القى الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني حنا غريب كلمة بمناسبة ذكرى تدمير إذاعة العدو وعملائه وتكريما لشهداء الحزب في الخيام في 21 تشرين الأول 2017 قال فيها: “احتفالنا اليوم فعل تكريم لبلدة الخيام التي لطالما كانت مستهدفة من قبل العدو الصهيوني نظرا لدورها الوطني ككل بلدات الجنوب. فهي البلدة المقاومة التي صب العدو الصهيوني جام حقده وارهابه عليها، حيث قام بتدمير بيوتها مرتين، ولم ترفع الرايات البيضاء ولم تركع، بل حملت راية الصمود والمقاومة، فكان على سهلها ان تحطمت الدبابات عام 2006، فركع العدو الاسرائيلي وخرجت الخيام منتصرة”.
اضاف: “تكريم هذه الكوكبة من الشهداء وهو تكريم الى شهداء الخيام جميعا والى قوافل شهداء الحزب أينما سقطوا وفي أي موقع كان، ولشهداء الأحزاب المقاومة وشهداء جيشنا وآلاف الشهداء من شعبنا الذين حرروا بيروت والجبل والجنوب والبقاع، من العدو الإسرائيلي ومن المجموعات الإرهابية، انهم شهداء الوطن الذين بهم نعتز ونفتخر. فتحية الى ارواحهم الطاهرة
تكريم لمسيرة نضالية منذ ان تأسس هذا الحزب، حزبا مقاوما، على طريق التحرير والتغيير الديمقراطي: من المشاركة في الثورة السورية ومقاومة الانتداب ومعركة الجلاء من اجل تحقيق الاستقلال، مرورا بشهداء القرى الجنوبية الامامية والحرس الشعبي وقوات الأنصار وشهداء جمول الى شهداء مقاومة الأحلاف الأمبريالية عام 1958 الى الشهداء الذين حملوا السلاح دفاعا عن وحدة لبنان وعروبته ضد مشاريع التقسيم وإنشاء الكونفدراليات، والى الذين استشهدوا في النضال النقابي والاجتماعي من مزارعي التبغ في الجنوب الى عمال معمل غندور والحركة الطلابية وشركة الريجي”.
وتابع غريب: “واذا كان احياء هذه الذكرى واجب بكل المعايير الوطنية والسياسية، الا ان الواجب أيضا يدعونا الى الا نكتفي بتمجيد التاريخ والتغني به فحسب، بل هو يطالبنا بالمحافظة عليه والتطلع نحو المستقبل، والارتقاء الى مستوى التضحيات، وذلك يكون بمتابعة الطريق حتى تحقيق الأهداف التي من اجلها سقط الشهداء.
ولا تتحقق هذه الأهداف الا بتحرير الأرض وتحرير الانسان الذي حرر هذه الأرض من النظام السياسي الطائفي، تحريره من الفقر وآليات الاستتباع للزعامات المذهبية وحيتان المال، التي جعلت من حقوقه منة وحسنة، وان نبقى في الوقت عينه على جهوزية تامة بمواجهة العدو الصهيوني الغادر الذي يتربص بلبنان انتقاما لهزائمه، وتحقيقا لأطماعه”.
واشار الى ان “هؤلاء الشهداء لم يقدموا ارواحهم كي تتسلط هذه المنظومة السياسية الفاسدة ومعها أصحاب الرأسمال المالي على البلاد والعباد، بل استشهدوا من اجل بناء دولة مدنية ديمقراطية، لا البقاء في دولة المزارع الطائفية. استشهدوا من اجل تغيير هذه السلطة الفاسدة التي تعتاش من ألاعيب خلافات أطرافها واتفاقاتها حول الحصص، التي دفعنا وما زلنا ندفع الثمن في الحالتين معا. ولأنها سلطة تابعة لأوصيائها في الخارج، فهي تريد أتباعا لها في الداخل، والتخلص منها واجب وطني يتطلب وقف هذا المسار المأزوم والسير باتجاه مسار آخر، مسار إنقاذي.
والإنقاذ ينطلق من قناعة اللبنانيين اولا بأن رزمة المشاكل التي يعانون منها، من الطائفية الى الكهرباء والمياه والصحة والتعليم والسكن والتقاعد والنقل والاتصالات والبنى التحتية لن تجد حلا لها الا باقامة دولة جديدة قادرة على تأمين هذه الحقوق، دولة مدنية ديمقراطية، دولة غير هذه الدولة الفاشلة وسلطتها الفاسدة، التي لا مصلحة لها بمعالجتها، وأن الانتخابات النيابية تشكل فرصتهم لتغييرها ومحاسبتها، وليس لإعادة انتخابها من جديد، والذي يعني إبقاء الأزمة وإبقاء حقوقهم ومطالبهم المحقة معلقة وبدون تحقيق”.
وقال غريب: “انظروا اليهم الآن كيف يتم استدعاؤهم الواحد تلو الآخر الى العواصم لتلقي الأوامر والتعليمات، ربطا بالانتخابات النيابية ولتنفيذ الأجندات والإملاءات الخارجية، وانظروا الى ما ارتكبوه يوم امس عندما اصدروا حكم الإعدام بحق نبيل العلم وحبيب الشرتوني، وهو ما نرفضه وندينه بالمبدأ، انطلاقا مما يريده اللبنانيون وهو طي صفحة الحرب بكل مراحلها وعدم العودة اليها ونكء جراحها، ولكن “اللي بدو يدق الباب بدو يسمع الجواب ” . فالمحاكمة يجب ان تكون لمرحلة بكاملها وبجميع ملفاتها او لا تكون، ومن غير المقبول على الاطلاق التمييز بهذا الخصوص، كيف لهم إصدار حكم الإعدام الجائر بحق هذين المقاومين اللذين شرع لهما الدستور والمواثيق الدولية الحق بمقاومة الاحتلال والمتعاملين معه من جهة، وإصدار مراسيم العفو العام عن سياسيين سبق وأدانهم القضاء اللبناني على جرائمهم من جهة أخرى؟ كيف لهم عدم الكشف عن مصير آلاف المفقودين والمخفيين قسرا، تلبية لحقوق أهلهم في معرفة مصيرهم ولايجاد حل نهائي لهذه القضية الإنسانية والوطنية “لتنذكر ما تنعاد”، واللجوء الى فتح ملفات استنسابية يجري توقيتها غب الطلب السياسي والانتخابي. ان هذه القضية تعني كل الوطنيين والمقاومين وهي ستبقى موضع متابعة من قبلنا مع كل المعنيين بهذه القضية”.
واردف: “وعلى ما تقدم، واستكمالا للمعارك والحراكات الشعبية والنقابية والبلدية التي حصلت في الشارع على مدى السنوات الست الماضية، والتي أظهرت وجود حالة اعتراض ديمقراطية واسعة لدى شعبنا، وكان الحزب في قيادتها شريكا، سيتابع معركته، وسيخوض هذه الانتخابات كجزء من حالة الاعتراض المستقلة عن السلطة، ضد القانون الانتخابي وضد السلطة التي أقرته وافرغت النسبية من مضمونها الأصلاحي السياسي والانتخابي، وذلك تمسكا بالنسبية خارج القيد الطائفي والدائرة الوحدة، وباعتبارها فرصة لخوض معركة سياسية على الصعيد الوطني العام، هدفها تجميع الصفوف وحشد القوى وتشكيل ائتلاف سياسي لهذه الانتخابات وما بعدها، دعما وترشيحا للوائح المعارضة الديمقراطية، تحت شعار واحد وبرنامج واحد. فكما توحدت قوى السلطة، على قوى الاعتراض أن تتوحد بمواجهتها”.
وقال: “انطلاقا من منطق المواجهة نفسه، نقارب موقفنا من سياسات الحكومة في الملفين الاقتصادي والاجتماعي، بعد ان اثبت نضالنا النقابي جدواه باقرار السلسة على فجواتها وفي فرض التراجع على حيتان المال بفرض ضرائب على ارباحهم المصرفية والعقارية ولو بشكل جزئي، وجاء إقرار السلسلة تحت الضغط النقابي، ثمرة نضالية تحققت بفضل نضال حزبنا ونضالات القطاعات النقابية والفئات الشعبية، فلم يأت إقرارها بفضل هذا الزعيم أو ذاك، ولا بفضل اتباعهم في الاتحادات والنقابات والروابط، الذين وقفوا ضد السلسلة طيلة السنوات الست الماضية. بدليل ان العمال والاجراء في القطاع الخاص نالوا على يد قيادة الاتحاد العمالي العام نسبة زيادة 15%، بينما نهجنا النقابي المستقل عن السلطة فرض إقرار زيادة لموظفي القطاع العام ما معدلها ال 100%، وتلك فضيحة ما بعدها فضيحة، فماذا تفعل هذه القيادة ولماذا لا تتحرك دفاعا عن حقوق العمال. وقانون الضرائب الذي أقروه كشف عريهم، وزيف ادعاءاتهم، فقد استخدموا السلسلة شماعة لفرض الضرائب على الفقراء ولزيادة الأقساط ورفع الأسعار، فهو يؤمن إيرادات للخزينة 1750 مليون $ اي ضعفي كلفة السلسلة 850 مليون $، وان الزيادات التي طرأت على الأقساط وأرباح المدارس، تبلغ 400% مقابل زيادة معدلها 85% على رواتب المعلمين. وما يحكى عن زيادات في الأقساط انما يهدف الى زيادة ارباح أصحاب المدارس الخاصة لا غير”.
وقال غريب: “بالأمس أقروا مشروع الموازنة المقترح بعد 12 عاما من تغييبها، وبدون قطع حساب عن اثنتي عشرة سنة، خلافا للدستور ولتغطية التسويات والصفقات السياسية بين اطراف السلطة الفاسدة على حساب المال العام المهدور 11مليار $، كما تم تثبيت اعتمادات الألف مليار ل.ل كتنفيعات مالية للجمعيات التي يترأسها المحظيون المقربون من أصحاب السلطة. هذا فضلا ان الاعتمادات المخصصة للإنفاق الاستثماري، تشكل 8،7% من إجمالي قيمة النفقات العامة فقط، بينما نسبة خدمة الدين العام المخصصة لمصلحة خمسة مصارف 35% الى 40% ، أي اربع الى خمس اضعاف ما هو مخصص لمعالجة الأوضاع البائسة للمرافق العامة والبنى التحتية الأساسية، ما يفضح ادعاءات الحكومة بأنها عازمة على اصلاح شبكات الكهرباء والماء والنقل العام والصرف الصحي وجمع نفايات، فضلا عن شبكات الحماية الاجتماعية التي تتطلب المزيد من الاستثمارات، في مجالات الصحة والتعليم والسكن والتنمية المحلية. إن استمرار هذا الواقع يعني ببساطة إبقاء المواطن اللبناني ملزما تأمين وتمويل معظم احتياجاته الملحة من جيبه الخاص”.
واكد ان “الاصلاح لا يتم على ايدي الفاسدين، ان إقرار الموازنة بدون قطع الحساب وعدم كشف مصير ال11 مليار $ اين ذهبت ولجيوب من دخلت، هو الفساد السياسي بعينه. نحن نطالبهم جميعا بالكشف عن مصير ال 11 مليار $ ، ونحن لن نسكت على هذه المسألة. يدعون مكافحة الهدر ويهدرون 11 مليار دولار ويستدينون فوقها 4.8 مليار $ لسد عجز الخزينة. ويكافأ المتهربون والمخالفون في دفع الضرائب ويمنحون المزيد من الإعفاءات الضريبية، والنتيجة ان الموازنة زادت من نسبة العجز في الخزينة”.
ووجه غريب نداء الى “أصحاب المطالب وأصحاب الحقوق ان اتحدوا، ليس من أجل إلغاء الضرائب غير المباشرة على الفقراء فحسب، بل من أجل طرح القضية الاقتصادية – الاجتماعية برمتها في الشارع، من اجل رفع الحد الأدنى للأجور وتصحيحها في القطاع الخاص، أسوة بالقطاع العام وتطبيق السلم المتحرك للأجور، من اجل التغطية الصحية الشاملة من اجل تأمين الكهرباء والمياه والتعليم والنقل والاتصالات والبنى التحتية… من اجل تصعيد المشاركة في الإضرابات والاعتصامات، فلن ننتظر جلسات المجلس الاقتصادي الاجتماعي الذي لا يحمل اية صلاحيات تقريرية وقد تشكل بأغلبيته من أتباع السلطة، فمن سيحاور من؟ فالى تصعيد التحركات النقابية والشعبية في الشارع والمشاركة في الاعتصام النقابي الذي دعا اليه اللقاء النقابي التشاوري دفاعا عن لقمة عيش اللبنانيين وعن حقوق العمال الاقتصادية والاجتماعية وضد السياسات الضريبية على الفقراء، وذلك يوم الثلاثاء في 24 تشرين الأول الساعة الخامسة بعد الظهر في ساحة رياض الصلح. والى التحضير للتظاهرة الشعبية الذي دعا اليها الحزب في بيروت الأحد 12 تشرين الثاني، توحيدا لحالة الاعتراض الديمقراطي، ودفاعا عن الحقوق والمطالب العمالية والشعبية”.
ودعا في هذا السياق الشيوعيين جميعا، الى “الاحتفال بذكرى تأسيس الحزب، ومئوية ثورة أكتوبر الاشتراكية… وتحويل هذه المناسبات إلى منصات للاستمرار في معركة الدفاع عن قضايانا العادلة، وفي المقدمة منها فلسطين، مؤكدين تأييدنا للمصالحة بين كل الفصائل الفلسطينية وليس فقط بين فتح وحماس، بما يحقق الوحدة الوطنية الفلسطينية على أساس خيار المقاومة، موجهين التحية الى رفاقنا والى كل الشباب العرب وأحرار العالم الذين وقفوا بالأمس في مهرجان الشباب العالمي في موسكو، انتصارا لقضية فلسطين وشعبها، ودفاعا عن لبنان في وجه الإرهاب الاسرائيلي وتهديداته المتكررة”.
كما دعا الى “جعل معركة الانتخابات النيابية، معركة سياسية بامتياز ومن موقعنا ورؤيتنا المعارضة، ووفق البرنامج السياسي الاقتصادي الاجتماعي وليكن يوم الثلاثاء المقبل في الرابع والعشرين من تشرين الأول الجاري يوما لاعلان هذا البرنامج الساعة الثانية عشرة ظهرا في مركز الحزب في الوتوات”.
وختم غريب: “أيها الشيوعيون، كما لبيتم نداء حزبكم وحملتهم السلاح دفاعا عن لبنان في وجه الاحتلال والارهاب، وكما كُنتُم طليعة المقاومة والحراك المدني والنقابي والبلدي، وخضتم المعارك المشرفة، وحققتم نتائج كبيرة، كونوا اليوم ايضا في الطليعة، انتصارا للقضايا الوطنية والقومية لفلسطين قضيتنا المركزية وبوصلة الصراع، ولنبن على تجربة المقاومة الوطنية اللبنانية، وسائر التجارب الثورية العربية، مقاومة عربية شاملة ضد المشروع الأميركي الصهيوني الرجعي العربي وضد أنظمة الاستبداد والخيانة والاستغلال الطبقي، ولبناء أنظمة ودول وطنية ديمقراطية مقاومة. الوفاء والعهد لقادتنا وشهدائنا الأبرار، ولكل من سار على هذه الطريق وغادرنا، ان تبقى راية حزبنا الشيوعي مرفوعة عاليا، راية التحرير والتغيير، راية شهداء المقاومة الوطنية اللبنانية”.