أكد وزير الشؤون الاجتماعية بيار بو عاصي في حوار مع “الأنباء” الكويتية، على هامش مشاركته في مؤتمر “معاناة الطفل الفلسطيني”، “عمق العلاقات التاريخية التي تربط الكويت بلبنان”، مشيرا الى أن “الكويت تستقبل ما يقارب الـ 40 ألف لبناني يعملون فيها حققوا نجاحا واندمجوا مع المجتمع الكويتي”، متوجها بالشكر للكويت ودول الخليج.
واعتبر أن “زيارة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي إلى المملكة العربية السعودية تاريخية لرمز ديني مسيحي يزور أرض الحرمين ومن دون شك ستفتح آفاقا جديدة من الانفتاح والتمايز”.
وأكد أهمية أن “يسلك لبنان في ظل الظروف الاقليمية الصعبة طريق الحوار البناء وسياسة النأي بالنفس عن الصراعات الاقليمية لمصلحة لبنان والشعب اللبناني ومقاربة الإشكاليات بكل وضوح، ومعالجة جر لبنان من قبل أحد مكوناته إلى أماكن لا يوافق عليها الشعب اللبناني”.
ولفت إلى أن “العمل على معالجة مشكلة النازحين متفق عليه من كل مكونات الحكومة”، مؤكدا أن “الانتخابات النيابية ستجرى في موعدها ومن المبكر التحدث عن تحالفات انتخابية حاليا”، كاشفا عن “دراسة إنشاء تحالفات ما بعد الانتخابات”، وموضحا أن “طرح رئيس القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع لحكومة تكنوقراط هدفه إبعاد التجاذبات الانتخابية عن الحكومة”.
وعن العلاقات الكويتية – اللبنانية، قال: “إن العلاقات اللبنانية – الكويتية خصوصا واللبنانية – الخليجية عموما هي علاقات تاريخية مبنية على تفاعل بشري وعلاقات عاطفية ووجدانية بين الشعبين الكويتي واللبناني، وتتم ترجمة هذه العلاقة بدعم مطلق من الكويت للبنان في كل الأزمات التي مر بها. كما أن هذه العلاقة التاريخية تتجلى في استضافة الكويت لما يزيد على 40 ألف مواطن لبناني يعملون فيها ونجحوا واندمجوا على المستوى السياسي وعلى المستوى المالي والاقتصادي”.
أضاف: “الكويت لم تقصر يوما مع لبنان، وكلما كان لبنان في محنة كانت الكويت تقف الى جانبه وكلما كانت هناك إمكانية للاستثمار في لبنان نجد الاستثمارات الكويتية أتت الى لبنان بكثافة وغزارة. وأقول هنا إن ابن الاصل يجب ان يكون اصيلا ويقول شكرا للصديق الذي يبقى صديقا، وعلى مستوى السياسي اللبناني القرارات تنبع من مصالح الشعب ونحن جزء من العالم العربي نتفاعل معه، نحترمه ويحترمنا، وكل من وقف بجانب لبنان نشد على يده ونشكره. ولا بد من التأكيد هنا أن الكويت وكل دول الخليج لم تقصر مع لبنان على الاطلاق”.
وقال ردا على سؤال: “ان المؤتمر التي استضافته الكويت أعتبره انا مؤتمرين، مؤتمر معاناة الطفل الفلسطيني المستهدف من بطش الاحتلال الاسرائيلي وكذلك معاناة الطفل العربي في العديد من دول النزاع، وقد تم من خلاله تسليط الضوء على معاناة هؤلاء الأطفال والخروج بتوصيات تتحول الى عمل عربي جماعي لحمايتهم”.
وعن العلاقة بين لبنان ودول الخليج قال: “شهدت المرحلة الأخيرة بعض الأزمات مع دول العالم العربي وتحديدا دول الخليج العربي والسبب واضح ونحن نسمي الأمور بأسمائها ولم نلتف على المشكلة ولم نتطرق إليها بشكل مبطن، والسبب هو أن المنطقة بحال توتر شديد ومواجهة سياسية وعسكرية شديدة، ولبنان ارتأى منذ البداية أن ينأى بنفسه عن المشاكل، وكل الأشقاء العرب تقبلوا سياسة النأي بالنفس التي اعتمدها لبنان بسبب دقة الوضع في لبنان والمنطقة. لكن سياسة النأي بالنفس هذه لم تطبق من جانب مكون لبناني وهو حزب الله، فهو اولا مسلح وهذا شيء غير مقبول على مستوى السيادة اللبنانية وعلى المستوى الميثاقي، وثانيا ينخرط منفردا في صراعات مسلحة على المستوى الاقليمي، وفي مجمل الاحيان يكون في مواجهة الدول العربية وهذا أوجد توترا وحالا إرباك في العلاقات اللبنانية العربية وحالا من الإرباك على المستوى الاقتصادي اللبناني لوجود ترابط بين الاقتصاد اللبناني والتفاعل مع الدول العربية، وأربك كذلك الجالية اللبنانية في الدول العربية”.
أضاف: “لذا نقول إنه لا يجوز أن يكون هناك مكون مسلح غير الدولة اللبنانية وهذا ينطبق على الجميع، كما أن حزب الله لا يجوز أن ينخرط في الصراعات الاقليمية وينعكس ذلك على كل الشعب اللبناني في الوقت الذي لا يشارك الشعب اللبناني لا في الخيار ولا في القرار ولا في التنفيذ. هكذا فإن مكونا واحدا يقرر ويختار وينفذ، لكن الانعكاس يكون على كامل الشعب اللبناني ونحن شركاء في هذا الوطن نرفض هذا الوضع رفضا باتا ونرفض ان يكون هناك مكون تتسبب تصرفاته في ترددات اقليمية على الشعب اللبناني من دون أن يستشيره في قراراته”.
وأكد أن “وجود حزب الله بسلاحه وبارتباطه أربك الوضع الداخلي، والجميع يجمع على أن هذا السلاح من غير الطبيعي ان يكون موجودا في لبنان وأفضل طريقة للخروج من هذا الوضع هي الوضوح في المواقف والحوار البناء وليس حوارا لتضييع الوقت في العموميات، فالوضع اليوم خطير على مستوى استمرارية لبنان واستمرارية الشعب اللبناني، وهذا ليس تفصيلا عابرا او سياسة اقتصادية أو نقدية. إننا نتكلم عن حال قد يكون تأثيرها عميقا على التركيبة اللبنانية ومستقبل الشعب اللبناني. في ظل هذه الظروف فإن الحل هو بالحوار البناء الهادف للوصول الى نتيجة لأننا لم نعد نستطيع تأجيل المشكلة وهي تتفاقم، وكل مرة يكون لدينا الخيار بين الاستقرار مع استمرار المشكلة أو الانفجار. هذه الخيارات يجب ان نخرج منها لان المحافظة على الاستقرار لم تغير شيئا وإنما نستمر في الوضع الشائب الموجود، واذا تم المس به نكون نعرض الاستقرار للخطر، وهذا لا يجوز”.
أضاف: “يجب أن نخرج من المشكلة من دون أن نكون تحت تهديد نقض الاستقرار وعلينا أن نطرح الاستقرار المستدام الذي يكون مبنيا على قيام الدولة والاقتصاد السليم وعلى تطور المجتمع، وهذا هو الاستقرار. لذا نقول: “اجلسوا لنتكلم بعمق عبر الحوار الجدي والفعال لمعالجة المشكلة التي تتفاقم وسوف تعرض الكيان اللبناني للخطر”.
وعن مشكلة النازحين وأثرها على الوضع اللبناني والمفارقات بين المكونات اللبنانية بالتعامل معها قال: “أنا عضو في لجنة النازحين الوزارية ويمكن ان أؤكد أن موضوع النازحين عليه اجماع تقريبا. لم نتوصل بعد إلى ورقة مشتركة في هذا الشأن ولولا ظروف غياب الرئيس الحريري واستقالته لكنا أنجزنا هذه الورقة المشتركة. ولا بد من الإشارة هنا إلى أن حجم ونسبة النازحين بالنسبة لعدد سكان لبنان وطول الاقامة التي امتدت إلى ما يقارب السبع سنوات، كل ذلك يعرض الكيان اللبناني للخطر”.
وتابع : “إن لبنان لم يعد يستطيع ان يتحمل هذا العدد لا على المستوى الاقتصادي ولا على مستوى البنى التحتية ولا على المستوى الديموغرافي أو أي مستوى آخر. لكن السؤال المطروح على المستوى الانساني هو هل يجب التخلي عن دعم النازحين؟ بالطبع لا، يجب مساعدتهم انسانيا علما أن الدعم ماديا يكون من قبل المجتمع الدولي وليس من خزينة الدولة. لكن على المستوى السياسي، من دون أي خجل أو إحراج، نقول للنازحين السوريين وللشعب اللبناني والمجتمع الدولي إن لبنان لم يستطع ان يتحمل هذا الكم من النازحين، ونترك الامر للتوصل الى حل سياسي في سوريا حتى يعود النازحون ويجب ألا يكون هناك ارتباط بين الحل السياسي والعودة. فالاحتمال الاكبر الا يكون هناك حل سياسي في سورية، وان يستمر الوضع في تقاسم نفوذ وبخفض توتر دون حل سياسي”.
وقال : “هذا لا يعني أن يستمروا النازحون في لبنان لحين الحل، بل يجب ان يعودوا حسب المناطق فمن يؤيد النظام يعود لمناطق النظام والمؤيد للمعارضة يعود الى مناطقها، ومن هم على الحياد يعودون إلى مناطقهم لان حياتهم في لبنان كل يوم أسوأ على أمل أن تكون حياتهم في سورية أفضل”.
وعن زيارة البطريرك الراعي الى السعودية، قال: “أعتقد انها زيارة تاريخية لانها اول مرة تحصل، علما ان العلاقة بين الموارنة والمملكة السعودية علاقة قديمة ومتينة، واعداد الجالية المارونية الموجودة بالسعودية الذين يعملون هناك تقدر بعشرات أو مئات الآلاف وجميعهم نجحوا في أعمالهم ولم يشعروا بأي تمييز. لكن زيارة البطريرك لها رمزية حيث يتم لأول مرة استقبال رجل دين مسيحي في ارض الحرمين الشريفين وهذه رمزية مهمة جدا للانفتاح والاعتراف بالآخر والاعتراف بالتمييز والاختلاف الديني، وهذه هي رسالة مهمة جدا، فكيف اذا كانت من البطريرك الماروني اللبناني؟ هذه الزيارة هي اعتراف بتوثيق علاقات الصداقة بين المملكة ولبنان بكل مكوناته. فعلى المستوى السياسي تعتبر المملكة تاريخيا أقرب للزعماء السياسيين المسيحيين والاهم اليوم هو الاعتراف بمكون ديني مسيحي تتم دعوته ويتم الاختلاف واحترام هذا الشيء وهو خطوة ممتازة ونأمل منها كل خير”.
وعن إمكان زيارة جعجع دول الخليج، قال: “إن الدكتور جعجع يزور دول الخليج باستمرار، وقبل فترة وجيزة كان في المملكة كما زار الدوحة وقبلها الكويت وقريبا ستكون هناك زيارات لدول أخرى، وكل الدول تحترم هويتنا وثقافتنا وسيادتنا ونحن فقط من يقرر مصير بلدنا وسياسته وهناك احترام دائم لخصوصية لبنان”.
وعما إذا كانت الانتخابات ستحصل في موعدها، قال: “الانتخابات ستجرى في موعدها، وانا عضو في لجنة الانتخابات الوزارية، وأود أن أقول هنا إن الانتخابات ملك الشعب وليست ملك الطبقة السياسية، وفي حال عدم إجراء الانتخابات فماذا نفعل؟ هل نلغي النظام البرلماني والعمل البرلماني؟ هذا مستحيل، صحيح أنه حدث تمديدان في ظروف صعبة نتيجة الفراغ الرئاسي. أما اليوم فلا بد من العودة إلى صناديق الاقتراع”.
وعن طرح جعجع حكومة تكنوقراط لإجراء الانتخابات قال: “لا أعرف إذا كان من الممكن أن نصل الى حكومة كهذه طرحها الدكتور جعجع كحل مرحلي، مع العلم أن هذا حدث سابقا مع حكومة الرئيس ميقاتي التي حضرت لاجراء الانتخابات النيابية عام 2005 وكان اعضاؤها غير مرشحين للانتخابات. ومن الطبيعي ان تكون الحكومات سياسية، بخاصة في بلد كلبنان، ونحن اليوم مشاركون في هذه الحكومة بثلاثة وزراء ووزير حليف، ولكن لدينا تخوفا ان تكون التجاذبات الحكومية داخل الحكومة مصدرا لارباك اجراء الانتخابات النيابية، ومن هذه الزاوية طرح جعجع شكل حكومة كهذه”.
وعن التحالفات الانتخابية ل “القوات”، قال: “من المبكر الحديث عن التحالفات الانتخابية، على الرغم من أن الانتخابات بعد أشهر حيث ستجرى في 6 أيار المقبل، والتحالفات مفتوحة وهناك فكرة جديدة ان يكون التحالف لما بعد الانتخابات، بخاصة أن القانون الانتخابي الجديد لا احد يعلم نتائجه وهذه ميزة إيجابية”.
وعن تعيينات وزارة الاعلام وهل تم منع نقل مقابلة الرئيس الحريري على تلفزيون لبنان، قال: “أنا لا أتكلم عن وزير الاعلام ملحم الرياشي لانه زميل ولأنه لا توجد لدي دائما كل الحيثيات، ولكن بالمطلق بغض النظر عما حصل أمس لا اعلم اذا ما تم هذا المنع، ولكن انا أقدس الحريات، وحرية الاعلام في لبنان دفع ثمنها دما وتمت التضحية بالأرواح للحفاظ على حرية الصحافة. إن أي شكل من أشكال الرقابة لا يشبهني ولا يشبه لبنان”.