رعى وزير الشؤون الاجتماعية بيار بو عاصي ممثلا رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، لمناسبة اليوم العالمي للمسن، حفل اطلاق “المعايير الخاصة بمؤسسات كبار السن في لبنان” المعد من وزارة الشؤون الاجتماعية، بإشراف الهيئة الوطنية الدائمة لرعاية شؤون كبار السن في لبنان، وبدعم وتمويل من صندوق الأمم المتحدة للسكان.
حضر الحفل الذي أقيم في بيت المحامي – بيروت، ممثل رئيسي مجلسي النواب والوزراء نبيه بري وسعد الحريري النائب عاطف مجدلاني، ممثلون عن نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة العامة غسان حاصباني ووزيري الاعلام والعمل ملحم الرياشي ومحمد كبارة، النائب شانت جنجنيان، ممثلون عن سفارات الولايات المتحدة الاميركية وبريطانيا والمانيا، وجمعيات الامم المتحدة وحشد من النقابات والجمعيات المعنية.
وقال بو عاصي: “يجب ان نفكر جميعا بكيفية الاستفادة من المسنين وخبرتهم، ومن الافضل ان يبقى المسن في منزله. ويجب العمل كدولة ومجتمع لتأمين الظروف الملائمة لذلك كي يبقى في منزله ناشطا لا محبطا ينتظر ان تقترب ساعة موته”.
أضاف: “الانسان يعتبر مسنا وفق المعايير المعتمدة من سن الـ65 عاما، ولكن لا يزال العمر امامه وخبرته كبيرة لذا علينا الاستفادة من خبرات المسنين والبحث في سبل ادماجهم في المجتمع، وفي حال لم يتوفر المنزل نفكر باعتماد دار للمسنين”.
ولفت الى ان “لبنان كان يتمتع بالتضامن العائلي كونه لم يدخل في منظومة الثورة الصناعية، ولكن هذا التضامن يتفكك اليوم بحكم الظروف، وأهمها الهجرة الكثيفة للابناء، لذا المطلوب الى جانب التضامن العائلي التضامن المجتمعي مع العنصر الضعيف ومع المسن لمساعدته بشكل محترم”. وقال: “بعض المجتمعات تعتمد على شركات لرعاية المسن في منزله وربما نصل اليها يوما في لبنان، لذا يتوجب التفكير بموارد مالية لتأمين ذلك”.
أضاف: “مع استلامي مهامي في وزارة الشؤون الاجتماعية خيل إلي ان الوزارة أشبه بصراف آلي “ATM” تتكفل بتقديم الاموال، لذا كان همي وضع معايير للعمل، ولكن تبين لي ان هناك من يعمل منذ 2010 على وضع معايير في ما يتعلق بكبار السن. نحن كوزارة شؤون اجتماعية الى جانب اهتمامنا بملف الفقر ومراكز الخدمات الانمائية، نتابع قضايا الايتام، النساء المعنفات، المسنين، المدمنين وذوي الاحتياجات الخاصة”.
وتوقف عند الجمعيات التي تهتم بهذه الملفات، قائلا: “يوجد في لبنان جمعيات ممتازة والعمل الاجتماعي عندنا قائم عليها. لذا من المعيب اطلاق النار على الجمعيات او التشكيك بصدقيتها. أطلب من الإعلام ومن زملائي السياسيين عدم رمي التهم جزافا على الجمعيات، وفي حال امتلاكهم اي معلومة تشكك بأداء اي جمعية فليتقدموا بإخبار الى القضاء”.
أضاف: “الجمعيات تقوم بدور مهم في لبنان والمعايير ستساعدها. نحن نعتمد على ديوان المحاسبة للرقابة على الجمعيات وكذلك على مندوبي ومراقبي الوزارة الذين يزورونها بشكل دوري. من هنا، ادعو الى دعم دور الجمعيات وتعزيز الثقة بها. وكي لا يقتصر دور الوزارة على تأمين الاموال كالـATM كان توجهي ان تهتم الوزارة ايضا بالمعايير والتدريب والمراقبة والتقييم”.
وختم: “اطلاقنا هذه المعايير حاجة ملحة على امل ان تعمم على باقي القضايا التي تهتم بها الوزارة. يجب ان نأخذ بالاعتبار البناء لكي يكون مؤهلا لاستضافة المسنين ويؤمن معايير السلامة، ولكن الاهم اننا ملزمون بتأمين سلامة المسن وصحته وكرامته وهذا ليس امرا اختياريا بل الزامي. ورشتنا العملية انطلقت اليوم، ونحن بحاجة الى اسقاطها على المواضيع الاخرى كالنساء والاطفال وغيره والى استكمال وضع الاطار القانوني لتطبيق المعايير”.
وكان المؤتمر افتتح بكلمة رئيسة مصلحة الشؤون الاسرية بالتكليف فرناد ابو حيدر التي اهدت هذا الانجاز الى “كل كبير ربى وعلم وعمل وأعطى وصنع بفكره ونتاجه تاريخ وطن، إلى كل كبير سن في لبنان”، مشيرة الى انها “خطوة رائدة تهدف إلى التأسيس لعلاقة متكافئة مع مؤسسات الخدمات المقيمة والنهارية، قوامها المعايير العلمية والشفافة، كي توفر لهذه المؤسسات الإطار المرجعي التقني والفني الحديث لعملها الرعائي والصحي والاجتماعي، مع ضمان حصول كبير السن على أفضل الخدمات اللازمة ذات الجودة العالية”.
ولفتت الى ان “هذه المعايير تشكل باكورة المعايير التي تطلقها الوزارة في إطار علاقتها مع مؤسسات القطاع الأهلي، وهي التي انتهجت منذ تأسيسها سياسة الشراكة مع هذه المؤسسات، إنطلاقا من إيمانها بأهمية التكامل بين القطاعين العام والخاص للاضطلاع بالمسؤولية الاجتماعية المشتركة”.
وتحدثت عن حجم “التحديات الضاغطة التي يواجهها هذا العمل على المستوى الوطني في ظل الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وقصور الإنفاق على الشأن الاجتماعي عموما عن تلبية الحاجات المتزايدة”. وقالت: “رغم كل ذلك، سلك ملف المعايير طريقه ليبصر النور، بثقة وجهد كل من عمل على إنجازه، وإيمان فريق عمل وزارة الشؤون الاجتماعية بإدارة وتوجيهات سعادة مدير عام الوزارة القاضي عبدالله أحمد، وبإرادة وقرار صاحب القرار، رأس الإدارة التي نفتخر بالانتماء إليها، معالي وزير الشؤون الاجتماعية الأستاذ بيار بو عاصي”.
وقالت مسؤولة برامج صندوق الامم المتحدة للسكان اسمى قرداحي: “كما بات معلوما، شهدت كل البلدان، متقدمة كانت أم نامية، تحولا ديموغرافيا كبيرا تمثل في ارتفاع نسب الشباب ونسب كبار السن، تحول مرده إلى انخفاض معدلات الخصوبة، انحدار معدلات الوفيات وارتفاع توقع الحياة عند الولادة. فتحولت بذلك شيخوخة السكان إلى قضية اساسية في العالم اجمع وخاصة البلدان النامية”.
أضافت: “تمر الدول العربية كافة تقريبا بظاهرة شيخوخة السكان حيث يشير تقرير صندوق الأمم المتحدة للسكان حول وضع المسنين في المنطقة العربية الصادر هذا العام، الى ان نسبة السكان 60 وما فوق يتوقع ان تصل الى 15.2% في حلول عام 2050 من مجمل سكان العالم وبزيادة قدرها 60% عن السنوات ال35 (2015 الى 2050)، مع ما يترافق مع ذلك من تحد كبير في تأمين الموارد ومواجهة عدة تحديات ناتجة عن العلاقة بين الشيخوخة والبطالة واستدامة نظم التقديمات الصحية والاجتماعية، وغيرها”.
وتابعت: “في خضم هذه التغيرات، استأثرت قضية كبار السن باهتمام خاص لدى المجتمع الدولي فتزايدت الدعوات الى الدول كافة للتنبه الى قضايا كبار السن وضرورة الاستجابة لها. أما لبنان فلم يكن بعيدا عن التغيرات في العوامل الديموغرافية خلال العقود الماضية. فالتحسن الملموس في أوضاعه الاجتماعية والصحية، جعله يصل إلى مرحلة متقدمة جدا في التحول الديموغرافي ويتأثر بنتائجها: فمن جهة أولى، بلغ معدل الخصوبة الكلية 1.7 مولودا للمرأة الواحدة وهو من أدنى المعدلات في المنطقة العربية. ومن جهة ثانية، شهد لبنان تراجعا ملحوظا في معدلي الولادات والوفيات الخام. وبالتالي فقد انعكس هذا التحول الديموغرافي على البنية العمرية للسكان، فارتفعت نسبة كبار السن (65 وأكثر) إلى 9.6% في العام 2007، ومن المتوقع أن تصل هذه النسبة إلى 10% في العام 2025 و13% في العام 2050”.
وختمت: “أفضت شراكتنا مع وزارة الشؤون الاجتماعية إلى تطوير معايير الجودة الخاصة بمؤسسات كبار السن التي نضعها بين أيديكم اليوم، دون الحاجة إلى ذكر كل ما رافق تطوير هذا الملف من أنشطة متفرعة على سبيل عقد ورش عمل، وتنظيم حلقات تدريبية، وتطبيقِ المعايير في بعض مراكز الخدمات الإنمائية التخصصية التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية. هي معايير تتماشى مع المعايير الدولية، وتأخذ في الاعتبار الخصوصية اللبنانية وتراعي الواقع المحلي للمؤسسات وقدرتها على تبني التدابير والوسائل التصحيحية، كما وتشكل تجربة رائدة وفريدة هي الأولى من نوعها في الدول العربية”.
وتخلل المؤتمر شرح موجز لمسار إنجاز هذا الملف وخطوات التطبيق المرتقبة مع التركيز على أهمية دعم هذا المشروع وتوفير التمويل اللازم لضمان استثمار نتائجه وتعميم الفائدة منه في سائر مؤسسات الخدمة في لبنان والبناء عليه على المستوى الوطني مع اعضاء الهيئة الوطنية الدكتور نبيل نجا والخبيرة منال سعدي حوراني.