الرئيس عون ازاح الستارة عن نصب تذكاري تحية للنساء ضحايا العنف والقصر يضاء مساء باللون البرتقالي تضامنا مع حملة مناهضة العنف ضد النساء

أكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أن “تعنيف المرأة هو نوع من الهمجية التي لم يستطع الانسان حتى الآن التخلص منها”، معتبرا أنها “وليدة غياب الشعور الانساني عن الضمير الذي يجب أن يستفيق عند الرجال كما عند النساء”.

ولفت الرئيس عون الى أن “أول ما فكر فيه بعيد انتخابه رئيسا للجمهورية كان العمل على إزالة الفوارق القانونية بين الرجل والمرأة، التي لا تزال بعيدة كثيرا عن الحد من العنف الممارس بحق المرأة الذي يدمر العائلة، الخلية الاولى للمجتمع”.

مواقف الرئيس عون جاءت خلال رعايته قبل ظهر اليوم حفل ازاحة الستارة عن النصب التذكاري تحية للنساء ضحايا العنف الاسري الذي وضع على طريق القصر الجمهوري في بعبدا، لمناسبة اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد النساء.

وكان رئيس الجمهورية وصل الى مكان الاحتفال، ترافقه رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية كلودين عون روكز عند الحادية عشرة، حيث كان في استقبالهما وزير الدولة لشؤون المرأة جان اوغاسابيان، وزير العدل سليم جريصاتي، المنسق المقيم لأنشطة الامم المتحدة في لبنان فيليب لازاريني، المدير الاقليمي لمنظمة الامم المتحدة للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة محمد ناصري، مديرة منظمة “ابعاد” غيدا عناني ورئيس بلدية بعبدا -اللويزة انطوان الياس الحلو. وشارك في الاحتفال اعضاء الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية وممثلون عن منظمة “ابعاد” وهيئات المجتمع المدني وعدد من الشخصيات.

بعد عزف النشيد الوطني من قبل فرقة الكشاف اللبناني، والوقوف دقيقة صمت حدادا على ارواح النساء ضحايا العنف الاسري، تحدثت مديرة منظمة ابعاد غيدا عناني فقالت:
“مؤلم أن يأتي مجددا تاريخ 25 تشرين الثاني – اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد النساء – وما زالت نحو ثلث نساء لبنان يختبرن العنف في حياتهن، وما زالت إمرأة تقتل شهريا على الأقل من جراء هذا العنف، وتتعرض واحدة من اصل 4 للاعتداء الجنسي! مؤلم أن يتجدد هذا التاريخ وما زالت لائحة مقترحات ومشاريع القوانين المنزهة لكافة أشكال التمييز ضد النساء والفتيات طويلة أمام برلماننا اللبناني!
مؤلم أن نجتمع وما زلنا كنساء في بلد الديمقراطية والحريات، نطالب بحق المواطنة الكاملة!
فخامة الرئيس، إن لفتتكم الكريمة اليوم تؤكد الإلتزام الجدي لهذا العهد بتغيير الواقع العنفي الذي تعيشه نساء بلادنا وهي تدفع بنا جميعا، وبزخم، هيئات رسمية قطاعية ومنظمات مدنية وأمم متحدة لتعزيز الجهود أكثر فأكثر لتحقيق أهدافنا الوطنية والإنسانية المشتركة.
بإسم النساء والفتيات أصحاب الحقوق، الناجيات يوميا من كلفة المنظومة البطريركية الذكورية، وبإسم اللواتي رحلن عنا ظلما وتعسفا، نقول لكم شكرا، من القلب، وكلنا ثقة أن 25 تشرين الثاني عام 2018 سيأتي ولبنان، تشريعا وتطبيقا، مراع لكافة مبادئ العناية الواجبة على الدولة لتعيش نساؤه وفتياته بأمان وكرامة إنسانية…كاملات المواطنة! ”

ثم ألقى ناصري كلمة قال فيها: “نحن هنا اليوم لنحيي صمود وقوة النساء. النساء اللواتي يواجهن العنف فقط بسبب كونهن نساء، سواء أكان ذلك تعنيفا كلاميا، او نفسيا او جسديا، ولكن على الرغم من ذلك، لا يزلن ينهضن ويتقدمن ليصرخن يكفي! لا للعنف. هذا النصب التذكاري هو لهن ونحن هنا اليوم ايضا لان لبنان بقيادة فخامة رئيس الجمهورية وحكومته قد سمعوا النداء وقالوا يكفي ! لقد بذل لبنان جهودا حثيثة للتغلب على العنف، اولا عن طريق الدفع نحو سياسات شاملة تعزز من حماية المرأة وتمكينها وثانيا نحو خلق المساحات الآمنة لمنظمات المجتمع المدني مثل “ابعاد” لتتمكن من القيام بدورها الهام. وتتشرف هيئة الامم المتحدة للمرأة ان تكون شريكة في هذا المجهود القيم، وستستمر في دعم هذه الجهود طالما تستدعي الحاجة لذلك، والى ان تتمكن النساء والفتيات من الوقوف والقول بفخر انهن متساويات مع الرجال، وانهن لا يخشين من الكلمات ولا من الايادي التي قد تتطاول عليهن من اهلهن، من افراد عائلاتهن، من جيرانهن او من الغرباء في مجتمعاتهن”.

وتحدث لازاريني مشيرا الى أن “العنف الممارس ضد النساء، لا يؤثر فقط على اللواتي تتعرضن بشكل مباشر له، بل ايضا على العائلات بكاملها، والمجتمعات كافة كما على نمو المجتمع ككل”.

ورأى ان “هذا النصب التذكاري لا يجب أن يشكل فقط تحية الى جميع اللواتي عانين من العنف الاسري بل حافزا لتضافر الجهود لحماية النساء والفتيات اللواتي تعانين من كافة انواع العنف”. وقال: “أود ان اشدد في هذه المناسبة على ما قاله الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريس في هذا اليوم، وهو أن ” لكل أمرأة وفتاة الحق في حياة خالية من العنف. إن الامم المتحدة ملتزمة بمعالجة العنف الممارس ضد النساء والفتيات بكافة انواعه”.

أضاف: “فخامة الرئيس، إني على ثقة، بأن هذا الحدث الذي يحظى برعايتكم اليوم، سيسلط الضوء على هذه القضية ويدعو الى مزيد من الحرص على تأمين الحماية للنساء. وسيمنح قوة دفع تجاه تمكين المرأة وتحقيق مبدأ المساواة بين المرأة والرجل في لبنان.
وأكرر دعم اسرة الامم المتحدة لمؤسسات الدولة اللبنانية، لاسيما الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية، ووزارة الدولة لشؤون المرأة، كما لمنظمات المجتمع المدني الممثلة اليوم بـ”ابعاد” بهدف حماية النساء من العنف وتمكينهن في مختلف جوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وخصوصا في عملية صنع القرار.
شكرا على إلتزامكم وتضامنكم”.

ورد الرئيس عون بكلمة قال فيها: “نزيح الستار اليوم عن النصب التذكاري كي يراه كل من الرجل والمرأة، فيشعرا بالتقصير بحق المرأة المستضعفة التي تخضع لقوة الرجل. وقد سقط الكثير من الضحايا نتيجة العنف الممارس بحقهن. نحن جميعا نشعر بالتقصير في ما خص حقوق المرأة، وأول ما فكرت فيه بعيد انتخابي رئيسا للجمهورية كان العمل على إزالة الفوارق القانونية بين الرجل والمرأة، التي لا تزال بعيدة كثيرا عن الحد من العنف بحق المرأة الذي يدمر العائلة، وهي الخلية الاولى للمجتمع. الامر الذي يؤدي الى ايجاد الكثير من العوائق امام تطور المجتمع والعائلات في آن، التي ستكون عرضة لمشاكل عندما تكون الام هي الشخص المعنف”.

وأكد رئيس الجمهورية أن “العنف يطال الام والاخت والزوجة والابنة. فمن من الرجال ليس لديه ام او اخت او زوجة او ابنة؟ من هنا، على الضمير ان يستفيق عند الرجال اولا وعند النساء المعرضات للعنف اولا، اللواتي عليهن ان يكن اكثر تنظيما ويجاهدن”.

وختم بالقول: “يوجد في مجتمعنا بعض التجمعات التي ما زالت تعتبر قوية وتعارض هذه الافكار المتقدمة. وأنا اعتبر ان تعنيف المرأة هو نوع من الهمجية التي لم يستطع الانسان حتى الآن التخلص منها. فهي غياب الشعور الانساني عن ضمير الرجل. وعلى الرجال عندما يرون هذا النصب ان يتذكروا ان عليهم الاعتذار من النساء اللواتي تعرضن للتعنيف سواء كن من معارفهم او من وطنهم”.

ثم ازاح رئيس الجمهورية الستارة عن النصب التذكاري، وهو من اعمال النحات سامي بصبوص.

وكان الرئيس عون وضع خلال الاحتفال شارة بيضاء كرمز لالتزام مناهضة العنف ضد المرأة، ولحث الجميع على بذل الجهود كافة في سبيل تحقيق هذه الغاية.
وقد اعتمدت هذه الشارة من قبل مجموعة رجال في كندا، في اطار تنظيمهم لحملة عالمية انطلقت عام 1991 لتشجيع الرجال والفتيان على عدم السكوت عن تعنيف النساء والفتيات، وذلك طيلة 16 يوما، تبدأ في 25 تشرين الثاني وتنتهي في العاشر من كانون الاول.

وللمناسبة، واستنادا الى القرار 54/134 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، وبمبادرة تضامن من رئيس الجمهورية مع الحملة العالمية التي ستنطلق في مختلف دول العالم، ستضاء مساء اليوم الواجهة الرئيسية للقصر الجمهوري في بعبدا باللون البرتقالي. وهو اللون المخصص لهذه الحملة، تعبيرا عن الأمل في الوصول الى مستقبل مشرق خال من اشكال العنف كافة.

عن Editor1

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *