اطلقت نقابة المحامين اليوم في بيت المحامي، مشروع الزواج المدني الاختياري في حضور ممثل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون النائب غسان مخيبر، ممثلة رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري رولا بيضون،الرئيس حسين الحسيني، ممثلة وزير العدل سليم جريصاتي الدكتورة ميسم نويري، ومحامين واكاديميين.
النشيد الوطني ونشيد النقابة، ثم القى نقيب المحامين انطونيو الهاشم كلمة قال فيها: “لو ان للحرية أما في بلادنا لبكت عليها”. ومن لا يقرأ التاريخ جيدا، لا يمكنه ان يرسم خارطة المستقبل. فالتاريخ هو العالم الأكبر، وفيه كل العبر. ولهذا العالم قانون طبيعي، وقاعدة طبيعية. فأمهاتنا خلقننا أحرارا. ثمة حواجز قائمة بين مواطن وآخر تقيمها شرائع مختلفة في الشكل والنهج، تطبقها المحاكم على أنواعها. وهذا ما يجافي أبسط مبادىء الديموقراطية المتعارف عليها، أضف إلى ذلك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان”.
أضاف: “لقد تزامن وضع المشروع الذي نطلقه اليوم، والسير بمبادىء أساسية وجوهرية تعتبر الأساس، ومنها: إستقلال التشريع عن المعتقدات الدينية المتعددة، فالمعتقدات الدينية إلى جانب التقاليد والإعتبارات الملازمة لها تبقى جديرة بالإحترام، وللمشترع ان يستوحي منها ما يشاء وإنما تبقى له الإستقلالية تجاهها، ويبقى لكل مواطن ان يرعى إلزامات دينه بملء إرادته إن أراد. أيضا لا بد من مراعاة حقوق الإنسان وإرساء مبادىء الديموقراطية التي من أهم قواعدها تأمين المساواة وحرية المعتقد، إذ هما -المساواة وحرية المعتقد- من أهم ركائز حقوق الإنسان الأصلية”.
وتابع: “هذا من ناحية، من ناحية أخرى حرص المشروع على تمتين الروابط العائلية والزوجية. فالزواج مؤسسة قانونية، كما وان شروط عقد الزواج وانحلاله ومفاعيله تتعلق بالنظام العام. ماذا بعد، وليس لنا في لبنان قانون موحد للأحوال الشخصية، فالزواج المدني الحاصل في الخارج يعتبر صحيحا بكافة مفاعيله ويستوجب القيد في سجلات الأحوال الشخصية مع بقائه ضمن سلطة القانون الذي احتفل بموجبه في بلد العقد دون تحديد لشكل هذا العقد، مدنيا كان أم دينيا، ويبقى الزواج المعقود مدنيا في بلد أجنبي خاضعا لقوانين هذا البلد شكلا ومضمونا”.
وأردف: “إذا كان نظام الأحوال الشخصية الذي يخضع له الزوج لا يعترف بهذا الزواج، فيكون الزواج صحيحا ونافذا ويستوجب القيد في السجلات المدنية دون اتخاذ أي إجراء ديني يقابله، وإنما على أساس تطبيق قاعدة المكان يسود العقد، ويبقى للمحاكم المدنية اللبنانية الصلاحية الشاملة للنظر في كل خلاف ينشأ عن عقد زواج مدني في بلد أجنبي بين لبنانيين، أو بين لبناني وأجنبي إذا كان مستوفيا أحكام القانون المدني الأجنبي، أي قانون مكان إجراء عقد الزواج طالما لا يوجد بعد في لبنان قانون مدني في قضايا الأحوال الشخصية”.
وقال: “إن نقابة المحامين في بيروت، وهي راعية الحريات وسندها، كانت ولا تزال الرائدة في طرح القانون المتعلق بالزواج المدني الإختياري في لبنان. وها نحن اليوم، ومن خلال لجنة صياغة هذا المشروع، القديم الجديد، أمام مشروع قانون عصري للزواج المدني الإختياري عقب نيله موافقتنا على النحو المقدم من هذه اللجنة التي يرأسها الزميل البروفسور ابراهيم طرابلسي. إنه مشروع قانون عصري مستوحى من أحدث التشريعات والأنظمة المعمول بها، لا سيما من تلك التي صيغت منذ عقود في لبنان. هذا المشروع له الطابع الإختياري ولا يمس على الإطلاق مؤسسة الزواج الديني، لكنه يعطي في الوقت عينه أي مواطن الحق باختيار أحدى هاتين المؤسستين، عنيت بهما الزواج المدني أو الزواج الديني”.
أضاف: “إن نقابة المحامين سعت وتسعى جاهدة في إي مشروع تقوم به، على مراعاة مبدأي العدالة والحداثة. هذا المشروع دونه عقبات، إلا أنه يلبي رغبة شريحة كبيرة من اللبنانيين ويخفف عنهم أعباء الإنتقال إلى البلاد المجاورة لعقد الزواج. وإلى جانب هذا وذاك، فالمشروع يحول دون تفكك العائلة. والسلطة الصالحة لعقد الزواج هي واحدة، دون أن ننسى أنه ورغم إختلاف الطائفة والمذهب، فإن المساواة في الحقوق والواجبات تبقى متحققة في هذا المشروع”.
وتابع: “لقد آلينا على أنفسنا بأن نسعى، رغم الصعوبات التي واجهتنا والتي قد تواجهنا، في سبيل إعمال وتفعيل مشروع قانون الزواج المدني بالتعاون الوثيق والبناء مع مختلف الشرائح السياسية وهيئات المجتمع المدني توصلا لإقراره عبر السلطة التشريعية. فالمشروع هذا هو بحجم الوطن ويعني كل اللبنانيين، فلا إمكان بعد اليوم لتأجيل إقامة الدولة المدنية”.
وأردف: “لهذا فإننا ندعو الجميع إلى المشاركة في العمل على إقامة الدولة المدنية بكل أبعادها حيث لا يكون فرض لدين بالإكراه ولا رفض لدين بالإنكار. كما وندعوهم إلى الإنخراط في بناء الدولة المدنية متساوين أحرارا، فبلادنا جمهورية لبنانية والشعب مصدر السلطات”.
وختم: “يبقى أن نذكر بأن العمل السياسي شيء ومصلحة الوطن شيء آخر. فعندما يتحول العمل السياسي لدى رجال السياسة إلى معادلة أخلاقية، تسقط كل المغريات، وتبقى الكرامة المرتبطة بنبل الذات، بنبل القضية التي لطالما التزم بها، خلاصتها محبة الناس وحماية القيم ومصلحة الوطن”.
وتحدث رئيس لجنة صياغة المشروع الدكتور فؤاد طرابلسي عن “اشكالية القانون المدني للاحوال الشخصية”، واستعرض “مراحل اعتراف الدستور بالطوائف التي زاد عددها الى 18”.
وتطرق الى “ظروف تشكيل لجنة صياغة المشروع التي جاءت استكمالا لنضال نفابة المحامين لان هؤلاء الشباب من اول اهداف النقابة والمشروع يشكل صيانة الحريات والانصهار الوطني”.
وشدد على ان “حرية المعتقد مصانة بالدستور والمشروع لا يعني الالحاد”.
واشار الى “مشروع الحكومة الكامل الذي صدق عليه مجلس الوزراء في العام 1998 في عهد الرئيس الياس الهراوي ولم يسلك طريقه الى التنفيذ لان الرئيس الحريري لم يوقعه”.
ودعا الى “ترك الحرية للناس لتقرر وكفى استيراد قوانين من الخارج فدور النقابة المشاركة بالتشريع وهي حارسة وضابطة”، مذكرا بأن “دولتنا هي دولة علمانية ولنتحاور حول المشروع بالاحترام والمحبة وليس رشق من ينادي به بالالحاد”.
وفصلت الدكتورة زينة عبيد ابواب الكتاب والعناوين التي اندرجت ضمنها القوانين ال101، وتحدث عدد من المحامين عن القوانين الواردة تحت 4 كتب هي عقد الزواج ، انحلال الزواج، الهجر والوسائط الاجبارية.
اخيرا اثنى المحامي موريس الجميل على دور النقابة واللجنة التي مكنت المشروع ليبصر النور وشكر الحضور. ووزع كتيب يتضمن المشروع على المشاركين.