‏الراعي من دقون: علّمنا الرئيس عون في هذا الظرف الصعب من حياتنا الوطنية كيف نواجه ازمات الحياة بروية وتأني وصبر وتشاور

دشن البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، كنيسة مار تقلا التي أعيد بناؤها في بلدة دقون قضاء عاليه، بمشاركة رئيس أساقفة بيروت للموارنة المطران بولس مطر، وبدعوة من لجنة وقف رعية مار تقلا، والمجلس البلدي في دقون والأهالي.

ولدى وصول الراعي إلى البلدة، أقيم له استقبال شعبي تقدمه ممثل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وزير الطاقة سيزار ابي خليل، ممثل شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن القاضي فؤاد حمدان على رأس وفد من مشايخ الطائفة، النائب أكرم شهيب ممثلا رئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب وليد جنبلاط، النائبان هنري حلو وفادي الهبر، ممثل رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع انيس نصار، ممثل قائد الجيش العماد جوزاف عون العميد الركن علي رمضان، ورئيس صندوق المهجرين نقولا الهبر، المدير العام لوزارة المهجرين أحمد محمود، وفد من “الحزب التقدمي الاشتراكي” في المنطقة برئاسة وكيل الداخلية بلال جابر، شخصيات روحية واجتماعية وأهلية، والمجلسين البلدي والاختياري ولجنة وقف مار تقلا.

وفي صالون الكنيسة، صافح الراعي مستقبليه، ثم ألقى القاضي حمدان كلمة باسم الشيخ نعيم حسن، نقل فيها تحيات حسن وترحيبه. وقال: “إن لبنان يمر في أوقات دقيقة تتطلب منا الحفاظ على مكتسبات العيش الواحد أكثر من أي وقت مضى. وعلينا العمل للمحافظة على مكتسبات مصالحة الجبل، وعلى كل ما يجمع اللبنانيين، ونثمن في هذه المناسبة تضحيات وجرأة القائمين على تلك المصالحة التاريخية، التي تؤكد أن بناء الوطن يستلزم تقديم التضحية والتعقل والتهدئة، وان الاتفاقات بين مكوناته لا تستمر إلا إذا كانت بين أقوياء في الوطنية، وعلى نية بذل كل الجهود لإعطاء البعد الثالث للعودة إلى الجذور، عبر العمل على موضوع تعزيز الانماء لتشكل نقطة جذب وعامل استقرار واستمرارية وجود. اننا نجد في هذه المرحلة الوقت الأحوج للتعاون بين أبناء الوطن الواحد، نقف بوجه التحديات، نتحد في كل الاستحقاقات بحيث يجب أن نكون يدا واحدة وقلبا واحدا للحفاظ على هذا الجبل ليسلم، ويسلم معه الوطن وننعم ببركة الله”.

ثم ألقى الراعي كلمة شكر فيها للشيخ حسن “عاطفته الكبيرة التي يعبر عنها في كل الظروف”، محييا ممثله، ومعربا عن بالغ شكره وتقديره “لهذا الاستقبال من خلال وفد المشايخ، وللكلمة التي نتبناها لأنها من صميم عيشنا وثقافتنا كلبنانيين بكل مكوناتهم، يشكلون الجسم الواحد الذي ينبع من صميم الطبيعة اللبنانية. وأحيي أيضا النواب والآباء الكرام”.

وقال: “اننا اليوم نعيش في وجوم على وجوهنا، لأننا تحت وطأة المفاجأة بأن رئيس مجلس الوزراء يقدم استقالته من السعودية بشكل مفاجئ، وكل الشعب لا يعرف المصير، وكل ذلك يشكل حزنا في القلب، ونتطلع إلى عودته (الرئيس سعد الحريري) إلى لبنان، لأنه لا يمكن أن يسلم البلد اذا كان فيه وجع، من أجل الكرامة والسيادة والسلم الاهلي. ونأمل من دولة الرئيس العودة إلى الوطن. واننا اذ نكرس الكنيسة اليوم وبشفاعة الكنيسة تقلا أولى الشهيدات، نصلي كي تنجلي هذه القضية، وربنا له دائما نظرة لحل الأمور ونتطلع الى العناية الإلهية. وطبعا قوتنا ليست من البشر بل من الله، ولهذا نتذكر الصبر والصمود والتكاتف ونجمع قوانا. ومن هنا أحيي فخامة رئيس الجمهورية (العماد ميشال عون) على موقفه، وعلى المشاورات التي يقوم بها، دليلا على أن اللبنانيين جسم واحد ومعا في مسيرة قيام الدولة، وصلاتنا هذه الليلة معا لالتماس نعمة الخروج من هذا النفق، وأملنا كبير بجلاء هذه القضية على خير”.

ثم ترأس الراعي الذبيحة الالهية، عاونه فيها رئيس أساقفة بيروت المطران بولس مطر والرئيس العام للرهبانية الانطونية الاباتي مارون ابو جودة والمونسنيور انطوان سيف وكاهن الرعية الاب دافيد شعيا ولفيف من الكهنة والرهبان وألقى عظة، بعنوان:”انت هو المسيح ابن الله الحي”، وجاء فيها: “ننضم بفرح الى فرحتكم اليوم يا ابناء دقون والمنطقة، ونحن نكرس معكم هذه الكنيسة ومذبحها على اسم القديسة الشهيدة تقلا. وفرحة لانه من خلال ايمانكم وصمودكم وعرق جبينكم وتضحياتكم، بنيتم هذه الكنيسة الجميلة على صخرة الايمان، فيما في كل مرة تلتقون ونحن اليوم معكم نرفع ايماننا ايمان بطرس قائلين: انت هو المسيح ابن الله الحي”، انت هو الذي ارسله الله ليحمل للعالم محبته ورحمته وسلامه لكي تستطيع الشعوب على اختلاف ثقافاتها واديانهم ومشاربهم ان تعيش جمال البنوة لله وجمال الاخوة في ما بينهم. وقد جئت ايها المسيح لتعلن ان لا مجال لان يتعايش الناس بسلام من دون المحبة والرحمة.

اني اشكر اخي راعي الابرشية المطران بولس مطر على دعوته، واشكركم يا اهالي دقون على دخولكم من الباب الواسع في حركة المصالحة في الجبل وتركتم الماضي وراءكم، وبهذه الروح اعدتم الحياة الى بلدتكم كما اعيدت الحياة لهذا الجبل العزيز. اهنئكم لانكم منذ تسع سنوات بدأتم، برعاية راعي الابرشية وبهمتكم وهمة المونسنيور انطوان سيف وسخائكم، باشرتم ببناء هذه الكنيسة ومجمعها الجميل، وبايمانكم استطعتم ان تبلغوا هذا اليوم الجميل. كنيسة جميلة تعكس جمال قلوبكم، وقد اتيتم من كل مكان، حتى من خارج لبنان واجتمعتم في هذه المناسبة المباركة، ولا شك في انكم حيثما انتم تشكلون جسد المسيح السري. اننا نقدم هذه الذبيحة الالهية على نيتكم جميعا وعلى نية كل من تعب في هذه الكنيسة وعلى نية عائلاتكم، ومرضاكم وامواتكم وشهدائكم. كما اني احيي رئيس عام الرهبانية الانطونية التي تقوم بخدمة هذه الرعية بشخص الاب دافيد شعيا.

ومعكم اوجه التحية الى فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي علمنا في هذا الظرف الصعب من حياتنا الوطنية بنتيجة استقالة رئيس مجلس الوزراء الشيخ سعد الحريري بشكل مفاجىء وغير طبيعي، كيف نواجه أزمات الحياة بروية وتأني وصبر وتشاور، علمنا انه لا يجوز في الملمات الصغيرة والكبيرة ان نأخذ قرارا على عجل او على ردة فعل. نحن نرجو من خلال هذه المشاورات التي يقوم بها فخامة الرئيس، ان تصاغ من جديد وتتشدد روابط وحدتنا الوطنية ، وفي الواقع فان كل اللبنانيين على اختلافهم ينادون بصوت واحد من اجل عودة رئيس الحكومة وانطلاق الحياة الوطنية من جديد. فاللبنانيون وان مروا في ظروف صعبة يعرفون كيف يستعيدون من جديد مسيرتهم الوطنية في وحدتهم. نطلب اليكم معالي الوزير ان تنقلوا الى فخامة الرئيس كل محبتنا وتأييدنا وصلاتنا ونرجو له بشفاعة القديسة تقلا النجاح في مواجهة هذه الازمة السياسية والوطنية.

نعم نعيش اليوم والوجوم باد على وجوهنا جميعا. لقد آلمتنا هذه المفاجأة التي تمثلت بتقديم رئيس مجلس الوزراء استقالته بالشكل المفاجئ من السعودية وكل الشعب لا يعرف ما هو المصير. طبعا هذا يشكل حزنا في القلب وجميعنا يتطلع الى عودته الى لبنان لأنه من غير الممكن ان يسلم لبنان اذا كان هناك احد ما موجوع فيه.

فمن اجل الإستقرار ومن اجل الكرامة والسيادة والسلم الأهلي نحن نتأمل ان يعود دولة الرئيس وان نستعيد حياتنا الوطنية.

نحن ندشن الكنيسة اليوم ونكرسها وسنرفع صلاتنا بشفاعة القديسة تقلا اولى الشهيدات كي نلتمس من الله نظرة الى حياتنا الواقعية ولكي تنجلي القضية وربنا دائما له طريقته الخاصة لحل الأمور. هذا هو ايماننا الثابت بالعناية الإلهية. بالطبع قوتنا ليست من البشر وانما هي من الله. وهكذا نتمكن من الصمود والصبر والتكاتف وجمع قوانا. ومن هنا اعود فاحيي معكم فخامة رئيس الجمهورية على حكمته ومشاوراته وتهدئة الأمور كذلك مفتي الجمهورية وكل الإرادات الطيبة وهذه علامة بان اللبنانيين يودون فعلا الإنطلاق الى الأمام وكنا جميعنا مرتاحين لمسيرة الدولة. نلتمس من صلاتنا الليلة نعمة الخروج من النفق المظلم وكل نفق له نهاية واملنا كبير جدا بانه بعناية الله تعالى ستنجلي هذه القضية على خير. واجدد شكري لسماحة شيخ العقل الشيخ نعيم حسن ولكل الحاضرين الأحباء.

“انت صخرة الايمان عليها ابني كنيستي” عليها ابني البشرية الجديدة، الانسان الجديد، انسان المحبة والرحمة، انسان السلام وقوى الشر لن تقوى عليه. هذا الكلام موجه لنا جميعا، لكل انسان من اي دين او ثقافة كان. هذا كلام من عند الله لكي يقول ان قيمة الانسان المخلوق على صورة الله هي ان يكون مثل الله انسان حب ورحمة وسلام. لغة الاباطرة الارضيين هي لغة الحرب، لغة الدمار والقتل والتهجير، نحن اختبرناه اواليوم نعيشها بشكل مرعب في هذا المشرق العزيز، هذه لغة البشر، حن بحاجة الى لغة الله، هذا هو مضمون فعل الايمان الذي اعلنه باسمنا جميعا بطرس اعترافا بهذا المرسل الاتي يسوع المسيح الذي جاء مرسلا لكل انسان على الارض. وجواب يسوع لكل واحد وواحدة منا: اذا عشت صامدا وثابتا في الايمان والمحبة والسلام، تبنى البشرية الجديدة.

ان مصالحة الجبل مبنية على الايمان، وهكذا اللبنانيون وفي كل مرة كانوا يصلون الى شفير الهاوية واستطاعوا بايمانهم وثباتهم ووحدتهم العودة من جديد، هذه ثقافتنا وحضارتنا ورسالتنا. اذا امام الملمات والصعوبات لا خوف. لقد اعطينا من الله قوة عظيمة اسمهما ايمان ومحبة ورحمة وسلام. فلنجدد اخوتي واخواتي في هذا الاحتفال ايمان القديسة تقلا التي كانت وثنية وامنت بالمسيح واصبحت اولى الشهيدات وشهدت له بهذه القيم، فلنردد في صميم قلوبنا انت المسيح ابن الله الحي المرسل الي والى اخوتي البشر”.

بعد القداس، ألقى رئيس بلدية دقون كلمة ترحيب وشكر قال فيها: “ان حضوركم يا صاحب الغبطة بيننا اليوم وتكريسكم لكنيستنا، هو مدماك اضافي في استكمال مصالحة الجبل، مصالحة العيش الواحد، التي شرعت الابواب لعودة المسيحيين الى بلداتهم وقراهم، وكرست العيش بشركة ومحبة مع سائر اخوتنا، ليكون الجبل كما نعرفه اليوم واحة تلاق وسلام ونحن شهود على ذلك. يا من اعطي مجد لبنان وحتى مجد العالم، بالامس كنتم في نيويورك مع الجاليو اللبنانية ومنهم كثيرون من ابناء بلدتنا لتكريس جدرانية القديس العالمي شربل، واليوم وجودكم بيننا في هذه المناسبة المقدسة، انما هو حضور للوجود الحر العابق بالايمان، ورسالة واضحة المعالم قوامها التجذر في هذه الارض التي تشبعت بدماء الشهداء.”

عن Editor1

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *