاجلا أم آجلا، ولن تستطيع اي قوة دولية او اقليمية ان تبقيه الى الابد. هذا نظام بائد ومجرم، ومصير رموزه العقاب امام العدالة مهما طال الزمن”.
كذلك ألقى نجار كلمة قال فيها: “بعدما سمعناه يبقى كل كلام وكأنه لا شيء أمام العذاب، لذلك إسمحوا لي أن أنحني بإجلال وخشوع ورهبة أمام كل هذا العذاب وكل هؤلاء الشهداء والمغيبين والمفقودين الذين نتمنى عودتهم إلى لبنان. إسمحوا لي أيضا ان اوجه تحية إلى المرحوم غازي عاد وصديقتي أنطوانيت شاهين والسيد علي أبو الدهن لأنهم شهداء أحياء بيننا وأتمنى أن يتابعوا بالإدلاء بشهادتهم أمام العالم أجمع”.
وتابع: “ما أصعب من الموت المؤكد سوى الموت البطيء أو العيش في حيرة بين الموت والحياة بانتظار الخبر اليقين. فكم من زوجة أو أم إنتظرت زوجها أو إبنها المفقود ونظرها معلق إلى باب المنزل خبرنا هذا الموضوع لسنوات في عائلتنا. كم من فدية دفعتها عائلة على أمل أن يعود اليها إبنها المفقود من دون نتيجة. لم تنفع السياسة حتى الآن فهل ينفع القانون؟ طيلة سنوات ولا سيما ما بين العامين 2008 إلى 2014 بذلت “القوات اللبنانية” قبل وخلال تبوئها وزارة العدل جهودا حثيثة من أجل تحقيق تقدم في ملف المسجونين والمغييبين وبعد تقديم إقتراح قانون تم تنشيط وزيادة عدد اللجنة اللبنانية السورية المشتركة للبحث في ملف المفقودين، وكانت تجتمع في “جديدة يابوس” مع اللجنة السورية المقابلة لها في ما لا يقل عن 30 إجتماعا وتم طرح كل الأسئلة خطيا وشفهيا من أجل تقصي الحقائق. وقد دعمنا هذه اللجنة بمسؤولين أمنيين من وزارة الداخلية ومخابرات الجيش من أجل التعاطي مع هذا الملف بطريقة استخباراتية وتمكنا من الحصول على لائحة بأسماء الأسرى والمفقودين ونشرناها على موقع “القوات اللبنانية” في حينه وأصبحت علنية وقد ضمت ما يزيد عن 600 إسم. كما أننا ومن أجل إتاحة الإمكان لجلب المسجونين وقعنا إتفاقية ملحقة للإتفاق القضائي اللبناني السوري الموقع آنفا في الخمسينيات”.
واستطرد: “خلال زيارة الرئيس الحريري إلى سوريا أثرنا جهارا وتفصيلا وبقوة خلال اجتماع وزاري لبناني سوري جامع عقد في دمشق وقيل لنا في حيننا تابعوا مع وزير العدل السوري وحاولنا ذلك لكن يبدوا أن هذا الموضوع لم يكن من صلاحيته. ثم صدرت مراسيم عفو عن السلطات السورية وتم الإفراج عن لبنانيين عادوا إلى لبنان عبر معابر الأمن العام اللبناني الشرعية ولم يحقق معهم. وفي تلك الفترة كانت السلطات السورية تؤكد دائما ان لا مسجونين لديها لا بل طالبت السلطات البنانية باستعادة 1500 مفقود في لبنان وبعد سعي طويل قرابة الـ30 سنة من المطالبات الحثيثة أقر مجلس النواب اللبناني القانون 105 بتاريخ 12 تشرين الثاني 2018 وبذلك اكتمل الإطار القانوني لمعالجة هذه القضية وكل ذلك بشكل نظري على الأقل وأنشئت ورقيا الهيئة الوطنية للمخطوفين والمخفيين قسرا وهذا القانون إنجاز نوعي بصياغته وأصبحت هذه الهيئة مكلفة متابعت هذا الملف ويقر للعائلات الحقوق وخصوصا الوصول إلى المعلومات والحق بالتعويض. ويسمح هذا القانون أيضا إعادة رفات المسجونيين إلا أن هذا القانون الذي صيغ بطريقة علمية ودقيقة تنقصه علة أساسية فهو لا يتطرق إلى مرور الزمن أي أنه لا يمكن ملاحقة جناية الخطف وسلب الحرية إذا مضت عليها مهلة الزمن. لذلك يتعين على هذا الجمع الكريم من خلال التوصيات من خلال إكمال إجراءات تفعيل الهيئة الوطنية وتعديل قانون أصول المحاكمات الجزاية من أجل إلغاء مهلة الزمن المسقط واعتبار هذا الإخفاء جناية لا تسقط ملاحقتها مهما كان الثمن، الدعوة إلى وضع برنامج دولي مع الأمم المتحدة يهدف إلى فرض إمكانية ولوج السجون السورية من أجل فرض هذا الواقع. هذه نتائج تليق بـ”القوات اللبنانية” إنها المؤتمنة على شهدائنا”.
وكانت كلمة لكيروز، قال فيها: “إن المعتقلين هم جرح نازف في الجسم اللبناني. تحية الى المعتقلين. يأتي هذا المؤتمر، تحت عنوان، “حقهم يرجعوا” في سياق التأكيد، مرة جديدة على الأهمية التي أولاها ويوليها حزب القوات اللبنانية لهذه القضية اللبنانية والإنسانية والدولية. إن المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية والمعتقلين المحررين، يشكلون الى اليوم، جرحا نازفا في الجسم اللبناني. فمن جهة لا يزال مصير المئات من اللبنانيين معلقا ومجهولا وبالفعل ذاته لا تزال معاناة الأهالي والعائلات مستمرة، ومن جهة أخرى فإن نتائج الإعتقال وظروف الإعتقال، بالنسبة للمحررين، ما زالت ايضا مستمرة، وقد خلفت لديهم ولدى عائلاتهم تداعيات خطيرة على المستويات الشخصية والنفسية والعائلية والصحية والإجتماعية. وفي هذه المناسبة وفي هذا اليوم فإني أوجه التحية الى جميع المعتقلين والمحررين والى جميع العائلات والأمهات والزوجات اللواتي يعشن على الإنتظار والأمل”.
ولفت إلى أن “القوات اللبنانية لا تنسى كل من قدم تضحية في سبيل القضية اللبنانية وبخاصة المعتقلين والمحررين الذين ساهموا في صنع تاريخنا وفي الحفاظ على لبنان. لقد بدأ “العمل القواتي”، منذ البدايات النيابية، بعدما خرجت القوات من محنة الأضطهاد وخرج رئيسها من محنة الإعتقال وبعدما اختبرت هي نفسها وباللحم الحي تجربة الإعتقال الإعتباطي، فكانت البداية في مؤتمر الحوار الوطني عندما طرح رئيس الحزب الدكتور سمير جعجع، على الضمير اللبناني ومن على طاولة الحوار في المجلس النيابي في 14/03/2006 قضية المعتقلين والمفقودين في سجون النظام السوري. وفي 04/07/2006 تقدمت القوات اللبنانية من خلال تواقيع نوابها بكتاب خطي الى رئيس مجلس الوزراء الأستاذ فؤاد السنيورة لتعرض عليه قضية المعتقلين والمفقودين اللبنانيين في سجون النظام السوري. طالب الكتاب الحكومة اللبنانية بالتوجه الى الأمين العام لجامعة الدول العربية من أجل إيجاد حل عادل ونهائي لهذه القضية وفي حال النتيجة السلبية المبادرة الى عرض القضية على الأمين العام للأمم المتحدة لتشكيل لجنة تحقيق دولية لجلاء مصير المعتقلين والمفقودين”.
وتابع: “في 31/07/2008 تقدمت القوات اللبنانية من خلال تواقيع نوابها بإقتراح قانون يرمي الى إعطاء المعتقلين المحررين تعويضات أو معاشات تقاعدية من منطلق وقوف الدولة الى جانب مواطنيها وعملا بمبدأ المساواة في المعاناة بين جميع اللبنانيين. إن مفارقات السياسة اللبنانية والتباين السياسي في النظرة الى الوجود السوري أو الإحتلال السوري شكلت عقبات امام الإقتراح. ومع بدايات الحرب السورية وتفاقم الإنقسام السياسي الداخلي، زادت صعوبات القضية. ومع ذلك توجهت القوات اللبنانية بسؤال الى الحكومة في 23/01/ 2012 وتحديدا الى وزير العدل شكيب قرطباوي حول التدابير التي تنوي الحكومة اتخاذها لمعرفة مصير المعتقلين والمفقودين في سجون النظام السوري. ولقد تم تحويل السؤال الى استجواب للحكومة في 07/05/2012”.
وقال: “بتارخ 11/09/2012 توجهت القوات اللبنانية بسؤال جديد الى الحكومة وتحديدا الى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ونائب رئيس الحكومة سمير مقبل ووزير الداخلية والبلديات العميد مروان شربل ووزير العدل شكيب قرطباوي ووزير الخارجية والمغتربين عدنان منصور ووزير العمل سليم جريصاتي حول مسألة توسيع نطاق عمل خلية الأزمة الحكومية التي شكلها مجلس الوزراء في 16 آب 2012 لحل مسألة اللبنانيين المعتقلين والمفقودين في السجون السورية وإجراء كل الإتصالات الديبلوماسية والسياسية اللازمة مع السلطات السورية من أجل إطلاق سراحهم. وبتاريخ 25/11/2013، وبعد خمس سنوات على تسجيل الإقتراح، صدقت لجنة الإدارة والعدل النيابية إقتراح القانون بعد أن أدخلت عليه بعض التعديلات. ولا يزال الإقتراح عالقا في لجنة المال والموازنة النيابية. وفي الموقف المستمر للقوات اللبنانية، لا أنسى جهاز الشهداء والمصابين والأسرى، الذي يعمل بكل جدية ويتابع هذه القضية”.
وأشار إلى أن “الموقف الرسمي للنظام تميز بالتناقض حيال هذه القضية حتى مع حلفائه وأصدقائه اللبنانيين. يعلن النظام أن ليس لديه موقوفون ثم يفرج النظام عن دفعات من المعتقلين. وفي 21 كانون الثاني 2000 شكل الرئيس سليم الحص لجنة تحقيق رسمية برئاسة العميد الركن سليم أبو إسماعيل لإستقصاء مصير جميع المخطوفين والمفقودين خلال الحرب اللبنانية في مهلة ثلاثة أشهر. وضعت اللجنة تقريرا أحصت بموجبه 168 مفقودا يعتقد منظمو الإفادات بأن هؤلاء هم في عداد الموقوفين في سوريا. ويخلص التقرير الى أنه ولدى مراجعة السلطات السورية ثبت عدم وجودهم في الجمهورية العربية السورية. وكانت المفارقة عندما أفرجت السلطات السورية في العام نفسه عن 54 معتقلا لديها. وتبين أن عددا من هؤلاء المفرج عنهم يدخل في عداد من كان أوصى التقرير بإعلان وفاتهم. وفي زيارته الى فرنسا في 18/06/2001 وأثناء لقائه أعضاء لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الفرنسي، أعلن الرئيس السوري بشار الأسد أنه ليس لدى سوريا موقوفين لبنانيين في سجونها. لكنه استدرك فأعرب عن استعداده لدرس ما تعرضه عليه السلطات اللبنانية في هذا الموضوع”.
ورأى أنه “لعل ما يثير التساؤل حول شعار المقاومة والممانعة هو إعادة النظام السوري، رفات الجندي الإسرائيلي الى اسرائيل، الدولة العدوة في مقابل الإصرار على إخفاء أي أثر أو خبر حول المعتقلين والمفقودين في سجون النظام، فكيف لبعض أصدقاء النظام في لبنان أن يفسروا فشلهم في إقناعه بكشف الحقيقة ولا يتورعون في الوقت عينه عن الدعوة الى الحوار والتطبيع معه. لقد دفع الشعب السوري غاليا أثمان الحرب السورية وأفضت وحشية النظام الى مقتل 45000 شخص تحت التعذيب. ولقد كان ميشال سورا مصيبا عندما وصف النظام بدولة البربرية، وقبل أن يدفع حياته ثمنا لموقفه في بيروت وعلى يد منظمة الجهاد الإسلامي المرتبطة بالمحور السوري الإيراني”.
وتلا خلال كلمته مقطعا قصيرا من قصيدة لمحمود درويش بعنوان “عن إنسان”، جاء فيه: “يا دامي العينين، والكفين … إن الليل زائلْ … لا غرفة التوقيف باقية … ولا زرد السلاسلْ ! … نيرون مات ، ولم تمت روما … بعينيها تقاتل ! … وحبوب سنبلة تموت … ستملأ الوادي سنابل..”.
أما محفوض فأكد في كلمته أنه “في كل مرة ألتقي أحد المحررين من السجون السورية وأعتلم حجم التعذيب الوحشي الذي تعرض له أشعر بالخجل وأطأطىء رأسي أمامه مما لم نفعله لهم والتقصير واللامبالاة ويذهب بي الضمير لمن لا يزال من أولادنا يقبعون في تلك السجون من دون معرفة أي شيء عنهم.. هل هم أحياء؟ وإذا كانوا كذلك ماذا يفعلون وكيف تمر بهم سنوات الإعتقال.. ليعود ضميري هذا الى لبنان حيث أهالي وأمهات وأولاد وأحفاد هؤلاء القابعين في زنزانات القهر والتعذيب.. ولا ضرورة لأقص عليكم حكايات هي أشبه بروايات الأفلام عن فنون التعذيب التي يمارسها جلادو الأسد وسجانوه بحق أولادنا هناك..صرصور حي في الأكل يدخل مع لقمة الذل فيجرح أوتار الزلعوم.. إجبار أحدهم على شرب أكواب من الشاي مع عشرات الملاعق من السكر ليصار بعدها الى إستعمال خيط مصيص لمنعه من التبول حتى مرحلة التسمم..لن أكمل فالمأساة فظيعة رهيبة تقشعر بها الأبدان.. إنها باختصار قضية اللبناني المعتقل في السجون السورية وهي قضية تعني الجميع”.
وتوجه بنداء إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة سعد الحريري وجميع الوزراء والنواب والمدراء العامين والقضاة والضباط والمحامين والأطباء، قائلا: “الله يخليلكم أولادكم ليبقوا بأمان. أطلب من كل واحد منكم أن يتخيل ولو لحظة ماذا كان ليفعل لو أن أحد أولاده معتقل في سجن ما في بلد ما وهو لا يعرف عنه شيئا لا يعرف ما اذا كان حي أم ميت.. هل كثير علينا ما ننادي به وما نطالب به.. أولادنا المعتقلون في سوريا نريدهم .. إن كانوا أحياء نريد حريتهم وإسترجاعهم.. وإن كانوا أموات نريد رفاتهم.. لا أتمنى ما قاساه وما عاناه ذوي المعتقلين.. ولأن هذه القضية إنسانية قبل كل شيء لا تتعلق بإنتماءاتنا السياسية.. ولا الطائفية.. ولا المناطقية..”.
وتابع: “بالأمس سلمت سوريا رفات جندي إسرائيلي أي لدولة عدوة بعدما إحتفظت به لسبع وثلاثين سنة..فهل كثير علينا أن نطالب بأولادنا وأن نستعلم عن مصيرهم هناك؟ فيا أيها المسؤولون في لبنان لا تترددوا ولا تخافوا ولا تخشوا من تلقف هذا الملف..وإنني كم أفتخر بك سمير جعجع كيف أنك وحزبك ونواب كتلة الجمهورية القوية تلقفتم هذا الملف بدون إبطاء فكان هذا المؤتمر وأنتم مقدرون على مبادرتكم هذه متطلعا الى كل الكتل النيابية كي تحذو حذو القوات اللبنانية فلا تقيم أية حسابات سياسية.. وإذا كانت القضية الأرمنية لا تزال تنبض بالحياة منذ أكثر من مئة عام فلأن الشعب الأرمني كان أمينا على شهدائه لم ينساهم ولم يتنازل عن حقهم..104 سنوات وهم يطالبون.. وأنتم العالمون بأن أولاد لكم لا تزال تقبع في سجون سوريا فهل ستتراخون أو ستتهربون من أبسط واجب ملقى عليكم؟”.
واستطرد: “ولأن مهمة الحرية هي أن تجعلنا نحرر أحدا سوانا.. أما التحرر من المسؤولية أمام الآخر ليس حرية ولكنه فرار من الحرية. أنت مسؤول في الدولة ؟ وبالتالي عليك أن توحي بالثقة لكل الناس..وبمجرد إعتلائك لكرسي مهما كانت موقعيته إعلم أنك معني بالمباشر بقضية المعتقلين في السجون السورية.. لكن ما أراه لدى بعض ممن عندنا من مسؤولين إما غيابهم عن هذه القضية إما خجلهم من طرحها إما تذممهم أو صمتهم الأبشع من الذمية أو تنكرهم لوجود معتقلين لبنانيين عند النظام السوري..وعلى الرغم من أن هذه القضية ليس إختصاصا مسيحيا فلائحة المعتقلين قد تحتوي على مسلمين أكثر بكثير من مسيحيين لكن هذا لم يمنع تبني هذه القضية من أحزاب وتيارات تصنف بأنها مسيحية.. إذا هي قضية إنسانية ونقطة عالسطر.. فلا هي مسيحية ولا هي إسلامية”…
وقال: “إلى مسؤول في الجمهورية اللبنانية.. أولادكم أحفادكم بناتكم لعبوا دبدبوا أكلو درسوا تخرجوا تزوجوا أمام أعينكم.. وكنتم كلما أصابهم مكروه مرض أو مجرد رشح كنتم لا تنامون تصلون تتضرعون لشفائهم.. فما بالكم بلبنانيين يذوقون طعم الموت كل لحظة حسرة على غياب والد أو زوج أو إبن.. فعلا لا أتمنى لأحد منكم تجرع هذه الكأس المرة لأنها ستكون موجعة حتى الموت كما ماتت أمهات كثر وهن داخل خيمة الإسكوا تنتظرن ولو خبرا عن طفلها الذي وإن بات كهلا فهو طفلها كان ويبقى.. وإستطرادا..هل تعلمون أن ال622 معتقل لا يتمكن ذويهم من الترحم عليهم؟ حتى كلمة الله يرحمو لا يجرؤون على لفظها”.
وتابع: “راهبان أنطونيان بثياب النوم يقتادان بشاحنة عسكرية سورية وهما في سن متقدمة. لماذا؟ ما هو ذنبهما؟ وماذا يفعل بهما لليوم النظام السوري؟ راهبين لا يعملان إلا الصلاة لماذا هذا الكفر ؟ ويلومنا حلفاء النظام السوري على موقفنا منه.. أو تسألون بعد لماذا هذا الموقف من نظام لم يترك ولو تذكارا واحدا .. بلى هم تركوا لنا أرامل وثكالى وأيتام ومعاقين وهم ذبحوا ونهبوا وإرتكبوا مجازر وإغتالوا نخبة الأنتليجنسيا والقادة السياسيين..وأخيرا وليس آخرا لا يزالون يعتقلون 622 لبنانيا في زنزاناتهم.. صيدنايا – تدمر – المزة – عدرا وغيرها من المعتقلات التي وصفتها مراجع حقوق الإنسان بأنها أشبه بمسالخ بشرية..فأعود لأسأل : النظام السوري معروف بوحشيته.. أنتم في لبنان يا أيها المسؤولون مما تخافون فلا تتابعون هذا القضية حتى كشف مصير أولادكم؟”.
واقتبس كلاما للرئيس الشهيد بشير الجميل، قائلا: “نريد رئيسا وقف ولو مرة واحدة على قبر شهيد ووضع وردة”.. أردد اليوم نريد رئيسا يحمل ملف المعتقلين في السجون السورية ويطالب باسترجاعهم أحياء كانوا نريدهم أموات كانوا نريد رفاتهم”.
وأوضح “أنني أتطلع من خلال هذا المؤتمر الى تشكيل لجنة متابعة لقضية المعتقلين، وكذلك الذهاب بهذا الملف نحو ترجمة واقعية وعملية من خلال آلية تسمح بتبني هذه القضية من كل الكتل النيابية والأحزاب السياسية والمرجعيات الروحية، بالاضافة الى ضرورة شراكة فعلية وحقيقية لكل من رئيس الجمهورية ورئيسي المجلس والحكومة.. وإذا كانت الدولة اللبنانية أنشأت في الماضي وزارة للمهجرين من مهامها إعادة بناء الحجر في القرى والبلدات ، فإنني لا أرى مانعا من إنشاء وزارة تعنى بقضية المعتقلين والمخفيين قسرا فهذا الجرح ينزف منذ سنوات ولا مندوحة من رعاية الدولة كي تعيد الثقة المفقودة من أبنائها بها”.
وختم مطالبا المؤتمرين ورعاة هذه المناسبة بالنقاط التالية: “أولا: تشكيل جمعية تتولى متابعة هذه القضية. ثانيا: تكوين ملف كامل عن المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية. ثالثا: تسليم هذا الملف الى الرؤساء والكتل النيابية كافة. رابعا: متابعة الكتاب الموجه للجنة الدولية للصليب الأحمر والمتضمن مطالبة بالدخول الى السجون السورية تحقيقا وبحثا عن مصير اللبنانيين هناك. خامسا: حمل الملف – القضية الى كافة المرجعيات الدولية من دول كبرى ومنظمات وفي مقدمها الأمم المتحدة بكافة أجهزتها العاملة في مجال حقوق الإنسان والمعتقلين”.
وكانت كلمة الإفتتاح لرئيس مكتب السياسات العامة مايا سكر، وقد استهلتها بالقول: “لأن المناسبة تحمل الكثير من المعاني الإنسانية والوجدانية اسمحوا لي ان أتوجه بتحية خاصة إلى من يشاركنا اليوم من الأسرى المحررين من سجون النظام السوري وإلى الأهالي، الحاضرين منهم والغائبين، وأعني بهم أهالي وعائلات المخفيين قسرا في أقبية التعذيب السوري، أتوجه من خلالهم بألف تحية وتحية لمن قد ننسى وجوههم وبسمتهم وطلعاتهم البهية، لكننا لم ننس ولن ننسى تضحياتهم وعذاباتهم وألامهم وأوجاعهم”.
وتابعت: “ننادي من هنا، من معراب الصمود، معراب التي خبرت بساكنها، ظلمة وظلم المعتقلات، وأنين المعذبين، ووقع أقدام الجلادين وحفاري القبور، من معراب النضال هذا، ألف تحية وتحية، لكم انتم، حيثما كنتم، معذبي صيدنايا، ام مقهوري المزة، ام مظلومي سجن عدرا، ام مضطهدي تدمر، وغيرها الكثير من عناوين الظلم والتعذيب والتنكيل والتحطيم المعنوي والجسدي وصولا الى الإعدام من دون محاكمة ولا من يحاكم. ولأننا في القوات اللبنانية أوفياء، لا بد أن نخص بالتحية من كان وفيا لكم، حتى آخر لحظة من عمره وهو من واكبكم ومن على كرسيه المتحرك يوما بيوم أعني به المناضل المرحوم غازي عاد”.
واستطردت: “انتهت الحرب اللبنانية إلا ان تداعياتها لم تنته بعد ومن مخلفاتها، ملف المفقودين والمخفيين قسرا في سجون نظام الأسد لأكثر من أربعة عقود من الزمن، يعاني مواطنون لبنانيون من الظلم والتعذيب في اقبية السجون السورية، خطيئتهم الوحيدة انهم وقعوا أسرى بأيدي جيش النظام السوري على الأراضي اللبنانية او السورية. لم يعد الملف مجرد ملف، بل يسمو الى مستوى قضية وطنية، قضية سيادية بامتياز لا تقل شأنا عن سواها من القضايا السيادية، قضية تنتقص من هيبة الدولة اللبنانية وتمس كرامة مواطنيها لأن هناك لبنانيين وقعوا ضحايا لنظام الأسد وهم: الأسرى وأهاليهم”.
ولفتت إلى أن “الجمعيات المعنية وثقت بهذه القضية وجود نحو 622 أسيرا لبنانيا في المعتقلات السورية، ولدى الدولة اللبنانية والسورية مستنداتٌ ووثائق تثبت ذلك، سلمت الى الجهتين من قبل المنظمات والناشطين المتخصصين في هذه القضية، إلا ان النظام السوري لطالما نفى اعتقاله للبنانيين وكرر هذا النكران في مناسبات عدة، أبرزها، عندما أعلن بشار الأسد عدم وجود معتقلين لبنانيين في سجونه اثناء زيارته فرنسا العام 2001. وبعدها الرد الذي تلقاه رئيس الحكومة سعد الحريري خلال زيارته دمشق على رأس وفد وزاري بأن لا معتقلين او مفقودين لبنانيين على أراضيه. هذا النكران تدحضه شهادات معتقلين سابقين تم تحريرهم وتفيد بأنهم تركوا اثناء إطلاق سراحهم اصدقاء لبنانيين لا يزالون على قيد الحياة في السجون السورية ولطالما كان المجتمع اللبناني يستفيق بين حين وآخر على خبر عودة أسير محرر من السجون السورية او تسليم جثة آخر الى ذويه بعد ما قضى في أقبية اعتقال النظام السوري، وتتوالى الأدلة والقرائن لتكشف اسرار وخبايا المعتقلات السورية ومآثر سجونها”.
وشددت على أن “التلاعب بمشاعر أهالي المعتقلين واعصابهم وصل الى أوجه مع الأحداث الدموية التي شهدتها سوريا لما لها من نتائج مأسوية على المعتقلين اللبنانيين فيها، ابرزها كان احداث سجن صيدنايا الذي وصفته منظمة العفو الدولية بالمسلخ البشري في تقرير نشرته في شباط 2017 وفيه توثيق لإعدامات طالت 13 ألف معتقل، أقدم على تنفيذها نظام بشار الأسد بين عامي 2011 و2015″، مشيرة إلى أن “هذه المعطيات كلها وسواها من التطورات تضع علامات استفهام حول عدم تحرك الدولة حيال هذه المأساة الإنسانية ورفع الصوت عاليا لمعرفة مصير المخفيين قسرا في السجون السورية. هل ما زالوا على قيد الحياة؟ فمن حقهم ان يرجعوا ام أنهم قضوا تحت التعذيب؟ ومن حقنا ان نعرف”.
وأوضحت أن “واقع هذه القضية بكل أبعادها هو محور مؤتمرنا اليوم الذي يستضيف عددا من المتخصصين في هذا الشأن والمهتمين من نواب ووزراء عملوا على مناصرة هذه القضية. ويتوزع برنامج لقائنا على سلسلة كلمات لكل من: النائب السابق إيلي كيروز، رئيس حركة التغيير إيلي محفوض، وزير العدل الأسبق البروفسور إبراهيم نجار، وزير العدل السابق اللواء أشرف ريفي ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع. أما محور النقاش فيستضيف كلا من نقيب محامي الشمال الأستاذ محمد المراد، الأب جورج صدقة من الرهبانية المارونية الانطونية، المدير التنفيذي لمنظمة “ألف” جورج غالي، الأسير المحرر علي أبو دهن، ماريا عبد الرحمن عن السفارة السويسرية في لبنان ورباب الخطيب عن اللجنة الدولية للصليب الأحمر. وختاما يتلو النائب السابق جوزف معلوف بصفته رئيسا للجنة التي شكلتها القوات اللبنانية لمتابعة هذه القضية، التوصيات الصادرة عن هذا المؤتمر”.