أكد رئيس الحكومة سعد الحريري، في حديث الى مجلة “الامن العام”، ان “الطريق الى بناء قوات عسكرية وأمنية لبنانية قوية قطع شوطا طويلا جدا، واستلزم ذلك جهودا كبيرة جدا وتضحيات، وهو لا يزال يتطلب المزيد من الصبر والحكمة والالتزام”. وأوضح ان مؤتمر “روما ـ 2” “شكل لحظة استثنائية في تاريخ لبنان، على الدولة بكل مكوناتها الاستفادة منها للشروع في برنامج اصلاح رئيسي طال انتظاره لقطاع الامن”.
وشدد الحريري على “ضرورة العمل من أجل المحافظة على استقرارنا الذي ينبع من تماسكنا، لان ذلك يشكل الدعامة الاساسية لاي مساعدة من أي جهة أتت، خصوصا وان التحديات التي يواجهها لبنان أصبحت تحديات عالمية، وهي بذلك تتطلب ردود فعل عالمية”.
واعتبر “ان مؤتمر روما يشكل دليلا جديدا على الاهتمام الكبير بلبنان من المجتمع الدولي برمته”. وقال:”الحشد الدولي الذي رأيناه أظهر مرة جديدة، بما لا يرقى اليه الشك، ان بلدنا لا يزال حاجة عربية ودولية لكي يكون واحة استقرار للجميع من دون استثناء، وان المشاركين في المؤتمر أصبحوا مدركين جيدا ان أحد أبرز شروط الاستقرار فيه هو تقوية الجيش وكل القوى الامنية اللبنانية، بحيث تتمكن من بسط سلطتها على كل الاراضي والحدود اللبنانية. الدولة وحدها تشكل المظلة والضامنة لامن جميع اللبنانيين من دون استثناء”.
وأعلن ان “أمن لبنان وأمان اللبنانيين يشكلان خطا أحمر وأولوية لعمل الحكومة، وقد ورد ذلك في البيان الوزاري لحكومة استعادة الثقة التي أترأسها، اضافة الى ذلك، فان كل المشاريع المستقبلية للنمو والنهوض بالاقتصاد لا يمكن ان تتحقق من دون ارساء استقرار أمني وتحصين لبنان وتجنيبه اي تداعيات قد تطاوله من جراء الاحداث التي تشهدها المنطقة برمتها”.
ونوه الحريري “بالجهود التي تبذلها جميع القوى العسكرية والامنية في الداخل وعلى الحدود، سواء في الحفاظ على سيادة لبنان ومنع اسرائيل من الحصول الى اطماعها برا وبحرا، ام في مكافحة الخلايا الارهابية وتفكيكها، وارساء استقرار امني في الداخل. هذه الانجازات اعطت كل القوى العسكرية والامنية اللبنانية شهادة اضافية لها، وشكلت احدى الدعائم الاساسية التي شجعت الاسرة الدولية على المشاركة في مؤتمر “روما – 2″، خصوصا وان هذه الانجازات باتت واضحة جدا، واصبحت هذه القوى مصدر ثقة كبيرة لدى جميع الدول”.
وأشار الى ان “نتائج مؤتمر “روما 2″ ستظهر تباعا من خلال الدعم والمساعدات التي سيقدمها المجتمع الدولي لتمكين الجيش والقوى الامنية اللبنانية من الاستمرار في القيام بمهماتها في حفظ الامن والاستقرار وتطبيق كل القرارات الدولية”. وقال: “نحن راضون جدا عن نتائج المؤتمر، والاتجاه الان هو نحو اجراء محادثات ثنائية وتشكيل لجان متابعة مع جميع البلدان المستعدة لتقديم المساعدة”.
أضاف: “لقد جددنا خلال المؤتمر واللقاءات الثنائية التي أجريناها على هامشه التزامنا سياسة النأي بالنفس التي أقرتها الحكومة اللبنانية بجميع مكوناتها. وهذه السياسة يلتزمها كل الافرقاء السياسيين حاليا في لبنان”.
وعن تجاوب المجتمع الدولي مع ما طرحه لبنان خلال الاجتماع، قال الحريري: “لاقت الخطتان الخمسيتان اللتان قدمتهما الحكومة اللبنانية تقديرا من جميع المشاركين في المؤتمر، اذ تضمنتا استراتيجية مفصلة واضحة المعالم والاهداف اعدتها المرجعيات الامنية والعسكرية بالتنسيق في ما بينها، وهي المرة الاولى التي يقدم فيها لبنان استراتيجية مماثلة”.
ولفت الى ان “العنوان العريض لهذا المؤتمر هو عنوان أمني بامتياز، الا ان نتائجه السياسية ستنعكس بشكل واضح على لبنان وعلى اقتصاده، وبالتالي هناك ضرورة ملحة لتوفير الامكانات الدفاعية الفاعلة كي تتمكن جميع القوى الامنية والعسكرية من الحفاظ على الاستقرار الذي ننعم به في الداخل وعلى الحدود، الامر الذي من شأنه ان يساعد في تنفيذ خطتنا الاقتصادية والاجتماعية. وهذا ما يطالب به المجتمع الدولي”، معتبرا “ان المجتمع الدولي شكل في هذا المؤتمر أسرة حاضنة فعلا للدولة اللبنانية، ومؤمنة بقدرتها على استنهاض مؤسساتها وتقوية ركائزها الشرعية، وقد وقفت هذه الاسرة في الامس وقفة التزام ثابت بأمن لبنان واستقراره وسيادته”.
وأعلن ان “بنود البيان الختامي للمؤتمر كانت واضحة جدا، خصوصا في ما يتعلق بما نص عليه اتفاق الطائف عن حصرية السلاح في يد الدولة اللبنانية وحدها، واعتبار سياسة النأي بالنفس مسؤولية جماعية لكل الاحزاب لتحصين لبنان من الصراعات الاقليمية، وابعاده من اي تدخلات في شؤون الدول الاخرى، وان الجيش اللبناني هو القوة المسلحة الشرعية الوحيدة وفقا للدستور. كما ان مناشدة المؤتمرين لبنان بضرورة استئناف جميع القوى السياسية النقاش حول استراتيجية الدفاع الوطني تنطلق من اعتبار ان وجود بيئة امنية قوية ومستدامة في لبنان سيساهم في بناء الثقة اللازمة لزيادة الاستثمار الاقتصادي وتحقيق اهداف التنمية المستدامة فيه”.
وعن الهدف من تشكيل كتيبة نموذجية للجيش، قال رئيس الحكومة: “هذه الكتيبة تهدف الى تعزيز الانتشار العسكري اللبناني في منطقة جنوب الليطاني لمساندة قوات اليونفيل في عملها في اطار قراري مجلس الامن 1701 و2373، على ان يترافق تشكيلها مع ارسال مزيد من عناصر الجيش اللبناني الى الجنوب، وذلك لا بد من ان يتزامن مع توجه لبنان نحو مناقشة استراتيجية الدفاع الوطني بعد الانتخابات النيابية المقبلة، كما كان قد اشار رئيس الجمهورية ميشال عون في اطار دعوته المجتمع الدولي الى دعم القوات المسلحة اللبنانية، من اجل تمكينها من الاطلاع بواجبها في الحفاظ على الامن والاستقرار وفقا لهذه الاستراتيجية”.
وعن الرسالة التي أراد كبار المشاركين ايصالها الى لبنان من خلال المؤتمر، أشار الحريري الى ان وزير الخارجية الايطالي انجلينو الفانو اكد خلال المؤتمر أهمية ضمان تأييد واسع للحكومة اللبنانية لتوطيد الامن وبسط سلطتها على كل التراب الوطني، فيما تطرق الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريس الى ضرورة تضامن المجتمع الدولي مع لبنان بوصفه “العمود الاساس للاستقرار في المنطقة”، ودعا رئيس الوزراء الايطالي باولو جنتليوني الى ان يطلق على المؤتمر “رسالة قوية” داعمة للاستقرار اللبناني الامني والسياسي والاقتصادي”. وقال: “بذلك، فان هذا المؤتمر لم يكن لقطع الوعود بل لتجديد الدعم الدولي لاستقرار لبنان وأمنه ومؤسساته العسكرية والامنية”.
وختم الحريري، مؤكدا ان “نجاح كل الجهود المبذولة سياسيا وعسكريا واقتصاديا مرتبط مباشرة بحفاظنا على وحدتنا كلبنانيين، وباستمرار العمل على ترسيخ وحدتنا واستقرار البلد”.