أقسم 244 محاميا متدرجا اليمين القانونية اليوم، أمام هيئة محكمة الاستئناف برئاسة الرئيس الاول القاضي سهيل عبود وعضوية المستشارتين زينة بطرس وجهينة دكروب، وحضور نقيب المحامين في بيروت انطونيو الهاشم، المسؤول عن المتدرجين المحامي اسكندر الياس، امين السر جميل قمبريس، أعضاء مجلس النقابة وأعضاء سابقين، عدد من نقباء المحامين السابقين وأعضاء لجنة التقاعد وذوي المتدرجين.
بدأ الاحتفال بالنشيد الوطني ونشيد المحاماة، فأداء المحامين القسم، ثم ألقى الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف في بيروت القاضي سهيل عبود كلمة قال فيها: “من البدايات ابدأ، والبدايات ثلاث كلمات هي سبب وجودنا هنا اليوم: قانون قضاء ومحاماة، تجليات ثلاثة لغاية واحدة هي العدالة، اشراقات ثلاثة لنور واحد هو الحق، هكذا تستوي العدالة في ميزانها بين قضاء ومحاماة، بين حكم نبيل وخصم شريف، بين رفعة حياد وسمو انحياز. وهكذا يزهو الحق بأبناء له جدد، ينضوون في مسيرة غير متقطعة من انجازات السابقين، وتحديات اللاحقين”.
أضاف: “وبعد توجيه التهنئة لكم باسم القضاء اللبناني، وباسمي الشخصي، وباسم زميلتي القاضيتين زينة بطرس وجهينة دكروب، اسمحوا لي بمصارحتكم مستعيدا عبارة للعميد جان كاربونييه مفادها، ان القانون مريض malade est droit le، لأجرؤ وأضيف، ان القضاء مريض ايضا، كما المحاماة. لكن المرض لا يعني يأسا او استسلاما، ولا احباطا او تباكيا، ولا انكفاء او استقالة، انما هو داء نصنع نحن دواءه من عزم ومن حزم، من قامات ومن قيم، معتمدين عنوانا واحدا احدا هو “المحاماة مهنة قيم، وتحديات”، وكذلك القضاء. اما قيم المحاماة فمنطلقها القسم بمضامينه الغنية، وشرعة آداب المهنة، وهي تتمثل: بأن تكون بسيادة القانون متمسكا، وعلى الحريات مؤتمنا، وبأن تكون شجاعا في قول الحق، متواضعا في نطقه، أمينا، رزينا، وبأن تكون متفانيا في المدافعة، متساميا في الترافع والتخاطب والتخاصم، محترما الزمالة والقضاء، مبتعدا عن التزلف والاستعطاف، وبأن تكون بليغا في الكلمة كما في العبارة، فصيحا في البيان وبارعا في القانون”.
وتابع: “هذه القيم تتلاقى مع قيم قضائية واجبة التطبيق اساسها: استقلالية من دون تجاوز، نزاهة من دون تبجح او تزمت، عمل من دون تكدر، ومناعة عصية على اي ارتهان او استتباع سياسي او حزبي او فئوي. اما التحديات التي ستواجهون والتي على اساسها ستكتسبون ثقة الناس والقضاة والزملاء فتكمن: في الانفتاح لا في الانغلاق، في الاتزان لا في التطرف، في الاخاء والانعتاق لا في التطيف والتمذهب، في التواصل لا في الانقطاع، مع تأمين تكامل بين قيمكم الخلقية ومقتضيات الانخراط الاجتماعي من دون الغرق فيه واستنزاف الذات واضاعة الوقت وهدره، وعلى ان لا تستعجلوا النجاح والكسب السريع في مهنة حرة تفترض الصبر والمثابرة والثبات”.
وأردف: “أخيرا، يقول فقيه فرنسي: pour loi la de sortir faut il, parfois droit
le dans entrer اي بما معناه، يفترض احيانا تخطي حرفية القانون او النص لنصل الى الحق، فلنستلهم معا من هذه العبارة، ارادة تخط لجمود احباطنا الوطني والمؤسساتي. هكذا نتحرر معا ونصنع معا دولة القانون والتطور والحرية، عنيت بها دولة السلطات الثلاث ودولة السلطة القضائية الحرة المستقلة، التي ستستعيد ثقتها بنفسها، وثقة مواطنيها ومحاميها بها، آخذة المبادرة في ابتعاد القضاء عن السياسة، وفي ابعاد السياسة عن القضاء وفي التقنية الذاتية، وتفعيل المحاسبة. وفي اعمال مبدأ الثواب والعقاب، فلنتعاضد معا لنبني دولة ما زالت حلما واملا ولن تبقى سرابا”.
وختم: “لن نحبط، لن نيأس، ولن ننهزم، بل سنأخذ زمام المبادرة، مواجهين التحدي، حيث نحن وحيث انتم، وهكذا ستزداد مسيرة عمركم المهني الذي يبدأ اليوم، بإنجازات ونجاحات تستحقون على اساسها شرف مهنتكم ووطنكم لبنان”.
أما الياس فقال: “في بلد الإشعاع والفكر، بل الإبداع والخلق، تسبح اليوم غيمة في السماء، تغمر الأمل بالسواد، وتبلل البسمة بالدموع، أيام غامضة تقودك إلى حزن وضياع، هي الحقيقة القاتمة فلا تخافوها، هي دائما ترافق أجيال لبنان، فما تعبوا ولا هم هربوا استسلاما، لقد واجهوا الصعاب بالإرادة، والمخاطر بالوحدة، والانكفاء بالإقدام، إنه لبنان القلق على الغد دوما، لبنان قضية شعب يصر على الحياة. من هذا الشعب الأبي أنتم، ولكم مع الكرامة موعد دائم، فتلقفوه”.
أضاف: “في كل مرة أطل من على هذا المنبر، أزداد تفاؤلا بشباب بلدي، بطموحهم وجرأتهم على الإقدام للعمل في مهنة المصاعب، مهنة المشاق، عنيت مهنة المحاماة. لا أرى لزوما علي أن أخوض في هذه المصاعب والمشاق حتى لا أزيد عليكم أثقال المهنة بل أتوقف عند استحقاقين اثنين: الأول: استحقاق مثولكم اليوم لحلفان اليمين وبينكم العديد من أبناء زملائنا المحامين. انها خطوة جريئة وقيمة اقتحامكم غمار المهنة رغم علمكم الاكيد بمصاعبها وقساوتها، وكأني بكم على قناعة وحق بأن مهنة المحاماة تبقى مقصدا لطالبي العدالة كما لطالبي العيش الكريم والكرامة الوطنية. فأهلا بكم زملاء مغامرين”.
وتابع: “هنا، اسمحوا لي أن أتوجه الى فئة منكم، أبناء زملائنا المحامين، لا أن أنتقي من بينكم تحديدا أو تخصيصا، ولا ان اختار تمييزا أو تمايزا، لأقول من قبيل علاقة المودة والاحترام التي جمعتنا نحن المحامين مع زميلات أمهات، وزملاء آباء، فأقول لاولاد المحاميات والمحامين: أنتم تنتمون ارثا الى هذه النقابة العريقة، لسنا أهل وراثة لا في السياسة ولا في المهن، لكننا أبناء أصل، فأمهاتكم المحاميات وآباؤكم المحامون، زميلات وزملاء أعزاء، جمعتنا بهم علاقات احترام في الحياة، كما على جانبي قوس المحكمة، إنكم مسؤولون مرتين، مرة امام نقابتكم، ومرة أمام ذويكم، وجميعهم أعرفهم بالشخصي والمهني، أصحاب كفاءة ومناقبية وسمو. كما أحترم وأقدر كل المهن التي يمارسها أهلكم جميعا. والثاني: استحقاق انتخاب نقيب جديد للمحامين بعد أن شارفت ولاية نقيبنا العزيز الحالي على الانتهاء، النقيب الذي كرس ولايته لخدمة المحامي والمحاماة، أعطى بصلابة وهدوء، حافظ على مكاسب المحامي وحقوقه، عمل بصمت وجدارة، إنه النقيب الصديق الشيخ أنطونيو الهاشم الذي سنشتاق لخطوته الثابتة، ونظرته الثاقبة، وحكمته البالغة، ولدماثة أخلاقه ولياقته”.
وقال: “حسبي القول ان مهنة المحاماة هي مهنة الشرف والكرامة. فهي تفتح للمرء أبواب الحياة على مصراعيها، فتجعلك تدخل إليها من الباب الواسع، ولزام عليك أن تختار منها الصدق والإخلاص مجبولين بالعلم والمعرفة. فإذا أحسنت الالتزام بهذه المبادىء واعتنقت التجرد، نجحت وفزت بالحياة الكريمة. أما إذا استهنت بها فمصيرك الفشل والذوبان، فحذار من الكسل والإهمال والدخول في الأعمال الجانبية”.
أضاف: “كونوا أصدقاء للمهنة، التزموا الولاء لنقابتكم، تابعوا نشاطها ومواقفها، احفظوا المهنة وأصولها وآدابها، تعاونوا مع الجسم القضائي العماد الآخر للعدالة، لا تبخلوا في المطالعة أو المتابعة، لا تكتفوا بما تفعلوه أو تكتبوه، تابعوا ثمار الغير واختاروا منها الأفضل، فلتكن المعرفة والاطلاع ديدنكم، لا يغرنكم مال أو جاه، فلتكن الأولوية في أيام التدرج للاطلاع والمعرفة وممارسة المهنة عن قرب، إن خلفية نجاح المحامي تكمن في تدرج سليم مشبع بالعلم والثقافة المهنية، لا تستخفوا بسنواتكم الثلاثة لأنها المنطلق السليم للنجاح في المستقبل”.
وختم: “المهنة خيرة وخلاقة ومعطاءة، إنها الملاذ الآمن لطالبي العيش الكريم والحياة الأفضل، وأهم ما فيها أنها مهنة الحق والعدالة، فأهلا بكم في رحابها زملاء وأحبة نعيش منها ولها لحفظ كرامة الإنسان ومستقبل لبنان”.
أما الهاشم فقال: “كلمتي إليكم اليوم، وبعد تأديتكم اليمين القانونية، يمين الشرف، مع ما يحيط بها من عظمة وروعة ومهابة، ليست بخطبة الوداع، بل هي كلمة صريحة من القلب، يمليها علي واجب الرعاية والإشراف، مرحبا بكم بقلب مفعم بالثقة والأمل، كما قلوب ذويكم المفعمة أملا ورجاء. وهذه الكلمة، إذ تعبر أصدق تعبير عن شعوري تجاه كل منكم، فهي تعبر في الوقت عينه عن تمنياتي الصادقة لحضرة الرئيس الأول مستهلا منصبه الجديد، الذي يليق به، ليستقبل اليوم نخبة من المحامين المتدرجين متأهبة لأسمى رسالة. المحاماة”.
أضاف: “المحاماة التي مقاليدها في أيديكم اليوم، هي أسمى رسالة يتولاها الإنسان. إنها مهنة الجبابرة ورسالتها أشرف الرسالات. هي عون للقضاء في الوصول إلى الحكم بالعدل. ومن أجل ذلك قام التعاون بين القضاء والمحاماة ووجدت تلك الصلة الروحية الجامعة بينهما، وإلى الأبد. هذا التعاون والتكامل يبدو جليا في أن كلا من المحاماة والقضاء يغذي بعضهما بعضا، ويتبدل أفرادها. فالمحامي قد يصبح قاضيا، والقاضي قد يصبح محاميا، وهذا ما يحصل في أغلب الأحيان، فلا يشعر أحدهما أنه غريب عن الوسط الذي انتقل إليه، لأنهما أفراد أسرة واحدة، تعمل لخدمة الحق والعدل والقانون. فلا يستغربن أحد إذا طلب من المحامي الإمتناع عن ممارسة أي عمل إلى جانب المحاماة، من شأنه التقليل من كرامته واستقلاله. أوليس في هذا التكريس النهائي المفروض على المحامي تحت طائلة الشطب من جدول النقابة، الدلالة الحاسمة بأن عمل المحامي إنما هو عمل عام ورسالة إجتماعية سامية تسهم مع القضاء في إقامة العدل الإجتماعي؟ ومتى كان التكرس يفرض لغير الأعمال ذات الرسالة؟”.
وتوجه الى المتدرجين بالقول: “أول الحياة تدرج، وآخرها تدرج. وأول المحاماة تدرج، وآخرها تدرج. والتدرج جزء لا يتجزأ من مهنة المحاماة، بل هو الأساس وهو القاعدة. كما وان زمن التدرج هو في عمر المحامي ما هو الجذع في عمر الشجرة، أي هو الشجرة عينها. ففي لبنان، كما في أرقى دول العالم، ينظر إلى التدرج على أنه المدخل إلى مهنة المحاماة والمعيار لفرسانها. من هنا يبدأ، من التدرج، ويختم من التدرج. فإما أن يظهر المحامي عن قدرة فينطلق، وإما أن يجد نفسه دونها فينكفىء من أول الطريق وينتهي. كما وان حقيقة إتجاه كل منكم لمهنة المحاماة، لا تنكشف في الجامعات ومعاهد الحقوق، بل في مدرسة المحاماة، وعلى هدي التدرج. من هنا فإن المحاماة رسالة سبيلها التدرج. فقانون تنظيم مهنة المحاماة نقض قاعدة حرية العمل، إذ أوجب على المحامي المتدرج سنوات ثلاثا يتمرس فيها ولا يمارس. يتمرس على تقاليد مهنة شريفة في وجهها الفاعل أمام المحاكم، كي لا يعرض مصالح موكليه للخطر والضرر”.
أضاف: “إن العلامة الجزائي العريق موريس أميل غارسون، وفي معرض بحثه عن استقلال المحامي وحسن أدائه لرسالته أورد عبارة رائعة، حرفيتها:
“Libre des entraves qui captivent les autres hommes, trop fier pour être protégé, trop obscur pour être protecteur, l’avocat serait l’homme dans sa dignité naturelle si un tel homme existait encore sur la terre.”
هذا وأكد موريس غارسون على عبارته هذه بالقول:
“L’avocat conseil juridique doit être un seigneur? L’avocat règle seul sa conduite”.
وتابع: “التدرج جناح المحامي إلى التحليق، وهو مفترق طريق. وفي قانون مهنة المحاماة أفرد للتدرج فصل كامل. كما وان المادة العاشرة منه، فيها أن النقيب يقدم المحامي المتدرج لمحكمة الإستئناف ليقسم اليمين الذي أديتموه إيذانا بالممارسة. فالأمانة والشرف شرطان لهذه الممارسة. الأمانة واجب بديهي على المحامي وعلى كل من يوكل إليه القيام بعمل ما. أما الشرف ففيه يكمن معنى الرسالة، وإلا لاكتفي بشرط الأمانة لو لم تك المحاماة رسالة. الأمانة أضعف الإيمان، أما الشرف، فهو ما يجذب إلى الرسالة. كونوا على يقين بأن التدرج مرحلة يجب ألا تنتهي، فالمحاماة إنما هي تدرج دائم”.
وأردف: “يمارس المحامون مهنتهم وقوفا في حين يجلس القضاة. من هنا المحاماة تأهب ونضال، وشموخ دائم. كما وأن من يعقد العزم على خوض غمارها دون ان يتصف بثلاث: الكفاءة والإستقامة والشجاعة، هو كمن يسعى إلى ساحة الوغى دون سلاح. لذا، عليكم بالإستقامة والصدق قولا وفعلا، مهما كان الثمن. فقديما قيل:
” La parole de l’avocat vaut de l’or. C’est plus qu’un écrit. C’est une question d’honneur”.
وقال: “إن فن مهنة المحاماة بالغ الصعوبة، فالمرء لا يكتسب صفة الأستاذية بحلف اليمين، بل بالجهد والدراسة الطويلة وبالثقافة القانونية. وفي كتابه عن مهنة المحاماة يقول Crémieu:
“La profession d’avocat a été de tout temps considérée comme figurant parmi les plus importantes au point de vue social.
L’avocat doit avoir une bonne culture générale. Ses connaissances doivent être très étendues, car rien n’échappe à la vie des affaires. Il doit être aptéà s’assimiler et à discuter les questions très variées qui peuvent lui être soumises”. المحامي يوكل إليه مهمة الدفاع خطابة أو كتابة عن حياة وشرف وحقوق وأموال الناس. وهذ المهمة تجعل من مهنتكم رسالة إجتماعية ومسلكا حياتيا، ذلك أن المحاماة خدمة عامة أكثر منها وسيلة ربح. أما قيل بأن “المحامي خادم الحق” والحق من أسماء الله الحسنى؟ إن من انتدب نفسه لخدمة، وجب عليه أن يتحلى بكثير من التجرد وبكثير من الصفاء النفسي الذي يحثه على الإبتعاد عن كل ما يتعارض مع الحق، كما وعن كل ما لا يتفق مع الأخلاق. والمحامي عليه ان يعبر، وأن يحسن التعبير. وعليه أيضا ان يتقن فن حسن التعبير “le Barreau est l’art de bien dire les choses”.
أضاف: “على المحامي أن يحب مهنته. وحب المهنة شرط من شروط النجاح في كل مهنة. إن العمل في المحاماة والنهوض باكرا أمران متلازمان. كما وعلى المحامي ان يكون منتظم المواعيد، محافظا على نظامه المعتاد يوميا، وعليه التردد إلى المحاكم وإلى دار النقابة دون انقطاع. فقصور العدل حساسة كما يقال، إذ سرعان ما يطلق على المحامي المنقطع “الهاوي”. وإلى جانب هذا وذاك، يبقى ان مسلك المحامي وعلاقته بالناس وتصرفاته في المجتمع يجب ان تكون منزهة بريئة وطاهرة، لا تدنسها الأقاويل، ولا تتناولها الشبهات”.
وتابع: “يبقى ان أذكركم بأن شعار المهنة الأول واجب الرفق obligation de délicatesse، وهو ما يلقي عليكم ليس فقط الاداب الرفيعة في التعامل والتخاطب كتابة ومرافعة، بل إنما هدفه الأول حملكم على الرفق بالموكلين الآتين إليكم لرفع أثقال الهموم عنهم، فلتحسنوا معاملتهم، مهما سمت أو دنت مقاماتهم، ومهما غلظت مواقفهم. وإذا ما نهضنا وإياكم لنفض الغبار وتطلعنا إلى إنجازات الأمس وإلتزامات المستقبل، يهالنا المشهد. إلا أن العزم يشتد من أجل زيادة الوزنات عن طريق تعميق المعرفة وترسيخ الآداب، فيصح في المحاماة ما قيل من قيل عن الديموقراطية: “إنها نظام لا خيار، لا يزهو إلا بانتشار الثقافة وممارسة التضحيات”. وكما قال شيشرون: “إذا أردت النجاح والأمانة في المحاماة فعليك ان تترك الكثير من الملذات، وان تحترم جانبا من طيبات الدنيا والعائلة”.
وختم: “أخيرا وليس آخرا، ان حصانة المحامي ليست امتيازا للمحامين يسمح لهم بالخروج عن القانون، وليست رخصة للغض من شأن القضاة، وإنما هي حماية خاصة تنبع من ضمير العدالة في أن يؤدي واجبا مقدسا تجب كفالته. فهذا الشعور هو وحده الكفيل بقيام التعاون بين المحاماة والقضاء على نحو يسير بنظام العدالة نحو غايته المنشودة. فالمحاماة هي الدعامة الأولى لكل حكم عادل. إذ المحامي لا يقوم بمصلحة خاصة بقدر ما يقوم بوظيفة إجتماعية هي معاونة القاضي في إقامة العدل وكشف الحقائق. بل إننا لا نعدو الحقيقة إذا قلنا ان مهمة المحامي أدق وأشق من مهمة القاضي. فإذا كان للقاضي فضل الترجيح، فإن للمحامي فضل التأسيس والإبداع. رعاكم الله هنيئا لكم أيها المتدرجون، زميلاتي وزملائي في أشرف المهن على الإطلاق. وما دام صوتكم يعلو في قصور العدل، فسيسمع العالم صوت المحامي إلى أبد، على أنه صوت الرسالة”.