أقامت القوات اللبنانية في استراليا مهرجانها الأول، برعاية رئيس الحزب الدكتور سمير جعجع وعقيلته النائب ستريدا جعجع، في قاعة “لالمونتاج” في سيدني، بمشاركة عضو المجلس التشريعي دايفيد كلارك ممثلا رئيس الوزراء الاسترالي مالكوم تيرنبل، رئيسة حكومة الولاية غلاديس برجلكيان، السفير اللبناني جورج بيطار غانم، النائب جايسن كلير ممثلا زعيم المعارضة الفيديرالية بيل شورتن، زعيم المعارضة لوك فولي، راعي الأبرشية المارونية المطران انطوان شربل طربيه، راعي أبرشية الروم الكاثوليك المطران روبير رباط، ممثلي احزاب: الكتائب والتيار الوطني الحر والمستقبل والوطنيين الاحرار وحركة الاستقلال، اضافة الى مسؤولي القوات في سيدني وباقي الولايات الاسترالية، و1500 حزبي وفاعليات دينية واجتماعية.
بدأ المهرجان بالنشيدين اللبناني والاسترالي ونشيد القوات اللبنانية، فدقيقة صمت عن ارواح الشهداء، ثم قدمت ماري روز جعجع ونسرين خضرا الاحتفال الذي بدأ بصلاة تلاها طربيه.
وتحدث كلارك ناقلا تحيات رئيس الحكومة الى “ضيفي استراليا” ونوه “بدور القوات اللبنانية ورئيسها، في الحياة السياسية في لبنان لجهة الدفاع عن حرية وسيادة وكرامة لبنان، مثنيا على عمل القواتيين في استراليا”.
اما كلير فقال:”هناك احترام كبير للدكتور جعجع ورفاقه في استراليا”، واطلق عليه لقب البطل لانه يدافع عن القيم ذاتها التي تؤمن بها استراليا، مشددا “على ان لبنان ليس مجرد وطن بل هو رسالة كما اطلق عليه قداسة البابا”.
بدورها اعربت برجلكيان “عن اعتزازها لان تكون في حضرة رجل القيم والمبادىء الذي يريد ان يبني وطنا جديدا على أسس العدالة والديمقراطية وحقوق الانسان”، ونوهت بما قدمه الدكتور جعجع للبنان وأثنت على دور الجالية اللبنانية الحيوي والبناء في استراليا”.
كذلك استذكر فولي زيارته الاخيرة الى لبنان ولقائه مع جعجع مرحبا به في سيدني بين أهله ورفاقه وقال:”ان الدكتور جعجع عمل لمصلحة وطنه قبل مصلحته الخاصة وقبل حزبه”، مؤكدا “ان مصير لبنان يجب ان يحدده أبناؤه وليس سوريا او ايران”.
اما كلمة القوات في استراليا فألقاها رئيس المقاطعة طوني عبيد “باسمه وباسم رفاقه وجميع الذين دعموا القوات ووقفوا الى جانبها في أشد المحن”، وقال:”منذ 38 سنة حين تعرفت على الحكيم، تعرفت على القائد الذي لا يتعب، ظن البعض ان 11 سنة حبس قد غيرتك، وانا أقول لا، لأنني ادرك من ايام القطارة التي كانت محبستك ان الليل كان يتعب اما انت فلا. كنت ترسم خطة دفاعك عن الوطن وكان همك ان تستعيد الدولة عافيتها وما زال هذا همك حتى اليوم”.
واشار الى “ان مار شربل كان رفيق جعجع الدائم في محبسة وزارة الدفاع”، مؤكدا “انه على الرغم من المحن وكثرتها وتنوعها، وعلى رغم طول الطريق وصعوبتها، كنت دائما تحمل الرجاء في قلبك والتفاؤل في عملك وتعمل بفرح المؤمن”.
وخاطب جعجع قائلا:”11 سنة، كانت طويلة صعبة وقاهرة وانت واجهتها كالعادة بصلابة المؤمن فلم تهبط عزيمتك ولم تكسر إرادتك ولا أضعفت إيمانك بانه لا يصح الا الصحيح في النهاية”.
وتطرق الى موضوع الانتخابات فأكد ان “مكتب القوات سيبقى مفتوحا كل يوم لتسهيل مسألة التسجيل”.
وتابع:”بيننا رفيقة في كانون الأول سنة 1990 سألها المطران شبيعة: هل تريدين سمير جعجع زوجا لك؟ كانت النعم ليس فقط لشريك حياتها، بل للشراكة بالتضحية للمؤسسة التي بفضل صلابتها وإيمانها وحبها للحكيم لم تشعر بالخوف لا من الجلاد ولا من قضبان السجن. بقيت صامدة مع رفاقنا وبكل جرأة، على تحمل المسؤولية والحفاظ على المؤسسة وتحدت كل المخاطر طول ال11 سنة ونصف. وكلنا نعلم صعوبة تلك المرحلة ولكن جرأت السيدة ستريدا كانت حيث لا يجرؤ الآخرون”.
وختم لافتا الى “ان روحانية سمير جعجع العظيمة تتجلى في تجرده عن المادة وخصوصا عن المال”، واعطى أمثلة عاشها معه عن قرب تؤكد ذلك.
بدوره القى جعجع كلمة، وشكر فيها المسؤولين الاستراليين على مشاركتهم في الاحتفال وقال:”الأرض والسماء تزولان وحرف واحد من كلامك يا ربي لا يزول، هذا الكلام سمعه كثر من الناس ونحن كان لدينا الحظ الأوفر في أن نسمعه ونعيشه. إذا عدنا سنينا إلى الوراء، واستعرضنا الصورة، كانت مجموعة كبيرة من الحاضرين الليلة بيننا بصدد الوصول إلى أستراليا، منهكين، جائعين، متروكين، قسم آخر بقي في لبنان مضطهدين، مقهورين وملاحقين بشكل مستمر مع رفاق آخرين تحت سابع أرض، بالكاد يتنفسون. من وصلوا إلى هنا وهم بيننا اليوم، وبالإضافة إلى مصاعبهم، بقوا وكأنهم في لبنان يعيشون الاضطهاد مع رفاقهم في المعتقل، وكان همهم همين. كثر قالوا: انتهت الدنيا هنا وكأن الزمن قد توقف. من كان ليقول اننا سنلتقي في يوم ما في صالة واحدة ووجها لوجه؟ الأرض والسماء تزولان وحرف واحد من كلامك يا ربي لا يزول”.
اضاف:”لا يصح إلا الصحيح. وفي كل تاريخنا لم يصح إلا الصحيح. الصحيح لا يصح حسب ساعتنا إنما بحسب ساعة ربنا وهي غير موقتة على ساعتنا، ونحن يجب علينا أن نوقت ساعتنا على ساعة ربنا. عندما كنت تحت الأرض، كان السجانون منهمكين بتعذيب آخرين، يعتقلون من هنا ويحررون من احتجزوهم خطأ من هناك، وفي الحقيقة كنت أجلس وكأنني وحيدا وكأنني لا أشعر بكل ما يجري من حولي. قال الكثيرون: ثلاثون ألف عسكري سوري كيف سيخرجون من لبنان مع وجود أكثرية الطبقة السياسية متآمرة مع هؤلاء وتسهل أمورهم وكأنه آخر الزمن، لكن التجربة بينت أن آخر الزمن هو في قلب كل واحد منا. ذهبوا هم وبقينا نحن، ونحن اليوم معكم وجها لوجه”.
وتابع:”ان كل هذا كان سببه عهد الوصاية، نظام حافظ الأسد الذي نفى ميشال عون، حل حزب القوات اللبنانية، إعتقل سمير جعجع ورفاقه، إضطهد الآخرين ولاحق زوجتي. في أولى سنوات الاعتقال، كانت ستريدا عندما تخرج تلحق بها سيارة من نظام الوصاية. طبعا ليس لخوفهم على أمنها هم كانوا يلاحقونها ليروا أين تذهب، وإن كان لدينا بعد أي متنفس لإغلاقه. وعلى الرغم من ذلك ذهبوا هم وأصبحوا تحت سابع أرض ونحن ما زلنا نتنفس. نظام الأسد قصف الأشرفية، زحلة، قنات، طرابلس، صيدا، قتل بشير الجميل وكمال جنبلاط ورفيق الحريري وللأسف ينسى بعض اللبنانيين كل ذلك، وكل همهم في الوقت الحاضر إيجاد طريقة لنسج علاقات مع نظام الأسد تحت مئة ذريعة وذريعة ويقولون: ألا تريدون أن يعود النازحون لذلك نريد أن نناقش ذلك مع نظام الأسد، تماما كمن يقول إن أردت الذهاب إلى أميركا فاستقل طائرة بانكوك. جل ما في الأمر، إيجاد الحجج لإعادة نسج علاقات مع نظام الأسد. لا عودة لنظام الأسد إلى لبنان، العودة الوحيدة الممكنة هي عودة النازحين السوريين إلى سوريا والطريقة الوحيدة لذلك هي في الابتعاد عن تسييس هذا الموضوع، خصوصا بالابتعاد عن الاسد والتعاون مع الدول التي ستكون هي الممر لعودة النازحين السوريين إلى ديارهم”.
وقال:”نعتبر أنفسنا اليوم أننا نقاوم ومقاوتنا مستمرة. أقول لكل فرد من رفاقنا وأصدقائنا لم نحتكر يوما من الأيام المقاومة على الشعب اللبناني، لكن لا تندموا على أي لحظة من اللحظات التي مرت علينا. يمكنكم اعتبار أن هناك اشياء فاتتكم في الحياة، يمكنكم اعتبار انكم اضطهدتم وتعذبتم، كان باستطاعتنا أن نعيش على أفضل ما يكون، أنا أعتبر أن اهم مرحلة من حياتي كانت في مرحلة الاعتقال. ليس المهم أين تكون إنما أينما تنتهي بك الامور في نهاية المطاف. إميل لحود جلس تسع سنوات في قصر بعبدا، لكن ماذا جرى بعد ذلك؟ نحن فخورون أننا في المقاومة وندعو الشعب اللبناني إلى أن يتمتع بروح المقاومة هذه، لأنها الطريق الوحيد إلى خلاصنا. بجميع الأحوال، ليس لدينا الفضل في أن نكون في المقاومة لأننا برعما صغيرا على شجرة كبيرة كلها مقاومة منذ آلاف السنين حتى اليوم”.
واعلن “إذا فكرنا في جدودنا وفي الإمبراطوريات والديكتاتوريات التي مرت عليهم والتي واجهوها، نجد أن ما نقوم به اليوم صغير كثيرا أمام ما قاموا هم به، وسنكمل بما نقوم به كي نصل في لبنان إلى ما نصبو إليه”.
وعن الوضع الحالي في لبنان، قال جعجع:”انتشرت في لبنان مؤخرا فلسفة جديدة اسمها فلسفة التذمر التي لها إيجابياتها وسلبياتها، والكثير من الأمور التي يتذمر لأجلها الناس صحيحة. اريد أن أتحدث عن النصف الممتلىء من الكوب، ليس تجاهلا للقسم الفارغ منه بل سعيا لملئه. فبالرغم من كل ما يقولونه لكم، من كل ما تسمعوه ومن كل آرائكم، لبنان بلد عظيم. خلال السنوات السبع الماضية، لم تبق دولة في الشرق الأوسط إلا وسقطت، والبعض من هذه الدول كانت أنظمتها عاتية جدا، كسوريا والعراق واليمن وليبيا وغيرها، لبنان بقي سنتين ونصف السنة من دون رئيس للجمهورية ومن دون حكومة وتقريبا دون مجلس نواب، ماذا جرى؟ هل سأل أحدكم يوما كيف تمكن لبنان من الاستمرار من دون المقومات الدستورية وكيف استطاع الصمود؟ نسبة الجرائم في لبنان اقل منها في أستراليا وتستطيع أن تجول في سيارتك مساء في كل البلد من دون أن تتعرض لأي مكروه”.
وأوضح “انه على الرغم من أن لبنان لا يملك دولة فعلية، تلاحظون أن اللبنانيين أهم طاقة بشرية في الشرق الأوسط. الإمارات أكثر الدول نموا في المنطقة ولا شك أن للاماراتيين فضل كبير في ذلك، لكن أنظروا أيضا الى العقول اللبنانية هناك أو في غيرها من دول الخليج ودول العالم وبالتحديد هنا في أستراليا. كل ذلك معناه أن لبنان بلد حقيقي وليس خطأ في سايكس – بيكو وجذوره عميقة، لكنه غير قادر حتى الساعة على أن يزهر، لماذا؟ لأننا لا نهتم به جيدا. من السهل الاهتمام بلبنان، تعودنا كلبنانيين على الكلام ولا نفعل أي شيء انطلاقا من كلامنا، ونعود بعد أربع سنوات لانتخاب الأشخاص انفسهم. لا نحتاج إلى ثورة أو إلى إنقلاب لتغيير الأمور، كل ما يلزمنا أن نقتنع بأننا نريد تغيير الأمور والذهاب إلى وضعية أفضل. نعم هناك بدائل. انتم تلاحظون كيف تمكن ثلاثة وزراء من التغيير في الحكومة، فكيف لو كانوا 13 وزيرا؟، طبعا لكانوا فعلوا كل شيء. ومن يستطيع أن يوصل هؤلاء؟ طبعا أصواتكم. هناك قناعة راسخة لدى البعض أن الدول الأجنبية تتدخل في كل شيء وهذه قناعة خاطئة. وأنا أكلمكم عن خبرة مباشرة عمرها 30 عاما من التعاطي مع الدول والقوى والأحزاب. عندما لا نكون نحن قادرين على فعل أي شيء، فالدول التي لديها مصالح في لبنان والمنطقة هي التي ستبادر وتتحرك. وإذا أردنا نحن أن نأخذ زمام الأمور لا يمكن لأحد عندها التدخل.ألم تحصل مشاكل في الشرق الأوسط؟ فلم لم تطل لبنان؟ لأن الفرقاء اللبنانيين أجمعوا على أن يبقى الوضع مستقرا في البلد. التغيير في يدكم والتذمر لا يفيد. ما يفيد هو العمل والتصويت، إما في لبنان وإما من خلال التسجيل للتصويت في أستراليا”.
واكد انه “قبل أن نرى اداء السياسيين، علينا أن نقيم أداءنا كمواطنين، خصوصا أنتم واللبنانيين في الانتشار. اللبنانيون في الداخل قد يحتاجون إلى الزعيم، لكنكم أنتم لا تحتاجون إلى أحد. أنتم قادرون على التصويت تبعا لقناعاتكم ليحيا لبنان. فلبنان وطن جدي وجذوره عميقة في التاريخ، ما ينقصه الاهتمام. والديمقراطية في لبنان هي ديمقراطية فعلية، وانطلاقا من ديمقراطية لبنان ستنتشر الديمقراطية في الشرق الأوسط، فلا تتركوها تذبل في لبنان كي لا تذبل في المنطقة. ستريدا وأنا نشعر بأننا بين أهلنا وأشعر كأننا في حفل في لبنان نستضيف فيه بعض الأجانب. لبنان آخر موجود هنا اليوم يحتاج فقط أن يصوت. سنذهب من هنا وكلنا معنويات”.
وختم جعجع “ان 14 آذار لم تمت وهي حية ترزق، وعندما نشاهد إعلام 8 آذار يتأكد لنا ذلك، والفريق الآخر ينتظر من أين ستأتيه الضربة مع أننا لسنا بصدد توجيه اي ضربة لأي أحد. 14 آذار حية لسبب بسيط هو لبنان، وعندما تموت 14 آذار يموت لبنان، ولبنان باق إلى أبد الآبدين. 14 آذار مستمرة بكل مرحلة من المراحل. الهيكل التنظيمي الذي تعتمده أمر تفصيلي ولكن الأكيد أن المشروع باق والروح باقية والهدف باق وسنبقى على هذا المشروع حتى تحقيقه بالكامل”.
تخلل المناسبة عدد من الأفلام الوثائقية حول القوات اللبنانية، ولوحات من تراث الشعب الأصلي الابورجيني.
وفي الختام، قدم كل من عبيد ورئيس مركز سيدني جهاد داغر والمستشار القانوني للقوات للشؤون الدولية المحامي ستيف ستانتن هديتين رمزيتين لجعجع وعقيلته، كما أعلن مسؤول العلاقات العامة في القوات داني جعجع عن تقديم جعجع وعقيلته هدية الى ” بي القوات في استراليا” سليم الشدياق و”أم القوات” الراحلة تريز الشدياق.
والقى الشدياق كلمة شكر خلالها القواتيين في استراليا “الذين ساعدوني لكي أسير معهم على طريق المقاومة اللبنانية الحقيقية، كما احيي رئيس الحزب والسيدة جعجع على محبتهما”.
اشارة ان الشدياق لم يكن ينتمي الى القوات اللبنانية الا انه وقف الى جانب الكوادر الذين اضطروا الى مغادرة لبنان نحو استراليا، بعد اعتقال جعجع.